اقتصاد مصر.. آمال جديدة تتعكز على المال الخليجي

 

شبكة النبأ: تسعى الحكومة المصرية المؤقتة الى إنقاذ الاقتصاد المصري الذي يعاني الكثير من المشاكل والأزمات، التي تفاقمت بشكل خطير بعد ثورة 25 يناير بسبب الأحداث السياسية والفوضى المستمرة، والسياسة الفاشلة لجماعة الإخوان المسلمين والرئيس المعزول محمد مرسي التي أسهمت بانهيار الاقتصاد المصري واسهم بازدياد معاناة الشعب المصري كما يقول بعض الخبراء، الذين أكدوا على ان الحكومة الحالية وبمساعدة بعض الدول الخليجية اتخذت بعض الإجراءات والتحركات المهمة من أجل وتنشيط الاقتصاد المصري، وهو ما سيسهم بعودة الاستثمارات الأجنبية والسياح، من جانب أخر شكك البعض بنجاح مثل هكذا تحركات خصوصا مع وجود جماعة الإخوان المسلمين، التي ستسعى وبشكل منظم على عرقلة تلك الخطط والمشاريع من خلال تكثيف نشاطها السياسي والأمني المضاد والهادف الى إرباك الشارع المصري في سبيل  عرقلة خطط الاستثمار في مصر وهو ما سينعكس سلبا على تحركات الحكومة الحالية.

وفي هذا الشأن فقد سعى كبار المسؤولين المصريين لاستعادة ثقة المستثمرين في اقتصاد بلادهم من خلال خطوات تشمل تسوية مشكلات مع مستثمرين خليجيين وسداد مستحقات شركات النفط وكذلك عرض خريطة طريق اقتصادية واعدة. وقال المسؤولون إنهم يتوقعون ارتفاع الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 4-5 مليارات دولار ويعملون على رفع معدل النمو إلى 3.5 بالمئة في السنة المالية الحالية 2013-2014.

وقال وزير الاستثمار أسامة صالح أنا متفائل بوصول الاستثمار الأجنبي المباشر إلى خمسة مليارات دولار. وتسعى مصر لاجتذاب مستثمرين خليجيين لمصر للتركيز على الاستثمار في مجالات الإنشاء والعقارات والزراعة وتمويل المشروعات الصغيرة. وأضاف صالح أنه سيقوم في مستهل عام 2014 بجولة في السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت بهدف جذب استثمارات جديدة. وقال إن إجمالي استثمارات دول الخليج في مصر يبلغ 49.8 مليار دولار مقارنة مع اجمالي الاستثمارات الغربية البالغ 46.2 مليار دولار.

من ناحية أخرى قال رئيس الوزراء حازم الببلاوي أن مصر تريد الوصول بالنمو الاقتصادي إلى 3.5 بالمئة بنهاية العام المالي 2013-2014. وقال للمستثمرين في افتتاح المنتدى الدولة في غاية القوة و(نحن) مصممون على تنفيذ خارطة الطريق. وقد تعهدت السعودية والكويت والإمارات بتقديم مساعدات لمصر تتجاوز 12 مليار دولار بعد أن عزل الجيش الرئيس محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين في الثالث من يوليو تموز عقب احتجاجات حاشدة على حكمه. وانتهت لجنة من تعديل الدستور المصري الذي تم تعطيله بعد عزل مرسي. ومن المنتظر طرحه للاستفتاء في خطوة مهمة للحكومة المدعومة من الجيش نحو إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية العام المقبل. وقال الببلاوي إن الحكومة انتهت من تسوية مشكلات مع 19 مستثمرا من الإمارات والكويت والسعودية.

وقال محمد أبو زيد مستشار وزير الاستثمار في جلسة نقاش في إطار المنتدى إن الحكومة بصدد إعداد قانون يؤكد ويحترم المراكز القانونية التي نتجت عن إبرام العقود في المرحلة السابقة. وأضاف الأخطاء تصحح والمسؤول المخطئ يعاقب ولكن المستثمر لا ذنب له ويستمر في العمل. وأوضح المستشار أن مصر تدرس التسوية في 13 نزاعا قانونيا مع المستثمرين.

