روسيا.. لعنة الإرهاب تحمل بصمات خليجية وقوقازية

 

شبكة النبأ: يبدو أن لعنة التفجيرات الإرهابية انتقلت إلى روسيا، وذلك على خلفية تفجيرين في مدنية فولغوغراد الروسية، مما وضع البلاد في حالة توتر عشية اعياد راس السنة وقبل نحو شهر من دورة سوتشي للالعاب الاولمبية، وقد اثارت هذه الحداثة مخاوف كبيرة لدى الروسيين من انها عملية إرهابية تقف ورائها أهداف وأجندات خارجية تهدف الى زعزعة الأمن القومي الروسي بأدوات داخلية تتمثل بالجماعات الإرهابية في القوقاز.

إذ يرى الكثير من المحللين ان بعض الدول والمنظمات المعادية لروسيا والمخالفة لها السياسية الخارجية خاصة السياسية الخارجية الروسية في الشرق الاوسط وتجاه سوريا تحديدا مثل السعودية وقطر، حيث هؤلاء المحللون ان بأن هذه الدولة الخلجية تسعى من خلال رعيتها للتنظيمات الإرهابية كالحركة اسلامية مسلحة للقوقاز الشمالي من أجل زعزعة الاستقرار في خصم قوي كروسيا، وهذا أكده بعض المسؤلين في سوريا بأن تداعيات الحرب الإرهابية على سوريا التي تقودها دول استعمارية بأدوات إقليمية وخليجية على رأسها المملكة السعودية وقطر والحكومة التركية بدأت تتسع وبدأت خلايا الإرهاب التكفيري تتمدد لتصل مصر وتونس ولبنان والعراق ومؤخرا مدينة فولغوغراد جنوب روسيا، ويقول المحللون ان الاسلاميين في روسيا يسعون الى استغلال احداث الالعاب الاولمبية الشتوية في سوتشي من اجل اظهار قوتهم وقدراتهم لاولئك الذين يدعمونهم ماليا.

فيما يرى بعض الخبراء في الشأن الروسي ان الهدف من الهجمات الانتحارية في فولغوغراد التي تحمل بصمات حركة التمرد الاسلامية في منطقة شمال القوقاز هو خلق حالة من الرعب قبيل الالعاب الاولمبية الشتوية في مدينة سوتشي في روسيا وتمثل تهديدا للامن وصفعة للرئيس فلاديمير بوتين، فلم يستطع الزعيم الروسي بوتين الذي اصبح رئيسا للمرة الأولى عندما تنحى الرئيس الاسبق بوريس يلتسين واختاره للمنصب قبل 14 عاما بالضبط سحق المتشددين الإسلاميين في الأقاليم المسلمة بشمال القوقاز، لكنه في الوقت الراهن وعد بـ مواصلة مكافحة الارهابيين بقوة وبدون توقف حتى القضاء عليهم كليا.

في محاولة لإظهار القبضة الحديدية للأمن الروسي الذي اتهمته وسائل الإعلام بالاسترخاء عقب الهجمات, أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قوات مكافحة الإرهاب بتعزيز الإجراءات الأمنية في جميع أنحاء البلاد.

ويخشي مسئولون روس من استهداف متشددين للألعاب الأوليمبية الشتوية المقرر إقامتها خلال فبراير المقبل في منتجع سوتشي, وهي الدورة التي جعلها الكرملين أولوية وطنية لتكون واجهة لروسيا علي العالم واستثمر مليارات الدولارات في البني التحتية في سوتشي لتحضير هذا المنتجع الساحلي القريب من منطقة القوقاز الروسي المضطربة لاستقبال الحدث الرياضي.

