نووي ايران... فرصة تاريخية تراهن على المصداقية

متابعة : كمال عبيد

 

شبكة النبأ: يبدو أن مؤشرات حدوث انفراجة في القضية النووية الايرانية حقيقية، بعد دوخلها المسار الدبلوماسي من خلال المفاوضات النووية المكثفة بين ايران والغرب من أجل التمهيد لانهاء قضية دولية جدلية مستعصية منذ عشر سنوات.

إذ يرى الكثير من المحللين الدبلوماسيين إنه لا يزال من غير المؤكد حدوث انفراجة مرتقبة في المحادثات الأخيرة بجنيف، لكنها تشكل خطوة أولى في عملية طويلة ومعقدة نحو حل دائم يرضي جميع الاطراف، كما يرى هؤلاء المحللين إن وصول كيري وهيج وفابيوس ووزير الخارجية الألماني الألماني جيدو فسترفيله يشير إلى أن القوى الخمس الدائمة العضوية بمجلس الأمن وألمانيا ربما يكونون أقرب من أي وقت مضى إلى اتفاق طال انتظاره مع إيران.

فقد أضفت التحركات الحثيثة والليونة الدبلوماسية غير المسبوقة بين طرفي النزاع وخاصة من لدن الجانب الايراني، مناخنا ايجابيا يتيح احتمال التوصل لاتفاق نووي وشيك، خصوصا بعد التقارب التاريخي بين امريكا وايران، مما اثار امالا بحدوث انفراجة في كوة النزاع الطويل الامد، لكن في الوقت نفسه يواجه المفاوضون ضغوطا في واشنطن مع كونغرس يميل الى تشديد العقوبات الاقتصادية على ايران، وفي ايران مع الجناح المتشدد للنظام المعارض لاي تنازل حول تخصيب اليورانيوم الذي يعتبره حقا، ويشكك هذا الجناح ايضا في النوايا الاميركية، ولم تكشف إيران أو القوى الست تفاصيل المفاوضات وتجنبوا الاتهامات المتبادلة بسوء النوايا التي شابت اجتماعات كانت قد عقدت من آن لاخر على مدى العقد المنصرم.

لكن يرى معظم المحللين ان النزاع النووية بين الجانبين جسد في مختلف مراحله وتطوراته السابقة صورة مرسخة من عدم الثقة والعداء المتبادل الممزوجة بالمناورات السياسية وألأجندة المجهولة، حيث شكلت جل هذه العوامل عقبات كبرى أمام تسوية تاريخية للقضية النووية في السنوات القليلة الماضية.

لكن في آخر التطورات على هذا الصعيد تناقش إيران والقوى العالمية اتفاقا بخصوص تعليق جزئي للأنشطة النووية لمدة ستة أشهر تقريبا. وفي حال التوصل إلى اتفاق مبدئي فلن يكون إلا أول مرحلة في عملية تتألف من عدة جولات من المفاوضات المعقدة في الأشهر القليلة المقبلة بهدف التوصل إلى اتفاق دائم.

ومن بين الأفكار الرئيسية قيد الدراسة الإفراج عن دفعات من الأموال الإيرانية المجمدة في الخارج منذ عدة أعوام والبالغ قيمتها 50 مليار دولار. وهناك أفكار أخرى من بينها التخفيف المؤقت للقيود المفروضة على تجارة إيران في المواد البتروكيماوية والمعادن النفيسة.

وعليه تضفي التكهنات والمعطيات آنفة الذكر انه على الرغم من وجود تغيرات إيجابية في المواقف التفاوضية بين اطراف القضية النووية الا ان التوصل إلى نتيجة ملموسة لاتزال مستبعدة في الوقت الراهن.

في سياق ذاته قالت بريطانيا إنه لا تزال هناك قضايا مهمة بحاجة لحل في المفاوضات بشأن برنامج إيران النووي وإنه من غير المؤكد امكان التوصل لاتفاق خلال هذه الجولة من المحادثات رغم "احراز تقدم جيد للغاية" حتى الآن.

وقال وزير الخارجية وليام هيج للصحفيين خلال فترة استراحة في المحادثات "أحرزت هذه المفاوضات تقدما جيدا للغاية وما زالت تحرز تقدما جيدا، لكن لا تزال هناك قضايا مهمة بحاجة لحل لم تنته بعد... من السابق لأوانه القول بإننا سنتوصل لحل ناجح اليوم". بحسب رويترز.

في حين تتبنى فرنسا عادة موقفا أكثر تشددا من القوى العالمية الاخرى تجاه إيران واتهم وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف فرنسا بأنها اكثر عنادا من الولايات المتحدة في المحادثات، فقد حذرت فرنسا من ظهور عقبات كبيرة تحول دون التوصل لاتفاق طال انتظاره بشأن برنامج إيران النووي بعد ان مددت الجمهورية الإسلامية والقوى العالمية الست جولة المفاوضات ليوم ثالث، وبعد تمديد المحادثات قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إنه من غير المؤكد أن تنجح المحادثات النووية الجارية مع إيران في التوصل لاتفاق مؤقت يبدد المخاوف من تطوير إيران أسلحة نووية سرا.

