لاجئو سوريا.. مأساة إنسانية تُعجز المجتمع الاغاثي

 

شبكة النبأ: الأوضاع الإنسانية والمعيشية الصعبة التي يعاني منها المواطن السوري في مخيمات اللاجئين في الدول المجاورة والتي تحوي الآلاف منهم، أصبحت محط اهتمام الكثير من المنظمات الإنسانية والإعلامية التي تخشى من حدوث كارثة انسانية بسبب فقدان مستلزمات الحياة الأساسية وغياب الدعم والرعاية الدولية وضعف المساعدات المقدمة، خاصة في ظل موجة البرد القارس التي أسهمت بازدياد معاناتهم خصوصا وان الكثير منهم يعيشون في مخيمات غير مناسبة هذا بالإضافة الى المشاكل الأخرى والاعتداءات المتكررة التي يتعرضون لها في تلك المخيمات كما يقول بعض المراقبين، وفي هذا الشأن تجتاح عاصمة أطلق عليها الاسم أليكسا أنحاء سوريا ولبنان مصحوبة برياح عاتية مع هبوط شديد في درجات الحرارة وتمثل بداية ثالث شتاء منذ بدء الصراع السوري في مارس آذار 2011.

وأشاعت الثلوج الفوضى في أنحاء المنطقة وأوقفت الجسر الجوي الانساني الذي كان من المفترض ان يبدأ في جلب الامدادات من العراق الى المناطق الكردية بشمال شرق سوريا حيث لا يمكن الوصول برا لعشرات الالاف من الاشخاص. وفي مخيم على بعد بضعة كيلومترات من الحدود في سهل البقاع اللبناني يعيش أكثر من ألف شخص في ملاجئ بدائية.

وجلس اللاجئ ابراهيم (27 عاما) في خيمته التي تحولت أرضيتها الترابية الى وحل وحملت الرياح الثلوج إلى مدخلها. وتجمع الأطفال في أحد الاركان حول نار أوقدت في وعاء معدني. وقال العاصفة ستجهز علينا. الحرارة في درجة التجمد الآن. أعوذ بالله. ولا تملك أسرته المال الكافي لشراء الطعام أو بناء مأوى أكثر متانة وثباتا.

وملأ الرجال أكياسا بالتراب ليثبوا بها الخيام ووضعوا إطارات السيارات والطوب فوق الهياكل الخشبية الضعيفة حتى لا تعصف بها الرياح. ويعيش أكثر من 835 الف لاجئ في لبنان في مخيمات ومبان غير مستخدمة أو مع أصدقاء أو أقارب. وقررت الحكومة اللبنانية عدم إيوائهم في معسكرات رسمية بسبب الحساسيات المحلية بخصوص احتمال ان يبقوا بشكل دائم.

ويمكن لوكالات الاغاثة مساعدتهم بالطعام والخيام والبطاطين والملابس لكن لا يمكنها إقامة مخيمات لاجئين رسمية لهم. وقال ابراهيم الذي ان المعونات غير كافية للوافدين الجدد وقال اتينا هنا في الشتاء لكن كان من الافضل لو بقينا في سوريا على الاقل لو مات المرء يموت في بيته.

وقال سايمون انجرام المتحدث باسم صندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) ان الصندوق استطاع جمع امدادات شتوية للسوريين في سوريا وفي الدول المجاورة لكن الحاجات ستفوق ما نستطيع نحن وشركاؤنا توفيره. وتتزامن بداية الشتاء مع حملة تطعيم ضد شلل الاطفال تسعى لتطعيم 750 الف طفل في لبنان بعدما تأكد ظهور حالات إصابة بالمرض في شرق سوريا في اكتوبر تشرين الاول. وقال انجرام شلل الاطفال ينتشر عن طريق المياه والمجاري. هذه إحدى أكبر الأخطار المجاري الطافحة.

قال مارك وهيبة رئيس مصلحة الارصاد الجوية في لبنان ان السنوات الماضية شهدت زيادة في الثلوج والامطار وانخفاضا لدرجات الحرارة في ديسمبر كانون الاول وجزء من يناير كانون الثاني. واضاف نحن لا نزال في بداية الموسم. ستسقط الامطار ونمر بفترات برد في الشهرين المقبلين. وقال وهيبة ان العاصفة أليكسا ستستمر وان درجات الحرارة قد تهبط إلى سبع درجات تحت الصفر المئوي في بعض المناطق الجبلية بلبنان.

