عالم الآثار .. بين الإهمال والتنقيب عن اهتمام مجدد

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: الاثار سجل ينبض بالحياة، وشاهد لا يزول على حضارات ماضية، اغنت الأجيال الإنسانية في الشرق والغرب بمعين لا ينضب من الثقافة والابداع والرقي، وأصبحت ميدان تنافسي للباحثين عن فك شفرات الرموز المبهمة والالغاز المحيرة من لغة ورسوم واشكال هندسية وابنية وغيرها الكثير.

ان تنوع الاثار يدل على تنوع الحضارات، فالأشورية والسومرية في وادي الرافدين والفراعنة في وادي النيل والرومانية في اوربا والماورية في اسيا الوسطى والهند، تؤشر بوضوح على مناهل التطور والسعي الى التقدم في ثورة كبرى قام بها الانسان وتحدى من خلالها الطبيعة والزمن، وبذل الجهد ليصنع الامجاد.

في الوقت الحاضر أصبح الحفاظ على الاثار واجب انساني قبل ان يكون واجب وطني كونها ارث تشترك فيه الإنسانية جمعاء، فالتهريب والسرقة والإهمال والحروب، كلها عوامل تهدد زوال العديد منها، ويدق ناقوس الخطر، واستدعى الى تدخل العديد من المنظمات الدولية للحفاظ والمراقبة خصوصاً لتلك الاثار المهددة بالزوال. كما نرى ذلك في التقرير الآتي.

قلق اليونسكو على الاثار

فقد ابدت ايرينا بوكوفا رئيسة منظمة الامم المتحدة للتربية والعلم والثقافة(يونسكو) قلقها ازاء عمليات التنقيب غير القانونية عن الاثار في سوريا قائلة ان المنظمة حذرت صالات المزادات والمتاحف من هذه المشكلة، وقتل اكثر من 100 الف شخص في الحرب الاهلية الدائرة في سوريا منذ عامين ونصف والتي اجبرت الملايين على ترك منازلهم وتسببت في ازمة انسانية ضخمة، وبالإضافة الى القتلى وتدمير الممتلكات تقول اليونسكو ان التراث الثقافي السوري يتعرض لخطر متزايد، وقالت بوكوفا للصحفيين ان "اكبر مشكلة هناك بصرف النظرعن الدمار الذي رأيناه لمواقع التراث العالمي، هي عمليات التنقيب غير القانونية عن الاثار"، وتزور بوكوفا نيويورك لإلقاء كلمة امام اجتماع غير رسمي لمجلس الامن الدولي تستضيفه فرنسا وجواتيمالا بشأن حماية الصحفيين وهو امر قالت انه يثير قلقا متزايدا في سوريا ومناطق الصراع الاخرى في شتى انحاء العالم حيث يتم استهداف الصحفيين، ودعت مؤسسات اخبارية دولية في وقت سابق قادة جماعات المعارضة السورية المسلحة الى منع الجماعات المسلحة من خطف الصحفيين قائلة ان ان عشرات من عمليات الخطف ادت الى الحيلولة دون التغطية الاعلامية الكاملة للحرب، وفي فبراير شباط قال مأمون عبد الكريم رئيس هيئة الاثار والمتاحف السورية ان عمليات التنقيب غير القانونية عن الاثار تهدد المقابر في مدينة تدمر الصحراوية ومنطقة ايبلا التي تعود للعصر البرونزي، وقالت بوكوفا ان هذه المشكلة تزايدت، واضافت ان اليونسكو اثارت مشكلة التنقيب غير القانوني مع الاخضر الابراهيمي مبعوث الامم المتحدة للسلام في سوريا ومع نبيل العربي الامين العام للجامعة العربية، وقالت "عرضنا (عليهما) خريطة هذه المواقع غير القانونية اي عمليات التنقيب، وأضافت "اكثر ما يثير قلقنا حاليا هو اننا لا نعرف ما يحدث هناك وهو عمليات الاتجار والتصدير غير القانونية" للتحف، ولم تقل ما اذا كان المتورطون في عمليات التنقيب تلك لهم اي صلة بالرئيس السوري بشار الاسد او المعارضين المسلحين الذين يسعون لاسقاطه، وقالت "اي شخص بوسعه فعل ذلك"، ولم تكشف بوكوفا عن تفاصيل اماكن التنقيب غير القانوني عن الاثار في سوريا، ونشرت اليونسكو في سبتمبر ايلول "قائمة حمراء" لانواع التحف لاخطار المتاحف وهواة جمع التحف وصالات المزادات بالاثار التي يتعين عليها ترقبها من سوريا، وقالت بوكوفا ان تحفا سورية غير قانونية ظهرت في الاردن المجاور. بحسب رويترز.

