تركيا وأوروبا... تبدد حلم الانضمام

 

شبكة النبأ: يوما بعد يوم تبتعد تركيا عن اوروبا على الرغم قرار الاتحاد الاوروبي بفتح فصل جديد في مفاوضات انضمام تركيا بعد توقف استمر ثلاث سنوات عقب تخلي ألمانيا عن معارضتها احتجاجا على حملة الحكومة التركية على المتظاهرين في يونيو حزيران، لكن كما يبدو ان المعوقات الكثيرة السياسية والديموغرافية  تعسر انضمامها للاتحاد الاوروبي، ولعل المستجدات الاخيرة بقمع الاحتجاجات المناهضة للحكومة التركية شكلت عقبة اساسية امام سير مفاوضات الانضمام، فيرى الاتحاد الاوربي ان قيم الديمقراطية غير قابلة للتفاوض بالنسبة لاوروبا، في الاشارة الى ان قمع الحكومة التركية للاحتجاجات الشعبية منافي لمعاير الحرية والديمقراطية، اضافة الى النزاع حول جزيرة قبرص المقسمة التي لا تعترف بها تركيا ومعارضة من جانب دول أعضاء رئيسية في الاتحاد الاوروبي مثل فرنسا والمانيا، وتشعر الدولتان دائما بقلق من السماح لبلد اغلب سكانه من المسلمين بالانضمام للاتحاد الاوروبي خشية ان تؤدي الاختلافات الثقافية لتركيا وحجمها الى صعوبة اندماجها.

وقد جسد اعتراف تركيا مؤخرا بأنها قد لا تنضم ابداً للاتحاد الاوروبي بسبب المواقف المتحاملة للاعضاء الحاليين للاتحاد فيما يبدو انه اول اعتراف على مستوى عال بان المحاولة التي تبذلها انقرة منذ عشرات السنين قد تفشل، وهذا يعني ان حلم انضمام تركيا لاتحاد القارة العجوز قد تبدد، حيث رأى الوزير الوزير التركي المكلف العلاقات مع الاتحاد الاوروبي ايغمان باغيش ان "الاتراك سئموا من ابعادهم" عن الاتحاد الاوروبي مشيرا الى خيبة امل بلاده لعدم حصولها على وضع البلد العضو في الاتحاد بعد اكثر من ثماني سنوات من المفاوضات، وقال الوزير "اهتمام الاتراك بالانضمام يتراجع يوما بعد يوم"، وعلى حسابه على تويتر انتقد الوزير ايضا نشر التقرير الاوروبي خلال عيد الاضحى، وقال "رغم تحذيراتنا نشر التقرير خلال عيدنا"، واقترحت المفوضية الاوروبية تحريك المفاوضات مع تركيا رغم قمع التظاهرات في اسطنبول في حزيران/يونيو، في تقريرها السنوي حول عملية التوسيع.

وبحسب المفوضية على مفاوضات انضمام انقرة التي فتحت في 2005 لكنها معطلة منذ سنوات بسبب ملف قبرص والتحفظات الالمانية والفرنسية "ان تتحرك"، وبالتالي تطلب المفوضية من الدول الاعضاء التي قد تعلن موقفها خلال اجتماع في 22 تشرين الاول/اكتوبر تاكيد التعهد الذي قطعته في حزيران/يونيو بفتح مع هذا البلد فصلا جديدا من المفاوضات هو ال22 المتعلق بالسياسة الاقليمية.

وحذر التقرير من ان ارساء الديموقراطية يجب ان يبقى المعيار الاساسي لاي تقارب بين تركيا والاتحاد الاوروبي بسبب اخفاقات انقرة في هذا المجال خصوصا من خلال "اللجوء المفرط الى عنف قوات الامن" خلال موجة التظاهرات التي شهدتها ساحة تقسيم في الربيع، ورغم "سلسلة الخطوات المهمة" التي اتخذت منذ عام وتشمل اصلاحات لصالح الاقلية الكردية، اكدت المفوضية على "ضرورة تطوير ديموقراطية حقيقية تشاركية" و"ضمان احترام الحريات الاساسية"، على الصعيد نفسه رفضت تركيا انتقادات الاتحاد الاوروبي لقمعها العنيف للتظاهرات المناهضة للحكومة وحملت "بعض الدول الاعضاء" مسؤولية عرقلة مفاوضات انضمامها لاوروبا، وكانت المفوضية الاوروبية حثت الحكومات الاوروبية على اعادة فتح مفاوضات انضمام تركيا رغم قمع انقرة للتظاهرات، وانتقدت المفوضية الاوروبية في تقريرها السنوي حول عملية التوسيع انقرة بسبب "موقفها المتصلب في مواجهة المتظاهرين واستخدام القوة المفرطة" من قبل الشرطة بحقهم، وكان ذلك اول رد فعل تركي على التقرير. وقال باغيش ان "المفاوضات متوقفة بسبب موقف بعض الدول الاعضاء" لكن بدون ان يحددها.

وحث التقرير الدول ال28 الاعضاء في الاتحاد الاوروبي ان تؤكد التزامها الذي قطعته في حزيران/يونيو بأن تستانف المفاوضات مع تركيا او ان توسع نطاقها ليشمل مواضيع الحقوق الاساسية والحريات، وقال باغيش ان "مستوى تركيا حاليا بالنسبة للديموقراطية وحقوق الانسان والنمو الاقتصادي اقرب مما يكون الى معايير الاتحاد الاوروبي".

