اوربا.. اتحاد عجوز معرض للتفكك والبيع

متابعة: كمال عبيد

 

شبكة النبأ: يبدو أن التطورات التي يشهدها اتحاد القارة العجوز على الصعيدين السياسي والدبلوماسي في المدة الأخيرة، تفتح أمامه أبواب دبلوماسية قد تشكل اتفاقات وصفقات سياسية بين الدول الساعية للانضمام اليه والدول المنافسة له، وذلك بهدف رسم تحالفات إستراتيجية قد تعيد ترتيب الأوضاع في المجال السياسي والاقتصادي على المستوى العالمي.

ففي الاونة الأخيرة يحاول اتحاد أوربا صنع إستراتيجية جديدة  تتواءم مع التحديات الجديدة، لاسيما التحديات الاقتصادية خصوصا وان هذا الاتحاد يعاني من اضطرابات متتالية على المستوى الاقتصادي بسبب ازمة اليورو المتفاقمة، وهو ما اتضح جليا من خلال المساعي الحثيثة التي تبذلها مع جمهوريات سوفياتية سابقة واوكرانيا في مقدمتها لتحقيق المزيد من التقارب بينهما، غير ان الاخيرة  قررت اغلاق الباب في وجه الاوروبيين، في خطوة مفاجئة وذلك بتأجيلها اتفاق شراكة مع الاتحاد الاوروبي وفضلت الالتفات الى جارتها الكبيرة روسيا، في قرار سارعت المعارضة الى التنديد به واعتبرته اوروبا خطأ استراتيجيا، واثار تبدل موقف كييف غضب المعارضة الموالية لاوروبا التي تتظاهر منذ ايام في ساحة الاستقلال وسط العاصمة الاوكرانية تذكر بالثورة البرتقالية التي شهدتها البلاد في 2004، غير ان أوكرانيا بررت موقفها بأنها ستنتظر ظروفاً أفضل لتوقيع شراكة مع الاتحاد الأوروبي.

ويرى مسؤولون انه اذا اصرت كييف على رفضها، فان العملية ستتوقف لاشهر ان لم يكن لسنوات، وليس في اوكرانيا فقط وانما ايضا في مجمل استراتيجية الشراكة الشرقية التي اطلقت في 2009 لدعم الاستقرار في الجمهوريات السوفياتية السابقة وربطها باوروبا.

اوكرانيا

في سياق متصل اخفق الاتحاد الاوروبي في اقناع اوكرانيا بان توقع اتفاقا تاريخيا يكرس تقاربها مع الغرب، في مواجهة ضغوط روسيا المكثفة على هذه الجمهورية السوفياتية السابقة، وقالت الرئيسة الليتوانية داليا غريباوسكايتي لوكالة فرانس برس "للاسف، يبدو ان الحجج" التي تدعم توقيع الاتفاق "لم تقنع الرئيس" فيكتور يانوكوفيتش، واضافت بعد عشاء ضم رؤساء دول وحكومة البلدان ال28 الاعضاء في الاتحاد وست جمهوريات سوفياتية سابقة مجتمعة في اطار الشراكة الشرقية "حتى الآن، لم تتغير المواقف". وتضم هذه المجموعة اوكرانيا وجورجيا ومولدافيا وارمينيا واذربيجان وبيلاروس، وقال مصدر دبلوماسي ان "الفرص ضئيلة" لتوقيع الاتفاق.