من جهة أخرى أعلن مسؤول في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) في القاهرة أنه سيعد تقريرا مفصلا عن كنائس تاريخية ومتاحف مصرية تعرضت مؤخراً لأعمال تخريب تمهيدا لإسهام اليونسكو في ترميمها وإعادتها إلى ما كانت عليه، وتعرضت عشرات الكنائس التاريخية ومتحف ملوي في محافظة المنيا الجنوبية قبل نحو شهر لتخريب وتدمير على أيدي متطرفين عقب فض قوات الأمن المصرية اعتصامين بالقاهرة والجيزة لمؤيدي الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين والذي عزله الجيش في الثالث من يوليو تموز بعد احتجاجات حاشدة، وأدان المجلس الدولي للمتاحف (آيكوم) واليونسكو أعمال التخريب التي أتت على أغلب محتويات متحف ملوي وعددها نحو 1090 قطعة أثرية استعيد ما يقرب من نصفها بمبادرة من الأهالي، وقالت وزارة الدولة لشؤون الآثار في بيان إن الوزير محمد إبراهيم استقبل يوم الخميس بيير لابلود الخبير المعماري المفوض من قبل اليونسكو "لتقييم حالة الكنائس التاريخية ومتحف ملوي الذى تعرض للاعتداءات من قبل بعض الجماعات المتطرفة، لإعداد تقرير مفصل لرفعه إلى مسئولي المنظمة الدولية"، ونسب البيان إلى لابلود تشديده "على دعم منظمة اليونسكو الكامل وتوفير كافة الإمكانات المتاحة لإعادة المباني ذات الطابع التاريخي إلى ما كانت عليه وكذلك المساهمة في إعادة تأهيل متحف ملوي" في محافظة المنيا التي كانت مقرا لعاصمة مصر في عصر الملك اخناتون الملقب بفرعون التوحيد والذي حكم البلاد بين عامي 1379 و1362 قبل الميلاد.

انهيار جدران مدينة رومانية

الى ذلك أثار انهيار جدران في مدينة بومبي الرومانية القديمة مخاوف جديدة بشأن جهود إيطاليا للحفاظ على أحد أكثر الكنوز الاثرية في العالم والذي يتداعى الآن من الإهمال بعد ان صمد لألفي عام، وقال مسؤولون إن جزءا من جدار انهار في أحد شوارع بومبي الرئيسية بعد أسابيع من الأمطار الغزيرة والرياح. وسقط الجص أيضا من جدار مزين بالنقوش في بيت النافورة الصغيرة، ودفعت سلسلة انهيارات في بومبي على مدى الشهر الماضي وسائل الإعلام الإيطالية إلى وصف الشهر بأنه "نوفمبر الأسود" للمدينة القديمة التي دفنت في ثورة بركان في عام 79 ميلادية واعيد اكتشافها في القرن الثامن عشر لتكشف عن ملامح للحياة اليومية في العصور الرومانية، وأطلق الاتحاد الأوروبي مشروعا لترميم بومبي بتكلفة قدرها 105 ملايين يورو (140 مليون دولار) في فبراير شباط لكن مسؤولا في الموقع قال إن العمل بدأ بشكل جزئي فقط إذ لا يزال يجري تقييم عطاءات الشركات لمنح العقود، وفشل إعلان حالة الطواريء قبل خمس سنوات في وقف التدهور وسط مزاعم بأن الأموال تجد طريقها الي المافيا وتقارير عن سوء الادارة وعمليات نهب، وتسبب انهيار بيت المصارعين في غضب دولي في عام 2010، وأعربت الجمعية الوطنية لعلماء الآثار في ايطاليا عن "الأسف والغضب" إزاء الانهيار الأخير وانتقدت الحكومة لفشلها في تعيين شخص لقيادة عملية الترميم، وقالت في بيان "هذا تأخير غير مفهوم، إذا كانت الثقافة أولوية في إيطاليا فيجب أن نبدأ بمدينة بومبي التي تتعرض الآن لانهيارات مستمرة ناجمة أساسا عن غياب صيانة دورية"، وتأتي الانهيارات الجديدة في لحظة حرجة للحكومة التي اصدرت مرسوما في اكتوبر تشرين الاول لتحسين الوصول إلى المواقع التراثية في إيطاليا من أجل تنشيط الحركة السياحية، وأمر المرسوم بتعزيز العمل في مشروع ترميم بومبي وتعيين الشخص المسؤول عن قيادة أعمال الترميم، وردا على الانهيارات الأخيرة قال وزير الثقافة ماسيمو براي إن ذلك الشخص سيعين في غضون أسبوع، وقال براي في موقع تويتر "سيبدأ العمل بصيانة الجدار الذي تضرر رغم انه محدود الا انه يستدعي التدخل"، وسلطت وسائل الإعلام الإيطالية الضوء على التناقض بين إدارة بومبي ومعرض ناجح في المتحف البريطاني في لندن عن المدينة الاثرية ساعد على جذب أعداد قياسية من الزوار هذا العام، وبومبي أحد أبرز المقاصد السياحية في ايطاليا ويزورها أكثر من مليوني سائح سنويا. بحسب رويترز.