بينما يرى محللون آخرون أن روسيا تسعى لتغيير اساليب مكافحة الإرهاب لتوجيه ضربة قاضية للارهابيين، حيث كانت الحكومة الروسية تتبع سياسة تؤكد على تنمية المنطقة الفقيرة في شمال القوقاز, حيث ينشأ معظم المتمردين والارهابيين في البلاد, وشنت الحكومة الروسية حربين ضد الارهاب منذ انهيار الاتحاد السوفييتى عام 1991، وعليه تضفي المعطيات آنفة الذكر ان تنامي الإرهاب بات خطرا عالميا يتعدى اعتاب روسيا ليصبح إرهاب متنقل ربما يهدد أغلب بلدان العالم.

إرهابيو قطر والسعودية ضربوا روسيا

في سياق متصل قال رئيس مجلس النواب السوري، جهاد اللحام، إن من وصفها بـ"المجموعات الإرهابية" المدعومة من قطر والسعودية وتركيا وسعت نشاطها إلى مصر وتونس ولبنان والعراق، واستهدفت مدينة فولغوغراد الروسية، بينما قال رئيس الوزراء، وائل الحلقي، أن من يعتقد بأن دمشق ذاهبة إلى "جنيف 2" لتسليم السلطة "واهم".

وجاءت مواقف الحلقي واللحام خلال كلمتيهما في الجلسة الأخيرة للبرلمان السوري، وقال اللحام إن سوريا "ماضية في محاربة الإرهاب من أجل القضاء عليه فكرا وأدوات ولجم مموليه وداعميه ووضع حد لجنونهم الذي سيرتد عليهم في القريب العاجل". بحسب السي ان ان.

وقال اللحام إن ما وصفها بـ"تداعيات الحرب الإرهابية على سوريا التي تقودها دول استعمارية بأدوات إقليمية وخليجية على رأسها المملكة السعودية وقطر والحكومة التركية بدأت تتسع وبدأت خلايا الإرهاب التكفيري تتمدد لتصل مصر وتونس ولبنان والعراق ومؤخرا مدينة فولغوغراد جنوب روسيا".

جريمة الشنعاء

من جهته ندد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اثناء زيارة الى فولغوغراد بالهجومين الانتحاريين اللذين اوقعا 34 قتيلا في هذه المدينة ووصفهما ب"الجريمة الشنعاء" قبل شهرين من موعد الالعاب الاولمبية التي ستستضيفها سوتشي.

وقال بوتين اثناء زيارة مفاجئة الى هذه المدينة التي يقدر عدد سكانها بنحو مليون نسمة والواقعة على نهر الفولغا، "ان هذه الجريمة الشنعاء التي ارتكبت هنا في فولغوغراد لا تستدعي اي تعليق اضافي"، واضاف في تصريحات نقلها التلفزيون "لا اهمية لما يمكن ان يقوله المجرمون سعيا لتبرير افعالهم، فلا تبرير لجرائم ترتكب ضد المدنيين خصوصا النساء والاطفال".

وقد اسفر اعتداء في محطة القطارات الرئيسية في هذه المدينة الواقعة على بعد نحو سبعمئة كلم عن سوتشي -وهي مسافة غير بعيدة نسبيا قياسا الى مساحة روسيا- عن سقوط 18 قتيلا فيما اوقع هجوم الذي استهدف حافلة كهربائية 16 قتيلا. بحسب فران برس.

كما نقل اكثر من ستين شخصا الى المستشفيات في فولغوغراد اضافة الى نقل بعض الجرحى الى موسكو ايضا، ونسب التفجيران القويان اللذان لم تتبناهما اي جهة الى انتحاريين. وقد لاحظ المحققون اوجه شبه في المتفجرات المستخدمة ما يعزز فرضية هجومين منسقين، وتفيد معلومات صحافية روسية ان الانتحارية في محطة القطارات قد تكون مقربة من حركة التمرد التي تسعى الى اقامة دولة اسلامية في القوقاز الروسي.

