الفساد في العالم... شرعنة الجريمة بغطاء حكومي

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: يتخذ الفساد اشكال وصورة متعددة، اخطرها على الدولة والمجتمع وأكثرها دماراً وتأثيراً، الفساد الحكومي، الذي غالباً ما يتخذ شكلاً قانونياً تضفيه طبيعة السلطة الفاسدة والقوة التي يتمتع بها، كما وتمنحه حصانة "مقدسة" تبعده عن الشبهات والتحقيق والملاحقة القضائية، ويكون الفساد الحكومي او "السلطوي" مبني على أساس هرمي، قاعدته كبار الموظفين الحكوميين (بعد ان يتم استبعاد ذوي الخبرة والنزاهة بالفصل او السجن او التصفية الجسدية) وسماسرة الفساد في الداخل والخارج (اللذين غالباً ما يكونوا مرتبطين بشبكات ومافيا الفساد العالمي)، ورائس الهرم قادة الدول ونوابهم، إضافة الى الحاشية من الاقرباء والمقربين وغيرهم.

ضعف مؤسسات الدولة ووهنها قد يكون سببا اخر لانتشار الفساد داخل الدول، وهذا ما حدث في العراق وبعض دول الربيع العربي، حيث غطاء السلطة والقانون الفضفاض يسع الفاسدين وصفقاتهم المشبوهة، ويمرر المفسدين ويوصلهم الى اعلى المناصب الحكومية ويمنحهم الحصانة والوقاية من دون رقيب او حسيب، وطبعاً تكون النتيجة حصد أموال طائلة من سرقة مشاريع خدمية او استثمارية خاصة بالشعب والهروب بها الى دول اجنبية لاستثمارها من جديد لتكون الجريمة مضاعفة. كما نرى ذلك في التقرير الآتي.    

الدول الاكثر فسادا

فقد صنفت منظمة الشفافية الدولية السودان وليبيا والعراق وسوريا واليمن بين الدول الاكثر فسادا في العالم فيما اعتبرت الدنمارك ونيوزيلندا الدولتين الاقل فسادا، في دليلها السنوي الصادر مؤخراً، وبحسب هذا التصنيف فان الدول الاكثر فسادا هي الصومال وكوريا الشمالية وأفغانستان، واعتبرت المنظمة التي تتخذ مقرا لها في برلين ان حوالى 70% من دول العالم تطرح "مشكلة جدية" على صعيد تفشي الفساد بين موظفي اداراتها الرسمية، بدون ان تمنح ايا من البلدان ال177 التي تناولتها في تقريرها عام 2013 التصنيف الأفضل، وتعد هذه المنظمة غير الحكومية كل سنة دليلا لانتشار الفساد بين الاحزاب السياسية والشرطة والنظام القضائي والخدمات العامة في جميع البلدان، وهو ما يقوض النمو ويعيق مكافحة الفقر، وعلق احد باحثي منظمة الشفافية فين هاينريش ان "الفساد يطاول الفقراء بصورة خاصة"، وتابع "ما يتبين من خلال التصنيف هو ان الدول الاكثر فسادا هي الدول الاكثر فقرا وانه في هذه الدول الاكثر فقرا، فان الاقل ثراء هم الذين يعانون الاكثر من الفساد، هذه الدول لن تخرج اطلاقا من الفقر اذا لم تكافح الفساد"، وبين الدول التي سجلت اكبر تراجع في التصنيف عام 2013 سوريا حيث يدور نزاع دام وكذلك ليبيا ومالي اللتان شهدتا في السنوات الاخيرة نزاعات عسكرية كبرى، وقال هاينريش ان "الفساد غالبا ما يترافق مع تفكك بلد، وهو ما يمكن رؤيته في ليبيا وسوريا، البلدان اللذان سجلا اكبر تفاقم للفساد"، واضاف "اذا ما نظرتم الى الدول في اسفل التصنيف، سوف تجدون ايضا الصومال، انها دول حيث لا تعمل الحكومة بشكل فاعل ويضطر الناس للجوء الى جميع انواع الوسائل للحصول على خدمات وتامين قوتهم وبقائهم"، وفي افغانستان التي ستنسحب منها قوات الحلف الاطلسي العام المقبل بعد انتشار استمر اكثر من عقد "لم نسجل تقدما ملموسا" بحسب هاينريش. بحسب فرانس برس.