الاثار الفلسطينية

من جهته قال حمدان طه مسؤول الاثار في السلطة الفلسطينية "نجحنا خلال الفترة الماضية بالتعاون مع العديد من الجامعات الاجنبية وعلماء الاثار باعادة مجموعة من المواقع الاثرية الهامة الى الخارطة السياحية"، واضاف "من هذه المواقع على سبيل المثال تل بلاطة حيث تم افتتاحه امام السياحة بعد ثلاث سنوات من العمل مع جامعة لايدن الهولندية وبالتعاون مع منظمة الامم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) وبالشراكة مع المجتمع المحلي"، ويقع تل بلاطة الذي يعود تاريخه بحسب الدراسات الى الالف الثاني قبل الميلاد في الجنوب الشرقي من مركز مدينة نابلس وتم انشاء مركز للمعلومات ومتحف صغير فيه اضافة الى عمل لوحات تعريفية باقسامه، واوضح حمدان ان هذا المشروع حقق جملة من الاهداف وهي تطوير الموقع وتوفير الخدمات والبنية التحتية ومركز التفسير والاشارات ونشرات تعريفية الى جانب اعمال التنفيب المشتركة وتدريب الكوادر، واضاف "حاليا هناك حركة سياحية متنامية الى الموقع تصل الى 500 سائح في الشهر والموقع الان مفتوح بشكل تجريبي بدون تقاضي رسوم بهدف تعزيز استعادة دور هذا الموقع في الحركة السياحة"، ويأمل طه ان يساهم افتتاح هذه الموقع الذي يمثل مدينة نابلس القديمة "في تنمية السياحة في مدينة نابلس الى جانب مراكز الجذب السياحي مثل البلدة القديمة والاثار الرومانية المنتشرة فيها وموقع بئر يعقوب وجبلي جرزيم وعيبال"، واستعرض طه مجموعة من المواقع التي تم العمل فيها ومنها ما يجري ولاول مرة بالتعاون مع جامعة كيو اليابانية، وقال "احد المشاريع المشتركة الاولى من نوعها بين فلسطين واليابان تطوير ادارة الموارد الثقافية في قرية بتين شرق مدينة رام الله في اطار مشروع ما يعرف بالحديقة الاثرية يجري العمل فيه منذ سنتين وسيمتد لثلاثة اخرى"، واضاف "هذا الموقع معروف ولكن لم ينقب فيه، بدا العمل فيه بعمل، مسوحات اثرية وتم سرد الاثار الهامة فيه التي تتشكل بدرجة رئيسية من تل بتين القديم ونظام مائي يضم نبعا قديما وبركة مياه وقنوات والسلاسل والمدرجات الزراعية والمقابر القديمة"، واوضح طه "اننا نعمل على تهيئة المواقع ذات القابليات على التطوير السياحي لوضعها ضمن الخارطة السياحية بالاضافة الى المحافظة على المواقع الاثرية بغض النظر عن اهميتها للسياحة لانها تعتبر جزءا من الموارد الثقافية التي يجب الحفاظ عليها"، واضاف "هناك محاولة ربط دائم ما بين التدخلات الجارية في هذه المواقع وتطويرها سياحيا"، وتحدث طه عن مشروع مشترك فلسطيني امريكي ما بين دائرة الاثار وجامعة شيكاجو في قصر هشام في اريحا مما ادى الى الكشف عن جوانب مهمة في الموقع، ودعا طه "الى زيادة الموارد المخصصة لقطاع الاثار التي لا تزال محدودة ومتواضعة وما زال هناك اعتماد كبير على المشاريع الدولية ونامل ان نصل الى وضع تخصص فيه موارد اكبر لتنمية التراث الثقافي وايضا تطوير السياحة"، واضاف "فلسطين ما زالت تشكل عنصرا جاذبا للمؤسسات الدولية وعلماء الاثار وهذه احدى نقاط القوة في العمل الاثري الفلسطيني الدولي المشترك"، واوضح طه ان سياسة سلطة الاثار الفلسطينية قائمة على التعاون واحترام المصالح المشتركة، وقال "ربما كانت هذه السياسة جديدة في المنطقة، قامت على مبدأ التعاون المشترك وليس على مبدأ اعطاء الامتيازات"، واضاف "لم تعد هناك تصاريح تمنح للجهات الدولية واستبدلت باتفاقيات تعاون مشتركة تجدد سنويا بناء على خطة عمل مقرة من الطرفين"، وتعمل سلطة الاثار الفلسطينية بالتوازي مع تاهيل المواقع الاثرية على الترويج لها، وقال طه "هناك عمل مواكب للترويج السياحي للمواقع المطورة ووضعها على الخارطة السياحية، هذه المواقع تدرج ضمن برامج التنشيط، التي تقوم بها الوزارة بشكل دوري، من اجل توجيه الحركة السياحية اليها" مشيرا إلى عرض فيلم مدته عشر دقائق عن الموقع يشاهده الزوار قبل مزيارة الموقع السياحي، وتواجه سلطة الاثار تحديات اخرى في اعادة المواقع الاثرية الفلسطينية الى الخارطة السياحة ومنها ادراج اسرائيل لبعض هذه المواقع ضمن الرزمة السياحية الإسرائيلية، وقال طه "على ضوء قيام ملحق السياحة الاسرائيلي في روما بوضع مدينة بيت لحم في اطار الرزم السياحية الاسرائيلية تم التحرك على اكثر من صعيد لمواجهة ذلك"، واضاف " هذا عمل ارعن مخالف للقانون وايضا مخالف للاتفاقيات ولا ينم عن عدم اعتراف بالحقوق السياحية والثقافية وينظر اليه كاعتداء على الحقوق السياسية الفلسطينية"، وتابع "جهات اسرائيلية حتى الان ما زالت تروج بعض المواقع الموجودة في الاراضي الفلسطينية ضمن الرزم السياحية الاسرائيلية لا تقل خطرا عن موقع بيت لحم على راسها مدينة القدس بالاضافة الى تل فرديس وسبسيطة وقمران وغيرها".