وعرض يانوكوفيتش امام الاوروبيين المشاكل الاقتصادية الخطيرة التي تواجهها بلاده وطالب بان تتم تسويتها "من قبل الاتحاد الاوروبي وروسيا معا"، كما قالت الرئيسة الليتوانية، وبذلك لم يتراجع الرئيس الاوكراني عن موقفه من هذا الحوار الثلاثي الذي رفضه الاتحاد الاوروبي اصلا، وقال دبلوماسي ان "الامر يشبه دعوة الصين الى مفاوضات مع الولايات المتحدة"، كما ان يانوكوفيتش لم يقتنع بحجج الاوروبيين، وخصوصا الدول الجديدة الشرقية، بالمكاسب التي يمكن ان تحققها كييف من تقارب مع الاتحاد الاوروبي وخصوصا من اجل تنميتها الاقتصادية والتجارية، واتفاق الشراكة الذي تراجعت كييف عن توقيعه وكان يرافقه اتفاق واسع للتبادل الحر، تم التفاوض بشأنه خمس سنوات بين كييف والمفوضية الاوروبية التي خصصت حتى الآن مليارات اليورو من اجل التحديث السياسي والاقتصادي لهذا البلد الذي يضم 46 مليون نسمة، ووعدت الرئيسة الليتوانية التي تستضيف القمة وما زالت تعتقد ان هناك امكانية لتقارب بين اوكرانيا والاتحاد الاوروبي، مثل ذاك الذي تتحقق مع دول البلطيق قبل عشر سنوات، "بمواصلة المفاوضات حتى الدقيقة الاخيرة"، لكن لا يشاطرها كل القادة الاوروبيين هذا الامل.

وتريد الدول ال28 الاعضاء في الاتحاد معرفة المزيد عن النوايا الحقيقية للرئيس الاوكراني، كما قال مصدر اوروبي، ووصف يانوكوفيتش عند انتخابه في 2010 بالموالي لروسيا، لكنه يراوح اليوم على ما يبدو بين روسيا واوروبا محاولة الاستفادة من الاخيرة بدون اثارة غضب موسكو، وانتقد الاتحاد الاوروبي موسكو مدينا "الضغوط الروسية".

وقالت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل ان "الحرب الباردة انتهت". واضافت ان "تقاربا مع اوروبا ما زال يفهم على انه ابتعاد عن روسيا. علينا تجاوز عقلية +اما هذا او ذاك+"، ويفترض ان تقر قمة الشراكة الشرقية هذه اعلانا يوجه تحذيرا "مبطنا" الى روسيا من التدخل في شؤون الدول المجاورة، كما ذكرت صحيفة غازيتا فيبورجا.

وسيدعو النص دول اوروبا الشرقية ايضا الى "الاصلاح والتقرب من الغرب"، لكن في الوقت نفسه، يواجه الغرب انتقادات للطريقة التي تفاوض فيها مع اوكرانيا، وقال الرئيس البولندي برونيسلافكوموروفسكي ان "بروكسل ارتكبت خطأ في التقييم"، عبر تركيزها على ملف المعارضة يوليا تيموشينكو على حساب "سياسة الضغط والابتزاز" التي تمارسها موسكو على كييف.

كما يأخذ مراقبون على الاتحاد الاوروبية انه لم يحدد لاوكرانيا والدول الاخرى في الشراكة الشرقية رؤية واضحة لعملية التكامل الاوروبية هذه، كما حدث مع الدول الشرقية عند سقوط جدار برلين قبل عشرين عاما.

ويحاول الاتحاد الاوروبي التقليل من اهمية النكسة التي مني بها، مؤكدا انه يمكن توقيع اتفاق مع اوكرانيا في الاسابيع او الاشهر المقبلة وان كان كثيرون يشككون في ذلك، ويفترض ان تعقد قمة بين الاتحاد الاوروبي واوكرانيا في شباط/فبراير 2004.

وبشكل عام، يأمل الاتحاد الاوروبي في الا يؤثر تراجع اوكرانيا على المشروع الذي اطلق في 2009 في محاولة لتأمين استقرار الجهوريات السوفياتية السابقة، وهو يشدد على المكاسب التي يمكن لهذه الدول ان تحققها في القطاع التجاري او تحرير التأشيرات خصوصا، ويذكر الاتحاد بمليارات اليورو التي خصصت في السنوات الاخيرة لتحديث هذه البلدان سياسيا واقتصاديا ويؤكد انه مستعد لزيادة هذه المبالغ من اجل تسهيل تكيفها.