وبين الدول الاكثر فسادا ايضا كوريا الشمالية التي وصفها الباحث بانها "مجتمع توتاليتاري منغلق بشكل كامل على نفسه" حيث يروي الفارون منه ان المجاعة تزيد من حدة الفساد "لانكم بحاجة الى معرفة شخص فاسد داخل الحزب لتأمين سبل معيشتكم"، ومن بين الدول التي "حققت اكبر قدر من التحسن" ولو انطلاقا من ادنى المستويات، يذكر التقرير بورما حيث باشرت السلطات العسكرية الحاكمة عملية ادخال الديموقراطية وقد التزم هذا البلد الذي شهد اقبالا من المستثمرين باحترام قواعد الشفافية، وقال هاينريش "انه السبيل الوحيد الذي يسمح للبلدان بتفادي ما يعرف بـ"لعنة الموارد"، اي ان تكون الموارد متوافرة فقط لنخبة محدودة جدا" وهو بحسبه "وضع نيجيريا ودول اخرى مزدهرة بفضل ثروتها النفطية"، وحذرت رئيسة منظمة الشفافية الدولية الكندية اوغيت لابيل بان "جميع البلدان مهددة بالفساد، على جميع مستويات الحكومة، سواء حين يكون المطلوب تسليم رخصة محلية او عند تطبيق قوانين وتنظيمات"، وشددت المنظمة عل استحالة قياس الفساد بشكل دقيق لانه يمارس خلسة وبصورة غير شرعية، وتحدد منظمة الشفافية مؤشرها بناء على اراء خبراء في مسائل الفساد ضمن منظمات مثل البنك الدولي والبنك الافريقي للتنمية ومؤسسة برتلسمان الالمانية وغيرها، وتصنف البلدان على سلم يتدرج من صفر الى مئة، حيث يكون البلد المصنف بدرجة صفر الاكثر فسادا، ورأت المنظمة ان التصنيف الاخير "يرسم جدولا مثيرا للقلق" موضحة انه "ان كانت حفنة صغيرة من الدول تحقق نتيجة جيدة، الا ان ايا منها لا يصل الى العلامة الكاملة، واكثر من ثلثي البلدان تحصل على درجة دون الخمسين"، وبين الدول الاكثر فسادا بين الدرجتين 10 و19 العراق وسوريا وليبيا واليمن والسودان وجنوب السودان وتشاد وغينيا الاستوائية وغينيا بيساو وهايتي وتركمانستان واوزبكستان، وفي اعلى التصنيف بين الدرجتين 80 و89 نجد الدنمارك ونيوزيلندا ولوكسمبورغ وكندا واستراليا وهولندا وسويسرا وسنغافورة والنروج والسويد وفنلندا.