آثار مهربة

من جهتها أعادت الكويت للعراق مؤخراً 44 قطعة اثار تم تهريبها الى الكويت وضبطت بواسطة سلطات الجمارك الكويتية تعود معظمها للعصر الاشوري وتضم اواني فخارية وتماثيل وحليا ذهبية، وتم التسليم بحضور الامين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والاداب علي اليوحة وسفير العراق في الكويت محمد بحر العلوم وبعثة اثار عراقية والمدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) في الكويت عبد اللطيف البعيجان، وسلمت القطع للجانب العراقي بمقر متحف الكويت الوطني، وقال الامين العام للمجلس الوطني الكويتي خلال التسليم "تسليم قطع الاثار للعراق جاء انطلاقا من التزام الكويت بحماية التراث العالمي حيث انها خرجت من العراق بطريقة غير مشروعة"، بينما قال السفير العراقي لدي الكويت "العراق يسعى مع دول الجوار لاستعادة الارث الحضاري حيث تم استعادة خمسة الاف قطعة مسجلة في المتحف الوطني العراقي من 15 الف قطعة تم تهريبها بعد عام 2003" وقدم الشكر للجانب الكويتي على جهوده في اعادة الاثار المنهوبة من العراق، وكان قطاع الاثار في الكويت قد ابلغ منظمة اليونسكو بالاثار العراقية في يونيو حزيران الماضي وجاء فريق من الخبراء لمعاينة الاثار والتأكد من انها قطع اصلية وغير مقلدة وتم ابلاغ هيئة الاثار العراقية لمعاينة القطع قبل استلامها، والقطع الاثرية تضم مجموعة من القطع الطينية عليها كتابة مسمارية واختام اسطوانية من الحجر والفخار وبعض الاواني الفخارية ورؤوس التماثيل والعملات المعدنية وبعض قطع الحلي الذهبية، ومن جانب اخر تسعى الكويت دائما لاستعادة بعض القطع الاثرية والممتلكات الثقافية التي نهبت من الكويت اثناء الغزو العراقي عام 1990 وقد استعادت بعضها وما زالت الجهود مستمرة لاستعادة المتبقي. بحسب رويترز.