وقال محافظ البنك المركزي المصري هشام رامز إنه يتوقع مزيدا من المساعدات الخليجية فضلا عن 12 مليار دولار تعهدت بها تلك الدول. وذكر رامز أن الاحتياطيات الأجنبية انخفضت قليلا في نوفمبر تشرين الثاني بسبب "التزامات كبيرة". وقال رامز لاحقا إن السوق السوداء للجنيه لن تدوم طويلا بينما قال مصدران بالسوق إن الجنيه تراجع مقابل الدولار نظرا لزيادة الطلب على العملة الاجنبية من جانب المستوردين. وبلغت احتياطيات النقد الأجنبي 18.59 مليار دولار بنهاية أكتوبر تشرين الأول بحسب بيانات البنك المركزي.

وتحدث مستثمرون خليجيون بارزون خلال المنتدى عن أهمية السوق المصرية لشركاتهم. فقال محمد العبار رئيس شركة إعمار العقارية الاماراتية إن مبيعات مشروعات الشركة في مصر بلغت أربعة مليارات جنيه في 2013. وأضاف أن القيمة الاجمالية لمشروعات إعمار في مصر بلغت 57 مليار جنيه. وقال العبار ارتفعت قيمة استثمارات إعمار في مصر في سبع سنوات منذ بدء عملنا هنا 700 بالمئة. وهو رقم مرتفع بالنسبة لأي بلد آخر تعمل فيه إعمار حتى الهند التي جاءت في المركز الثاني.

وقال رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس الذي تمتلك أسرته شركات اوراسكوم إنه يعتزم استثمار مليار دولار في مصر في الربع الأول من 2014. ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية عن رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس قوله ان مصر تحتاج إلى عامين بدون احتجاجات أو تظاهرات أو اضرابات عمالية حتى تستطيع ان تلتقط أنفاسها في هذه اللحظات الصعبة. وأوضح ساويرس أنه على استعداد أن يشارك في أي مشروعات مع المستثمرين العرب في مصر إذا كان ذلك سيشجعهم على الاستثمار. بحسب رويترز.

وشهد المنتدى اعلان مبادرة لتنشيط الاستثمارات بين مصر ودول مجلس التعاون الخليجي تمتد لفترة خمس سنوات وتشمل تيسير حركة رؤوس الأموال والعمالة. وقال وزير الاستثمار صالح إن المبادرة تهدف إلى تحقيق التكامل الاقتصادي والاستراتيجي بين الجانبين "وتحمل أهدافا واضحة تيسير حركة رؤوس الأموال والعمالة وإعادة النظر في البنود الجمركية بين الدول العربية وخاصة دول مجلس التعاون الخليجي في مصر وتفعيل الاتفاقيات العربية المشتركة.

الى جانب ذلك قال وزير التخطيط المصري أشرف العربي إن الحكومة صرفت حتى الآن سبعة مليارات جنيه (1.02 مليار دولار) من خطة التحفيز الأولى البالغة 29.7 مليار جنيه والتي تستهدف إنعاش الاقتصاد الواهن. وقال العربي إن الحكومة أنفقت حتى الآن عشرة مليارات جنيه في صورة استثمارات حكومية منذ بداية السنة المالية 2013. ويبلغ إجمالي الاستثمارات الحكومة المستهدفة في السنة المالية الحالية 58 مليار جنيه.

وتسعى الحكومة المؤقتة في مصر جاهدة من خلال خطة التحفيز لتعزيز الثقة في الاقتصاد الذي عصفت به الاضطرابات السياسية على مدى نحو ثلاث سنوات منذ انتفاضة شعبية أطاحت بحسني مبارك عام 2011. وفي نوفمبر تشرين الثاني قال وزير المالية المصري أحمد جلال إن الحكومة المصرية تعتزم إطلاق حزمة تحفيز ثانية قدرها نحو 24 مليار جنيه قبل نهاية العام الحالي.

وذكر العربي أن مصر سددت مليار جنيه من مستحقات المقاولين المتأخرة وستسدد مليارا اخرى قبل نهاية ديسمبر كانون الأول من اجمالي مستحقاتهم البالغة 2.5 مليار جنيه. وقال "قبل نهاية الربع الأول من 2014 سنكون قد صرفنا 500 مليون جنيه المتبقية."