اما اسبانيا فقد تراجعت عشرة مراكز لتصبح في المركز الأربعين على مؤشر عالمي للفساد الرسمي وذلك بعد سلسلة فضائح في الحزب الحاكم والأسرة المالكة، وأضافت المنظمة أن اسبانيا هي ثاني أكبر خاسري النقاط على مؤشر الفساد لعام 2013، وكانت سوريا هي الخاسر الأكبر في ظل الحرب الأهلية الدائرة في البلاد، وتراجعت أيضا جامبيا ومالي وغينيا بيساو وليبيا، وأظهر الركود الاقتصادي الذي تعيشه اسبانيا منذ خمس سنوات والذي أجبرها على تطبيق إجراءات تقشف صارمة كيف أدت العلاقة بين السياسيين وأباطرة المقاولات إلى فقاعة عقارية كارثية، وأبلغ أمين الصندوق السابق للحزب الشعبي الحاكم في اسبانيا أحد القضاة أنه حول تبرعات نقدية من رجال أعمال في قطاع التشييد إلى جيوب قادة بالحزب وتبين أن لديه 48 مليون يورو بحسابات مصرفية في سويسرا، ووجهت السلطات هذا العام أيضا إلى إيناكي أوردانجارين صهر ملك اسبانيا اتهامات بالاستيلاء على ستة ملايين يورو من المال العام، وقالت آن كوخ مديرة إدارة أوروبا وآسيا الوسطى في منظمة الشفافية الدولية "ما فعلته الأزمة الاقتصادية هي أنها سمحت بمزيد من النقاش العام عن مشكلة الفساد، زاد فضح الفساد وهذا يؤثر على الصورة، في اسبانيا وجهت أصابع الاتهام إلى شتى القطاعات، السياسيين والأسرة المالكة والشركات في الوقت الذي تعاني فيه البلاد معاناة شديدة"، وظلت اليونان الدولة الأكثر فسادا في الاتحاد الأوروبي بحسب تصنيف المنظمة لكن صعودها أربع نقاط إلى 40 نقطة ساعدها على الوصول إلى المركز الثمانين بعد أن كانت في المركز الرابع والتسعين في العام الماضي، وبين الاقتصادات العالمية الكبرى جاءت الولايات المتحدة في المركز التاسع عشر والصين في المركز الثمانين دون تغير عن العام الماضي، وتحسن تصنيف روسيا قليلا لتأتي في المركز السابع والعشرين بعد المئة بعد أن كانت في المركز الثالث والثلاثين بعد المئة، وتراجعت اليابان مركزا واحدا لتصبح في المركز الثامن عشر.

الدول النامية

فيما قالت منظمة النزاهة المالية العالمية في تقرير لها إن الدول النامية خسرت حوالي تريليون دولار بسبب الاحتيال والفساد والصفقات التجارية المشبوهة في 2011 وهو ما يتجاوز حجم المساعدات الأجنبية التي تلقتها وأضافت أن تدفقات الأموال غير المشروعة من الدول الناشئة تتسارع، وقالت المنظمة التي مقرها واشنطن إن الأموال غير المشروعة التي غادرت 150 دولة نامية بلغت 946.7 مليار دولار في 2011 بارتفاع 13.7 بالمئة عن العام السابق وهو أكبر مبلغ منذ عشر سنوات، ويعني هذا أنه مقابل كل دولار من مساعدات التنمية الأجنبية التي تذهب للدول النامية تضيع عشرة دولارات عبر تدفقات الأموال القذرة، وقال ريموند بيكر مدير المنظمة "مع تعثر الاقتصاد العالمي في أعقاب الأزمة المالية العالمية يزدهر عالم الجريمة السري ويحرم الدول النامية من مزيد من الأموال كل عام"، واستحوذت هذه القضية على اهتمام زعماء مجموعة العشرين الذين يجاهدون لاصلاح اقتصاداتهم بعد أزمة الركود في 2008-2009 ويواجهون فجوة متزايدة بين الأغنياء والفقراء ويكافحون التهرب الضريبي والشركات التي تستخدم في غسل الأموال وإخفاء الثروات غير المشروعة، وشهدت منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا أسرع زيادة في الأموال القذرة التي تدرها الصفقات غير المشروعة والجريمة والفساد، وارتفعت التدفقات غير المشروعة من دول المنطقة 31.5 بالمئة بين 2002 و2011 وهو العقد الذي أسهم في تفجر انتفاضات الربيع العربي، وجاءت في المرتبة الثانية منطقة افريقيا جنوبي الصحراء بزيادة 20.2 بالمئة على مدى العشر سنوات المنتهية في 2011 وهي أحدث فترة تتوفر بياناتها، وأشار التقرير إلى أن آسيا خسرت أكبر حجم من الأموال وبلغت نسبتها 40 بالمئة من 5.9 تريليون دولار من التدفقات المالية غير المشروعة من دول العالم النامي في فترة العشر سنوات وخسرت الصين 1.08 تريليون دولار لتتحمل نصيب الأسد من الخسائر. بحسب رويترز.

