شعوب وعادات.. تقاليد مكتسبة وطقوس عقائدية معقدة

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: يعرف احمد مختار عمر في كتابة "معجم اللغة العربية المعاصرة" "العادات" بانها "كلُّ ما ألِفه الشَّخصُ حتَّى صار يفعله من غير تفكير، أو فعل يتكرَّر على وتيرة واحدة، عادة التدخين، عادات اجتماعيّة، استيقظ باكرًا كعادته، العادة طبيعة ثانية (مثل): يقابله المثل العربيّ: مَنْ شَبَّ على خُلُقٍ شابَ عليه"، وهي مرادفة للتقليد او التقاليد والفرق بينهما سوسيولوجياً ان العادة متغيرة وقد تختفي عكس التقاليد التي تورث من جيل لأخر وتطبق بصرامة ودقة داخل المجتمع وقد تصل في كثير من الأحيان الى الدستور والقضاء وتكون ملزمة التنفيذ.

الثقافة الشعبية، كذلك، تلعب دوراً بارزاً في احياء العادات والتقاليد ومنع أندراسهما عبر الزمن، فهي تشكل حلقة وصل بين الشعوب وعاداتها بل وتكون ولادة بالمزيد من العادات التي تندرج تحت باب التجديد والابتكار، والتأثير منها يبدوا واضحاً حتى في الفنون والرياضة والثقافة وصنوف أخرى من الحياة العامة.

ان ما درج علية الناس داخل مجتمعاتهم من عادات وتقاليد مكتسبة قديماً او حديثاً، وما يمارس فيها من طقوس ذات طابع ديني او عقائدي او احتفالي يعاد تكراره بشكل مستمر، تختلف بحسب طبيعتها وتنشئتها داخل المجتمع، فمنها ما يغذي الصفات الحميدة والسجايا الفطرية للإنسانية مثل اكرام الضيف واحترام الجار او التعامل مع الأسير.

اما القسم الاخر فيقع بالضد من الصفات الممدوحه، وهي تقاليد تمارس فيها طقوس سلبية قد ترتقي الى مستوى الخطورة والعنف وتحدث فيها جرائم القتل والاعتداء والتعذيب وغيرها، وتمارس ضد الضحية في طقوس عقائدية ومعقدة.

الأطفال والأرواح الشريرة

في سياق متصل أعلن زعماء محليون في شمال غانا حظر طقوس قتل الرضع الذين ولدوا معاقين أو مصابين بتشوهات خلقية، الذين يعتقد أنهم مسكونون بأرواح شريرة، ووفقا للمعتقدات في غانا، فإن "الأطفال المسكونين بالأرواح" يعتبرون نذير شؤم وسوء طالع ولهذا يعطون شرابا مسمما لقتلهم، وقال أحد المشاركين في حملة ضد قتل الأطفال المعاقين إن تحسن الرعاية الطبية والتعليم يعني أن هذه المعتقدات أصبحت اقل شيوعا، ورحب الناشط ريموند ايني بالحظر الذي يشمل سبع بلدات، ولكنه قال إنه لا يمكنه ضمان القضاء على هذه الممارسة في البلد بأسره.

وتقول فيرا كواكوفي مراسلة في منطقة كاسينا نانكانا، التي أعلن فيها الحظر، هي أكثر المناطق التي تنتشر فيها هذه الممارسة في غانا، وفي بعض الأحيان، يعتبر أي طفل يولد في وقت عسير بالنسبة للأسرة "مسكونا بالأرواح الشريرة" ويقتل، ومنح من يطلق عليهم "رجال الجرعة السامة"، الذين كانوا يكلفون بقتل أطفال الأرواح الشريرة، مهمة جديدة، هي مساعدة الأطفال المعاقين الحصول على حقوقهم. بحسب بي بي سي.

وقال الصحفي الاستقصائي أناس اريمياو أناس إنه أخذ دمية بلاستيكية إلى عراف وقال له إنها لطفلة تعاني من الاعاقة الجسدية، وقال أناس "استشار الطالع وادواته السحرية وبدأ يقفز ويتمايل وأكد أن الطفل طفل شرير ويجب قتله على الفور وقال إن الطفل قتل بالفعل اثنين من أفراد العائلة"، وقال الزعيم القبلي المحلي نابي هنري ابيواين امينغي اتيغو إن أي شخص يضبط وهو يحاول أن يؤذي طفلا سيتم تسليمه الى الشرطة، وقال ايني الناشط في حملة "اطفال افريقيا" إنه "يشعر بالحزن إنه في الوقت الحالي يحزنه ان طفلا قد يفقد حياته بسبب مثل هذه الممارسة الوحشية".

