العنف المذهبي في باكستان .. طائفية تبيح دماء الشيعة

 

شبكة النبأ: شهدت باكستان اعمال عنف طائفية استهدفت المسلمين الشعية بشكل أساسي في هذا البلد المؤلف من أكثرية سنية والأقلية شيعية، وتزامنت هذه الاعمال الاجرامية مع احياء الشيعة لذكرى عاشوراء لأحياء استشهاد الإمام الحسين (ع) في باكستان، على الرغم من مواصلة المتطرفين اعتداءاتهم الجوفاء على أبناء الشعب الباكستاني، من خلال الهجمات المتزايدة والانتهاكات الصارخة، حيث تقف وراءها خصوصا مجموعات مرتبطة بالقاعدة وطالبان تعمد غالبا الى استهداف الاقلية الشيعية التي يشكل افرادها حوالى 20 في المئة من سكان هذا البلد المسلم الكبير البالغ عددهم 180 مليون نسمة، كما تستهدف الشعائر الدينية في عاشوراء، وتعمل على ضرب حرية المعتقد بشكل كامل باستهداف موسم عاشوراء الذي عرفت باكستان إحياءه منذ مئات السنين، وتجد البلاد صعوبة في السيطرة على العنف الديني المتزايد الانتشار، فيما نشرت باكستان تعزيزات امنية كبيرة على امتداد البلاد في ذكرى عاشوراء تفاديا لاي هجمات ضد مسيرات الشيعة، ومنذ بداية العام قتل نحو 400 شيعي في باكستان في هجمات طائفية تقف وراءها مجموعات سنية متطرفة ما اثار مخاوف من موجة جديدة من العنف لمناسبة عاشوراء.

في حين عبرت المنظمات الحكومية وغير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان عن قلقها من قمع الذي يستهدف الشعية في هذا البلد، بسبب تجدد اعمال العنف والاعمال الفوضوية بالانتقام وارهاب وقتل بعضهم البعض خطرا متزايدا من العنف والاضطرابات وبالتالي فقدان الاستقرار والسلام في البلاد.

فقد اتسع نطاق العنف الطائفي في باكستان بعدما دفعت الاشتباكات بين الاقلية الشيعية والاغلبية السنية قرب العاصمة الحكومة لفرض حضر للتجول وقطع خدمات الهاتف المحمول، وكانت الاشتباكات محصورة في مناطق داخل العاصمة وقد امتدت الى بلدتين في منطقة الشمال الغربي المضطربة، ولا تزال روالبندي التي يقع بها مقر قيادة الجيش الباكستاني تخضع لحضر التجول والاجراءات الامنية المشددة لمدة ثلاثة ايام بعدما تحول موكب شيعي الى اشتباكات طائفية اسفرت عن مقتل ثمانية اشخاص. بحسب رويترز.

وذكرت الشرطة ان مثيري الشغب اشعلوا النيران في محال اليوم في منطقة تقطنها اغلبية شيعية في بلدة كوهات في شمال غرب البلاد خلال اشتباكات اسفرت عن مقتل شرطي ومدني، وذكرت وسائل اعلام محلية ان التوتر تزايد في مدينة هانجو في شمال غرب باكستان والتي تخضع ايضا لحظر التجول.

في الوقت نفسه نشرت باكستان عناصر من الجيش لانهاء الاشتباكات المذهبية في ثلاث مدن غداة مقتل تسعة اشخاص وجرح حوالى 90 اخرين في اعمال عنف في مناطق عدة من البلاد، وفرضت السلطات حظر تجول في مدينة روالبندي حيث ادت اعمال العنف الطائفية الى سقوط تسعة قتلى على الاقل واكثر من 60 جريحا ونجم عنها اعمال عنف انتقامية في مدينتين اخريين على الاقل.

وقال الضابط في الشرطة المحلية وسيم احمد لوكالة فرانس برس انه تم فرض حظر للتجول في مدينة روالبندي لتفادي مزيد من العنف بعد الحوادث الاخيرة، مشيرا الى ان "المدينة برمتها اقفلت"، واوضحت المتحدثة باسم فرق الاغاثة ديبة شهناز لوكالة فرانس برس انه "بالاستناد الى اخر الارقام الواردة، يمكننا الان تأكيد مقتل تسعة اشخاص جراء اعمال العنف الطائفية، كذلك جرح 68 اخرون على الاقل خلال المواجهات".