اوروبا الشرقية

الى ذلك حذرت وزارة الخارجية الأميركية من ان الفساد يهدد بعض الديموقراطيات في اوروبا الوسطى والشرقية، داعية هذه البلدان مثل اوكرانيا او البوسنة والهرسك للانضمام الى الاتحاد الأوروبي، وقالت المساعدة الجديدة لوزير الخارجية للشؤون الاوروبية فيكتوريا نولاند "في وقت نبذل قصارى جهدنا لتجاوز الاحقاد القديمة وانجاز الخريطة الديموقراطية لاوروبا، يتعين علينا ان نقضي ايضا على سم آخر يهدد كثيرا من الديموقراطيات الاوروبية الفتية وهو الفساد"، واضافت نولاند في كلمة في مركز "المجلس الاطلسي" للبحوث في واشنطن ان "ثقة الشعوب بحكوماتها المنتخبة تتآكل في اوروبا الوسطى والشرقية لأن الناخبين يعتقدون ان قادتهم يهتمون اولا بمصالحهم الخاصة قبل مصالح الشعوب"، وتابعة ان "الفساد يقتل بطريقة خبيثة الاحلام الديموقراطية"، مؤكدة ان "نوعية الديموقراطية ودولة القانون في اوروبا واوراسيا تشهد تفاوتا عميقا"، وطرحت مثالا على ذلك "اللحظة التاريخية" التي تواجهها اوكرانيا ومولدافيا وجورجيا التي ستوقع اتفاق شراكة مع الاتحاد الاوروبي خلال قمة الشراكة الشرقية للاتحاد الاوروبي في فيلنيوس في 28 و29 تشرين الثاني/نوفمبر، واكدت اكبر مسؤولة اميركية للشؤون الاوروبية التي كانت سفيرة للولايات المتحدة في حلف شمال الاطلسي في بروكسل قبل ان تصبح ناطقة باسم وزارة الخارجية ان "الولايات المتحدة ترحب بالخيار الاوروبي لهذه الامم الثلاث"، لكن كييف ابتعدت مؤخراً عن اتفاق الشراكة مع الاتحاد الاوروبي لانها لم تتخذ اي قرار يسمح بسفر المعارضة المسجونة يوليا تيموشينكو وما زال الاوروبيون يأملون في صدوره، وقالت نولاند "نضم اصواتنا الى اصوات الاتحاد الاوروبي ليقوم القادة الاوكرانيون بخيار صحيح وتاريخي لمواطنيهم ال45 مليونا"، كما حيت صربيا وكوسوفو على سيرهما "باتجاه مصالحة" ودعتهما الى "الانضمام بالكامل الى البنى الاوروبية"، في المقابل، حذرت نولاند الكيانين الصربي والكرواتي المسلم اللذان يشكلان البوسنة والهرسك، وقالت "اذا واصل هؤلاء القادة عرقلة مسيرة بلدهم باتجاه الاتحاد الاوروبي، فيفترض ان يعيد شركاء البوسنة وبينهم الولايات المتحدة، اعادة النظر في رؤيتهم"، وكانت وزيرة الخارجية الاميركية السابقة هيلاري كلينتون زارت البلقان في تشرين الاول/اكتوبر 2012 لدفع دول المنطقة الى الانضمام الى الاتحاد الاوروبي والحلف الاطلسي.

