سلامة اللغة.. مسؤولية بفخر

زاهر الزبيدي

 

لغتنا العربية عنوان من عناوين حضارتنا وطريقاً لسمو أرواحنا فحري بنا أن نحتفل بها كل يوم لا كل عام.. فمع تكاثر اللهجات العامية ودخول الألفاظ الغريبة عليها من الشرق والشمال تغيرت معالهما أو كادت أن تتغير.. وكل خوفنا أن تنزوي يوماً بعيداً عن أصالتها وتنكفيء مفرداتها الجميلة خلف ركام من الحروف المبهمة.

كل العالم يحتفل بلغاته ويعمل على تطويرها وإدامتها ويبدع في إيجاد اكثر السبل في الحفاظ على ديمومتها من الضياع وسط التخبط اللغوي الكبير والتداخل في المعاني والألفاظ ـ ولغتنا العربية لم تسلم من توقف عجلة الإبتكار والغزو العاميّ لها.. يقول جبران خليل جبران " إنما اللغة مظهر من مظاهر الابتكار في الأمة، أو ذاتها العامة، فإذا هجعت قوة الإبتكار توقف اللغة عن مسيرها، وفي الوقوف التقهقر وفي التقهقر الموت والإندثار".

أطفال عدة أراقبهم وهم يتابعون قنوات فضائية للأطفال تتكلم اللغة الفصحى ومنذ السنة الأولى كانوا مشدودين بشغف كبير لها حتى تشبعت في نفوسهم اللغة العربية بمفرداتها الجميلة وباتوا ينطقون بها بفصاحة عجيبة لدرجة أننا خشينا عليهم أن يصبحوا أضحوكة لأقرانهم في المدارس عندما يلتحقون بها، لقد كانت تلك فرصة كبيرة لكي يتعلم الأطفال لغتهم الحقيقية بعيداً عن اللهجات العامية وتكون لهم قاعدة قوية في فهمها والتفوق بها، في الوقت الذي يعاني فيه الكثيرون من طلبتنا من مادة اللغة العربية في المدارس حتى قاربوا على كرهها !، فماذا لو تم إستحداث قناة ضمن باقة العراقية الفضائية تخاطب عقول أطفالنا وتختص بمواضيع شتى تكون اللغة العربية أهم برامجها.

وفي اليوم العالمي للغة العربية الذي حددته اليونسكو ليكون في 18 من كل عام علينا أن نضع النقاط على الحروف ونبدع في الإبتكار للغتنا الجميلة ونحصن مفرداتها من المضي في طريق اللغات المظلم خوفاً من إنزوائها، وهي لغة يعلم الجميع أهميتها لنا حين أختارها الله "جل وعلا" لغة للقرآن الكريم مما يجعل لها قدسية ما تحتم علينا نحافظ عليها ونصون تلك القدسية.

لقد كتب جبران خليل جبران عن "مستقبل اللغة العربية" قائلاً " أن مستقبل اللغة العربية رهن قوّة الابتكار في مجموع الأمم التي تتكلمها، فإن لتلك الأمم ذات خاصّة أو وحدة معنويّة وإن قوّة الابتكار في تلك الذات إن استيقظت بعد نومها الطويل كان مستقبل اللغة العربية عظيمًا كماضيها، وإلا فلا ".

لنحاول في يوم لغتنا هذا أن نضع ستراتيجية البقاء والإبتكار لها والبحث في الوسائل التي تقربها بقواعدها كافة منا وابناءنا لتكون لغتنا العربية مستقبل عظيم كما كان ماضيها الجميل..

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 19/كانون الأول/2013 - 15/صفر/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م