جنوب السودان.. صراع دموي يقطع شريان السلم الأهلي

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: جنوب السودان أحدث الدول التي ابصرت النور في العالم نحو الاستقلال ومحاولة تبني نظام ديمقراطي، لكن لهذا البلد، ولأغلب دول افريقيا، تأريخ مرير من حوادث الانقلاب العسكري والمؤامرات والخلافات القبلية التي تتم على يد قادة الانقلاب او امراء الحرب أنفسهم والذين سرعان ما يدب الخلاف فيما بينهم حول اقتسام السلطة والخوف من الطرف الاخر باعتبارهم (النخبة السلطوية) مما يعيدهم الى المربع الأول.

الخلاف الذي نشب مؤخراً بين سلفاكير ميارديت ونائبة السابق رياك مشار وتحوله الى صراع بين قبيلتين (الدنكا والنوير) وربما لاحقاً الى حرب أهلية وقودها العرق والاثنية والطائفة، ما هو الا صراع "سلطة" يحاول كل طرف فيه استغلال المشاعر والمعتقدات والقبلية في كسب مصالح "سياسية" ترضي طموحة في ضل دولة "هشة للغاية" وقيادات سياسية ما زالت ضعيفة، فضلاً عن مؤسسات غير واضحة المعالم.

لقد رافقت جنوب السودان عقدة "المستعمر" في فرض اجندات معينة عكست نتائجها لاحقاً على اغلب مفاصل الدولة والشعب على حد سواء، فبريطانيا مارست دور فاعل في تمديد سياسات استعمارية برزت الاختلافات الأثنية واللغوية والعرقية والدينية، كما فرقت في التعامل مع الجنوب والشمال في قضايا أهمها التعليم، عندما كانت مستعمرة لمصر والسودان، فبدأت تظهر الاختلافات الثقافية التي تحولت الى بركان قد ينفجر في أي لحظة، وهذا ما حدث فعلاً عندما حاولت الدول الغربية فصل الجنوب باستعجال غريب لم يعد العدة لتداعيات محتملة تؤدي الى انهيار هذه الدولة واشتعال المنطقة في أتون حرب أهلية قد تستمر لأجيال.

يشار الى ان النزاع القائم حالياً اودى بحياة أكثر من ألف شخص بحسب تقارير الأمم المتحدة، وهو مازال في بداياته، اما الهدنة فعلى الرغم من ضعفها الا انها يمكن ان توقف نزيف الدم، إضافة الى جهود الوساطة الدولية خصوصاً من قادة دول السلطة الحكومية للتنمية (ايغاد)، المنظمة التي تضم بلدان القرن الأفريقي وأفريقيا الشرقية والتي سعت الى تهدئة الوضع والحوار من اجل إيجاد سبل سلمية لأنهاء الصراع الدائر في جنوب السودان.

شبح الحرب الأهلية

في سياق متصل قالت حكومة جنوب السودان ان المتمردين سيطروا على بنتيو عاصمة ولاية الوحدة المنتجة للنفط مع تزايد المخاوف من تحول الى الصراع الى حرب أهلية قبلية شاملة في أحدث دولة في العالم، وأعلنت الأمم المتحدة انها تحاول ارسال مزيد من قوات حفظ السلام الى جنوب السودان في حين حثت القوى الدولية الجانبين على وقف القتال خشية تقويض الاستقرار الهش بالفعل في هذه المنطقة من افريقيا، وقالت حكومة جنوب السودان عبر حسابها على تويتر انها لم تعد تسيطر على بنتيو، واضافت "لا نسيطر على بنتيو في الوقت الحالي، إنها في أيدي قائد عسكري أعلن دعمه لمشار" في إشارة لريك مشار النائب السابق لرئيس جنوب السودان سلفا كير، وقال وزير الاعلام ميشيل ماكوي ان جون كوانج وهو قائد فرقة بالجيش في ولاية الوحدة انشق وانضم الى مشار الذي عينه حاكما للولاية، لكن الحكومة في جوبا قالت انها مازالت تسيطر على حقول النفط المهمة لاقتصاد البلد.

 وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان جي مون في مؤتمر صحفي في مانيلا ان المنظمة الدولية تخطط لارسال أفراد وعتاد من بعثات أخرى لحفظ السلام في المنطقة الى جنوب السودان، وأضاف "نحاول الآن بسرعة نقل أفراد وعتاد من بعثات أخرى لحفظ السلام مثل بعثة حفظ السلام في جمهورية الكونجو الديمقراطية، "وبعض المناطق الأخرى"، ومضى يقول "ونسعى ايضا لطلب الدعم من دول أخرى يمكنها توفير ما يلزم من الأفراد والعتاد"، واندلعت الاشتباكات بين المجموعات المتنافسة من الجنود في العاصمة جوبا وامتدت الآن في انحاء الدولة الفقيرة التي انفصلت عن السودان عام 2011 بدعم من الولايات المتحدة، واتهم كير وهو من قبيلة الدنكا مشار المنتمي الى قبيلة النوير والذي كان قد اقاله في يوليو تموز بمحاولة القيام بانقلاب، وبين الرجلين تنافس سياسي قديم، ورفض مشار الاتهام لكنه يقول منذ ذلك الحين انه يقود القوات التي تقاتل الحكومة.

 وقال وزير خارجية جنوب السودان برنابا ماريال بنجامين ان جنودا حكوميين رصدوا مشار مع مجموعة من المقاتلين في بور، وأضاف "ريك تمكن من الهرب، استخدم زورقه وعبر النيل الى قريته أدو وذهب الى بنتيو (العاصمة الادارية لولاية الوحدة)، في الليلة السابقة هاجم مؤسسات حكومية"، وكان وسطاء أفارقة قد التقوا مع سلفا كير في جوبا وأجروا محادثات وصفوها بأنها "مثمرة"، وقالت حكومته انها ترغب في إجراء حوار مع أي جماعة متمردة، وقال اللفتنانت جنرال الكيني لازاروس سومبيو إن الوسطاء لم يتمكنوا حتى الآن من الاتصال بمشار لسماع وجهة نظره في الأحداث، وقال سومبيو لرويترز "سنجد وسيلة أخرى للوصول الى مشار، ليس من خلال جوبا"، واقر الجيش بفقد السيطرة على بور في ولاية جونقلي بشمال البلاد بعد اعلان الامم المتحدة ان عمال النفط لجأوا الى قواعدها في ولاية الوحدة المجاورة، واظهرت لقطات مصورة ارسال الحكومة تعزيزات الى بور التي كانت مسرحا لمذبحة عرقية عام 1991 نفذها مقاتلو النوير الموالون لمشار، وقال بنجامين ان مشار لا يسيطر على حقول النفط في ولاية الوحدة، وقال "بالطبع هناك تهديد، لكنه، لا يحتل حقول النفط، النفط يتدفق"، وقال سفير جنوب السودان في الخرطوم ماين دوت وول ان النفط يتدفق بشكل طبيعي، ويصل انتاج جنوب السودان من النفط الى 245 الف برميل يوميا تزود الحكومة بمعظم ايراداتها المالية وبالعملة الصعبة التي تحتاجها لشراء الطعام والواردات الحيوية الأخرى، وقالت الامم المتحدة ان مئات قتلوا في الصراع في حين اضطر نحو 62 الف شخص للفرار من منازلهم في خمس من ولايات جنوب السودان العشر، واضافت ان 42 الفا منهم يسعون للجوء الى قواعد الامم المتحدة.

