الى روح الشهيدة الزميلة نورس النعيمي
تشير إحصائيات المنظمات المدافعة عن حرية التعبير الى تصاعد في حدة
الهجمات التي تستهدف الصحفيين في مدينة الموصل، وهي ثالث أكبر المدن
العراقية مع العاصمة بغداد والبصرة في الجنوب، وبحسب مؤشرات مرصد
الحريات الصحفية، فإن مدينة الموصل تعد الأخطر على الصحفيين، حيث شهدت
المدينة منذ الغزو الأمريكي للبلاد مقتل 49 صحفياً وإعلامياً من ضمنهم
الزميل علاء إدوارد الذي قتل على يد مسلحين مجهولين وهو الأخير الذي
قضى دون أن نضمن أن لاضحايا من بعده في الفترة المقبلة.
وبحسب المسح الذي أجراه مرصد الحريات الصحفية، الشهر الماضي، فإن
مايقرب من 40 صحفياً وإعلامياً قاموا بهجرة جماعية من المدينة، بعد
سلسلة الإغتيالات التي شهدتها المحافظة، حيث غادر 12 صحفياً البلاد
متوجهين إلى تركيا، فيما غادر 6 أخرون إلى إقليم كردستان، بينما توجه
مايقارب من 20 صحفياً الى الأقضية والنواحي والقرى الواقعة تحت سيطرة
إقليم كردستان، والتي تعدُ اكثر استقراراً. هناك من تحول الى مدن
عراقية يعدونها آمنة بالنسبة لهم.
مجلس محافظة الموصل الذي كان على الدوام في خصام مع المحافظ، الذي
كان بدوره خصما للقوى الأمنية لم يحرك ساكنا على الإطلاق وكأن الأمر
يجري في مكان آخر لا سلطة له عليه، بينما لم نسمع من المحافظ تصريحا
يشي بأنه على علم بالحوادث التي هتكت حرمة العمل الصحفي من قبل
الجماعات المسلحة والإرهابيين الذين يبدون وكأنهم مطلقو اليد فيما
يفعلون ولهم كامل الحرية في إختيار الضحية وقتلها في المكان والزمان
الذي يقررون دون رادع من أحد كما حصل مع زملاء في قنوات فضائية ووكالات
وصحف وإذاعات قتلوا جهارا نهارا بينما تحتفظ الموصل بحضور أمني غير
مسبوق ولها تجربة مرة مع الموت والعنف مايؤهلها لإتخاذ تدابير من شأنها
وقف مد العنف والإعتداءات التي تطال الصحفيين فيها منذ سنوات ولم يعد
ممكنا السكوت بعد أن فقدنا هذا العدد من الشباب.
لنعد الى الأرقام المخيفة والمربكة وذات الدلالات العميقة على ضعف
الإجراءات المتخذة لحماية الصحفيين في الموصل، هناك 40 صحفيا غادروا
الموصل خلال أسابيع قليلة، وكنت تحدثت الى عدد منهم كانوا يعانون من
البرد في إحدى البلدان الأوربية ويعيشون في أجواء ضاغطة مع ترقب
للتطورات حيث تركوا أسرهم وصغارهم دون أن يأملوا في حل أو يسمعوا بحل
أو يفهموا ماهو الدور الذي يقع على الجهات المسؤولية واجب القيام به،
وماهو الدور المنوط بأعلى سلطة قضائية في البلاد وكذلك السلطة
التشريعية اللاهية في مشاكل لاحصر لها ولم يجدوا لواحدة منها حلا، وهو
مايدفعنا للتشكيك في إمكانية أي حل لقضية الصحافة المنكوبة في الموصل؟
هذه المدينة فجعت خلال السنوات الماضية بمقتل 49 صحفيا دون أن يكشف
عن القتلة أو المجموعات التي حولتهم الى أرقام، لهذا فأنا أدعو مجلس
النواب العراقي لعقد جلسة إستثنائية لمناقشة واقع العمل الصحفي في
الموصل وماهو دور الأجهزة الأمنية في هذا الشأن؟ لاندري. |