في سياق ذي صلة وبعد أن أعاد أهالي محافظة المنيا الجنوبية مئات القطع الأثرية من متحف ملوي الذي سرقت محتوياته قبل أكثر من شهر أعلنت وزارة الدولة لشؤون الآثار القبض على مصري "للمرة الأولى" وبحوزته 13 قطعة من مسروقات المتحف أثناء بيعها في القاهرة، وكانت عشرات الكنائس التاريخية ومتحف ملوي في محافظة المنيا تعرضت لتخريب وتدمير على أيدي متطرفين عقب فض قوات الأمن المصرية اعتصامين بالقاهرة والجيزة لمؤيدي الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين والذي عزله الجيش في الثالث من يوليو تموز بعد احتجاجات حاشدة، وهذا اول شخص يتم القبض عليه منذ اقتحام المتحف في 14 اغسطس اب، وأدان المجلس الدولي للمتاحف (آيكوم) واليونسكو أعمال التخريب التي أتت على أغلب محتويات متحف ملوي وعددها نحو 1090 قطعة أثرية استعيد منها 457 قطعة بمبادرة من الأهالي، وزار مصر بيير لابلود الخبير المعماري المفوض من قبل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) وأعلن أنه سيعد تقريرا مفصلا عن كنائس تاريخية ومتاحف مصرية تعرضت لأعمال تخريب تمهيدا لإسهام اليونسكو في ترميمها وإعادتها إلى ما كانت عليه، وقالت وزارة الدولة لشؤون الآثار في بيان "تم القبض على شخص، من سكان مدينة ملوي" أثناء بيعه 13 قطعة من مسروقات المتحف في القاهرة، ومن القطع المضبوطة مجموعة من رؤوس التماثيل الفخارية والحجرية وتمثال "تحوت" إله الحكمة في مصر القديمة والذي ينسب إليه اختراع الكتابة قبل أكثر من ستة آلاف عام وتتخذه جامعة القاهرة شعارا لها.