وهاجم متظاهرون شيعة غاضبون مسجدا سنيا ومدرسة شرعية فقاموا باحراق المبنى ومتجر ثياب مجاور، حيث كان العمال لا يزالون يعملون على اخماد الحرائق المندلعة، ثم قامت المجموعات المتقاتلة بتبادل الهجمات والتعرض لمصوري قنوات التلفزيون وعناصر قوات الامن، كذلك قاموا باطلاق النار، ونشرت السلطات اعدادا كبيرة من الجنود في المدينة ثم فرضت حظر تجول كامل مع تسيير قوات امنية لدوريات لمنع تدفق المتظاهرين الاتين من مدن اخرى، كذلك اندلعت اعمال عنف في مدينتي ملتنان وجشتيان جنوب البلاد حيث امرت السلطات الجنود بالحفاظ على الامن والنظام.

وقال مسؤول كبير في شرطة ملتان لوكالة فرانس برس ان 12 شخصا على الاقل جرحوا عندما نزل متظاهرون سنة الى الشوارع احتجاجا على حوادث روالبندي، ما نتج عنه اشتباكات مع الشيعة الذين قاموا باطلاق النار في الهواء، وفي مدينة جشتيان المجاورة، تعرض مسجد شيعي لدمار جزئي وتم تدمير عدد من المتاجر بعد احراقها من جانب متظاهرين ردا على حوادث روالبندي، وتم اقفال الطرق كافة المؤدية الى روالبندي ما نجم عنه زحمة مرورية خانقة في صبيحة ما اعاق حركة المرور جزئيا في اتجاه اسلام اباد، وابلغ شهباز شريف رئيس وزراء ولاية البنجاب التي تعتبر روالبندي من كبرى مدنها، المشاركين في اجتماع رسمي اعقب المواجهات ان الحكومة ستعمل على احالة المسؤولين عن اعمال العنف الى المحاكمة، وقال في بيان "ندين اعمال العنف في روالبندي ونتعاطف مع العائلات المفجوعة. سنقوم بمحاسبة المسؤولين"، الا ان النائب المحلي الشيخ رشيد احمد العضو في المجلس الادنى في البرلمان والمتحدر من المنطقة اشار الى ان اعمال العنف الاخيرة نتيجة لما اعتبره فشل ادارة الحاكم الحالي، وصرح احمد خلال مؤتمر صحافي "اؤكد ان الادارة المحلية هي المسؤولة عن اعمال العنف التي حصلت الجمعة. لقد فشلت في السيطرة على الوضع".

على الصعيد نفسه قتلت الشرطة الباكستانية ستة رجال كانوا يعدون برايها هجوما ضد المسيرة العاشورائية الكبرى في كراتشي، بحسب احد المسؤولين الامنيين، وقال شودري محمد اسلام الذي قاد عملية الشرطة ان الرجال الستة ينتمون الى جماعة لشقر جنقوي المسلحة السنية المتطرفة المحظورة التي تشن باستمرار اعتداءات دامية ضد الاقلية الشيعية في باكستان.

والشيعة الذين يعدون حوالى 20 بالمئة من اصل 180 مليون باكستاني، يستعدون لاحياء ذكرى عاشوراء.

وبسبب تعرض مسيرة عاشوراء في الماضي لهجمات في هذا البلد، عززت السلطات الباكستانية الاجراءات الامنية في محيط المسيرات، وعملية مكافحة الارهاب ضد المقاتلين الستة الذين يعتقد انهم مناهضون للشيعة، جرت في حي ماريبور في غرب كراتشي "على اثر بلاغ من اجهزة الاستخبارات"، بحسب اسلام.

واثارت العملية تبادلا لاطلاق نار غزير اصيب خلاله ثلاثة شرطيين بجروح، كما قال اسلام، وفي مكان اطلاق النار، اعلنت الشرطة انها عثرت على سترات مليئة بالمتفجرات يرتديها الانتحاريون عموما وصواعق لقنابل وقنابل يدوية وسيارة مفخخة ايضا، وقالت الشرطة ان لشقر جنقوي كانت تعد لمهاجمة تجمع شيعي مرتقب في كراتشي الجمعة. وتعد مدينة كراتشي حوالى 18 مليون نسمة، وانفجرت قنابل صغيرة عدة استهدفت تجمعات شيعية في المدينة ما اوقع بعض الجرحى، وبين الاجراءات الاحتياطية المتخذة تتوقع السلطات قطع شبكات الهاتف النقال التي تستخدم في غالب الاحيان لتفجير قنابل من بعد.

