نواب يغشون.. فكيف يحاربون الفساد!

مهند حبيب السماوي

 

يوصي العلماءُ الانسان ، استنادا الى ابحاث ودراسات تتعلق بالأوقات المختلفة للكذب، أن يقوم باتخاذ القرارات الهامة من الناحية الأخلاقية في الفترة الصباحية بدلا من الفترة المسائية لان الناس، وبحسب معطيات التجارب التي أجراها علماء نفس جامعة هارفرد في الولايات المتحدة الأمريكية، يكذبون في الفترة المسائية أكثر من الفترة الصباحية.

هذه الحقيقة التي اثبتتها التجربة لاتنطبق على بعض نواب برلماننا المحترمين، اذ اظهروا ان الكذب في الصباح، خصوصا في جلسات البرلمان، يمكن ان يكون اكثر من المساء حينما يلتقون سوية مع بعضهم البعض في جلسات السمر حيث يتغنون بحب الوطن ويبكون على تقصيرهم بحق المواطن! ويقسمون كل ليلة على انهم صباحا سوف يقدمون استقالاتهم للنجيفي بسبب تأنيب ضميرهم!

اقدام رئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي، بالجلسة الـ 29 لمجلس النواب التي انعقدت يوم الاثنين الماضي المصادف 28-10-2013 ، على تغييب 37 نائبا صوّت لهم زملاؤهم بالنيابة عنهم في حضور الجلسة، يكشف عن وجه اخر من اوجه الكذب الذي يمارسه بعض اعضاء البرلمان ويبيّن حقيقة مايجري داخل البرلمان العراقي الذي تشفى العراقيون بـه على نحو وصل الى تخوم السخرية وحدود التهكم حينما قررت المحكمة الاتحادية الغاء رواتبهم التقاعدية في دلالة واضحة واشارة جلية لاتقبل الشكوك حول مايكنه الشعب العراقي لهذه الطبقة السياسية التي من المفترض ان تكون ممثلة حقيقية له وناطقه باسمه ومعبرة عن طموحه.

المصدر البرلماني اوضح ان "العد الالكتروني لحضور الجلسة بيّن ان 220 نائبا حضر الى الجلسة، بينما كشف العد اليدوي حضور 187 نائبا حاضرا فقط" ،ما يعني بكل وضوح قيام بعض من هؤلاء النواب بعميلة " غش " غير اخلاقية للتغطية عن نواب لم يحضروا الجلسة ولم يكونوا ضمن الحاضرين فيها.

قرار تغييب النجيفي لمن غاب عن الجلسة امر طبيعي لايستحق ان يتخذ فيه قرار ويتم نشره في وسائل الاعلام كنوع من " الدعاية واشعار المواطن ان رئاسة البرلمان تعاقب النواب المتغيبين وحريصة على تطبيق القانون بحق هذه الفئة "، بل ان هذا القرار غير مكتمل ونظر للقضية من منظار واحد ضيق يستحق، بالنسبة للرؤية العميقة، وبعد التحليل الهادئ، النقد والذم اكثر منه المدح.

فالمفترض ان يقوم النجيفي بمعاقبة النائب الذي صوّت بالنيابة عن نائب اخر لم يحضر للبرلمان اصلا وكان غائبا عن الجلسة وذلك لقيامه بسلوك اقل مايوصف بانه " مُخجل وطفولي" يُذكرنا باسلوب الطلاب الكسالى الفاشلين الذين يقومون بالغش في الامتحان عبر طرق مختلفة منها التغطية على طلاب " فاشلين وكسالى " مثلهم لم يحضروا الدرس فيقوم اصدقائهم بالتوقيع بدلا عنهم!.

مفارقة اخرى مُحزنة اخرى في الجلسة التي انعقد ذلك اليوم حيث كانت بحضور 237 أي بغياب 88 نائب في البرلمان فضلوا عدم المجيء للجلسة" لأسباب شتى يعرفها النجيفي بالطبع"، على الرغم من ان تلك الجلسة كانت تتضمن التصويت على مشروع قانون اعمار البنى التحتية وقانون الانتخابات والقطاعات الخدمية من قبل لجنة الاقتصاد والاستثمار واللجنة القانونية واللجنة المالية ولجنة الخدمات والاعمار".

هذا يعني ان البرلماني الذي يغيب عن جلسة تقتضي التصويت على قوانين مهمة من غير عذر قانوني فانه يُثبت للجميع بأنه غير مكترث ولايعبأ بالأمانة التي حمّلها له الشارع العراقي ، ولذا فهو جدير بان يوصم ب" الخيانة" بكل صراحة ولا تنفعه الاعذار والتبريرات التي قد يسوقها في معرض دفاعه عن نفسه امام النقد واللوم.

واذا وصفت النائبة عن ائتلاف دولة القانون، حنان الفتلاوي، في تصريح صحفي لها، التصويت على 6 مواد من قانون الانتخابات، بانه مسرحية بائسة من حيث اعتبار "المواد المصوت عليها غير خلافية" فإنني اعتقد بان الكثير من النواب لازالوا يقدمون مسرحيات هزلية وليست بائسة فحسب يمكن ان تكشف للعراقي حقيقة المشهد البرلماني العراقي الذي لم يصيبه التوفيق في الكثير من نشاطاته واعماله.

من حق المواطن ان يسأل اخيرا...امام نواب يكذبون... يغشون... يغيبون عن جلسات البرلمان... كيف يمكن ان نطمأن لحربهم ضد الفساد؟ وان نصدّق تصريحاتهم وحرصهم على الحرب ضد الفساد؟ اليس من المفترض ان يصلحوا انفسهم قبل نقد الاخرين واصلاحهم؟

[email protected]

http://www.annabaa.org/news/maqalat/writeres/mohendalsmawoi.htm

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 11/تشرين الثاني/2013 - 7/محرم الحرام/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م