البحرين... ارادة شعب تذل شوكة الاستبداد

 

شبكة النبأ: لاتزال السلطات البحرينية وعلى الرغم من التنديد المستمر من قبل المنظمات الدولية الكبرى تواصل استخدام أساليب القمع والقسوة المفرطة ضد المواطنين الأبرياء المطالبين بإجراء بعض الاصلات السياسية في المملكة، وبحسب بعض المراقبين فان السلطات الحاكمة في البحرين والمتهمة بارتكاب انتهاكات خطيرة في ملف حقوق الإنسان بدوافع طائفية، تسعى وبشكل دائم الى تضليل الرأي العام وقلب الحقائق في سبيل مواصلة تلك الانتهاكات, وفيما يخص أخر تلك الانتهاكات فقد أطلقت الشرطة البحرينية أعيرة من سلاح الخرطوش والقنابل الصوتية والغاز المسيل للدموع لتفريق مئات المتظاهرين الشيعة الذين حاولوا الوصول الى دوار اللؤلؤة في المنامة بعد تشييع متظاهر شيعي توفي في المستشفى كما افاد شهود. وكان المتظاهر الذي توفي، معتقلا منذ اب/اغسطس في اطار قضية تتعلق بالتظاهر غير المرخص.

وقال شهود عيان ان المئات من المتظاهرين الشيعة من الرجال والنساء، خرجوا في تظاهرة باتجاه دوار اللؤلؤة، ورددوا شعارات "بالروح والدم نفديك يا شهيد"، "هيهات ننسى الشهداء"، "يسقط حمد" في إشارة الى ملك البحرين حمد بن عيسى ال خليفة. وفرقتهم الشرطة بالقوة، ووقع عدد من المصابين بفعل سلاح الخرطوش من دون ان تكون هناك حصيلة بذلك.

ودوار اللؤلؤة هو مهد لحركة الاحتجاجات التي قادتها الأغلبية الشيعية في البحرين قبل ان تقمعها السلطات وتمنع حصول اي تجمع في هذا الدوار. وكان المئات من الشيعة شاركوا بعد في تشييع جثمان المتظاهر الشيعي يوسف النشمي (31 عاما) في قرية المصلى الشيعية القريبة من المنامة، وذلك بعد ان أعلنت وزارة الصحة البحرينية وفاته بعد ان ظل في غيبوبة في المستشفى منذ 19 يوما.

وتحدث نشطاء عن ان النشمي تعرض للتعذيب منذ اعتقاله من قبل الشرطة البحرينية وحرم من الرعاية الطبية مما تسبب في تدهور حالته الصحية في السجن نقل على اثرها للمستشفى. وقالت وزارة الصحة في تغريدات على "تويتر" الجمعة، أن "المتوفي احضر الى المستشفى وقام الفريق الطبي في المستشفى بفحصه وتبين انه يعاني من تلفيات في خلايا المخ بسبب نقص المناعة، نقل بعدها إلى العناية المركزة حيث تم تقديم كافة الرعاية الصحية اللازمة بحسب حالته، وأشارت الى ان "سبب الوفاة يعود إلى تلف خلايا المخ بسبب نقص المناعة، وقد كانت حالته متأخرة.

الى جانب ذلك تظاهر الاف الشيعة في قرية قرب المنامة مطالبين بحل سياسي في هذه المملكة الخليجية التي تشهد اضطرابات منذ 2011، وفق شهود. وافاد الشهود ان الافا من الرجال والنساء تظاهروا في قرية عالي الشيعية جنوب غرب المنامة، تلبية لدعوة وجهتها المعارضة الشيعية لأنصارها للمشاركة في تظاهرة أطلقت عليها مطالبنا.. عدل.. مساواة.. ديموقراطية. واشاروا الى ان المتظاهرين حملوا اعلام البحرين وصورا لعشرات المعتقلين على خلفية الاحتجاجات التي تشهدها المملكة، ورددوا شعارات "نطالب بالافراج عن المساجين"، "هيهات منا الذلة"، "تنحى يا خليفة" في اشارة الى عم الملك رئيس الوزراء الامير خليفة بن سلمان ال خليفة.

واكدت المعارضة البحرينية في بيان في ختام التظاهرة ان النظام البحريني يتهرب من الاستحقاقات السياسية المشروعة لشعب البحرين عبر الإمعان في المنهجية الأمنية والقمع والبطش، الذي يزيد من انسداد الأفق السياسي ويقضي على فرص الحل السياسي، مشددة على أن أي حلول ترقيعية مرفوضة ولا يمكن لأي حل لا يحقق مبدأ الشعب مصدر السلطات جميعا أن يخلق استقرارا سياسيا في البحرين. واعتبرت المعارضة أنه لا يمكن تحقيق حل سياسي لا يمكن الشعب من إدارة شؤون بلاده، عبر ارجاع حقه في التداول السلمي للسلطات.

أحكام قاسية

في السياق ذاته قضت محكمة بحرينية بعقوبات قاسية بالسجن لمدد تصل إلى 15 عاما على 50 شيعيا، بينهم الناشط الحقوقي ناجي فتيل، بعد محاكمة جماعية زعمت ارتباط النشطاء بحركة "14 فبراير"، التي تدعى الحكومة أنها تعمل على الإطاحة بالنظام. 14 فبراير/شباط هو تاريخ بدء اندلاع حركة الاحتجاج في 2011. ولا يزال قادة تلك الاحتجاجات السلمية في الأغلب الأعم في السجن وانضم إليهم نشطاء آخرون على مدى العامين الماضيين أدينوا لمجرد ممارستهم حقوق التعبير وتكوين الجمعيات (التنظيم)، والتجمع السلمي. وتجري محاكمة معتقلين مدنيين في محاكمات صورية، مع العديد من الحالات الموثقة بتعريضهم للتعذيب من أجل انتزاع الاعترافات.