وقال فابيوس لراديو فرانس إنتير "لا يمكنني أن أقول الآن وأنا أتحدث معكم أن هناك أي تأكيد على أننا يمكن أن نتوصل لنهاية" للمحادثات، وتابع "نحن مدركون لحقيقة تحقيق المحادثات زخما وثمة تركيز فعلي في هذه المفاوضات لذا علينا ان نبذل قصارى جهدنا لنستغل اللحظة"، وذكر فابيوس أن فرنسا تريد أن توقف إيران الانشطة في مفاعل آراك أثناء المفاوضات وأضاف أن ثمة تساؤلات بشأن مخزون إيران من اليورانيوم المخصب إلى درجة نقاء 20 في المئة، وقالت المتحدث باسم كاثرين اشتون مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي التي تنسق المفاوضات مع إيران نيابة عن الدول الست ان اشتون تواصل المحادثات والاتصالات "المكثفة" مع الاطراف المعنية.

ومن المتوقع ان تستأنف اشتون ووزير الخارجية الامريكي جون كيري وظريف المفاوضات الثلاثية في وقت لاحق وكانوا قد عقدوا جلسة مؤخرا، وقال كيري للصحفيين عند عودته لفندقه في جنيف "نعمل بجد"، وذكر مسؤول كبير بوزارة الخارجية الامريكية "واصلنا تحقيق تقدم خلال المساء مع عملنا لتضييق الخلافات"، وصرح عباس عراقجي نائب وزير الخارجية الايراني "كان مثمرا ولكن مازال امامنا عمل كثير نقوم به".

وحذر كيري في تصريحاته "من وجود بعض الفجوات المهمة ينبغي ان تسد"، ونقلت وكالة مهر الإيرانية للأنباء عن مجيد تختراونجي عضو الوفد الإيراني في المفاوضات قوله إن قضية تخفيف العقوبات المصرفية والنفطية يجب أن تبحث في المرحلة الأولى.

وعرضت القوى العالمية على إيران الحصول على أموالها المجمدة بالخارج منذ عدة أعوام والتي تصل قيمتها إلى 50 مليار دولار لكنها استبعدت أي تخفيف ملموس للعقوبات في المراحل الأولى للاتفاق.

وقالت مصادر دبلوماسية إن من المتوقع أن ينضم وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إلى المحادثات. ووصل كيري قادما من تل أبيب حيث التقى مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يرفض تقديم اي تنازلات لإيران وبدا ان اللقاء كان متوترا.

وحذر نتنياهو كيري ونظراءه الأوروبيين من أن إيران ستحصل على "صفقة القرن" إذا نفذوا اقتراحات بمنح طهران إعفاء محدودا مؤقتا من العقوبات في مقابل تعليق جزئي لبرنامج تخصيب اليورانيوم والتعهد بعدم توسيعه.

في الوقت نفسه اعلن مفاوضون ان مباحثات "معقدة جدا" حول البرنامج النووي الايراني المختلف بشانه، تدور في جنيف لبحث مقترح تقدمت به ايران في مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية.

وقال عباس عراقجي الذي يقود فريق المفاوضين الايرانيين، في تصريحات للتلفزيون الايراني "قبل الطرف الآخر الاطار المقترح من ايران الذي يشمل خطوة اولى وخطوة اخيرة وخطوات بينهما، ونحن نبحث الان التفاصيل".

واوضح عراقجي انه هناك جلسات عامة وجلسات على انفراد ثم محاولة لصياغة نص مشترك بين وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف ووزير خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون التي تراس الاجتماعات.

واضاف "امامنا عمل صعب. وبين مواقف الطرفين اختلافات هامة ولن يكون من السهل تقريب هذه المواقف لكن ما هو مهم هو ان الطرفين لديهما ارادة للقيام بذلك" معتبرا انه من المبكر جدا القول ان وجهات النظر تتقارب.

وقال المسؤول الايراني للصحافة الايرانية ان "تعليق التخصيب هو خطنا الاحمر" مضيفا "التخصيب سيستمر بالتاكيد في ايران"، بحسب وكالة الطلاب الايرانية ( ايسنا)، واكد ان "على الطرفين اتخاذ اجراءات لارساء الثقة المتبادلة، وسنتخذ (اجراءات) بنفس قيمة الاجراءات التي يتخذها الطرف الاخر في اطار الاعتراف بحقوقنا ورفع العقوبات".

