ترشيد الإستهلاك..

ثقافة المجتمعات الحديثة

زاهر الزبيدي

 

ليس من السهولة أن يتخلص الإنسان من عاداته وفرط إستهلاكه لشيء ما يتسبب فقده بأضرار إقتصادية كبيرة تمس جميع أبناء جلدته.. فالرغبة الكبيرة في داخلنا للاستحواذ على كل شيء، دفعتنا اليها الظروف المتقلبة لواقعنا، حتى لأصبحت عادة مترسمة في داخلنا يصعب التخلص منها دون نظام رقابي صارم يجبرنا على التخلي عن نزعاتنا المتخلفة احياناً والتي يمتد ضررها ليسود على كل أبناء شعبنا.

ونظرية ترشيد الإستهلاك من أهم نظريات التوفير في العالم وتشمل كل قطاعات الحياة ولا تستثن أي منها.. ففي مجال التغذية يعتبر الترشيد أنجع الأدوية لتلك الأمراض الحديثة التي جلبها الإسراف في تناول تلك الأطعمة المكلفة ذات السعرات الحرارية العالية التي يصعب التخلص منها بسهولة وفي مجال التوفير وترشيد إستغلال الموارد المالية وتوفير القروش البيضاء للأيام السوداء أمر لابد منه إذا ما أردنا إستغلالها في المستقبل حينما تنقض السنون على أعمارنا وتجبرنا على أن نسير بثلاث أرجل وأربعة عيون!

وفي مجال الطاقة الكهربائية.. حتى يومنا هذا ونحن ندخل مرحلة جديدة من مراحل توضحت فيها ملامح نجاح الخطط التي وضعتها الحكومة على طريق الإكتفاء من الطاقة الكهربائية ؛ نرى أننا بحاجة الى تعميق مفهوم ترشيد الإستهلاك والتحكم بصرفيات الطاقة الكهربائية مستفيدين من أن الجميع أصبح اليوم على يقين تام بأهمية ديمومة الحال المستقر من الطاقة الكهربائية فبعد شهرين تقريباً من تكامل تجهيزها بإستثناء بعض الإخفاقات التي تسببت بها موجات الأمطار الأخير وبعض القطوعات ؛ نرى أننا يجب أن ندعم التطور في تقنيات الطاقة الكهربائية أملاً في الوصول الى مبتغى الشعب والحكومة من خلال الترشيد في استهلاكها.

من كل ذلك نرى أننا بحاجة الى نظام رقابي صارم، في البدء على أقل تقدير، يدفع الجميع على إستقلال قطار الترشيد السريع، فأغلب أرباب الأسر العراقية كان يدفع مبالغ تصل في ذروتها الى 150 ألف دينار شهرياً وأكثر إحياناً من أجل توفير الكهرباء لأسرته على الرغم من كل الخلل في توفيرها من حيث النوعية إلا أن خلل التجهيز من المنظومات الوطنية كان يجبر الجميع على دفع أي مبالغ تطلب منهم لتوفير الكهرباء وتأمين المستلزمات الرئيسة لأسرهم.. الحقيقة أن الكهرباء كانت تشكل معضلة كبيرة لأبناء شعبنا وتأمينها اليوم بتلك الطريقة يعتبراً إنجازاً كبيراً، إذا ما أستمر، بل وإعجازاً في زمن أضاع الفساد فيه كل أمل للعراقيين في توفيرها.

أنها نعمة عظيمة علينا تداركها بالحمد والترشيد فهي في طريقها للإرتفاع بعد إفتتاح محطات كهربائية جديدة وإستمرار الإضافات النوعية لها بين الحين والآخر حيث تشير المصادر الى أنها قد تصل الى 30 ألف ميكا واط بعد حين.

إذن آن الأوان لإتباع سياسة جديدة من خلال إتباع اسلوب جديد في فرض رسوم الكهرباء من خلال تقدير حاجة الأسرة العراقية وفرض رسوم إضافية على من يتجاوز عن الصرف الإعتيادي لأننا بذلك نبدأ بإجبار المواطنين على إنتهاج سياسة الترشيد طمعاً في التخلص من الهدر في الطاقة الكهربائية، ويعلم الجميع أن الكهرباء لم تعد مشكلة العراق فحسب بل أن الكثير من الدول العربية أضحت تعاني من ضعف قدراتها في تأمين الطاقة الكهربائية لشعوبها إلا أن العراق بما حباه الله من إمكانيات وثروت قادر، إن شاء الله، على تجاوز محنة التجهيز تلك وعبور كل حواجز التخلف والفساد وإشاعة روح الحقيقية لترشيد الإستهلاك في كل المجالات.

[email protected]

http://annabaa.org/news/maqalat/writeres/Zahiralzubaidy.htm

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 25/تشرين الثاني/2013 - 21/محرم الحرام/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م