ويقول أيني إنه في المناطق الريفية التي تنتشر فيها هذه المعتقدات، تلد النساء في كثير من الأحيان دون اشراف قابلة او أي مسح طبي قبل الولادة، ونتيجة لهذا تواجه الكثير من النساء مضاعفات عند الولادة، وقال إنه حتى قبل تطبيق الحظر، لم يسجل مقتل أي طفل للاعتقاد أنه مسكون بالأرواح في الاعوام الثالثة الماضية، وقال إن ذلك يرجع إلى ارتفاع نسبة التعليم مما زاد من وعي الناس عن الإعاقة.

طقوس عقائدية

الى ذلك نظم عدة الاف احتجاجا في الجابون ضد سلسلة من جرائم القتل المرتبطة بطقوس عقائدية، وقادت سيلفيا بونجو سيدة الجابون الاولى معظم المظاهرات في حين حاولت جماعات حقوقية قيادة مسيرة منفصلة ولكن اعضاءها قالوا انه تم تفرقتهم بالغاز المسيل للدموع كما اعتقلت قوات الامن العديد من زعماء المسيرة، وتقدر جمعية منع الجرائم المرتبطة بطقوس ان 20 شخصا قتلوا حتى الان هذا العام وقد انتزعت شفاههم والسنتهم واعضاؤهم التناسلية واعضاء اخرى بأجسامهم، وقال الرئيس علي بونجو الذي القى كلمة امام التجمع الرئيسي للمحتجين "اي شخص يدان سيسجن مدى الحياة دون فرصة للعفو عنه، يجب وضع حد لهذه الظاهرة التي تشوه صورة بلادنا".

ولكن موجة جرائم القتل التي وقعت هذا العام دفعت جماعات حقوقية الى اتهام حكومة بونجو بعدم بذل جهود كافية لمعالجة هذه القضية، ويقول منتقدون انه حتى الآونة الاخيرة لم يكن أحد يذكر في دوائر السلطة المغلقة في الجابون يعلق على قضية جرائم القتل المرتبطة بطقوس عقائدية، وفي أبرز قضية من هذا النوع في الجابون حتى الان اتهم شخص أدين بالقتل عضوا بمجلس الشيوخ بالجابون بانه امر بقتل فتاة عمرها 12 عاما للحصول على اعضائها في عام 2009.

أكبر احتفال ديني

فيما احتشد ملايين الحجاج الهندوس الاحد على ضفاف نهر الغانج في عيد ماها كومبه ميلا وهو أكبر احتفال ديني في العالم يقام مرة كل 12 عاما في مدينة الله اباد شمال الهند وقد شابه هذا العام مقتل 36 شخصا في حادث تدافع، وقال اميت مالفيا المتحدث باسم هيئة سكك الحديد في شمال الهند ووسطها ان 36 شخصا قتلوا خلال تدافع في محطة مدينة الله اباد حيث يجري الاحتفال وقد تم التعرف الى عشرين جثة وتنتظر السلطات حضور اقرباء للتعرف الى الجثث المتبقية.

وسار المعلمون الهندوس الذين صبغوا اجسادهم بالرماد امام ملايين الحجاج باتجاه النهر، قبل الفجر، بغية الاغتسال من الذنوب في مياه الغانج، وقال المسؤول المحلي الكبير دافيش شاتورفيدي للصحافيين "وصل عدد الذين استحموا في النهر المقدس الى أكثر من 20 مليونا بعد الظهر وأكثر من 30 مليونا في المساء"، اكتظت مدينة الله اباد بأربعين مليون نسمة، فيما لا يزيد عدد سكانها والمقيمين فيها في الايام العادية عن مليون و200 ألف، وانتشر في المكان الالاف من عناصر الشرطة والمتطوعين، بغية ارشاد الحجاج، والطلب اليهم بالنزول الى الماء والخروج منه سريعا افساحا في المجال لمن يليهم.

