جون كينيدي... بوابة تاريخية لا تزال مفتوحة

تقرير: كمال عبيد

 

شبكة النبأ: يعد الرئيس الأمريكي الأسبق جون اف. كينيدي من ابرز الشخصيات القيادية على مستوى العالم، حيث دخل التاريخ الحديث من أوسع أبوابه دون أدنى شك، وصار محط أنظار الجميع منذ اغتياله قبل خمسسن عاما في دلاس، بغض النظر عن حب أو بغض الناس إليه، فلا تزال اسطورة كينيدي حية في قلوب اغلب الامريكيين، لما لعبه من دور هام في حياتهم أنذاك من خلال القرارات الحاسمة على المستوى الداخلي والخارجي ولعل أصعب قرارات حياته واهمها بشأن ازمة الصواريخ الكوبية التي كادت بأن تتسبب بحرب عالمية نووية بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي قد تنهي العالم أو دول كثيرة وحياة الملايين قد تكون بخطر، وذلك في تاريخ 22 أكتوبر 1962 قرر جون كندي وعلى الهواء مباشرة إرسال قوات البحرية الأمريكية لمنع السوفيت من اكمال المشروع لبناء الصواريخ.

وبعدها طلب من الرئيس السوفيتي نيكيتا خروتشوف ووافق الطرفان على رفع الصوايخ السوفيتية من كوبا مقابل وعد أمريكي بعدم غزو كوبا. تعد هذه الاحداث هي اقرب ما وصلت اليه البشرية من حرب نووية قاتلة. وأيضا جعلت قوة الارادة الأمريكية امام العالم أقوى.

ومن جانب آخر يشكل جون كينيدي مصدر الهام لا ينضب للروائيين وواضعي المحاولات الادبية والسينمائيين ومعدي الافلام الوثائقية من كل الانواع،  لكن هذا لا يعني ان النجاح مضمون، كما كان الرئيس جون كينيدي معروفا بعلاقاته المعقدة مع النساء من الوالدة روز إلى الزوجة جاكي مرورا بالنجمة السينمائية والمتدربة الشابة وغيرهن من النساء اللواتي مررن مرور الكرام في حياته، فلطالما كان الاسطورة كينيدي محط اهتمام وسائل الإعلام، نظرا للإقبال الجماهيري الوسع على معرفة شؤونه، فيما كان بعضهم مثار فضول الكثيرين حتى بعد مماته،

وعليه تبقى ذكرى الشخصيات العالمية معلومات يستفاد منها لتحصيل حكمة تنفع لحياة اليوم والغد، او تجربة تسبق الزمن تهدى الى ابناء اليوم على طبق من ذهب.

احياء الذكرى الخمسين

في سياق متصل البعض يلتقط صورا لشارة بيضاء على الارض فيما يؤكد اخرون وجود مؤامرة.. عشاق التاريخ والمؤرخون الهواة يلتقون في ديلي بلازا حيث اغتيل الرئيس جون كينيدي قبل خمسين عاما، ويقول الدليل مايكل سكوت استون من خلال مكبر للصوت متوجها الى سياح اتوا الى دالاس (ولاية تكساس في جنوب الولايات المتحدة) لزيارة الموقع الذي تم فيه هذا الحدث التاريخي في اطار "مسار الاغتيال"، "نحن في ديلي بلازا وكل يوم هنا هو 22 تشرين الثاني/نوفمبر 1963"، ويروي الدليل في الحافلة على الطراز القديم العائدة لشركة "بيغ دي فان تورز"، "الموكب الرئاسي دخل الى شارع ايلم وأخذ المسلك الوسطي، وفي هذا المكان بالذات سمع ازيز الرصاص" الذي اطلق على الرئيس الاميركي.

قبل ايام من الذكرى الخمسين لهذه المأساة التي صدمت العالم، يحاول الكثير من الفضوليين ادراك ما حصل بين اصوات ابواق السيارات ودخان عوادم السيارات، وقد قتل الرئيس الخامس والثلاثون للولايات المتحدة على طريق عادية لم تشهد تغييرا كبيرا عند مخرج وسط مدينة دالاس، فثمة جسر للسكك الحديد بثلاث قناطر فوق ايلم ستريت. وعلى جانب الطريق فسحة من العشب الاخضر يفصلها حاجز خشبي عن مبنى مصنوع من حجر الاجر.