 وقال مكتب الامم المتحدة لتنسبق الشؤون الانسانية في تقرير "جرى الابلاغ عن نهب المقار الانسانية في جونقلي (في اكوبو وبور) والوحدة، وردت انباء عن تعرض العديد من مقار الامم المتحدة والمنظمات غير الحكومية في بلدة بور لعملية نهب كامل بما في ذلك سرقة المركبات"، وقال متحدث باسم قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة انهم يقومون بجلب مزيد من الطائرات من قاعدة الامداد والتموين الخاصة بهم في عنتيبي في أوغندا الى جنوب السودان، وقال مصدر دبلوماسي في الأمم المتحدة في نيويورك ان أفرادا من فرقة التدخل التابعة للمنظمة الدولية في شرق الكونجو يمكن أن تقدم يد المساعدة في جنوب السودان لكنها ستعمل فقط على تعزيز الأمن في قواعد الأمم المتحدة ولا تحاول مواجهة الجماعات المسلحة، وقال المصدر ان الأمم المتحدة طلبت من دول مساعدتها في الحصول على صور حية بالأقمار الصناعية لجنوب السودان وهناك امكانية لاستخدام طائرات استطلاع بدون طيار منتشرة حاليا في شرق الكونجو لكن ذلك سيستغرق وقتا، وقالت بعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جنوب السودان انها أعادت نشر موظفيها غير الضروريين وتعتزم تعزيز وجودها العسكري في بور وباريانج لحماية المدنيين، وقال المتحدث ان نحو مئة من الموظفين المدنيين في بعثة حفظ السلام في جنوب السودان نقلوا من أماكنهم في حين غادر 60 موظفا من وكالات تابعة للأمم المتحدة،. بحسب رويترز.

وتعرضت ثلاث طائرات أمريكية لاطلاق النار من قوات مجهولة اثناء مهمة لاجلاء أمريكيين من الصراع، وقال الجيش الامريكي ان أربعة من جنوده اصيبوا في الهجمات، وقالت وزارة الخارجية الامريكية ان الأمريكيين في بلدة بور في جنوب السودان أجلوا سالمين الى العاصمة جوبا، واضافت في بيان "قامت الولايات المتحدة -بالتنسيق مع الأمم المتحدة والتشاور مع حكومة جنوب السودان- بإجلاء المواطنين الامريكيين سالمين من بور في جنوب السودان. ونقل المواطنون الامريكيون ومواطنو الدول الشريكة لنا جوا من بور الى جوبا بطائرات هليكوبتر تابعة للامم المتحدة وطائرات هليكوبتر مدنية امريكية"، وقالت بعثة الامم المتحدة في جنوب السودان ان احدى الطائرات الاربع التابعة لها التي ارسلت الى يواي في ولاية جونقلي تعرضت لنيران اسلحة صغيرة، ولم يصب أي من أفراد طاقم الطائرة او ركابها.

وساطة افريقية

فيما قال وسطاء أفارقة إنهم أجروا محادثات "مثمرة" مع رئيس جنوب السودان سلفا كير في محاولة لتفادي تحول صراع بدأ منذ قرابة اسبوع في أحدث دولة في العالم الى حرب قبلية، وفي مؤشر على التوتر بين جيران جنوب السودان أرسلت اوغندا جنودا للمساعدة في إجلاء رعاياها، وقال مصدران عسكريان طلبا عدم نشر اسميهما إن الجنود سيساعدون ايضا في تأمين العاصمة جوبا التي تقع على بعد نحو 75 كيلومترا من حدود اوغندا، واتهم الرئيس سلفا كير وهو من قبيلة الدنكا نائبه السابق ريك مشار وهو من قبيلة النوير وأقيل في يوليو تموز بمحاولة الاستيلاء على السلطة بالقوة، واتسعت رقعة القتال الذي اندلعت شرارته في العاصمة بسرعة وقال موظفون بالأمم المتحدة إن مئات قتلوا، وقال كير انه على استعداد للحوار، وأبلغ مشار اذاعة فرنسية انه مستعد "للتفاوض على رحيله عن السلطة" وأضاف أن الجيش قد يجبر كير على التنحي إذا لم يتقدم باستقالته، وامتد القتال الى خارج العاصمة تحركه الولاءات القبلية بقدر ما تحركه الخصومات السياسية، وقالت الامم المتحدة إن 11 شخصا على الاقل من قبيلة الدنكا قتلوا خلال هجوم شنه آلاف الشبان المسلحين من جماعة عرقية أخرى على قاعدة لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في ولاية جونقلي، وقتل هنديان من قوات حفظ السلام.وكانت الأمم المتحدة قد قالت في وقت سابق إن 20 شخصا على الأقل قتلوا بينما ذكرت حكومة جنوب السودان أن 54 من قبيلة الدنكا لقوا حتفهم في الهجوم. ولا تزال بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان تحاول التحقق من الرقم على وجه الدقة، وضم فريق الوساطة الذي يزور جوبا وزراء من كينيا واوغندا وجيبوتي والصومال وممثلين للاتحاد الافريقي والأمم المتحدة. وهذه هي اول مبادرة للسلام منذ تفجر القتال. بحسب رويترز.