وبدأ هذا الاحتفال الديني الاضخم في العالم في الرابع عشر من كانون الثاني/يناير، واختتم مطلع اذار/مارس، ويشارك في ايامه الـ55 عشرات الملايين من الهندوس من العالم، ويقام احتفال أصغر مرة كل ثلاثة اعوام في مدن هندية اخرى مثل مدينة هاريدوار (شمال) التي شهدت احتفالات كبيرة قبل ثلاث سنوات، ويغتسل الحجاج في مكان تلتقي فيه انهار الغانج ويامونا وساراسواتي، ويعتقد الهندوس ان الاغتسال في هذا المكان، يمحو عنهم خطاياهم ويحررهم من دورة التناسخ. بحسب فرانس برس.

وتعود جذور هذا المهرجان الى الميثولوجيا الهندوسية التي تعتبر أن بضع نقاط من رحيق الخلود سقطت على المدن الاربع التي تستضيف المهرجان وهي الله اباد وناسيك واوجاين وهاريدوار، وتقاطر الى المكان حكماء ذوو شعر طويل مصفف في ضفائر، ومدعو نبوة، بين الحشود التي اجتازت مختلف مناطق البلاد، ورغم الحرارة المتجمدة للمياه في الصباح، ونسبة التلوث العالية في نهر الغانج، يرى الحجاج في اغتسالهم هنا ولادة روحية جديدة.

ويقول سوابنا بهاتيا وهو مهندس ديكور اتى من نيودلهي "انها بكل بساطة تجربة من خارج العالم"، وتقول مالتي ديفي (65 عاما) القادمة من لندن "ان الاغتسال في النهر من شأنه ان يغير حياتك للأبد"، ويضع معظم الحجاج رؤوسهم في الماء، وبعضهم يشربون رشفة منه، والآخرون يملؤون منه قارورة ليرجعوا بها الى منازلهم.

ونشرت الشرطة سبعة الاف رجل أمن في المكان الاكثر اكتظاظا بين ايام المهرجان، أما المتطوعون فقد وصل عددهم الى ثلاثين الفا، بحسب الشرطة، وقال المسؤول الامني عن الاحتفال، غانغاناث تروباتهي، "ان الاجراءات الامنية قد اتخذت بالكامل، وما يهمنا في الدرجة الاولى هو خروج الناس بهدوء بعد الاغتسال، لان عدد الحجاج اليوم فاق توقعاتنا"، لكن ذلك لم يحل دون وقوع الحادث، وعلى الرغم من الاهمية الدينية التي يتمتع بها نهر الغانج لدى الهندوس، الا ان المصانع والتجمعات السكنية المنتشرة على ضفافه تحول مياهه النقية النابعة من اعالي جبال الهملايا الى مياه آسنة ملوثة.

عالم غامض

من جهة اخرى تصطف حوالي مئة من الجرار وأكثر من عشرة نعوش في الادغال الكمبودية جنوب سلسلة جبال فنوم كرافنه وهي موضوعة على سفح جرف صخري شاهدة على طقوس جنائزية غامضة في عالم عاصر مملكة انغكور وعاش في ظله، منذ سبع سنوات تستكشف نانسي بيفان عالمة الاثار المتخصصة بالتأريخ بالكربون 14 سلسلة الجبال هذه بحثا عن تاريخ هؤلاء الرجال والنساء والاطفال المحفوظة رفاتهم فيما لا يقل عن عشرة مواقع اثرية، وبعض هذه الرفات اتية من مملكة سيام اي تايلاند الحالية وبعضها الاخر من مملكة انغكور المجيدة (من القرن التاسع الى القرن الخامس عشر) التي تشكل معابدها الرائعة قبلة السياح من العالم باسره في شمال البلاد.

وقد انطلقت عالمة الاثار النيوزيلندية في هذه المغامرة بالصدفة تقريبا من خلال تأريخها لجزء من عظمة حفظت لمدة ست قرون في وسط الادغال، ومنذ ذلك الحين تحاول ان تفهم خصوصا كيف تواجدت هذه الجرار التي يعود أقدمها الى القرن الرابع قبل الميلاد، فبحسب الديانة البوذية الكمبودية فان الروح تتقمص مجددا في جسد جديد لحظة الوفاة ويستحيل الجسد رمادا للسماح بهذا التحول، وتتساءل نانسي بيفان "لماذا وضعت هذه العظام في جرار، هذا الامر غير معتمد في اي مكان اخر في كمبوديا".