واضاف "ان واقع عدم تطرق هذا التقرير الى اي تقييم سلبي يمكن ان يحول دون فتح الفصل 22 (المتعلق بالسياسة الاقليمية) يعتبر ابرز مؤشر على تصميم تركيا بالنسبة لعملية الاصلاح"، والسلطات التركية متهمة بارتكاب "انتهاكات كبرى لحقوق الانسان" خلال قمع التظاهرات المناهضة للحكومة التي هزت البلاد في حزيران/يونيو والتي بدات بمسيرات احتجاج على اقتلاع اشجار حديقة في وسط اسطنبول، وقالت منظمة العفو الدولية في تقرير اصدرته في وقت سابق هذا الشهر ان الشرطة التركية ارتكبت "سلسلة انتهاكات لحقوق الانسان على نطاق واسع".

وتحولت المسيرات التي بدأت بتحرك لناشطين في مجال حماية البيئة لانقاذ حديقة جيزي من مشروع انمائي، الى موجة احتجاجات عمت البلاد ضد حكومة رجب طيب اردوغان، وقتل ستة اشخاص على الاقل واصيب اكثر من ثمانية الاف في التظاهرات التي استمرت ثلاثة اسابيع في كافة انحاء البلاد واعتبرت اكبر تحد يواجهه حزب العدالة والتنمية الحاكم منذ وصوله الى السلطة في العام 2002.

وفي الوقت نفسه قال ستيفان فولي مفوض شؤون التوسع في الاتحاد الاوروبي إن محادثات مجال التفاوض الجديد مع الاتحاد المكون من 28 دولة ستبدأ في الخامس من نوفمبر تشرين الثاني وينبغي تسريع وتيرة المحادثات لمساعدة أنقرة على تنفيذ إصلاحات ديمقراطية، وتريد كثير من العواصم الأوروبية القيام بالخطوة التي تأخرت كثيرا على طريق انضمام تركيا قائلة إن أوروبا يجب أن تستفيد من نمو أنقرة السريع وتنامي نفوذها في الشرق الأوسط. وتخشى عواصم أخرى انضمامها لأنه يصل بالتكتل الأوروبي إلى حدود دول مثل سوريا والعراق وإيران، وأشادت المفوضية الأوروبية هذا الشهر في تقريرها السنوي عن مدى التقدم في تحقيق معايير الانضمام بالإصلاحات القضائية في تركيا وإعلان الحكومة الشهر الماضي مجموعة قوانين تهدف إلى إنقاذ عملية السلام مع المتمردين الأكراد.

ومجال التفاوض الجديد واحد من بين ما يزيد على 30 مجالا يتعين التفاوض عليها قبل الموافقة على انضمام تركيا وستتناول الجولة الجديدة السياسات المتبعة في إنفاق مساعدات الاتحاد الاوروبي المخصصة للمناطق الفقيرة.

ورحب وزير شؤون الاتحاد الأوروبي في تركيا اجمن باغيش بالقرار وقال إنه يأمل أن يمثل بداية جديدة في العلاقات المتوقفة بين أنقرة والاتحاد، وأضاف في مأدبة غداء لتوديع سفير الاتحاد الأوروبي في تركيا بعد انتهاء مدة عمله "نتمنى أن تصبح علاقات تركيا بالاتحاد الأوروبي أكثر استقرارا وسنشهد فترة تزال فيها العقبات غير المنطقية وغير الضرورية والتي لا معنى لها"، ودعا باغيش إلى بدء المحادثات في مجالين آخرين من مجالات التفاوض يتعلقان بحقوق الإنسان وحرية التعبير والقضاء وقال إن معظم الانتقادات التي وجهتها المفوضية الأوروبية لتركيا تنصب على هذه القضايا.

وسخر أردوغان من الاتحاد الاوروبي وهو الذي طالما تميز غيظا من الانتقاد الأجنبي لأسلوب تصديه لاحتجاجات الصيف وكثيرا ما هاجم موقف التكتل الاوروبي من تركيا، وأضاف في خطاب أمام نواب حزب العدالة والتنمية الحاكم "هل أصبح الشغل الشاغل للاتحاد الأوروبي هو اعداد تقارير تقدم عن تركيا؟، "الاتحاد الأوروبي سخي للغاية في انتقاد الدول المرشحة للعضوية ونحن ننتظر منه ان يقوم ببعض الانتقاد الذاتي ويكتب تقرير تقدم عن نفسه".

كما قال مصدر إن ألمانيا تعتزم الموافقة على فتح مجال جديد في مفاوضات الانضمام لعضوية الاتحاد الأوروبي مع تركيا متخلية عن اعتراضها على ذلك منذ يونيو حزيران بعد حملة أنقرة على الاحتجاجات المناهضة للحكومة.

وأوصت المفوضية الاوروبية بتنشيط مسعى انقرة للانضمام للاتحاد الأوروبي في تقرير سنوي نشر الأسبوع الماضي عن مدى التقدم الذي أحرزته الدول المرشحة للعضوية في تحقيق شروط الانضمام برغم قولها إن الشرطة التركية استخدمت القوة المفرطة لاخماد الاضطرابات.

ومن المقرر ان تنظر حكومات الاتحاد الاوروبي في تقرير المفوضية في اجتماع يعقد في 22 اكتوبر تشرين الأول وان تبحث امكان بدء المفاوضات في مجال جديد من مجالات التفاوض مع تركيا. وقال مصدر مقرب من الحكومة الألمانية إن برلين ستتخلى عن معارضتها، وتقول مصادر بالاتحاد الاوروبي ان الحكومات قد تقرر بدء الجولة الجديدة من المحادثات مع تركيا في اوائل نوفمبر تشرين الثاني.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 7/تشرين الثاني/2013 - 3/محرم الحرام/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م