وقال وزير الخارجية الاثيوبي توادروس أدهانوم الذي يرأس الوفد الافريقي للصحفيين قبل العودة الى المحادثات "عقدنا اجتماعا مثمرا للغاية مع فخامة الرئيس سلفا كير وسنواصل المشاورات"، وقال أدهانوم الذي يرأس كذلك الهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق افريقيا (إيجاد) للصحفيين "عقدنا اجتماعا مثمرا للغاية مع فخامة الرئيس سلفا كير وسنواصل المشاورات"، وأقلق القتال الذي امتد إلى حقول النفط الحيوية الدول المجاورة التي تخشى زيادة الاضطرابات في منطقة ساخنة بالفعل، ويهدد القتال خطوات متعثرة لاقامة مؤسسات فعالة في الدولة التي استقلت عن السودان عام 2011 بعد صراع دام عقودا، وقال مصدر في قيادة القوات الخاصة وهي وحدة يقودها ابن الرئيس الأوغندي يوويري موسيفيني "بعض الجنود من قيادة القوات الخاصة -أستطيع أن اقدر عددها بالمئات- توجهت الى جوبا أمس"، واضاف "ستشارك (القوات) بصفة اساسية في تأمين العاصمة"، وتابع ان بعض الجنود توجهوا الى جوبا بالطائرة ومن المتوقع أن يسافر آخرون برا، وقال المصدر "هم لن يشاركوا في الاشتباكات بين (قوات) كير ومشار".

العثور على مقبرة جماعية

من جهتها قالت الامم المتحدة إنه عثر على مقبرة جماعية يعتقد أنها تضم جثث 75 جنديا من عرق الدنكا في جنوب السودان الأمر الذي أثار مخاوف من وقوع مذابح عرقية في أحدث دول العالم، وقال سلفا كير رئيس جنوب السودان إن القوات الحكومية استعادت السيطرة على بور عاصمة ولاية جونقلي من المتمردين وهي مدينة رئيسية كان المتمردون التابعون لريك مشار النائب السابق للرئيس قد استولوا عليها مؤخراً، وأقال سلفا كير نائبه مشار من منصبه في يوليو تموز، واكتشف موظفون تابعون للأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان المقبرة في بلدة بنتيو الخاضعة لسيطرة المتمردين وهي عاصمة ولاية الوحدة، وقالت نافي بيلاي مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان في بيان في جنيف "اكتشفنا مقبرة جماعية في بنتيو بولاية الوحدة وهناك تقارير بوجود ما لا يقل عن مقبرتين جماعيتين أخريين في جوبا"، ونشب الصراع في جوبا عاصمة جنوب السودان يوم 15 ديسمبر كانون الأول وامتد إلى بقاع أخرى من بينها مناطق منتجة للنفط الأمر الذي دفع البلاد التي انفصلت عن السودان قبل عامين سريعا الى طريق الانقسام، وقال آداما ديينج المستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لشؤون منع الإبادة الجماعية في بيان مشترك مع جنيفر ويلش مستشارة الأمم المتحدة الخاصة لشؤون المسؤولية عن الحماية "الهجمات التي تستهدف المدنيين وموظفي الأمم المتحدة مثل تلك التي وقعت في جوبا وجونقلي يمكن أن تمثل جراشم حرب أو جرائم ضد الإنسانية"، واندلعت أغلب أعمال القتال بين من ينتمون الى قبيلتي النوير والدنكا في صفوف الجيش الشعبي لتحرير السودان كما وردت تقارير عن مهاجمة مسلحين وشبان لجماعات تنتمي إلى أعراق مغايرة لأعراقهم، وحاولت قوى غربية ودول في شرق أفريقيا تحرص على ألا يتسبب الصراع في تقويض استقرار المنطقة ذات الوضع الهش التوسط بين مشار الذي ينتمي لقبيلة النوير وكير الذي ينتمي لقبيلة الدنكا، ويقول الرجلان إن الصراع سياسي وليس طائفيا لكن أكثر من 40 ألف شخص لجأوا إلى قواعد قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة وسط مخاوف من اندلاع أعمال عنف عرقية، وتساءل جاتجانج (29 عاما) من قبيلة النوير في مجمع تابع للأمم المتحدة في جوبا اكتظ بنحو 12 ألف مدني لجأوا إليه وجلين، وقال كير إن القوات الحكومية عادت إلى بور بعدما فقدت السيطرة على المدينة، وقال للصحفيين في مكتبه في جوبا "استردت القوات الموالية للحكومة بور وتعكف الآن على تطهيرها من أي قوات باقية هناك"، ورغم إعلان الرجلين أنهما منفتحان بخصوص الحوار قال مشار إنه لن يتفاوض إلا إذا أفرج عن حلفائه السياسيين المعتقلين وهو أمر سارعت الحكومة إلى رفضه، وقالت كاثرين آشتون مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي "أشعر بقلق بالغ من أن جنوب السودان يواجه خطر الانزلاق إلى كارثة لكل من شعبه وللمنطقة"، وأضافت "يمكن بل يجب تجنب مثل هذا الوضع". بحسب رويترز.