في موقع بنوم بل على ارتفاع 97 مترا، وضعت معا عشر جرار يعود بعضها الى حقبة انغكور من القرن الخامس عشر الى القرن السابع عشر فضلا عن 12 نعشا من القرن الرابع عشر الى القرن السابع عشر، واظهرت التحاليل انها كانت تحظى بالصيانة على مدى قرون، ويقول تيب سوخا احد خبراء الخوف القلائل في كمبوديا ان هذا النوع من الخزف "هو من افخر الانواع وهو متوافر بشكل كبير هنا مما يشير الى ان هذه الطقوس كان مقدسة وتمارس بشكل واسع"، ويزيد من الغموض المحيط بها ان هذه النعوش المصفوفة، صغيرة الى درجة لا يمكنها فيها الا ان تحوي رفات طفل، ويحوي احد النعوش رفات امرأة ومولود جديد.

وتوضح بيفان "هذه النعوش فريدة من نوعها ولا مثيل لها في تاريخ كمبوديا، انها ذخائر لم تنقل ابدا من مكانها"، وهي تعتبر ان الشعوب التي اقامت هنا في تلك الفترة كانت قبائل من الخمير تعيش في الجبال وقد افلتت من النفوذ الهندي في كمبوديا ومن البوذية، وتوضح "لا علاقة لهم بتاتا بسكان مملكة انغكور بل كانوا يعيشون في ظلها"، وتضيف "ربما كانوا من عبيد انغكور الفارين"، وقد تقدمت الابحاث التي اجرتها عالمة الاثار خطوة كبيرة في العام 2005 عندما حصد صيادو اسماك في شبكاهم قبالة مدينة كوه كونغ جرارا سيامية مماثلة لتلك الموجودة في بنوم بيل وفي المواقع الاخرى.

وقد تم العثور بعد ذلك على حطام سفينة من القرن الخامس عشر تنقل العاج والخزف الصيني فضلا عن جرار سيامية وانغكورية، وشكل ذلك اشارة الى ان سفنا كانت تأتي على الارجح من مملكة سيام للاتجار بها، ورغم قيمة هذه الاكتشافات فان المحافظة على هذه القطع لا تزال تطرح مشكلة، ففي كوة كونغ لا تزال مئات القطع التي عثر عليها في حطام السفينة مكدسة في قاعة خلفية في محكمة المنطقة منذ العام 2007.

لكن السلطات المحلية في كوة كونغ تفكر بإنشاء متحف للإضاءة على "تنوع الثقافة الكمبودية" وجذب الزوار، في العام 2012 شهدت المنطقة قدوم مئة ألف سائح محلي وأجنبي اتوا للتمتع بجمال سلسلة الجبال وهي من الاغنى على صعيد التنوع البيئية في المنطقة، ومنذ سنتين تعمل اليونسكو على تشكيل ملف لتصنيف هذه السلسلة بين المحميات والمساهمة في حمايتها، وتضفي الحطام والجرار والنعوش بعدا ثقافيا قد يكون له ثقله في الملف، وتقول آن لوميستر ممثلة اليونسكو في كمبوديا "عدم التحرك يشكل جريمة!".

وقد نشأت الكثير من المشاريع الصناعية ولا سيما الصينية منها في السنة الاخيرة قاضية على اشجار الغابة لبناء مصانع في حين ان الصيادين ومهربي الخشب ينهبون النظام البيئي، وتقول لوميستر "من اجل تصنيف المنطقة نحتاج الى الكثير من العناصر، لكن حجم التوسع الصناعي الحاصل في المنطقة يقلقنا كثيرا".

المنازل المسكونة

بدورها تنزع شابة سن امرأة ممسوسة ويدخل شبح إلى الغرفة وتهرب عائلة وهي تصرخ، تلقى المنازل المسكونة نجاحا كبيرا في اليابان في موسم الصيف المؤات للأشباح بحسب التقاليد اليابانية، عرض "السن الملعون" هو من العروض العشرة التي تستقطب اليابانيين الراغبين في الترفيه عن أنفسهم في خضم حرارة الصيف الخانقة، وتقول ساياكا ماكابيه على سبيل المزاح إن "القشعريرة تخفف من الحرارة"، وقد أتت هذه الطالبة لحضور هذا العرض المخيف لقصة متوفرة أيضا على شكل رواية ومسلسل تلفزيوني.