ويقول استون "هذا المخزن السابق للكتب المدرسية في تكساس. انظروا الى نافذة الطابق الخامس!" مشيرا باصبعه الى زاوية المبنى، من هنا اطلق لي هارفي اوزوالد ثلاث رصاصات بحسب ما جاء في تحقيق لجنة وارن. وسيسقط العنصر السابق في البحرية الاميركية البالغ 24 عاما وكان من انصار الماركسية، بعد يومين على ذلك برصاص جاك روبي صاحب علبة ليل في دالاس، وبات المبنى يضم متحفا.

بين اشارتين مروريتين تسمحان بتوقف حركة السير، يمكن للسياح التقاط صور على الشارة البيضاء في وسط الشارع حيث سقط الرئيس، وقرب فسحة العشب الاخضر وضع مارك اوتس طاولة تغطيها الكتب. ويأتي هذا الرجل وهو "باحث في اغتيال جون كينيدي" كما تفيد بطاقته الشخصية، الى هنا بانتظام منذ العام 1986.

وهو يقول لاحد الفضوليين "لدينا الدليل على ان اوزوالد لم يتحرك بمفرده" عارضا شريط فيديو يعود الى فترة الاغتيال. ويشير المهندس السابق الى وجود وميض في دليل برأيه الى ان النار اطلق من مكان اخر ايضا، على مسافة قريبة يقول رون واشنطن (53 عاما) الذي يجري ابحاث من "22 عاما"، انه على اقتناع ايضا بوجود مؤامرة. ويؤكد "الناس يقررون بانفسهم اما انا فاكتفي بتقديم الادلة" عارضا للبيع مجلة "ذي كايس فور كونسبيراسي" لروبرت غرودن.

مارجي بنسون (80 عاما) التي تقيم في دالاس اتت لتطلع اصدقاء لها يزورن المدينة، على المكان. ولا تزال تتذكر كيف ان مديرها في العمل اعلن لهم ان الرئيس تعرض لاطلاق نار. وتضيف "عند اعلان وفاته كان الجميع مذهولا وصامتا، في حداد".

على الحاجز الخشبي عشرات رسوم الغرافيتي والعبارات منها "ارقد بسلام جون كينيدي" او

"اوزوالد تحرك بمفرده" و "مؤامرة! نريد الحقيقة".

وعلى طول المسار الذي سلكه الموكب الرئاسي، نصبت الاف الالواح الصغيرة التي رسمها تلاميذ صغار وسجناء وفنانون، تحكي عن الحب، وتقول الفنانة كارن بليسن التي تقف وراء مشروع "لوف بروجكيت" هذا، ان اغتيال كينيدي "يبقى جرحا في دالاس. والفن هو ردنا على اللقب الذي اعطي للمدينة وهو +مدينة الحقد+".

جون كينيدي مصدر الهام لا ينضب

في سياق متصل تقول شاي ايريرهارت المتخصصة بالنشر في جامعة كولومبيا في نيويورك لوكالة فرانس برس ان "حياة جون كينيدي ووفاته رويتا باشكال متعددة" في افلام وكتب ومسلسلات تلفزيونية مضيفة "انا اتوقع ان يستمر ذلك في الاجيال المقبلة. كنت اتمنى فقط ان يكون شكسبير لا يال على قيد الحياة ليكتب عنه كما ينبغي".

حتى عندما كا كينيدي لا يزال على قيد الحياة ابتكر الكاتب البريطاني جاي جاي ماريك شخصية المحقق جيديون الذي يحقق في مؤامرة تهدف الى اغتيال الرئيس وكان مقدمة للكتب الكثيرة التي وضعت منذ اغتياله في العام 1963.

وتضيف ايريهارت "وفاته شابا وعلى يد قاتل (..) تجعل منه شخصية تراجيدية رومنسية. مزاياه لطالما جذبت بقوة كتاب السير والقراء"، وتلقفت السينما والتلفزيون سريعا "اسطورة" كينيدي" من خلال اقتباس كتب حوله في غالبية الاحيان، ويشير جيف بلوك الخبير في شباك التذاكر لدى شركة "ريليشنز اكزبيتر" ان "حياة جون كينيدي تحوي كل عناصر فيلم هوليوودي رائع. رهانات كبيرة جدا ودسائس وخيانات والكثير من الاشخاص الوسيمين".