وحثت بيلاي الجانبين على حماية المدنيين قائلة إن الزعماء السياسيين والقادة العسكريين ربما يصبحون عرضة للمحاسبة على جرائم حرب، وقالت "تم توثيق إعدام جماعي خارج نطاق القانون واستهداف أفراد على أساس أعراقهم واحتجاز عشوائي في الأيام القليلة الماضية"، وتقاتل جنود الدنكا والنوير في ثكنة روبكونا العسكرية في قرية تقع خارج بنتيو مباشرة، وقال جو كونتريراس المتحدث باسم الأمم المتحدة في وقت لاحق إن 27 جنديا موالين لكير لجأوا إلى مجمع تابع للمنظمة الدولية بالقرب من بنتيو في أعقاب ذلك القتال، وألحق القتال الضرر بإنتاج النفط شريان حياة الحكومة التي تحصل على 98 في المئة من إيراداتها من الخام، وقال وزير النفط ستيفن ديو داو إن الإنتاج انحفض 45 ألف برميل يوميا إلى 200 ألف ب/ي بعد إغلاق حقول النفط في ولاية الوحدة بسبب الاشتباكات، وتسيطر قوات موالية لمشار على معظم أنحاء ولاية الوحدة لكن مسؤولين يقولون إن قوات الحكومة ما زالت تسيطر على حقول النفط وهي من المناطق التي تتمركز فيها أكبر كثافة للقوات العسكرية في البلد، ونفت حكومة جوبا المسؤولية عن المقبرة الجماعية في بنتيو وقالت في موقع تويتر للتواصل الاجتماعي على الإنترنت "تخضع بنتيو حاليا لسيطرة ريك مشار زعيم المتمردين، لا علاقة لنا بتلك المنطقة ولا بالقتل الجماعي في جنوب السودان".

 وذكر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن الأزمة أجبرت ما يقدر بزهاء 81 ألف شخص على النزوح من ديارهم لكن العدد الحقيقي ربما يكون أكبر، وذكرت هيلدا جونسون الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة أن من المرجح أن تزيد تقديرات سابقة لعدد القتلى بنحو 500 شخص في ثالث أيام الصراع الذي اندلع قبل عشرة أيام، وقالت للصحفيين في جوبا "يحتمل أن تكون الأعداد أكبر كثيرا من الحسابات الأولية لكننا لا نعلم"، ومن المقرر أن يصوت أعضاء مجلس الأمن الدولي في وقت لاحق على قرار بالموافقة على زيادة عدد أفراد قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جنوب السودان إلى نحو 11800 فرد من 6800 فرد في الوقت الحالي، وبات جنوب السودان مهددا بالانهيار بعد عامين لا أكثر من انفصاله عن السودان عام 2011 بموجب اتفاقية سلام أنهت حربا استمرت عشرات السنين.