الى جانب ذلك قالت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية إن مصر اتفقت على سداد ثلاثة مليارات دولار من المستحقات المتأخرة لشركات النفط الأجنبية العاملة في البلاد على أقساط شهرية حتى ديسمبر كانون الأول 2017 وإنها تجري مفاوضات لجدولة المبلغ الباقي وقدره 1.8 مليار دولار. وأوضحت الوكالة الرسمية أن وزير المالية أحمد جلال ووزير البترول شريف إسماعيل وقعا مذكرة تفاهم لسداد المتأخرات المستحقة عن كميات الوقود التي تشتريها الحكومة من الشركات والتي بلغت 6.3 مليار دولار.

وقال الوزيران في بيان إن الاتفاق تم بالتنسيق مع محافظ البنك المركزي هشام رامز الذي وفر العملة الصعبة اللازمة لسداد 1.5 مليار دولار من مستحقات الشركات الأجنبية على ثلاث شرائح فورية. وأضافا أن الاتفاق يحقق أهدافا حكومية مثل "تشجيع الشركاء الأجانب على ضخ المزيد من الاستثمارات في البحث والتنقيب والاكتشافات البترولية الجديدة بالإضافة إلى التغيير الإيجابي للصورة الذهنية لدى الشركاء عن مصداقية الحكومة المصرية في الوفاء بالتزاماتها.

مصر وصندوق النقد الدولي

على صعيد متصل ذكرت صحيفة الأهرام المصرية أن محافظ البنك المركزي المصري هشام رامز انتقد صندوق النقد الدولي لتعامله غير المقبول بالمرة مع مصر خلال المفاوضات حول صفقة قرض بقيمة 4.8 مليار دولار في وقت سابق هذا العام. وأخفقت محادثات استمرت أشهرا بين حكومة الرئيس محمد مرسي المنتمي للتيار الإسلامي وصندوق النقد في التوصل إلى اتفاق قبل أن يقوم الجيش بعزل مرسي.

وينظر إلى قرض صندوق النقد الدولي على نطاق واسع على أنه ضروري لإقناع المانحين والمستثمرين الأجانب بأن الاقتصاد المصري الذي تضرر جراء الاضطرابات السياسية يمضى على المسار الصحيح. وقال رامز الذي شارك في المحادثات إن بعض الشخصيات في صندوق النقد الدولي حاولت التعامل مع مصر بطريقة غير لائقة بتاريخها بحسب الصحيفة. ولم يذكر مزيدا من التفاصيل.

وفي وقت سابق قالت كريستين لاجارد مديرة صندوق النقد الدولي إن الصندوق مستعد للعمل مع مصر ومساعدتها على استعادة الاستقرار الاقتصادي مشيرة إلى مفاوضات جرت على مدى عام ونصف العام. وأضعفت حملة أمنية جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها مرسي لكن البلاد لا تزال مضطربة.

وتسببت الاضطرابات السياسية وهجمات نفذتها جماعات متشددة تستلهم فكر تنظيم القاعدة في أضرار للسياحة والاستثمار. ويبدو أن مجلس الوزراء الحالي المدعوم من الجيش ليس في عجلة لاستئناف المحادثات مع صندوق النقد الدولي حول القرض الذي يتطلب التزامات بإصلاحات اقتصادية ربما ترى الحكومة أنها تشكل مخاطر سياسية.

وتلقت مصر تعهدات بمساعدات من دول خليجية من المتوقع أن تساهم تلك المساعدات في تفادي أزمة في ميزان المدفوعات والتغلب على أزمات نقص الوقود التي تسببت جزئيا في موجة من الغضب الشعبي ضد مرسي. ويحافظ ضخ المساعدات على دوران عجلة الاقتصاد لكن يقول محللون إن الحكومة لا تزال في حاجة إلى خطة طويلة الأجل لتحقيق الاستقرار المالي. بحسب رويترز.

وهبطت احتياطيات مصر من النقد الأجنبي إلى مستويات حرجة في الأشهر التي سبقت عزل مرسي لكنها بدأت تتعافى مدعومة بالمليارات التي ضخها الحلفاء الخليجيون. واستنفدت مصر ما يزيد عن 20 مليار دولار من احتياطياتها واقترضت المليارات من الخارج وأرجأت مدفوعات لشركات نفطية لدعم عملتها منذ انتفاضة 2011 التي أطاحت بحسني مبارك.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 10/كانون الأول/2013 - 6/صفر/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م