في الوقت نفسه اكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عزمه على "التخلص كليا" من الارهابيين في اول رد فعل له على التفجيرين اللذين اوقعا 34 قتيلا في مدينة فولغوغراد، جنوب غرب، وكان الكرملين امر اجهزة مكافحة الارهاب بتعزيز الامن في سائر انحاء البلاد بعد تفجير التروللي باص الذي استهدف محطة القطار المركزية في فولغوغراد، ستالينغراد سابقا، ووعد بوتين الامين العام للامم المتحدة بان كي مون بالالتزام باطار القانون الدولي لدى القبض على مرتكبي هجومي فولغوغراد واحالتهم الى القضاء، على ما افاد المتحدث باسم الامين العام.

صفعة لبوتين

على الصعيد نفسه قال الكسندر كونوفالوف رئيس معهد الدراسات الاستراتيجية لوكالة فرانس برس "من الواضح ان هذه الهجمات مرتبطة بالالعاب الاولمبية الشتوية في سوتشي" المنتجع الساحلي الواقع على مقربة من القوقاز والتي ستقام خلال الفترة من 7 الى 23 شباط/فبراير المقبل، من جانبه، اكد المحلل المستقل بافل فيلغينهاور ان "هذه السلسلة من الانفجارات تهدف الى خلق جو من الرعب قبيل الالعاب الاولمبية الشتوية".

وكان زعيم الاسلاميين في القوقاز الروسي دوكو عمروف العدو اللدود للكرملين، دعا في الثالث من تموز/يوليو الماضي الى شن هجمات تستهدف الالعاب الاولمبية الشتوية للعام 2014 التي تستضيفها مدينة سوتشي. وجعل بوتين من دورة الالعاب الاولمبية اولوية وطنية ويعتزم ان يجعل منها واجهة لروسيا على العالم، وتم استثمار وسائل ضخمة في ورش واشغال مكثفة تجري في سوتشي التي كانت شبه خالية من البنى التحتية الرياضية.

وقال الخبير الروسي الكسي مالاشينكو من مركز كارنيغي لوكالة فرانس برس ان هذه الهجمات التي تأتي في عطلة نهاية الاسبوع التي تشكل بالنسبة للعديد من الروس انطلاقة لفترة اعياد نهاية السنة تمثل "صفعة كبيرة لبوتين".

وتساءل مالاشينكو هل سيقوم الرئيس الروسي ب"اعلان حالة الحداد في خطاب متلفز بمناسبة العام الجديد؟"، مشيرا الى ان "ما نتوقعه لدورة الالعاب الاولمبية الشتوية بعد هذه السلسلة من الهجمات هو اننا سنفقد بضعة الاف من المتفرجين الذين لن يأتوا الى سوتشي".

وعمليات اسلاميي القوقاز خارج مناطقهم نادرة، في حين انها يومية في داغستان وانغوشيا وكاباردينو بالكاري والشيشان التي تشهد الكثير من عمليات الاغتيال لشرطيين وقضاة وائمة "متعاونين" مع السلطات الروسية، اضافة الى عمليات انتحارية تستهدف مبان رسمية واجهزة استخبارية، كذلك احراق محال تجارية تبيع الكحول.

واوضح مالاشينكو ان "هجمات فولغوغراد هي من عمل جماعة منظمة التي ضربت في مكان حيث لا يتوقعه أحد"، ويرى فيلغينهاور ان السلطات في الواقع ركزت اهتمامها على سوتشي حيث اتخذت تدابير امنية كبيرة لدورة الالعاب الاولمبية الشتوية ولكنها تركت المدن الاخرى، مشيرا الى ان هذا ما يفسر اختيار فولغوغراد لشن هذه الهجمات.

وستقوم السلطات الروسية بحشد حوالى 40 الف شرطي لضمان سلامة الالعاب الاولمبية الشتوية في سوتشي وسيكون الوصول الى المدينة بالسيارة محظورا لغير المقيمين في السابع من كانون الثاني/يناير المقبل قبل شهر من حفل الافتتاح.