اكتشافات اثرية

في سياق متصل ومع أنظمة لتحديد المواقع الجغرافية وأجهزة لقياس المسافات بالليزر وآلات مسح ضوئي ثلاثي الأبعاد، يسبر علماء آثار أغوار القنوات المائية المرفوعة في روما لإعداد خريطة عن هذه المعالم التي كانت تعد في غاية الأهمية في العصور القديمة، وتضم العاصمة الإيطالية 11 قناة مائية مرفوعة تمتد على مئات الكيلومترات. ولا تزال قناة واحدة منها لا غير قيد التشغيل تحت إدارة الشركة العامة المحيلة "آتشيا" التي تشرف على نقل المياه عبر قناة "آكوا فيرغو" إلى نافورة تريفي الشهيرة في وسط روما، وذلك على امتداد 20 كيلومترا، وقد قام عالم الآثار البريطاني توماس آشبي الذي تولى إدارة مدرسة روما البريطانية بين العامين 1906 و1925 برسم أول خريطة للقنوات المائية المرفوعة في روما، وقال ألفونسو دياز بوج العضو في جميعة "سوتيرانيي دي روما" التي تعمل على هذا المشروع بالتنسيق مع المديرية العامة للآثار في روما إن توماس آشبي "قد استبق عصره"، وهو أضاف أنه "جال في الريف وزار البلدات وأكشاك الطعام وتحدث مع المزارعين والصيادين، وهو لم يكتف بمسح الأراضي بل نجح أيضا في رسم خريطة إذ أنه كان يدرك خبايا الثقافة المحلية"، ولا يزال توقيع توماس آشبي واضحا على أحد جدران قناة "أكوا مارتشا" التي تمر في بلدة فيكوفارو بالقرب من تيفولي، والتوقيع محاط برسوم جدارية وأشعار يعود بعضها إلى القرن الثامن عشر تركها المارون على مر القرون، وحتى لو كانت هذه الخريطة تعتبر حديثة نسبيا بالمقارنة مع قدم هذه المعالم، فهي لم تعد اليوم تفي بالمطلوب، وقد قررت جمعية "سوتيرانيي دي روما" التي تكتسب شهرة دولية تحديث الخريطة مع التركيز على الآبار الجوفية، ويستكشف ألفونسو دياز بوج أغوار قسم محافظ عليه من قناة "أكوا كلاوديا" التي شيدت في العام 38 بعد الميلاد في عهد الإمبراطور الروماني كلاوديوس والتي باتت تقع اليوم وسط دير للرهبان الفرانسيسكان في فيكوفارو، ولا يخفي سعادته بالمشاركة في هذه الأبحاث، وهو يخبر "يمزج عملنا بين تقنيات علم الآثار البدائية والآلات العلمية الحديثة"، لافتا إلى أن هذه المعالم الصخرية "ليست بجمال التماثيل، لكنها بالقدر عينه من الاهمية"، وبحسب الباحثين، كانت سعة القنوات الإجمالية تتخطى في عهد الإمبراطورية الرومانية المليون متر مكعب في اليوم الواحد (أي نظريا أكثر من ألف ليتر لكل نسمة)، وقد دمر القوط الغربيون هذه المعالم الحيوية عندما هاجموا المدينة في العام 410، ومن الصعب الوصول إلى هذه القنوات، كما أن درجا لولبيا يعود لعصر النهضة يخبئ قناة "أكوا فيرغو"، ويشرح ريكاردو باولوتشي وهو عالم آثار متخصص في استكشاف المغاور أن "روما اتخذت هذا الشكل من جراء ثلاثة عوامل هي الطرقات والمياه والمجارير"، وهو يضيف أن "المياه أساسية للنظافة، وقليلة هي الأوبئة المسجلة في روما التي كانت تضم في ما مضى مليون نسمة"، ويعزى الفضل في ذلك إلى إرساء شبكة القنوات المائية المرفوعة وانتشار مبدأ الخدمات العامة في المجتمع الروماني خلافا لما هي الحال عليه اليوم، على حد قول عالم الآثار.

من جانب اخر كتشف علماء آثار من غواتيمالا وإسبانيا أول رسم جداري بتقنية "آفريسكو" معروف حتى اليوم يعود لحضارة المايا في القرن الثامن، وذلك في شمال غواتيميلا بالقرب من الحدود مع المكسيك، وشرحت الإسبانية كريستينا فيدال المديرة العلمية لموقع لا بلانكا الأثري حيث اكتشف الرسم أنه "أول رسم جداري" ينفذ بالتقنية المعروفة ب "آ فريسكو" والتي تقضي بإلرسم قبل ان تجف الطبقة الأولى من الاطلاء، يكتشف أنه يعود لحضارة المايا، ويقع موقع لا بلانكا الذي يضم قصرا تابعا لحضارة المايا في شمال غواتيمالا بالقرب من الحدود مع بيليز والمكسيك، ومنذ العام 2004، يعمل خبراء من جامعات إسبانية ومن المدرسة التقنية في فالنسيا وجامعة سان كارلوس في غواتيمالا على ترميم هذا الموقع الأثري، ويظهر هذا الرسم الذي نفذ على جدار يقع في جزء من القصر شيد خلال الحقبة الممتدة بين العامين 600 و 900 بعد الميلاد "حدثا تاريخيا تقدم خلاله الذبائح لشخصية مميزة" وتظهر فيه نساء ورجال واطفال وخدام، بحسب ما أوضحت كريستينا فيدال، ويذكر أن حضارة المايا بلغت ذروتها خلال الفترة الكلاسيكية (الممتدة بين العامين 250 و 900 بعد الميلاد) قبل أن تتراجع في الفترة ما بعد الكلاسيكية (الممتدة بين العامين 900 و 1200 بعد الميلاد)، وهي انتشرت على أراض شاسعة تشمل اليوم غواتيمالا والمكسيك والسلفادور وهندوراس.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 18/كانون الأول/2013 - 14/صفر/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م