رؤساء الدول

من جهة اخرى استمع شرطيون فرنسيون يحققون في اتهامات بتمويل نظام معمر القذافي لحملة نيكولا ساركوزي في 2007، نهاية تشرين الاول/اكتوبر الى المحامي التونسي محمد بكار، بحسب ما اعلنت مصادر متطابقة، واكد بكار ومصدر قريب من الملف الاستماع الى المحامي الذي تحدث خصوصا عما جاء لدى مثول رئيس الوزراء الليبي الاسبق البغدادي المحمودي امام محكمة الاستئناف بالعاصممة التونسية في 25 تشرين الاول/اكتوبر 2011 التي نظرت موضوع تسليمه الى السلطات الليبية، وقال المحامي التونسي "في حدود ما تسمح به سرية الاجراءات يمكنني ان اقول لكم" ان البغدادي المحمودي "اجاب بنعم على سؤال" هل لديه علم بتمويل خفي لحملة ساركوزي؟ في 25 تشرين الاول/اكتوبر 2011، وكانت القناة الفرنسية الخاصة ام-6 كشفت الجمعة محضرا عن هذه الجلسة وهو عبارة عن وثيقة اكد مصدر قضائي تونسي واشير فيها الى الحملة الانتخابية لساركوزي في 2007، وجاء في الوثيقة "لدى سؤاله عن تورطه في تمويل الحملة الانتخابية لساركوزي، رد (المحمودي) بالايجاب"، ومن دون ان يقدموا هذه الوثيقة التي طلبها القضاء الفرنسي منذ اشهر، كان محامون تونسيون عن المحمودي وجهوا هذه التهمة في السابق التي نفاها حينها مستشاره الفرنسي المحامي مارسيل سيكالدي، ومنذ ذلك التاريخ سجلت عدة شهادات متناقضة من مسوؤلين سابقين في نظام القذافي، ولم يتحدث البغدادي المحمودي المسجون حاليا في ليبيا مباشرة عن هذا الموضوع، وقال فريق الدفاع الفرنسي "يجب لزوم الحذر" موضحا انه "لم يثر هذا الامر ابدا مع موكله" وان المحامي "بكار لم يعد ضمن مستشاري" المحمودي "منذ اكثر من عام"، واضاف "لقد طلبنا كثيرا هذه الوثيقة عن جلسة الاستماع (للمحمودي في تونس) التي قيل لنا انها غير موجودة وانه يتعين التاكد من صحتها" ان وجدت، ويحقق قضاة باريسيون وشرطيون في هذه الاتهامات بتمويل خفي لحملة ساركوزي الانتخابية في 2007 خصوصا من رجل الاعمال الفرنسي اللبناني زياد تقي الدين، وكان موقع ميديا بارت الفرنسي نشر قبل ايام من الدور الثاني للانتخابات الرئاسية في ايار/مايو 2012 وثيقة نسبت الى مسؤول ليبي كبير سابق اكد فيها ان نظام القذافي قبل تمويل حملة ساركوزي في 2007 بما قيمته "50 مليون يورو".

في سياق اخر قالت الحكومة السويسرية ان سويسرا ستمدد تجميد أرصدة يحتفظ بها رئيسا مصر وتونس السابقان لثلاث سنوات أخرى لمنح البلدين مهلة للتحقيق في مصدر هذه الأموال، وتم تجميد نحو 700 مليون فرنك سويسري للرئيس المصري الأسبق حسني مبارك و60 مليون فرنك للرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي منذ الاطاحة بالرئيسين في مطلع عام 2011، وقالت الحكومة في بيان ان تحقيقات جنائية في مصدر هذه الأرصدة لم تحقق تقدما كافيا للسماح لسويسرا برفع التجميد الذي يفرض لثلاث سنوات، وأضافت الحكومة "يستهدف (التمديد) منح التحقيقات في تونس ومصر مزيدا من الوقت مع الأخذ في الاعتبار التحول السياسي في البلدين"، وكان النائب العام المصري المستشار هشام بركات قد طلب من المجلس الفدرالي السويسري مد فترة تجميد الارصدة الخاصة بمبارك وعدد من رموز نظامه لمدة ثلاث سنوات اخرى حتى انتهاء التحقيقات الجنائية في مصر حول مصادر هذه الارصدة.