من جانبه قال مايكل مان المتحدث باسم اشتون ان "المباحثات معقدة جدا وهي تدخل الان مرحلة جدية"، واضاف "المرحلة الاولى كانت جيدة" في اشارة الى الجلسة العلنية التي استمرت 45 دقيقة. وتشمل المباحثات جانبا سياسيا وجانبا تقنيا، بحسب مان الذي اكد انه هناك اتفاق بين المشاركين بالتكتم على محتوى المباحثات حاليا.

ويلتقي مفاوضو ايران ودول خمسة زائد واحد (الولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا والصين وفرنسا والمانيا) في محاولة للخروج من نحو عشر سنوات من المواجهة بشان البرنامج النووي لايران الذي تشتبه القوى الغربية الكبرى بانه يهدف الى الوصول الى القدرة على انتاج سلاح نووي.

من جانبه قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف ان الدول الست الكبرى وايران يمكن ان تتفق على "خارطة طريق" لانهاء الخلاف حول برنامج طهران النووي خلال محادثات جنيف، وقال لافروف للصحفيين في موسكو "لا أريد أن أخوض في أي تكهنات لكن هناك فرصة للاتفاق على منهج مشترك موحد بما في ذلك خارطة طريق تنهي هذه المشكلة".

وأضاف أن روسيا تريد حلا يعترف بحق إيران في أن يكون لها برنامج نووي سلمي وفي تخصيب اليورانيوم تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وقال "إذا أمكن الاتفاق على هذا المبدأ فأعتقد أننا سنتمكن من البدء في التحرك العملي باتجاه إزالة مخاوف المجتمع الدولي حيال البرنامج النووي الإيراني".

ومن جانبه قال ألكسندر لوكاشيفيتش المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية في إفادة صحفية إن هناك "تغيرات إيجابية جدا" في المحادثات كما تحدث يوري أوشاكوف مستشار السياسة الخارجية بالكرملين في تصريحاته للصحفيين عن "الديناميكية الإيجابية"، وروسيا واحدة من القوى العالمية الست التي تشارك في محادثات جنيف مع إيران.

من جهة أخرى قال البيت الأبيض إن "من السابق لآوانه" انتقاد اتفاق يجري بحثه في جنيف حول تقليص البرنامج النووي الإيراني لأنه لم يتم التوصل بعد إلى أي اتفاق، وقال جوش ارنست نائب المتحدث باسم البيت الأبيض للصحفيين المرافقين للرئيس باراك أوباما على متن طائرة الرئاسة الأمريكية المتجهة إلى نيو أورليانز "لا يوجد اتفاق إنما هناك فرصة لحل دبلوماسي محتمل وذلك بالضبط هو ما نسعى إليه، "وعليه فإن أي انتقاد للاتفاق سابق لآوانه".

وقال أوباما إنه مستعد "لتخفيف محدود" للعقوبات إذا أوقفت إيران التقدم في برنامجها النووي مع استمرار المفاوضات من أجل التوصل إلى اتفاق دائم، وردا على سؤال حول الانتقادات الحادة التي وجهها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للاقتراحات قال ارنست إن الولايات المتحدة وإسرائيل "متفقتان بشكل كامل على ضرورة منع إيران من الحصول على سلاح نووي".

وهدد مشرعون أمريكيون بفرض عقوبات جديدة على مبيعات النفط الإيرانية حتى على الرغم من أن محادثات جنيف تحرز تقدما على ما يبدو.

وقد تقدم لجنة المصارف في مجلس الشيوخ الأمريكي تشريعا بفرض عقوبات جديدة على مبيعات النفط الإيرانية بعدما وافق مجلس النواب على تشريع مماثل في يوليو تموز. ويدرس بعض الجمهوريين تقديم حزمة من العقوبات الأكثر صرامة على إيران في صورة تعديل على مشروع قانون من المتوقع أن تبدأ مناقشته الشهر القادم.

وقال مساعد كبير لعضو في مجلس الشيوخ "نريد أن نرى التفاصيل لكن إذا كان هناك اتفاق سيء فسوف يتعين على المشرعين بحث خياراتهم"، وقام كيري بزيارة لم تكن مقررة لجنيف حيث تجري إيران والقوى الكبرى محادثات على قدر كبير من الأهمية حول تقليص برنامج إيران النووي.

من جهته قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إنه لا تزال هناك فجوات مهمة ينبغي سدها في المحادثات مع إيران بخصوص الحد من برنامجها النووي وإنه سيجتمع مع نظيره الإيراني خلال فترة قصيرة لمحاولة التوصل إلى اتفاق مبدئي، وقال كيري للصحفيين بعد فترة وجيزة من وصوله إلى جنيف مهونا من التوقعات بحدوث انفراجة "أود التأكيد على أنه لا يوجد اتفاق في الوقت الحالي".

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 16/تشرين الثاني/2013 - 12/محرم الحرام/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م