واكد الكسندر جوكوف رئيس اللجنة الاولمبية الروسية ان روسيا عملت "كل ما هو ضروري" من اجل سلامة هذا الحدث، الذي يعد الاكبر في روسيا منذ تفكك الاتحاد السوفياتي عام 1991، مشيرا الى انه لن تكون هناك أي إجراءات أمنية إضافية، ويؤكد الخبراء الروس ان المتمردين القوقازيين الذين شاركوا في العمليات الجهادية في سوريا يشكلون تهديدا أمنيا خطيرا اذا عادوا الى روسيا.

وبعد حرب الشيشان الاولى (1994-1996) اتخذت حركة التمرد تدريجيا منحى اسلاميا وتوسعت بشكل متزايد خارج حدود هذه الجمهورية الصغيرة لتتحول في منتصف سنوات الالفين الى حركة اسلامية مسلحة تنشط في جميع انحاء القوقاز الروسي، ويقول مالاشينكو "يجب علينا أن نكون حذرين من كل من أولئك الذين يعملون لوحدهم والمسلمين الروس وأولئك الذين قاتلوا في سوريا"، واضاف "نحن لا نعرف متى وأين سيكون هناك المزيد من الانفجارات، ولكن لا شك ان ذلك سيحدث مرة اخرى".

امريكا تعرض على روسيا مساعدة امنية

من جهتها عبرت الولايات المتحدة عن قلقها من أن اسلاميين متشددين ربما يجهزون لهجمات بهدف عرقلة دورة الالعاب الاولمبية الشتوية التي ستقام في منتجع سوتشي الروسي في فبراير شباط وعرضت توثيق التعاون في مجال الامن مع روسيا على الرغم من توترات بين البلدين في وقت سابق هذا العام.

وقال مسؤول بوزارة الخارجية الامريكية ان جماعة متشددة أصدرت تهديدات صريحة ومباشرة لعرقلة الالمبياد، وقال مسؤولون اخرون ان مناطق قريبة من سوتشي من بين المناطق الروسية الاكثر عرضة حاليا للتمرد الاسلامي واضطرابات اخرى.

وقال المسؤول الامريكي "من الواضح انه توجد حساسيات في علاقتنا مع موسكو لكن تعزيز الامن الاولمبي والجهود الاوسع لمكافحة الارهاب هي بالتأكيد مجالات ذات اهتمام مشترك"، وأضاف قائلا "يبرز التفجيران في فولجوجراد الخطر والحاجة الي العمل بشكل وثيق مع روسيا من اجل ضمان حماية المواطنين الامريكيين المشاركين واولئك الذين سيحضرون الالعاب الاولمبية في سوتشي".

وقال مسؤولون امنيون امريكيون ان الحكومة لم تفاجأ بتفجيري فولجوجراد وانها توقعت ان مثل هذه التفجيرات ربما تحدث في الفترة السابقة على الالعاب الاولمبية، واضافوا أن السلطات الامريكية والروسية تجريان اتصالات مكثفة فيما يتعلق بالاستعدادات الامنية للاولمبياد، ومن المتوقع ان تتبادل الولايا المتحدة مع روسيا معلومات ربما تجمعها عن تهديدات محتملة للالعاب الاولمبية.

وقال مسؤول بوزارة الخارجية الامريكية "نحن نتخذ الكثير من الاحتياطات الامنية" فيما يتعلق بالالعاب الشتوية، وأدانت كايتلين هايدن المتحدثة باسم مجلس الامن القومي الامريكي تفجيري فولجوجراد اللذين القي باللوم فيهما على مفجرين انتحاريين، وقالت هايدن ان الحكومة الامريكية "عرضت على الحكومة الروسية دعمنا الكامل في الاستعدادات الامنية لدورة العاب سوتشي الاولمبية وسنرحب بالفرصة لتوثيق التعاون من اجل سلامة الرياضيين والجهور والمشاركين الاخرين"، الى ذلك قالت متحدثة باسم اللجنة الأولمبية الدولية بعد انفجارين في مدينة فولجوجراد الروسية إن اللجنة لا تشك في قدرة السلطات الروسية على توفير الأمن خلال دورة الألعاب الأولمبية الشتوية.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 4/كانون الثاني/2014 - 2/ربيع الأول/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م