لكن في فيلنيوس، سيكون على الاتحاد الاوروبي الاكتفاء بتوقيع اتفاقي شراكة بالاحرف الاولى مع جورجيا ومولدافيا. اما توقيعهما نهائيا فلن يتم قبل اشهر وربما عام، وستوقع اتفاقات اخرى اقل اهمية بينها واحد مع اذربيجان يتعلق بتسهيل منح التأشيرات، لكن ارمينيا تخلت عن الاتحاد الاوروبي مطلع ايلول/سبتمبر عندما اعلنت انها ستنضم الى الاتحاد الجمركي الذي تقوده روسيا، اما بيلاروس الذي يصفها الاتحاد الاوروبي بانها آخر ديكتاتورية في اوروبا، فالعلاقات معها مجمدة في غياب تقدم في حقوق الانسان.

وقد حذرت روسيا التي تستورد ربع الصادرات الاوكرانية، بوضوح كييف من الانعكاسات التجارية التي قد تترتب عن اتفاق مع الاتحاد الاوروبي وحثتها على الانضمام الى معاهدتها الجمركية التي تضم دول الاتحاد السوفياتي سابقا.

ويرى خبراء ان بتخليها عن التقارب من الاتحاد الاوروبي والتعاون مع موسكو، تحافظ اوكرانيا على اقتصادها الهش في الوقت الراهن على حساب آفاق النمو المتوقع من الخيار الاوروبي.

بريطانيا

فيما يسعى رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون لإقناع المتشككين بالبقاء في الاتحاد الأوروبي، وهو ذات الامر الذي دعا زعماء قطاع الاعمال البريطاني الى ضرورة بقاء بريطانيا جزءا من الاتحاد وحثوا رئيس الوزراء ديفيد كاميرون على معارضة "التوسع الزاحف لسلطة الاتحاد الاوروبي"، ويبدو ان هذه التصريحات الصادرة عن اتحاد الصناعة البريطاني تقر موقف كاميرون.

ويقول كاميرون انه يريد البقاء في الاتحاد الاوروبي ولكنه تعهد باعادة التفاوض على شروط عضوية بريطانيا في الاتحاد وطرح التغييرات على الناخبين في استفتاء على "البقاء او الخروج من الاتحاد الاوروبي" في 2017 اذا اعيد انتخابه. بحسب رويترز.

ويشكل انقسام الرأي العام البريطاني بشأن اوروبا أحد اكبر العقبات امام فوز كاميرون بفترة ثانية في عام 2015، ويتعرض كاميرون لضغوط من النواب المعارضين للبقاء ضمن الاتحاد الاوروبي داخل حزبه المحافظين لوقف تراجع التأييد لصالح حزب "استقلال بريطانيا" الذي يدعو لانسحاب فوري من الاتحاد الاوروبي.

مالطا

من جهة أخرى وافق البرلمان في مالطا على بيع حق المواطنة في الجزيرة الواقعة في البحر المتوسط مقابل 650 الف يورو لأي متقدم من بلد غير عضو في الاتحاد الاوروبي، وقال رئيس الوزراء جوزيف موسكات إن هذه الخطوة تهدف إلى جلب عائدات للدولة وانها تجتذب الناس "ذوي القيمة العالية" الذين قد يستثمرون اموالهم في الجزيرة.

وقدر موسكات أن النظام الجديد سيجلب للحكومة 30 مليون يورو في عامه الأول وهو ما يعني ان 45 تقريبا سيحصلون على حق المواطنة الذي يمنحهم ايضا حق العمل والإقامة في باقي بلدان الاتحاد الاوربي الثمانية والعشرين. بحسب رويترز.

ومالطا عضو في الاتحاد الاوروبي وهي أيضا عضو في اتفاقية شينجن للسفر بين بلدان الاتحاد الاوروبي ولديها اتفاقية لإلغاء تأشيرات السفر مع الولايات المتحدة، وقال إيريك ميجور الرئيس التنفيذي لمجموعة هينلي وبارتنرز الدولية التي ستشرف على هذا النظام لوسائل إعلام مالطية إنه من المتوقع ان يتقدم ما بين 200 و300 فرد بطلبات للحصول على المواطنة كل عام.

