المعارضات الهشة في سوريا...

هزائم متتالية وتفتت مستمر

 

شبكة النبأ: يبدو ان المعارضة المسلحة في سوريا تسير صوب بداية النهاية بعدما تلقت خلال الاونة الأخيرة ضربات موجعة تحت الحازم تجسدت بسلسلة من الانتكاسات الميدانية والسياسية بدءاً من الهزائم العسكرية المتتالية نتيجة لتزايد الحروب المتداخلة والصراعات بين جماعات المعارضة، فقد تلقى الجيش الحر الذي يعاني من تفكك وانقسامات وتعدد مرجعيات صفعة جديدة مع تعليق كل من واشنطن ولندن الداعمتين له مساعداتهما العسكرية الى شمال سوريا بسبب تصاعد نفوذ الاسلاميين المتطرفين، ما يهدد باضعاف وضع المعارضة المسلحة مع اقتراب عقد مؤتمر السلام الدولي حول سوريا.

ويأتي ضعف المعارضة في الوقت الذي تسير فيه التحضيرات بشكل جيد لمؤتمر السلام جنيف-2 من اجل جمع النظام والمعارضة للتوصل الى حل النزاع المستمر منذ اكثر من عامين ونصف.

ويسلط تعليق المساعدات الأمريكية والبريطانية لشمال سوريا الضوء على أزمة في قيادة المعارضة التي تسعى لنيل دعم دولي لتعزيز مصداقيتها ومنع المقاتلين من الانضمام للجماعات المدعومة من تنظيم القاعدة والتي تتصدر حاليا الحرب ضد الرئيس بشار الاسد، وانكشف ضعف المجلس العسكري الأعلى بعد عجزه عن السيطرة على مخازنه دون مساعدة الجماعات الإسلامية.

ويبحث زعماء المعارضة منذ شهور سبل إعادة هيكلة المجلس لتحويله إلى هيئة أكثر تنظيما، لكن مصادر بالمعارضة قالت إن التقدم بطيء نظرا للحاجة إلى التشاور مع مئات الكتائب وإن المواجهة التي وقعت عند معبر باب الهوى تمثل عقبة جديدة.

فعلى الرغم من كل الجهود التي تبذلها الدول الإقليمية والدولية في توحيد ودعم ما يسمى بالمعارضة السورية باتجاه وموقف واحد، الا ان تفسخ هذه الفصائل الدموية باتت خارج سيطرة التي الدول الداعمة لها.

لذا يجمع المحللون على انه الى جانب الانتكاسات الداخلية في المعارضة المتشرذمة تتعرض الى انتكاسات خارجية بعد التراجع السياسي لدعمها الاكبر السعودية على المستوى الإقليمي والدولي، في ظل التقارب الايراني الامريكي وزياد نفوذ المسلحين الإسلاميين التابعيين لتنظيم القاعدة، ناهيك عن المكاسب العسكرية التي حققها الجيش السوري مؤخرا، جل هذه العوامل وضعت ما يسمى بالمعارضة السورية على شفير الهاوية، فبات من المؤكد ان مسارها يتجه صوب هوة النهاية.

مشكلة عويصة

في سياق متصل اقر وزير الدفاع الاميركي تشاك هيغل بان النكسات التي منيت بها المعارضة المعتدلة، التي تتراجع امام المقاتلين الاسلاميين المتطرفين، تطرح "مشكلة عويصة"، واوضح ان الولايات المتحدة تواصل دعم قوات الجيش الحر الا انها قررت تعليق مساعدتها من الاسلحة غير الفتاكة في شمال سوريا الى حين معرفة من هي المجموعات التي تسيطر على مخازن الاسلحة وعلى نقاط العبور على الحدود التركية.

وقال في مؤتمر صحافي الى جانب وزير دفاع سنغافورة "اعتقد ان ما حدث في الايام الاخيرة هو انعكاس لمدى تعقد وخطورة الوضع الذي لا يمكن التنبأ به"، واضاف "ما حدث يطرح مشكلة عويصة وسيكون علينا معرفة كيفية معالجتها مع الجنرال سليم ادريس والمعارضة المعتدلة" موضحا "عندما تتعرض المعارضة المعدلة لنكسات فهذا امر سيء لكن هذا هو ما نواجهه".

من جانبه قال مسؤول اميركي لفرانس برس طالبا عدم ذكر اسمه ان الجبهة الاسلامية، التي تشكلت في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي من سبع مجموعات متشددة، استولت على "مجمع" مباني للجيش الحر بالقرب من الحدود التركية. بحسب فرانس برس.

واضاف ان هذا الحدث كان له "اثر انتقالي" الى مراكز اخرى للجيش الحر لاذ مسؤولوها بالفرار خوفا من تعرضهم لهجوم الجماعات المتشددة، واشارت انباء صحافية الى ان اللواء ادريس، رئيس هيئة اركان الجيش الحر، فر من مقر هذا الجيش في باب الهوى وانه موجود حاليا في قطر.