ويتناول هذا العرض قصة امرأة ممسوسة تقوم باقتلاع أسنانها في منزل مسكون قصده ريوتا ساتو مع أولاده الثلاثة، ويتمسك الاولاد بوالدهم من شدة الخوف أمام تمثال امرأة عجوز شك سكين في عنقها وسط دم مزيف يغطي الأرض والجدران، ويقر ريوتا عند خروجه من المنزل بأنه خاف أكثر بكثير مما ظن، ويقول هذا الأربعوني "كنت أحضر هذا النوع من العروض عندما كنت صغيرا". بحسب فرانس برس.

ويشكل فصل الصيف عادة موسما مؤاتيا لقصص الأرواح في اليابان، وتعود هذه التقاليد إلى فترة إيدو (1603 - 1868) عندما اقتبس عرض مسرحي من رواية أشباح شهيرة وقدم في آب/أغسطس، فلقي نجاحا كبيرا، ومن الأسباب الأخرى التي يقدمها هيروفومي غومي مخرج عرض "السن الملعون" لتفسير هذا النجاح الباهر أن "عيد تذكار الموتى المعروف في التقاليد البوذية بأوبون يصادف في شهر آب/أغسطس ، ويقال إن الموتى يعودون في هذه المناسبة"، وليست المراسم الدينية لعيد أوبون مخيفة بحد ذاتها، لكنها تستند إلى معتقدات شعبية متجذرة جدا في المجتمع الذي يعتقد أن أرواح الموتى تعود لتمضي بضعة أيام على الأرض في خلال شهر آب/أغسطس.

وعائلة تومينغا زارت مثل غيرها من اليابانيين المقبرة في هذه المناسبة، ويقوم الزوجان المتقاعدان اللذان كانا يزاولان مهنة التدريس بتكنيس الأرض أمام مقابر أجداد الزوج كنجي، وهما يضعان الأزهار ويحرقان البخور ويصليان أمام المقابر، وقد حضرت الزوجة يوميكو تمثالين صغيرين لثور وحصان من شأنهما أن يساعدا الأجداد على العودة إلى الجنة، وهي أعدت أيضا أطباقا من الأرز تمكن الأجداد من سد جوعهم، وتشرح يوميكو "لطالما قمت بممارسة هذه التقاليد لأنني على يقين من أن أجدادي يعودون حقا، وأنا أشعر بهم إلى جانبي، وعندما أموت وأعود إلى الأرض، أتمنى أن يقوم أولادي أيضا بممارسة هذه التقاليد"، وبحسب المعتقدات السائدة في البلاد، يرتقي الأجداد إلى مصاف الآلهة بعد موتهم، وفي اليابان، تمتزج البوذية بالشنتوية ويؤثر هذا المزيج على الثقافة الشعبية بصورة لافتة.

احتفالات تغلفها الأساطير

من جهتها تشتهر البرازيل بشغفها الكبير بكرة القدم، وولعها الشديد بالرقص والاحتفالات، إضافة إلى شواطئها الساحرة، وتجسد جزيرة «توبينامبارانا» بنهر الأمازون كل هذه الصفات؛ حيث تشتهر الجزيرة بالمهرجانات الراقصة التي تغلفها الأساطير والخرافات، وعلى رأسها عيد الثور، كما أنها تزخر بطبيعة خلاّبة تأسر الألباب، وعادةً ما تكون الأجواء هادئة للغاية في جزيرة «توبينامبارانا»، لكن الوضع يبدو مختلفاً خلال الأسبوع الأخير من شهر يونيو، حيث يتزاحم سكان الجزيرة، البالغ عددهم 100 ألف نسمة، في طوابير لا نهاية لها بشوارع المدينة، التي تعد ثان أكبر المدن في ولاية أمازوناس، وتتوجه هذه الحشود الضخمة إلى استاد بومبودرومو، الذي سيشهد إقامة مباريات كأس العالم لكرة القدم 2014.