التأشيرة الذهبية

على صعيد ذو صلة فحين اشترى ادوارد هو رجل الاعمال الصيني منزلا في أكثر المناطق السياحية شعبية في البرتغال في سبتمبر أيلول الماضي حصل له ولأسرته على اقامة سياحية تشمل أوروبا كلها مادام مالكا لهذا العقار.

دفع هو (33 عاما) 560 ألف يورو (750700 دولار) ثمنا للبيت القريب من شاطيء )الغرب) وهي منطقة في جنوب البرتغال وقال "هذا من أكبر مميزات الاستثمار في البرتغال"، الشواطيء وحدها تكفي لجذب المستثمرين الى جنوب أوروبا. وبعد أزمة اقتصادية طاحنة تسعى اسبانيا والبرتغال الى انعاش سوق العقارات بتقديم "تأشيرة ذهبية" للاقامة للمشترين القادمين من خارج دول الاتحاد الأوروبي. بحسب رويترز.

ويحصل المشترون من الصين وروسيا ودول الشرق الاوسط الذين يبتاعون عقارا لا يقل سعره عن 500 ألف يورو في اي من البلدين على تصريح اقامة يمكنهم من السفر بحرية في 26 دولة أوروبية في منطقة الشينجين دون اي قيود، هذه الحوافز بالاضافة الى تراجع اسعار العقارات بدأت تؤتي ثمارها في سوق به ثلاثة ملايين منزل شاغر.

وقالت الحكومة البرتغالية انه تم اصدار 318 تصريح اقامة منذ بدء البرنامج العام الماضي جلبت استثمارات بلغت 200 مليون يورو معظمها عقارات سكنية خلال الاشهر القليلة الماضية ومن المتوقع ان تزيد على 300 مليون يورو بانتهاء العام في ديسمبر كانون الأول، كما طبقت اسبانيا التي كان سوق العقارات فيها متخما بعد فورة في حركة البناء قبل عام 2008 أدت الى انخفاض لاحق في الاسعار بلغ 35 في المئة نظاما مماثلا للبرتغال الشهر الماضي، ومن نقاط الجذب مدينة برشلونة التي يفضلها رجال الاعمال ومنتجعات ساحلية في الجنوب مثل ماربييا.

جنسية الاتحاد الاوروبي

الى ذلك حصل أكثر من 783 ألف شخص على جنسية أحد بلدان الاتحاد الأوروبي في العام 2011، مع انخفاض بنسبة 4% بالمقارنة مع العام 2010، بحسب المعطيات الرسمية التي نشرها معهد الإحصاءات الأوروبي "يوروستات"، وقد سجل هذا التراجع بعد ثلاث سنوات متتالية سجل خلالها ارتفاع في منح الجنسيات. وهو يعزى خصوصا إلى الانخفاض المسجل في أربعة بلدان من البلدان الخمسة المعروفة بمنحها أكبر عدد من الجنسيات ألا وهي بريطانيا (انخفاض بنسبة 9%) وفرنسا (انخفاض بنسبة 20%) واسبانيا (انخفاض بنسبة 7%) وإيطاليا (انخفاض بنسبة 15%)، وفي المقابل، شهدت ألمانيا ارتفاعا في عمليات منح الجنسية الالمانية بنسبة 5%، وبعد أخذ إجمالي عدد السكان في الحسبان، سجلت أعلى نسب من عمليات منح الجنسية في كل من لوكسمبورغ (6,6 عمليات لكل ألف نسمة) والسويد (3,9 عمليات لكل ألف نسمة) وبريطانيا (2,8 عملية لكل ألف نسمة) وبلجيكا (2,7 عملية لكل ألف نسمة).

وبلغ معدل عمليات منح الجنسية في بلدان الاتحاد الاوروبي 1,6 عملية لكل ألف نسمة، وفي العام 2011، كان 26% من أصحاب هذه الجنسيات الجديدة من افريقيا و23% منهم من آسيا و19% من بلدان أوروبية خارج الاتحاد الأوروبي و17% من أميركا الشمالية والجنوبية و11% من بلدان أخرى في الاتحاد الاوروبي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 2/كانون الأول/2013 - 28/محرم الحرام/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م