وقال وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الاعمال اللبنانية وائل ابو فاعور ان الحكومة تبذل قصارى جهدها وان الجيش استدعي لتجهيز ملاجئ الايواء للشتاء. وأضاف ان مبعث قلقه الرئيسي هو ان بعض اللاجئين يعيشون في مناطق فيضانات قرب نهر الليطاني. وتابع ابو فاعور انه يحاول نقل اللاجئين المقيمين قرب النهر الذي يفيض خلال العواصف في يناير كانون الثاني لكن لا توجد اماكن متاحة حتى الآن وقال الامر اكبر من طاقتنا. جربنا المساجد. جربنا المدارس. جربنا كل شيء. ستكون كارثة. بحسب رويترز.

كما أجبر الطقس الامم المتحدة على الغاء جسر جوي أعلن عنه ويستهدف توصيل الطعام ومستلزمات الشتاء من العراق الى شمال شرق سوريا. وقال دان ماكنورتون المتحدث باسم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة مطار القامشلي (في سوريا) علق جميع الرحلات بسبب الظروف الجوية والثلوج وضعف الرؤية. لن نستطيع الشروع في هذه الرحلات الى ان تتحسن الاحوال الجوية.

بين التحرش والاعتداء

في السياق ذاته قالت منظمة هيومن رايتس ووتش المعنية بحقوق الانسان ان لاجئات هاربات من الصراع في سوريا للبحث عن ملاذ آمن في لبنان تعرضن للتحرش الجنسي من جانب موظفين واصحاب منازل وموظف بمنظمة مساعدات محلية. واضافت المنظمة انها أجرت مقابلات مع 12 امرأة وصفن كيف تعرضن لاعتداءات جسدية وللتحرش وضغوط لممارسة الجنس. ولم يبلغن السلطات بهذه الحوادث خوفا من الانتقام من جانب المنتهكين أو خوفا من الاعتقال لأنه ليس لديهن الوثائق المطلوبة.

وقالت ليزل جيرنثولتز مديرة ادارة حقوق المرأة بمنظمة هيومن رايتس ووتش النساء اللاتي هربن من الموت والدمار في سوريا يجب ايجاد ملاذ آمن لهن وليس التعرض لانتهاكات جنسية في لبنان. وقالت لاجئة تدعى هالة عمرها 53 عاما من دمشق لمنظمة هيومن رايتس ووتش انها تعرضت للتحرش الجنسي في تسعة منازل من عشرة عملت فيها لرعاية نفسها هي واطفالها الاربعة.

وقالت المنظمة ان أصحاب العمل الذكور حاولوا لمس ثديها واجبارها على ممارسة الجنس أو اجبارها على تزويج ابنتها البالغة من العمر 16 عاما. وتوقفت عن العمل وتعتمد الان على مساعدات من الكنيسة. وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش ان وزارة الشؤون الاجتماعية في لبنان تعاملت مع احدى الحالات في الشهور الثلاثة الاخيرة للاستغلال الجنسي والتحرش الذي تعرضت له عدة لاجئات على يد موظف بمنظمة اغاثة محلية.

وعزل الموظف بعد احالة القضية الى السلطات الدينية السنية المحلية لكن لم يتم ابلاغ الشرطة. وحثت هيومن رايتس ووتش السلطات اللبنانية والامم المتحدة على تحسين الحماية للاجئات ومساعدتهن على الابلاغ عن أي انتهاكات. كما حثت الدول المانحة على زيادة تمويل الاسكان والطعام والرعاية الصحية للاجئين لتقليل احتمالات تعرضهم للاستغلال وقالت جيرنثولتز تحتاج الحكومة والوكالات الى فتح أعينها على المضايقات الجنسية والاستغلال لهؤلاء اللاجئات وعمل كل ما هو ممكن لوقف ذلك.

على صعيد متصل اقدم افراد عائلة في شرق لبنان على احراق خيم لاجئين سوريين في بلدتهم وارغموهم على مغادرتها بعد تفكيك ما تبقى من المخيم، وذلك على خلفية ادعاء بتعرض احد افراد العائلة لاعتداء جنسي قام به سوريون، بحسب ما افاد سكان ولاجئون. وقال طبيب شرعي كشف على الشاب ان لا أثر لتعرضه لاغتصاب او لعنف.

