قال محافظ الأنبار أحمد الذيابي، إنه سيقصم ظهر كل من يجرؤ على
تشكيل قوة موازية لقوات الأمن الرسمية العاملة في الأنبار، وهو خلاف
ماكان متوقعا منه بعد أن كانت ساحات الإعتصام في المدينة تعّول كثيرا
على تغيير مجلس المحافظة السابق، وصار واضحا للجميع إن الخلف سيكون
جزءا من ساحة إعتصام الرمادي بعد فترة من الجمود، ورفض المعتصمين لكل
سلوكيات المحافظ السابق وأعضاء المجلس المنفرط، المفاجأة كانت في سلوك
المحافظ الجديد الذي أدلى بتصريحات قاسية فاجئت المعتصمين والسياسيين
الداعمين للإعتصام وطروحات تشكيل ماسمي (جيش العزة والكرامة).
كل تلك التصريحات وردود الفعل والهستيريا المتصاعدة تلك تمثل نوعا
من الخوف بدأ يتصاعد مع تفجير عدد من الجسور الرابطة بين مناطق
المحافظة، والتي تمثل حلقة الوصل بين الصحراء والمناطق الحضرية، وهو
مافسر على إنه تعطيل لحركة القوات التي يمكن أن تتحرك جهة معاقل مسلحي
القاعدة الذين تحولوا الى هجين من مجموعات (داعش، النصرة) وجبهات
متعددة كالتي ظهرت ونمت في العراق منذ 2003 وحتى اللحظة، وهي تعمل
لأهداف مشتركة لكنها تختلف ربما في الرؤية وتتقاطع في بعض المصالح دون
أن تنس أن ترفع شعار (ضد الغرب وأمريكا وعملائهما في المنطقة).
هل عادت القاعدة؟ بل هل كانت ذهبت لتعود؟ يبدو الحديث في مثل هذه
الفكرة ضربا من الترف غير المبرر مع وجود آلاف من المواطنين يؤمنون
بفكر القاعدة وأخواتها، كما يحلو للبعض أن يطلق من تسميات، مطابقة
للوصف الذي قلناه والمتعلق بهدف وغاية واحدة من العمل الجهادي الذي
تتبناه عديد التنظيمات المنتشرة في المنطقة العربية وعموم الشرق، بل
وفي كل العالم، فالقاعدة في العراق تعمل بإنتظام منذ تسعينيات القرن
الماضي، وقبيل الدخول الأمريكي للعراق في العام 2003 وهي ناشطة في
عمليات منسقة لتدمير أهداف حيوية تجد ضرورة في تدميرها لتمرير مخططاتها
الرامية لإنشاء إمارتها الإسلامية المزعومة كما تريد لها اليوم في
مناطق من غرب العراق وشرق ووسط سوريا.
لايمكن وقف القاعدة ومن يتحالف معها وردعهم سوى بطريقة موائمة
والتفكير مليا بتحصين الحدود ودعم القوات بالذخيرة اللازمة وتوفير دعم
الطيران الحربي وبالمعلومات التي لايمكن الإستغناء عنها أبدا لتطويق
المتمردين المتشددين والباحثين عن فرص الوصول الى الاهداف وتدميرها،
أما التصريحات المتبادلة وإلقاء التهم على بعض فهي مجرد مادة إعلامية
رخيصة وغير منتجة، خاصة وإن محافظ المدينة أشار بإصبع اللوم الى
المعتصمين والسياسيين الذين يستغلهم وبعض وسائل الإعلام التي يرى إنها
تدعم الحراك الذي يوفر البيئة الحاضنة للتطرف مع تصاعد الخطاب الديني
المتشدد والرافض للحلول إلا على مقاس بعينه، وهو المقاس الذي يتوفر ضده
في الجانب الآخر ولدى طرف الصراع الثاني. |