ومع ان علاقة كينيدي بزوجته جاكي او بالممثلة مارلين مونرو لا تزال موضوع اهتمام متواصل فان اغتياله هو الذي يحفز هذه الاوساط خصوصا، ويقول اوليفر ستون الذي ساهم فيلمه "جاي اف كاي " من بطولة كيفن كوستنر في العام 1991 في نظرية المؤامرة "ان عدم تبيان حقيقة ما حصل فعلا (في اغتياله) يستمر في اثارة الاهتمام. فان اي شخص ذكي ينبغي عليه تاليا ان يطرح اسئلة وقد حصل ذلك منذ خمسين عاما من دون هوادة".

ويعتبر نلسون ماكورميك الذي اخرج لحساب محطة "ناشونال جيوغرافيك" فيلم "كيلينغ كينيدي" ايضا ان اغتيال كينيدي "قضية كلما حققنا في اطارها كلما زادت الاسئلة المطروحة بشأنها"، ويوضح لوكالة فرانس برس "طالما ثمة بحث عن خيوط جديدة ستكون هناك افلام وكتب واعمال وثائقية".

لكن ينبغي اختيار "الزاوية" المناسبة لتناول هذه"الاسطورة". وقد ركز ماكورميك على شخصية القاتل لي هارفي اوزوالد . ويوضح "كانت فرصة لاضفاء طابع انساني على هذا الشرير الذي وصف بانه وحش. مع ان فعلته كانت فظيعة الا انه يبقى ابنا وزوجا وابا".

اما اوليفر ستون فكان فيلمه "جاي اف كاي" يهدف بوضوح الى التشكيك بالرواية الرسمية، ويقول "لقد قرروا ان اوزوالد هو المذنب وقد وضعت الادلة لدعم هذه الفرضية" مقرا انه اضفى طابعا رومنسيا على فيلمه ومبررا ذلك بقوله "كان فيلما دراميا وليس فيلما وثائقيا. لقد اضطررت الى المزج بين شخصيات وظروف لكي اتمكن من قول كل شيء في ثلاث ساعات"، لكن كينيدي رغم الاعجاب الذي يحظى به، لا يشكل بالضرورة ضمانة لنجاح العمل.

ويقول ريتشارد والتر استاذ السينما في جامعة كاليفورنيا في لوس انجليس "ما من شيء مضمون مسبقا مع اي كتاب او فيلم. وجعل كينيدي موضوعا للعمل ليس كافيا"، ففي السينما على سبيل المثال شكل "جاي اف كاي" نجاحا جماهيريا مع 205 ملايين دولار في العالم اما فيلم "باركلاند" الذي عرض في مطلع تشرين الاول/اكتوبر فلم يحصد سوى 650 الف دولار في شباك التذاكر، ويؤكد جيف بوك "كما هي الحال دائما في لوس انجليس فان الامر يتمحور على الطريقة التي يتم فيها تناول القصة. لا اظن ان جاي اف كاي هو حاصد للنجاح بحد ذاته"، وقد يأتي "العمل الكبير" المقبل المحتمل من ملك التشويق ستيفن كينغ. فقد اشترت استديوهات وارنر حقوق كتابه "11-22-63" (تاريخ اغتيال كينيدي) الذي نشر العام 2011 بنية تحويله الى مسلسل تلفزيوني. والكتاب يروي من خلال رحلة في الزمن محاولة منع عملية الاغتيال.

كينيدي وعلاقاته النسائية المعقدة

على صعيد آخر يكشف لاري ساباتو صاحب الكتاب الجديد عن عهد كيندي تحت عنوان "ذي كينيدي هاف سانتشري: ذي بريزندسي، أساسينايشن أند لاستينغ ليغاسي أوف جون ف. كينيدي" أن "الأمور كانت تختلف باختلاف النساء".