فيما تظاهر مئات الرومانيين في بوخارست احتجاجا على إقرار مشروع قانون في البرلمان يوسع الحصانة من الاتهام بالفساد التي يتمتع بها أعضاؤه، ويقضي مشروع القانون بعدم التحقيق مع النواب في مزاعم الفساد المرتبطة بوظائفهم العامة - مثل استغلال النفوذ أو تعارض المصالح - نتيجة تغير وضعهم، وأثارت تعديلات القانون التي أقرت في وقت قياسي ودون مناقشة تذكر انتقادات حادة من رئيس الجمهورية وساسة المعارضة والجماعات الناشطة في الدفاع عن الديمقراطية والدبلوماسيين الغربيين لتقويضها حكم القانون، وكان من المقرر كذلك ان يجري البرلمان هذا الاسبوع تصويتا على مشروع قانون يعفي بعض الساسة المحكوم عليهم بالسجن بتهمة الفساد من السجن الفعلي لكن المشروع قد يسحب بعد ان تعرض لانتقادات علنية، وتجمع زهاء 600 متظاهر في وسط بوخارست مرددين هتافات وحاملين لافتات كتب عليها "البرلمان المجرم يهرب من المحكمة"، وكانت المعارضة قالت انها ستطعن في القانون امام المحكمة الدستورية وقال الرئيس ترايان باسيسكو إنه لن يوقع مشروع القانون وسيعيده الى البرلمان.

وفي قضية أخرى بدأت محاكمة تسعة من مسؤولي الحكومة والقطاع الخاص في سلطنة عمان بتهمة دفع رشى أو تقاضيها في إطار حملة على الفساد في قطاع النفط وغيره من القطاعات ذات الصلة في السلطنة، ويمثل الفساد قضية حساسة سياسيا في سلطنة عمان التي شهدت احتجاجات متقطعة في الشوارع اعتراضا على الفساد والبطالة عام 2011 حين اجتاحت الاضطرابات السياسية دولا عربية أخرى، ووجهت التهم التي يتعلق معظمها بمشروعات للبنية الأساسية في ست محاكمات، ونفى المتهمون التسعة التهم المنسوبة إليهم حين مثلوا أمام المحكمة الابتدائية في مسقط، ويواجه ثمانية أشخاص من بينهم مسؤولون حاليون وسابقون تهما مماثلة في أربع محاكمات أخرى بدأت في الأسابيع الستة الأخيرة، وأجلت الجلسات بعد أن طلب محامو الدفاع وقتا للاطلاع على الأدلة التي قدمها الادعاء، ومن بين المتهمين في قضايا قاسم الشيزاوي مدير عام الموانئ في وزارة النقل والاتصالات الذي يتهمه الادعاء بتقاضي رشوة من اثنين من المسؤولين التنفيذيين في شركة اتحاد المقاولين العمانية لتسهيل عدة مشروعات، وفي قضية ثانية اتهم الادعاء أحد المسؤولين الاثنين في شركة اتحاد المقاولين العمانية بدفع رشوة للرئيس التنفيذي السابق لشركة مصفاة نفط عمان عادل الكندي لتسهيل عمليات شركة المقاولات، وقال مسؤول بشركة النفط العمانية للمصافي والصناعات البترولية التي تملك أصول مصفاة نفط عمان حاليا لرويترز إن الإدارة الحالية ليس لديها تفاصيل بخصوص القضية، وفي قضية ثالثة اتهم الادعاء مسؤولا بشركة لارسن آند توبرو عمان التابعة لشركة لارسن آند توبرو الهندية للخدمات الهندسية بدفع رشوة لمدير في شركة الغاز العمانية، وقال يوسف العجيلي الرئيس التنفيذي لشركة الغاز العمانية إنه ليس لديه أي تعليق على القضايا مضيفا أن الموضوع في يد القضاء، ولم يتسن الحصول على تعليق من متحدث باسم شركة لارسن آند توبرو عمان.