‫ولا تتوجه هذه الأعداد الغفيرة من الجمهور إلى الاستاد لمشاهدة مباراة كرة قدم بين فريقين، بل للمشاركة في الاحتفالات التي تتم في بارينتينز منذ 100 عام، والتي تعرف باسم عيد الثور (بوي بومبا)، وقد نقل المهاجرون هذه الاحتفالات معهم بعد انتقالهم إلى منطقة الأمازون، بسبب الجفاف الكبير الذي ضرب شمال شرق البرازيل.

‫وتحكي الأسطورة أن كاترينا، زوجة أحد عمال المزرعة، كانت حاملاً، واشتهت تناول لسان ثور، فما كان من زوجها فرانسيسكو إلا أن قام بذبح ثور صاحب المزرعة، الذي علم بهذا الأمر،  وكي يفلت عامل المزرعة من العقاب طلب من أحد الكهنة إعادة إحياء الثور مرة أخرى، وعندما تحقق ذلك احتفلت المدينة بأكملها بعيد الثور، ولاتزال هذه الاحتفالات تقام في بارينتينز حتى الآن، ومع مرور الأيام لم تعد الاحتفالات تقتصر على الرقص والغناء، لكنها تحولت إلى مهرجانات حقيقية تزخر بالعديد من الفعاليات الفخمة والأنشطة المبهجة.

‫ويظهر استاد بومبودرومو ممتلئاً عن آخره بالجمهور، إذ جلس كل متفرج على مقعده منذ ساعات طويلة في الاستاد الذي يسع نحو 20 ألف متفرج، ولاتزال هناك محاولات لإدخال أعداد أخرى من الأشخاص الراغبين في المشاركة في الأجواء الاحتفالية التي بدأت تشتد، وتم تقسيم الزوار إلى فريقين، الفريق الأول باللون الأحمر والثاني باللون الأزرق، وكما هي الحال في مباريات كرة القدم، يقوم الجمهور بتشجيع الفريقين أثناء المنافسات المستوحاة من قصة كاترينا وزوجها فرانسيسكو.  

‫وفي ذلك المساء، حصل الفريق الأحمر أولاً على فرصته لإقناع المحلفين برؤيته أحداث القصة، وظهر المئات من قارعي الطبول بملابسهم ذات الألوان الزاهية، وهم يقومون ببعض الضربات الإيقاعية التي تصم الآذان، في موكب يضم ما يصل إلى 3500 من الراقصين والموسيقيين والمغنين والممثلين، الذين سيملؤون ساحة الملعب خلال الساعتين والنصف التالية بالرقص والموسيقى، ودائماً ما تتغير صور المسرح الكبير والمشاركين في هذه العروض الاحتفالية الضخمة. بحسب وكالة الانباء الألمانية.

‫ويعتمد مهرجان بارينتينز على عناصر فلكلورية من ماضي البلاد، مثل الخرافات والأساطير، حتى إذا كانت قصة الثور تعد بمثابة الخيط الأحمر الذي تنسج حوله بقية العروض والفعاليات بالكامل، ودائماً ما تظهر على المسرح دلافين المياه العذبة في منطقة الأمازون، وهناك أسطورة تحكي أن هذه الدلافين تتحول ليلاً إلى رجال بمظهر حسن، ويحاولون إغواء الشابات، وتقدم الفرق المشاركة في هذا المهرجان أسطورة الثعبان الضخم أناكوندا، إذ يقوم الكاهن بانتزاع حاسة البصر وقوة هذا الثعبان لتوفير الحماية للسكان، لكن هذه الأعمال قد تجلب معها خطر الطوفان الكبير.

وبطبيعة الحال تكثر مشاهد الرقص ذات الألوان المشرقة والزاهية، التي تظهر بها الأسماك والصيادون والقوارب بمختلف أشكالها وأحجامها، وبعد خمس ساعات تقريباً من الرقص والغناء وصلت الاحتفالات إلى نهايتها،  ولم يدرك الكثير من المتفرجين أي الفريقين نال نقاطاً أكثر، من فرط الإجهاد التي تعرضت له الحواس المختلفة، خصوصاً إذا لم يعثر المتفرج على مقعد ليستريح عليه خلال هذه العروض الاحتفالية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 5/كانون الثاني/2014 - 3/ربيع الأول/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م