ويقول مدير مركز العلوم السياسية في جامعة فرجينيا لوكالة فرانس برس "كان كينيدي فاتنا وذا تصرفات لائقة مع صاحبات النفوذ، لكنه كان أيضا يعامل الشابات الحسناوات معاملة نابعة من رغباته الجنسية"، وأيقونة الموضة جاكلين بوفييه المولودة في تموز/يوليو 1929 في عائلة ميسورة تعد جزءا لا يتجزأ من حياة جون كينيدي. بحسب فرانس برس.

وقد تزوجت الصحافية الشابة في الرابعة والعشرين من العمر السيناتور المنتخب حديثا البالغ 36 عاما في العام 1953، وقد شجعت جاكي زوجها الذي كان يمضي فترة نقاهة بعد عملية في الظهر على تأليف كتاب "بروفايلز إن كورج" الذي نال بفضله جائزة بوليتزر. وهي دعمته خلال سباقه الرئاسي الذي تواجه فيه مع ريتشارد نيكسون، وفي البيت الأبيض كانت جاكي تمتلك ناصية الفنون والثقافة وهي كانت تشرف على حفلات كبيرة وتهتم بطفليهما كارولين وجون جون، وخلال الساعات التي تلت اغتيال كينيدي، رفضت جاكي التي كانت إلى جانبه في سيارة الليموزين الرئاسية أن تخلع بذلتها الزهرية اللون من ماركة "شانيل" الملطخة بالدماء. وهي قالت حينئذ "أريد أن يروا ماذا فعلوا بجاك".

وجاكي كينيدي التي تزوجت مرة ثانية برجل الأعمال اليوناني أريستوتل أوناسيس توفيت سنة 1994 عن 64 عاما، وكان جون وجاكي يقدمان صورة الزوجين الأميركيين المثاليين أمام الرأي العام، لكن الأمور كانت مختلفة في كواليس البيت الأبيض.

وتبقى العلاقة الغرامية التي ربطت رئيس الولايات المتحدة بالنجمة مارلين مونرو التي أدت أغنية "هابي بيرذداي ميستر بريزيدنت" (عيد ميلاد سعيد سيدي الرئيس) في حفل أقيم سنة1962 أشهر علاقات كينيدي الغرامية، ولم تكن جاكي على علم بهذه العلاقة فحسب، بل هي دعت أيضا النجمة السينمائية إلى أن تحل محلها، وفق ما جاء في كتاب صدر مؤخرا عن الصحافي كريستوفر أندرسن تحت عنوان "ذيز بريشيس فيو دايز: ذي فاينل يير أوف جاك ويذ جاكي"، وجاء في هذا الكتاب المتمحور على الزوجين كينيدي أن جاكي قالت لمارلين أعرض عليك أن"تنتقلي إلى البيت الأبيض وتتولي جميع المسؤوليات وأنا سأذهب وأنت ستواجهين المشاكل كلها"، ومن بين هذه المشاكل، جوديث كامبل إكسنر التي تؤكد أنها كانت على علاقة بالرئيس لمدة سنتين، وأيضا ميمي بيردسلي المتدربة التي كانت في التاسعة عشرة من العمر على علاقة لمدة 18 شهرا بجون كينيدي، وكتبت ميمي في مذكراتها الصادرة في العام 2012 "أنا لست نادمة على ما قمت به ... فكنت شابة متحمسة ولم يعد في وسعي تغيير مجرى الأمور"، وليس من المعلوم بعد عدد النساء اللواتي وقعن في شباك كينيدي خلال ولايته الرئاسية، لكن العدد كان كافيا بالنسبة إلى الاستخبارات لتتخوف من أن يقع كينيدي ضحية عمليات التجسس او الابتزاز في خضم الحرب الباردة.

وصرح لاري ساباتو أن "جون كينيدي كان جد متهور ... وهو ظل يخاطر بولايته الرئاسية وعائلته. وهو كان شبه متأكد من أن الاستخبارات الأجنبية كانت على علم بتصرفاته"، وروز كينيدي والدة الرئيس التي نقلت إلى أولادها شغفها بالسياسة قامت هي أيضا بغض الطرف عن علاقة غرامية لزوجها جوزيف خارج إطار الزواج ربطته طوال ثلاث سنوات بالممثلة غلوريا سوانسن.