من جهة أخرى اعلن مسؤولون باكستانيون ان مسلحين مجهولين على دراجة نارية قتلوا مديرا كبيرا شيعيا في جامعة في وسط باكستان، مع سائقه، وفي عملية دوافعها مذهبية على ما يبدو، قتل السيد شابير حسين شاه مدير شؤون الطلاب في جامعة غوجرات في ولاية البنجاب خلال توجهه الى حرم الجامعة، وقال قائد شرطة المنطقة علي نصير رضوي لوكالة فرانس برس ان "مسلحين على دراجة نارية اطلقوا النار على سيارته بينما كان على وشك الوصول الى حرم الجامعة صباح اليوم"، موضحا ان "سائقه ايضا قتل في الهجوم".

وقال الشيخ عبد الرشيد الناطق باسم الجامعة لفرانس برس انه "كان ينتمي الى الطائفة الشيعية لكنه مسؤول تقدمي جدا في الجامعة"، وصرح زملاء له انه تلقى تهديدات من قبل، وقال استاذ في جامعة غوجرات طالبا عدم كشف هويته ان "مجهولين قاموا بتهديده في الماضي"، وفرضت السلطات في مدينة كوهات منعا للتجول الاثنين بعد اعمال عنف مذهبية جديدة اودت بحياة اربعة اشخاص، كما قال مسؤولون. بحسب فرانس برس.

من جهة اخرى وفي هجوم منفصل في مدينة بيشاور شمال غرب البلاد، قتل مجهولان مسلحان كانا على دراجة نارية شرطيا يقوم بحراسة كنيسة، وقال المسؤول في الشرطة نجيب الرحمن لوكالة فرانس برس ان المهاجمين حملوا جثة الشرطي معهم.

الى ذلك شن مسلحون هجوما بالقنابل اليدوية في شمال غرب باكستان مستهدفين اجتماعا قبليا للشيعة ما اسفر عن سقوط اربعة قتلى من هذه الطائفة التي تتعرض لاعمال عنف متكررة، على ما افادت السلطات، ووقع الهجوم في وقت كان عدد من الشيعة مجتمعين لمحاولة تسوية خلاف حول ملكية اراض في احدى قرى منطقة اوركزاي احدى المناطق القبلية السبع الخارجة عن سيطرة الحكومة قرب الحدود مع افغانستان والتي تعتبر قاعدة خلفية لحركة طالبان.

وقال محمود اسلام المسؤول في السلطات المحلية لوكالة فرانس برس ان "ثلاثة مهاجمين وصلوا في سيارة جيب والقوا قنابل يدوية فرد حراس الاشخاص المجتمعين وقتلوا احد المهاجمين"، وتابع "قتل اربعة اشخاص واصيب اثنان اخران بجروح" مضيفا "كان ذلك على ما يبدو هجوما طائفيا لكننا نجهل في الوقت الحاضر هوية المهاجمين او المجموعة التي ينتمون اليها"، ووقع اعتداءان في مطلع العام في احياء شيعية من كويتا جنوب غرب باكستان اوقعا نحو مئتي قتيل وكانا الاعنف بين الهجمات التي تستهدف الاقلية الشيعية في باكستان. بحسب فرانس برس.

ويمثل الشيعة حوالى 20% من سكان هذا البلد البالغ عددهم الاجمالي 180 مليون نسمة والذي يشهد اعتداءات دامية ينفذ معظمها متمردو حركة طالبان الذين يقاتلون قوات الامن بالرغم من العرض الذي قدمته لهم اسلام اباد بالتفاوض من اجل السلام.

كما اقدم مسلحون على قتل ستة مواطنين شيعة في اقليم بلوشستان المضطرب (جنوب غرب باكستان) الذي شهد في وقت سابق من العام اعنف اعتداءات ضد هذه الاقلية في تاريخ البلاد كما افاد مسؤولون، ووقع الهجوم على الطريق بين كويتا، عاصمة الاقليم، ويعقوب اباد، وقال وحيد شاه احد كبار مسؤولي الاقليم الذي وقع فيه الهجوم ان "مسلحين هاجموا سيارة تقل ثمانية شيعة كانوا عائدين من عملهم في منجم للفحم. وقتل ستة منهم". واكد المسؤول الحكومي ممتاز ختران عدد الضحايا، واوضح شاه ان الجناة، الذين كمنوا للسيارة على جانب الطريق، لاذوا بالفرار بعد الهجوم الذي لم تتبنه اي جهة وان كان يحمل بصمة احدى الجماعات الاسلامية المتطرفة المعادية للشيعة في المنطقة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 28/تشرين الثاني/2013 - 24/محرم الحرام/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م