رجال الأعمال

من جهته اتهم الادعاء البريطاني رجل الأعمال فيكتور دحدلة ومقره لندن بدفع أموال بشكل غير قانوني بلغت 40 مليون جنيه استرليني (63 مليون دولار) للرئيس السابق والمدير التنفيذي لشركة الومنيوم بحرينية لضمان الحصول على عقود تزيد قيمتها على ثلاثة مليارات دولار لشركات من بينها شركة الكوا الامريكية، ودفع دحدلة (70 عاما) الذي يحمل الجنسيتين البريطانية والكندية ببراءته من سبع تهم بالفساد وتهمة بنقل ممتلكات تم الحصول عليها بشكل يخالف القانون وجهها له المكتب البريطاني لمكافحة الاحتيال، وهذه القضية لها أهمية خاصة بالنسبة للمكتب البريطاني بعد ان خسر قضايا أخرى ونظرا لحجم الاتهامات، كما تجيء اتهامات الفساد في مستويات عليا في البحرين في الفترة بين عام 1998 وعام 2006 في وقت حساس بالنسبة للمملكة الخليجية التي تحكمها أسرة سنية وتشهد احتجاجات متفرقة من جانب الاغلبية الشيعية، ولم يعلق محامي دحدلة ومن المقرر ان يقدم دفاعه في وقت لاحق من المحاكمة، وقال المدعي فيليب شيرز لهيئة المحلفين إن هيئة الدفاع عن دحدلة ستقول إن هذه الاموال دفعت في اطار نظام "الكفالة" المطبق في البحرين، واستطرد "هذه قضية فساد، وسنبين انه فساد على نطاق واسع جدا، الفائدة التي عادت على السيد دحدلة هائلة"، ورجل الاعمال متهم بجني مئات الملايين من الدولارات من خلال عمله كوسيط بين رئيس ألمنيوم البحرين (ألبا) آنذاك - وهو من الاسرة الحاكمة في البحرين - وعدد من الشركات الموردة من بينها الكوا الامريكية، ولم تتهم الكوا بارتكاب أي مخالفات وهي ليست طرفا في القضية، وقالت متحدثة باسم الشركة في رسالة بالبريد الالكتروني إن الشركة لن تعلق، وقال الادعاء إن دحدلة دفع 38.8 مليون جنيه استرليني للرئيس السابق للشركة البحرينية الشيخ عيسى بن علي آل خليفة كما ذكر الادعاء ان بروس هول الاسترالي الجنسية الذي كان مديرا تنفيذيا لالبا من عام 2001 الى عام 2005 حصل على نحو ثلاثة ملايين جنيه إسترليني. بحسب رويترز.

وكشف الادعاء أن هول اعترف بتهمة التآمر من أجل الفساد الموجهة له وأقر باشتراكه في مؤامرة اجرامية مع الشيخ عيسى ودحدلة وانه سيكون أول شاهد يستدعيه الادعاء في القضية، وأوضح شيرز ان بريطانيا لم تبرم مع البحرين معاهدة تسليم المطلوبين ومن ثم لا توجد طريقة لاجبار الشيخ عيسى على المثول امام المحكمة، ويرد اسم الشيخ عيسى في القضية كمتواطيء للتآمر مع دحدلة في التهمة الاولى في صحيفة الاتهام وهي التهمة الرئيسية بالتآمر للفساد، كما يرد اسمه في التهمتين الثانية والثالثة والرابعة كمتلق لاموال دفعها دحدلة بشكل غير قانوني، وقال الادعاء إن دحدلة لا ينكر تقديم تلك الاموال للشيخ عيسى وهول لكنه يقول إنها شكل من اشكال "الكفالة الحكومية" أو الضريبة وهو عرف سائد ومطبق في البحرين، وأوضح شيرز ان حكومة البحرين كان لها حصة نسبتها 77 في المئة في ألبا وقت حدوث هذه التهم، بينما كانت شركة سابك التي تديرها الحكومة السعودية تملك 20 في المئة والثلاثة في المئة المتبقية مملوكة لشركة ألمانية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 22/كانون الأول/2013 - 18/صفر/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م