بعد 50 عاما على مقتله ما زال كينيدي يبهر اوروبا

بعد خمسين عاما على مقتله بهت نجم جون فيتزجيرالد كينيدي في الولايات المتحدة حيث يجري انتقاد حصيلة اداء الرئيس الراحل بصراحة، لكنه ما زال يلمع في سماء اوروبا، فهذا الرجل الذي زار برلين في قلب قارة منقسمة الى معسكرين عدوين على خلفية الحرب الباردة ليعلن عبارته الشهيرة "اني برليني"، يجسد في الذاكرة شخصية زعيم يتمتع بالجاذبية والدينامية كانت تفتقر اليها اوروبا كثيرا في تلك الاونة.

ورنر اكيرت الالماني البالغ 81 عاما كان في برلين في ذلك اليوم الذي عبر فيه جون كينيدي امام الجدار الذي شيد قبل سنتين من ذلك للفصل بين شطري العاصمة الالمانية السابقة، عن تصميم "العالم الحر" على مواجهة سيطرة الاتحاد السوفياتي على شرق اوروبا.

وما زال يذكر "الرجل الاقوى في العالم الغربي الذي جاء خصيصا الى برلين ليعطينا الشجاعة وليبلغ الشرق (الاوروبي) بان الاميركيين لن يتخلوا عنا".

وكانت اوروبا التي انبهرت بسحر جاذبية كينيدي المتحدر من مهاجرين ايرلنديين وزوجته الجميلة الطالبة السابقة في جامعة السوربون في باريس، تقودها انذاك طبقة سياسية من نوع اخر مختلف تماما، فاسبانيا والبرتغال كانتا ترزحان تحت حكم دكتاتوري فيما كانت اليونان لا تزال تحمل اثار حرب اهلية وايطاليا يحكمها ديمقراطيون مسيحيون ينضوون تحت راية حزب توسعي تنخره المافيا. والمانيا الغربية كانت تنهض بصعوبة من كابوس النازية والخراب الاقتصادي فيما كانت فرنسا تستسلم بمرارة لخسارة امبراطوريتها الاستعمارية. اما بريطانيا فبقيت تحت قبضة ارستقراطية على نمط قديم. بحسب فرانس برس.

وروى الرجل السياسي الايطالي فالتر فلتروني عائدا بالذاكرة الى طفولته "اذكر تماما نضارة الجو الذي اشاعه ذلك الرئيس الشاب الجذاب على العالم"، مضيفا "تولد لدينا الشعور بان شتاء بعد الحرب اقترب من نهايته"، ولفت الصحافي والكاتب الفرنسي فيليب لابرو مؤلف كتاب "اطلقوا النار على الرئيس"، "ان جون كينيدي كان الرائد لما تبع ذلك. فجميع الرؤساء الاخرون لم يفعلوا سوى تقليد ما فعله كينيدي في تصرفاتهم واساليبهم الاعلامية"، واضاف "لقد فتح ثغرة في التفكير بانه كان يستحيل وضع رجل شاب على راس الدولة، لا يملك حكما الخبرة بل يكون مفعما بالطاقة والطموح".

وتابع "في السنوات التي تلت مقتله، اضحى اسمه صفة (تلصق باي شخص يسطع نجمعه) فان برز شخص مثلا في النورماندي يصبح كينيدي نورماندي"، وهكذا فان اسلوب كينيدي المسترخي مثالا يحتذى به حتى لدى الاجيال الحالية لرجالات السياسية الاوروبيين. فتوني بلير رئيس الوزراء العمالي البريطاني السابق ونيكولا ساركوزي الرئيس الفرنسي اليميني السابق استلهما منه صراحة، ولفت فريدريك لوكونت-ديو احد كتاب سيرة عائلة كينيدي ومنظم معرض في باريس الى ان "نيكولا ساركوزي ظهر في صورته الرسمية في الاليزيه (في 2007) يرتدي بزة مماثلة لبزة مخططة ارتداها كينيدي من محل بروكس براذرس" النيويوركي الشهير.

