الاكراد... انقسام يبدد احلام اليقظة

متابعة: محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: على الرغم من تفاؤل الكثير من الكرد بقرب تحقيق احلام دولتهم المنشودة على انقاض الصراع الدموي الدائر، تسبب الصراعات الفئوية والحزبية القائمة بين مناطق النفوذ الكردي دون اي مكتسب يعتد به.

اذ تجلت عن الاحداث السياسية الاخيرة في سوريا وتركيا الكثير من المعطيات التي تظهر عمق الهوة والشتات بين الفرقاء الكرد، مما يستبعد تحقيق اي مكتسب سياسي يعتد به قادر على رص الصفوف لتحقيق حلم الدولة الكردية.

ويرى بعض الخبراء ان اربيل باتت اكثر ادراكا لطبيعة اللعبة السياسية القائمة وتسعى الى عزل نفسها عن دائرة الاقتتال الدائر لدرء اي تأثير سلبي قد يجهض ما جهدت في تحقيقه على مدى العقود الماضية.

ويبلغ عدد الاكراد الذين يوصفون بأنهم أكبر جماعة عرقية بلا دولة في العالم حوالي 30 مليون نسمة يتركزون في أجزاء من تركيا وايران وسوريا والعراق. وفي حين كانوا يتمتعون بحكم ذاتي جزئي في كردستان العراق منذ عام 1991 فان الحركات القومية للاكراد تعرضت للقمع لفترات طويلة في تركيا وسوريا وايران.

وكما يبدو ان اربيل تفضل البقاء دويلة غير معترف بها على حساب قضية قد تكلفها خسارة ما عجزت اقرانها من المناطق الكردية في تحقيقه، واضعة نصب عينيها حلم الريادة في المستقبل البعيد.

فعشية زيارة مسعود البرزاني رئيس اقليم كردستان العراق الاكراد في تركيا لتأييد عملية السلام الناشئة مع أنقرة،  قال الجيش التركي ان مسلحين أكرادا هاجموا قافلة عسكرية قرب الحدود السورية بنيران البنادق وقذيفة صاروخية في واحد من أخطر الانتهاكات لهدنة قديمة سارية منذ ثمانية أشهر.

وتتودد تركيا الي كردستان العراق وخصوصا جهودها لمساعدة الاقليم في ان يطور صناعة مستقلة للنفط كان سببا لغضب بغداد التي تخشى ان تفكك العراق كما أثار مخاوف في واشنطن أيضا.

ويتهم الاكراد تركيا انقرة بعدم الايفاء بوعودها لجهة تطبيق اصلاحات خصوصا برفضها الاعتراف بهويتهم في الدستور رغم انه مطلبا رئيسيا بالنسبة لهم. وردا على ذلك علق حزب العمال الكردستاني في ايلول/سبتمبر انسحاب مقاتليه المسلحين من تركيا مهددا بذلك بنسف العملية برمتها.

ووصل البرزاني الي ديار بكر المدينة الرئيسية في منطقة جنوب شرق تركيا التي يغلب الاكراد على سكانها للقاء أردوغان بينما تضع أنقرة اللمسات الاخيرة على صفقات للطاقة بمليارات الدولارات مع الاقليم شبه المستقل ووسط قلق متزايد بشأن طموحات ميليشيات كردية في خضم الفوضى التي تعم سوريا المجاورة.

لكن في أنحاء البلدة حضر مئات الاشخاص اجتماعا حاشدا مناوئا عقده حزب السلام والديمقراطية الذي قلل من شأن زيارة البرزاني ووصفها بأنها استعراض نظمه حزب العدالة والتنمية. وكتب على لافتة في حافلة للحزب "البرزاني هل ستصبح مرشحا لحزب العدالة والتنمية في ديار بكر؟"

وقال محمد أمين يلمظ المسؤول بحزب السلام والديمقراطية في كلمة في الحشد "البرزاني يجب ان يأخذ في الاعتبار حساسيات شعب ديار بكر... أردوغان لم يتخذ خطوات ملموسة من اجل حقوق الشعب الكردي."

واكتسبت جهود تركيا لاقامة سلام مع حزب العمال الكردستاني اهمية اكثر الحاحا بسبب الحرب الاهلية التي تعصف بسوريا منذ أكثر من عامين ونصف حيث حقق الاكراد مكاسب كبيرة بالسيطرة على أراض في الاسابيع القليلة الماضية مما مهد الطريق لخططهم المعلنة منذ فترة طويلة لحكم ذاتي مستقل في اجزاء من سوريا على الجانب الاخر من الحدود الجنوبية لتركيا مباشرة.

وتعارض اعلان ادارة مؤقتة في المناطق التي يسيطر عليها الاكراد في سوريا مع رغبات مسعود بارازني ايضا انسجاما مع الموقف التركي.

حيث اعربت تركيا عن رفضها اعلان الاكراد تشكيل ادارة مدنية انتقالية في شمال شرق سوريا، واكد رئيسها عبدالله غول انها "لا يمكن ان تسمح بأمر واقع". وقال غول في تصريحات للتلفزيون خلال زيارة الى ارزينجان في شرق تركيا ان "تركيا لا يمكن ان تسمح بأمر واقع، ولن يكون واردا القبول بهذا الامر في سوريا".

وقد وقع حزب الاتحاد الديموقراطي، ابرز مجموعة كردية مسلحة، واحزاب كردية اخرى اعلان "تشكيل الادارة المدنية الانتقالية لمناطق غرب كردستان – سوريا".

وقد حذرت تركيا مرارا حزب الاتحاد الديموقراطي الذي يعتبر قريبا من حزب العمال الكردستاني (متمردون اكراد في تركيا) من اي ميول انفصالية، معتبرة ان من شأن ذلك ان يكرس التقسيم الذي ترفضه لسوريا المجاورة.

والمناطق الكردية في شمال سوريا، تتولى ادارتها مجالس محلية كردية منذ انسحاب القوات النظامية منها في منتصف 2012. وسيطرت ميليشيا كردية مؤخرا على سبع قرى أخرى في شمال شرق سوريا وهو ما يأتي بعد يوم من اعلان الجناح السياسي للمقاتلين تشكيل ادارة مؤقتة تهدف الى إقامة اقليم كردي سوري يتمتع بالحكم الذاتي.

وبدأت تركيا عمليات الحفر لوضع أساسات جدار على طول جزء من حدودها مع سوريا الشهر الماضي وعزت ذلك إلى دواع أمنية ولكنه أثار احتجاجات من الأكراد الذين قالوا إنه يهدف إلى الحيلولة دون تقارب العلاقات عبر الحدود بين المنطقتين الكرديتين في البلدين.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 23/تشرين الثاني/2013 - 19/محرم الحرام/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م