وخيم اللاجئين في بلدة قصرنبا، والبالغ عددها اكثر من مئة خيمة تأوي حوالى 400 لاجئ على الاقل، ازيلت بشكل كامل بعدما نظم سكان البلدة احتجاجات لإرغام قاطنيها على المغادرة، تخللها اضرام النار في حوالى 15 خيمة. وهاجم عدد من سكان البلدة المخيم على اثر انتشار اتهام مفاده ان سوريين من قاطني المخيم قاموا بالتعدي جنسيا على شاب معوق من آل الديراني، يبلغ من العمر 29 عاما. وقال احمد عبد المحمود (33 عاما) احد سكان المخيم ان آل الديراني أحرقوا الخيم، ولم يسمحوا لآليات الاطفاء بالوصول لإخماد الحرائق.

واضاف تعدوا علينا وضربونا، وسرقوا لنا حاجياتنا واغراضنا، مشيرا الى انهم اتهمونا بالتعدي على الشاب، علما ان الجيش اللبناني داهم الخيم واوقف نحو 30 شخصا، قبل ان يفرج عنهم جميعا لعدم ثبوت تورطهم. ونفى طبيب شرعي وجود اي اثبات على تعرض الشاب لاعتداء وقال الطبيب أحمد وليد سليمان انه وضع تقريرا يؤكد ان لا اثباتا طبيا يبين تعرض الشاب لاي اعتداء، وانه لم يتبين لدينا وجود اي عنف او دماء او آثار او كدمات حول المخارج.

الا ان اقارب الشاب اصروا على حصول الاعتداء. وقال علي الديراني ان الشاب المعوق كان يمر قرب الخيم عندما استدرجه اربعة شبان الى داخل احدى الخيم واغتصبوه. واوضح ان والدة الشاب هي التي عثرت على آثار دماء على بنطاله، وقامت بإبلاغ سكان القرية. وقال احد سكان البلدة رافضا ذكر اسمه، ان الاعتداء على الشاب "ملفق"، وان اسباب القضية تعود الى رغبة اصحاب الارض التي اقيم عليها المخيم، وهم من آل الديراني، باستعادتها، ولم يجدوا طريقة اخرى لطرد اللاجئين السوريين.

وقرب المخيم، اجهش احمد المحمود بالبكاء، وقال لدي ثلاثة اولاد اكبرهم طفلة في السادسة من عمرها، ولا نعرف الى اين نذهب. ارغب بالعودة الى سوريا. ويعاني اللاجئون من ظروف معيشية قاهرة، ويقيم عدد كبير منهم في مخيمات موقتة او لدى عائلات مضيفة لا سيما في البقاع (شرق) والشمال. بحسب فرانس برس.

وقال مساعد ممثل المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في لبنان جان بول كافالييري ان هذا الحادث يشير الى ضرورة تقديم المزيد من المساعدات لسكان المناطق الفقيرة حيث يتواجد اللاجئون. الا انه حرص على التقليل من شان الحادث. وقال انه حادث خطير لكنه حادث منعزل مع ذلك في الحدود التي يستضيف فيها لبنان اكثر من 800 الف لاجئ.

تقصير أوروبي

الى جانب ذلك انتقدت منظمة العفو الدولية اخفاق الاتحاد الاوروبي في لعب دوره في ايواء اللاجئين السوريين والحواجز التي وضعتها دوله للحد من العدد الذي تستضيفه، معتبرة انه امر "مخجل". وقال الامين العام للمنظمة سليل شتي في بيان ان الاتحاد الاوروبي فشل فشلا ذريعا في القيام بدوره لاستقبال اللاجئين الذين فقدوا كل شيء ما عدا حياتهم.

واضاف في البيان الذي يحمل عنوان اخفاق دولي ازمة اللاجئين السوريين ان عدد اللاجئين الذين ستستقبلهم الدول الاوروبية قليل جدا، معتبرا انه بشكل عام امر مخجل للقادة الاوروبيين. وقالت المنظمة المدافعة عن حقوق الانسان ان اعضاء الاتحاد الاوروبي اقترحوا فتح ابوابهم لحوالي 12 الف لاجئ سوري من بين الاكثر فقرا الذين فروا من سوريا من اصل ثلاثين الفا تريد المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة العثور على ملاذات لهم.