واسرة انييلي مالكة شركة فيات العملاقة للسيارات ما زالت توصف ب"كينيدي الايطالية" لاسيما وان كبيرها جاني غالبا ما رافق جاكي على شاطىء امالفي (جنوب غرب ايطاليا) حتى انه سرت شائعة عن مغامرة معها، وكانت جاكلين كينيدي عنصرا هاما في شعبية كينيدي في اوروبا وخصوصا في فرنسا حيث درست واتقنت اللغة الفرنسية. والرئيس الاميركي الراحل كان يقدم على انه "الرجل الذي يرافق جاكلين كينيدي في باريس".

وتسامح القارة العجوز ازاء التصرفات الخاصة للقادة ساعد ايضا على صون سمعة كينيدي الرجل الذي كانت مغامراته النسائية كثيرة. وقد خصصت صحيفة ايل جورنالي الايطالية مؤخرا مقالة مطولة عن علاقاته الجنسية. لكن بدلا من ادانتها كان هدف الصحيفة التي تملكها عائلة سيلفيو برلوسكوني الاضاءة على مغامرات رئيس الوزراء السابق.

وقال فيليب لابرو "لو كان مرشحا اليوم الى الانتخابات التمهيدية في الولايات المتحدة لكان امرا مذهلا لو ذهب بعيدا لان الصحافة كانت ستنقض عليه وتحقق بشأنه وتنشر كل شيء"، مشيرا ايضا الى العلاقة الغامضة لاسرة كينيدي مع المافيا الاميركية.

تذكارات للرئيس كينيدي تباع في مزاد بعد خمسين عاما على اغتياله

الى ذلك  يعرض للبيع في مزاد الشهر المقبل حوالى مئة تذكار عائد للرئيس جون كينيدي منها الكرسي الهزاز لذي كان يستخدمه في البيت الابيض ، في الذكرى الخمسين لاغتياله على ما اعلنت دار "هريتدج" للمزادات في نيويورك.

وهذا الكرسي الذي تقدر قيمته بحوالى خمسين الف دولار هو من ضمن 110 تذكارات للرئيس الخامس والثلاثين للولايات المتحدة التي تتضمن ايضا علمين اميركيين كانا وراء مكتبه في البيت الابيض ويقدر سعرهما بمئة الف دولار.

ويقام المزاد في 23 تشرين الثاني/نوفمبر في دالاس (تكساس جنوب) المدينة التي اغتيل فيها كينيدي وهو في السادسة والاربعين في 22 تشرين الثاين/نوفمبر 1963 بعد اقل من ثلاث سنوات على توليه السلطة. ومن المقرر اقامة الكثير من الفعاليات في هذه الذكرى، والمجموعة المعروضة للبيع تعود الى وليام رودوي وهو متطوع في حملة كينيدي الرئاسية في العام 1960 الذي جمع على مدى خمسين عاما تذكارات مرتبطة بالرئيس الاميركي الراحل، وكان الكرسي الهزاز موضوعا في مكتب سكرتيرة كينيدي الخاصة ايفلين لينكولن. وكان ينقل كثيرا الى المكتب البيضوي لكي يتمكن كينيدي الذي كان يعاني اوجاعا مزمنة في الظهر من الجلوس عليه خلال لقاءاته وساعات العمل لطويلة. بحسب فرانس برس.

واوضح توم سلايتر مدير المجموعات الاميركية في دار "هريتدج"، "الكراسي الهزازة كانت مريحة جدا بالنسبة له وكان غالبا ما يستخدم هذا الكرسي في حياته اليومية"، اما العلمان فقد اعطيا الى سكرتيرة كينيدي بعد خمسة ايام على اغتياله بطلب من جاكلين كنيدي، ومن بين القطع المعروضة للبيع ايضا نسخة موقعة عن خطاب التنصيب وقلم حبر كان يستخدمه في البيت الابيض وملصق عن حملته موقعة من شقيقه روبرت كينيدي ورسالة من جاكلين كينيدي تحمل شعار البيت الابيض تطلب من سكرتيرته ان تقوم باشتراك للرئيس مع مجلة "هيستوري توداي"، وتقدر دار المزادات ان يحقق المزاد نصف ملبون دولار.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 24/تشرين الثاني/2013 - 20/محرم الحرام/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م