شبكة النبأ: سؤال (الخلاص) هو السؤال
المركزي لدى الاسلاميين او الليبراليين او العلمانيين على امتداد رقعة
البلاد العربية والاسلامية.. وهو في تقديم اجاباته يحاول القفز على
المراحل او حرقها، تبعا لما تختزنه التجربة التاريخية لكل فصيل من
فصائل الخلاص.
والقفز هو ابتسار واختزال لكل مرحلة من المراحل التي يجب المرور بها
لتحقيق الخلاص النهائي.. هذا القفز يلغي في طفراته جميع العوامل
والأسباب التي قادت الى ماقادت اليه، لانه يتسرع في الوصول الى نتيجة
نهائية، لا تأخذ بالحسبان المقدمات التي أوصلت الى تلك النتائج.
المقدمات تتشكل عبر صيروراتها الاجتماعية والثقافية والسياسية
والاقتصادية، وهي نتاج تراكمي لحركة المجتمع، لا يمكن الغاؤها دون
تقديم بديل/بدائل،لا يعيد/تعيد انتاجها.
فشلت الدولة القومية في بلداننا، بعد تجارب عسيرة مع السياسة
والاقتصاد، بالتوازي مع وجودها السياسي الفاعل، كانت الدعوات
الليبرالية تحاول القفز على الممكنات الاقتصادية لتلك البلدان، والتي
امتازت بوجود اقتصادات ريعية في اغلبها، وما يعنيه الاقتصاد الريعي من
كون الدولة راعية لمواطنيها، دون ان تكون دولة رعاية..
العلمانيون بالمقابل، وتحت تأثير من التجارب الاوربية، يحاولون
استنساخ تلك التجارب انطلاقا من حلقة يعتقدون انها في صلب تلك التجربة،
وهي فصل الدين عن الدولة، اذا تحقق هذا الفصل فان جميع مشاكلنا
وامراضنا ستختفي بقدرة تلك القوة العلمانية.
الإسلاميون، مؤمنين وحركيين، قدموا مشروع خلاصهم، والذي جاء تحت
لافتة عامة هي (الإسلام هو الحل) والحل الإسلامي في رأيهم تكون (الحدود
والتعزير) هي العمود وهي نقطة البدء والشروع في هذا الخلاص.
هل الإسلام هو تلك (الحدود والتعزيرات) فقط، ام انه يستبطن غير
ذلك؟.
للمرجع السيد صادق الشيرازي مقولة تلقي الضوء على شعار (الإسلام هو
الحل) الذي ترفعه جميع الحركات الإسلامية، وهي أيضا تفرق بين (الحدود)
وبين (التعاليم)، في مجال التطبيق، والتي يقدم فيها التعاليم قبل
الحدود، أي وجود الإسلام أولا قبل حدوده.. يقول السيد صادق الشيرازي:
(السعي لتطبيق الإسلام يجب أن يشمل جميع جوانب الإسلام، ولا يجوز
تطبيق قوانين الحدود، مثلاً، وإهمال تعاليم الإسلام، في المجالات
الثقافية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية وغيرها).
ان الدعوة لتطبيق الحدود، قبل تطبيق التعاليم، قاد الى هذه التصورات
التي ارتبطت بالإسلام واتخذت صورة نمطية في اذهان الكثيرين حوله.. وهو
كما يواصل السيد صادق الشيرازي كلامه: (المؤسف ان بعض الناس يتصور ان
الحكومة الاسلامية هي التي تطبق الحدود والتعزيزات والعقوبات فقط، مع
ان هذا لايشكل الا جزءا ضئيلا من احكام الاسلام، ولو ان الاسلام طبق
بعضه دون بعض لارتسمت له صورة غير جميلة).
وهو، أي السيد صادق الشيرازي، يذهب خطوة ابعد في نظرته الى تلك
المسألة، حين يتشارك مع اخرين نفس الرؤية والموقف تجاه الحدود
والتعاليم، وربط النتائج بمقدماتها دون قسر.. يقول: (يرى بعض الفقهاء
انه مالم يطبق الاسلام في ابعاده السياسية والاقتصادية فلا يجوز اجراء
قوانين الحدود).
والابعاد السياسية والاقتصادية هي في اللب والصميم من تعاليم
الإسلام، فالحرية والعدالة الاجتماعية تأتي في المقدمات من الفعل
السياسي والاقتصادي للدول والحكومات، وهي تلغي جميع الأطر والعلاقات
التي نشأت عن غياب الحريات والعدالة في توزيع الثروات، والتي تقود الى
وجود تلك الحالات في الممارسات والسلوك التي تقابل بالحدود والتعزير
والعقوبة..
ويمضي السيد صادق الشيرازي قائلا:
(عندما تراجعون الفقه الاسلامي تجدون خمسين كتابا، الكتاب الخمسون
منها هو كتاب الحدود.. فهو واحد من خمسين كتابا بل هو الكتاب الاخير،
فلماذا يتصور انه الاسلام كله؟).
يجب إعادة التفكير في مضمون الشعار الذي ترفعه الحركات الاسلامية
وهو (الإسلام هو الحل) وعدم جعله قاصرا على (الحدود والتعزيرات
والعقوبات)، بل يجب إيجاد او بعث الإسلام من جديد، كتعاليم واخلاق
وسلوك، لان (تطبيق الاسلام بصورة ناقصة يعطي صورة مشوهة عن الاسلام،
وهذا هو حال بعض الدول الاسلامية اليوم المتبجحة بتطبيق الاسلام مع
انها لاتطبق الا جلد الزاني وقطع يد السارق، فهل هذا هو الاسلام
فحسب؟). |