التقارب الأمريكي الإيراني

على صعيد ذو صلة قال رئيس الإئتلاف الوطني السوري المعارض احمد الجربا إن المعارضة قلقة من أن يؤدي التقارب الأمريكي الإيراني إلى تقوية النظام السوري لاسيما على الصعيد المالي، وقال الجربا في مقابلة مع رويترز في الكويت حيث يقوم بزيارة وصفها بالرسمية بدعوة من حكومة الكويت "أنا قلق من هذا التقارب من ناحية مالية. لأن هناك أموالا مجمدة لإيران في المصارف العالمية.. هذه الأموال إذا سيلت لصالح ايران يمكن ان يذهب قسم منها للنظام السوري وهذا يزيد الامر تعقيدا"، وأضاف الجربا انه نقل هذا القلق للأطراف العربية والدولية "وكانوا متفهمين".

وحول مؤتمر جنيف 2 أوضح الجربا ان موعده حدد في 22 يناير كانون الثاني. وقال "حصلنا على ضمانات بعضها مكتوب وبعضها شفوي من دول كبرى بانه ليس هناك مستقبل (للرئيس السوري بشار) الأسد في سوريا وان مؤتمر جنيف يؤدي الى سلطة تنفيذية تقود المرحلة الانتقالية التي تؤدي لحل سياسي ديمقراطي في سوريا"، وأضاف "المفروض الأسد يكون في قفص الاتهام.. ليس ان يكون له مستقبل او غير مستقبل ..هذا الامر مفروغ منه ولن نقبل به نهائيا، وأكد ان اي من الأطراف لم يطلب وقف إطلاق النار خلال مؤتمر جنيف2 "ولم يتناقش معنا احد في هذا الموضوع" مشيرا الى وجود حالات كثيرة كانت تتم فيها مفاوضات دون وقف اطلاق النار مثل فرنسا والجزائر وفيتنام والولايات المتحدة. بحسب رويترز.

وحول الاقتتال الذي حدث مؤخرا بين بعض فصائل المعارضة قال الجربا "نحن في حالة حرب وفي حالة فوضى وهناك بعض الخلافات بين الفصائل المسلحة على الارض، ورد الجربا على ما تردد بشأن امكانية ان يقاتل الجيش الحر الى جانب النظام في مواجهة تنظيم القاعدة قائلا "لا نقر هذا المبدأ.. نحن لن نقاتل الى جانب هذا النظام ايا كان. بالنسبة لنا هذا النظام عدونا الرئيسي.. لن نقاتل احدا الى جانبه".

ضربة جديدة للجيش الحر

الى ذلك جاء الاعلان عن تعليق المساعدات البريطانية والاميركية "غير الفتاكة" بعد استيلاء الجبهة الاسلامية المؤلفة من ابرز الالوية والكتائب الاسلامية المقاتلة في سوريا والداعية الى انشاء دولة اسلامية، مطلع هذا الشهر على مقار لهيئة الاركان في الجيش السوري الحر وبينها مستودعات اسلحة عند معبر باب الهوى بعد معارك عنيفة بين الطرفين، وسيطرتها في وقت لاحق على المعبر الذي كانت تديره مجموعات عدة تابعة للجيش الحر.

على الاثر، اعلنت واشنطن "تعليق تسليم اي مساعدة غير فتاكة لشمال سوريا"، موضحة ان القرار لا يشمل المساعدات الانسانية، ثم اعلنت لندن بدورها ان "لا خطة لديها لتسليم اي معدات طالما بقي الوضع غير واضح". بحسب فرانس برس.

وان كانت هذه المساعدات تقتصر في الواقع على اللباس العسكري والمناظير الليلية والمواد الغذائية للمقاتلين واجهزة الاتصالات، وقد لا يؤثر وقفها بشكل حاسم على سير المعارك، الا ان الاعلان عن ذلك من شانه التاثير سلبا على المعنويات والقاء مزيد من الظلال على دور هيئة الاركان التابعة للجيش الحر والمرتبطة بالائتلاف الوطني المعارض.

ويقول الباحث السويدي في الشؤون السورية آرون لوند لوكالة فرانس برس "من الواضح ان هيئة الاركان تضعف اكثر فاكثر وتفقد من سلطتها"، ويضيف ان خسارتها معبر باب الهوى الرئيسي على الحدود التركية يعني ان قائد هذه الاركان اللواء سليم ادريس "لن يتمكن من دخول سوريا"، مضيفا "من دون مخازن الاسلحة، ماذا يبقى لهم؟"، وكانت تقارير صحافية ذكرت ان اللواء ادريس هرب من مقر قيادة الاركان عند معبر باب الهوى في محافظة ادلب (شمال غرب) وتوجه الى قطر. ويشير لوند الى ان هيئة الاركان العليا "لطالما كانت محط اتهامات المجموعات المقاتلة ضد نظام الرئيس بشار الاسد، بانها قوة رمزية غير قادرة على القيام بدورها كما يجب على صعيد تنسيق وتوزيع الاسلحة على المقاتلين على الارض".

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 2/كانون الثاني/2014 - 29/صفر/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م