تنمر متمردين

من جانبها سيطرت قوات متمردة موالية لنائب رئيس جنوب السودان السابق رياك مشار الفار بعد اتهامه بمحاولة انقلاب، على مدينة بور (200 كلم شمال جوبا) وفق ما اعلن جيش جنوب السودان، وصرح المتحدث باسم جيش جنوب السودان فيليب اغير ان "جنودنا فقدوا السيطرة على بور لحساب قوات ريك مشار في وقت متاخر"، مضيفا ان المعارك ما زالت متواصلة في عاصمة ولاية جونقلي (شرق) المضطربة، واضاف الكولونيل اغير "جرى اطلاق رصاص خلال الليل لم تردنا معلومات حول الخسائر او النازحين في البلدة لان العمليات (العسكرية) لا تزال متواصلة"، واتهم رئيس جنوب السودان سلفا كير زعيم الميليشيا بيتر غاديت بانه هاجم بور من دون ان يتمكن من السيطرة عليها وذلك لحساب ريك مشار، وقال اغير ان قوات غاديت تواجه الجيش في الاحراش خارج بور، وقد تمرد بيتر غاديت الذي انقلب مرارا على زملائه خلال الحرب الاهلية السودانية بين 1983 و2005 التي انتهت باستقلال جنوب السودان عن السودان في 2011، على السلطات في 2011 قبل ان يوافق على عفو من الرئيس سلفا كير والتوقيع على وقف اطلاق النار، وفي موازاة ذلك اعيد الامن في جوبا عاصمة البلاد حيث تواجهت فصائل متناحرة، وقال فيليب اغير ان "الوضع في جوبا عاد الى طبيعته والشوارع باتت مكتظة وفتحت المحلات التجارية"، موضحا ان المعارك اسفرت عن سقوط "نحو 450 قتيل"، مئة منهم تقريبا من الجنود والبقية من المدنيين، ذكرت بعثة الامم المتحدة في جنوب السودان ان "القتال أجبر الآلاف من المدنيين على اللجوء الى قواعدها في بور".

 وفي الوقت نفسه، اعيد الأمن الى العاصمة جوبا حيث وقعت اشتباكات بين فصائل متناحرة من الجيش، ورغم ان الاوضاع في بقية البلاد ليست واضحة الا ان بعثة الامم المتحدة اشارت الخميس الى انها "تأوي حاليا مدنيين في قواعدها في خمس من ولايات " البلاد العشرة، من دون ان يحدد ما اذا كان هناك قتال في المناطق الاستوائية الوسطى (حيث تقع جوبا) وجونقلي وولاية البحيرات (وسط) وواراب (شمال) وبحر الغزال الشمالي (شمال غرب) ومناطق الشمال حيث منابع النفط، واوضحت البعثة في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" ان "بعض عمال النفط لجأوا الى احدى قواعدها في بانتيو" عاصمة ولاية الوحدة، الواقعة على الحدود مع السودان، ولم تتوفر اي معلومات بشأن تأثير هذه الاوضاع على انتاج النفط الذي يشكل نحو 98 بالمائة من عائدات البلاد، ونسب الرئيس سلفا كير سبب المعارك الى محاولة انقلاب نفذها خصمه السياسي ونائب الرئيس السابق ريك مشار مع قوات موالية له، وقد اعلن مشار الذي اقيل في تموز/يوليو من نيابة الرئاسة والذي كان يعارض صراحة سلفا كير داخل الحزب الحاكم، عزمه على الترشح ضده في الانتخابات الرئاسية في 2015 ونفى في حديث مع موقع مستقل، اي محاولة انقلاب، واتهم كير بانه وجد ذريعة للتخلص من خصومه الذين يطعنون في سلطته.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 31/كانون الأول/2013 - 27/صفر/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م