واضافت المنظمة التي تتخذ من لندن مقرا لها ان المانيا تعهدت باستقبال 10 الاف لاجئ اي 80% من تعهدات الاتحاد الاوروبي في حين عرضت فرنسا استقبال 500 لاجئ. واشارت الى ان 18 دولة في الاتحاد الاوروبي من بينها بريطانيا وايطاليا لم تعرض استقبال اي لاجئ. واوضحت المنظمة انه مع اقتراب الشتاء فان شروط الحياة لحوالي 2,2 مليون لاجئ مقيمين في الدول المجاورة لسوريا "تتدهور سريعا". وبما ان عدد الذين عرضت دول اوروبية استقبالهم لا يتجاوز ال12 الفا، يحاول بعض اللاجئين السفر على نفقتهم الخاصة خصوصا عن طريق البحر.

ونددت المنظمة بالتصرف العنيف احيانا من قبل الشرطة وخفر السواحل في اليونان وكذلك شروط الاحتجاز "المزرية" احيانا كما هو الحال في بلغاريا. ونقلت المنظمة عن سوري يبلغ من العمر 32 عاما قوله انه واجه خفر السواحل اليونانيين في تشرين الاول/أكتوبر قبالة جزيرة ساموس. وروى داسوا علينا وضربونا بأسلحتهم لمدة ثلاث ساعات وبعد ان رفعوا محرك الباخرة نقلونا حتى المياه التركية وتركونا في عرض البحر.

وبالإضافة الى عرض استقبال 12 الف شخص من قبل الدول الاوروبية، توصل حوالى 55 الف لاجئ سوري الى الدخول الى دول الاتحاد الاوروبي حيث بدأوا اجراءات طلب اللجوء، حسب المنظمة. ولجأ 97 بالمئة من النازحين السوريين الذين تقدر المنظمة عددهم ب2,3 مليون شخص

في السياق ذاته قال مسؤولون برتغاليون إن بلادهم تبحث طلبات لجوء تقدم بها 74 سوريا ألقي القبض عليهم بعد أن أتوا جوا من غينيا بيساو باستخدام جوازات سفر تركية مزيفة. ونقلت وكالة لوسا البرتغالية للأنباء المملوكة للدولة عن تيريسا تيتو موريس رئيسة المجلس البرتغالي لشؤون اللاجئين قولها إن 21 طفلا و15 امرأة و38 رجلا تم إيواؤهم في مراكز اجتماعية ومنشآت خيرية كاثوليكية.

وقالت وزارة الخارجية البرتغالية في بيان إن انتهاكا أمنيا خطيرا حدث في مطار بيساو أدى إلى مغادرة 74 مسافرا بجوازات سفر تأكد أنها مزيفة إلى لشبونة. وقالت الوزارة إن شركة الخطوط الجوية تاب البرتغالية ألغت جميع رحلاتها إلى غينيا بيساو لحين إجراء عملية إعادة تقييم كاملة للإجراءات الامنية التي تقوم بها السلطات المحلية. وكررت الوزارة ايضا توصية بعدم سفر البرتغاليين إلى غينيا بيساو المستعمرة البرتغالية السابقة. بحسب رويترز.

وكانت صحيفة دياريو دي نوتيسياس اليومية ذكرت في وقت سابق أن السلطات الغينية اجبرت طاقم طائرة تابعة لشركة تاب متجهة من بيساو إلى لشبونة على نقل السوريين على متنها رغم علمها بأن جوازات سفرهم مزورة. وقالت تيتو موريس إن السوريين طلبوا حق اللجوء وانهم سيبقون في البرتغال على الأقل لحين اكتمال العملية التي قد تستغرق شهرين. وأضافت طلبوا حق اللجوء وسوف تجري السلطات مقابلات معهم وقالت إن قدرة البرتغال على استقبال اللاجئين ضعيفة بسبب الازمة الاقتصادية لكن البرتغال ستبذل كل ما بوسعها لإنقاذ ضحايا الحرب في سوريا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 17/كانون الأول/2013 - 13/صفر/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م