من جهة اخرى افاد مصدر قضائي ان محكمة في البحرين حكمت على ستة متظاهرين شيعة بالسجن عشرة اعوام ووجهت النيابة العامة البحرينية للمتهمين تهمة الشروع في قتل شرطيين أثناء تأديتهم وظيفتهم عبر قذف سيارة شرطة بزجاجات المولوتوف، وحرق سيارة شرطة، بالاضافة الى المشاركة في تظاهرة غير مرخصة. ووفقا لما جاء في التحقيقات التي أجرتها السلطات الامنية، فان المتهمين هاجموا سيارة الشرطة المتمركزة قرب قرية جد حفص (الشيعية القريبة من المنامة) بواسطة زجاجات المولوتوف، ما تسبب في احتراق جزء من السيارة وإصابة شرطيين بإصابات متفرقة، وتعاملت الشرطة معهم بإطلاق الغاز المسيل للدموع وتمكنت من تفريقهم.

في السياق ذاته اعلن مصدر قضائي بحريني ان المحكمة الجنائية حكمت بالمؤبد على اربعة من الشيعة متهمين بتشكيل مايسمى خلية ارهابية ضمن 24 شخصا برات منهم 14 في حين نال الاخرون مددا تتراوح بين ست و15 سنة سجنا. وكانت وزارة الداخلية اعلنت في وقت سابق كشف الأجهزة الامنية عن خلية تسعى لتأسيس جيش الإمام، كانت تسعى لاستهداف مواقع حساسة عسكرية ومدنية، إضافة إلى شخصيات عامة داخل البحرين. واوضحت ان نتائج التحقيقات توصلت إلى ان التنظيم يهدف إلى تشكيل خلية ارهابية كنواة لتأسيس ما يسمى بجيش الإمام لممارسة نشاط ارهابي في البحرين من خلال تنظيم عسكري مسلح، وتنفيذ عدد من عمليات إرهابية. بحسب فرانس برس.

ونص اتهام النيابة العامة لهؤلاء بانهم خلال الفترة من شباط/فبراير 2012 وحتى كانون الثاني/يناير 2013، تخابروا مع من يعملون لمصلحة ايران للقيام بأعمال عدائية ضد البحرين، وتخابروا مع الحرس الثوري الايراني، وأمدوهم بمعلومات وبيانات تتعلق بمواقع عسكرية وأمنية ومنشآت حيوية. كما اتهمتم النيابة العامة بتلقي توجيهات لاستهداف رجال الامن، وارتكاب أعمال التخريب بغرض إحداث الاضطرابات والقلاقل وإشاعة الفوضى في البلاد. ومنذ 29 ايلول/سبتمبر الماضي، ادين 138 شيعيا باحكام قضائية اقصاها المؤبد بالنسبة للبعض.

الى جانب ذلك اعلن مصدر قضائي بحريني ان محكمة الاستئناف قررت خفض عقوبة السجن الصادرة بحق شرطيين في قضية مقتل ناشط شيعي كان معتقلا، من سبع الى ثلاث سنوات. وكانت محكمة ابتدائية حكمت بسجن شرطيين مدة سبع سنوات بتهمة تعذيب الناشط الشيعي عبدالكريم فخراوي حتى الموت اثناء فترة اعتقاله خلال الاحتجاجات. ووفقا لمصدر قضائي، فان المتهمين انكرا خلال جلسات المحاكمة ما نسب إليهما مثل الاتهام ب"الاعتداء على سلامة جسم فخراوي بالضرب من دون أن يقصدا قتله، فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الطبيب الشرعي، والتي أدت إلى موته.

وبحسب تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، فان وفاة فخراوي حدثت في مستشفى قوة دفاع البحرين بعد نقله من التوقيف في جهاز الأمن الوطني. ورأت اللجنة أن جهاز الأمن الوطني لم يتمكن من إجراء تحقيق فعال، وبالتالي لم يف بالالتزامات المنصوص عليها في القانون الدولي.

إهانة وزارة الداخلية

من جانب اخر ذكرت وكالة انباء البحرين ان النيابة العامة وجهت للامين العام لجمعية الوفاق الاسلامية المعارضة تهمة إهانة وزارة الداخلية في خطوة قد تزيد من زعزعة الاستقرار في المملكة. وأصبح الشيخ علي سلمان الامين العام لجمعية الوفاق الإسلامية اكبر شخصية بالمعارضة توجه لها اتهامات. وقالت وزيرة الدولة لشؤون الإعلام سميرة رجب إن الامين العام لجمعية الوفاق متهم بتشويه سمعة وزارة الداخلية والانتقاص من شأنها من خلال مزاعم عن ارتكاب الشرطة انتهاكات لحقوق الانسان ضد المحتجين.

وأخلت النيابة العامة سبيل علي سلمان بعد استجوابه لمدة خمس ساعات بشأن معرض لجمعية الوفاق أغلقته السلطات قائلة انه غير شرعي ويحض على الكراهية. وقالت وكالة انباء البحرين بموقعها على الانترنت ان النيابة العامة قامت "باستجواب الأمين العام للجمعية وأمرت بإخلاء سبيله بضمان محل إقامته بعد أن وجهت اليه تهمة إهانة هيئة نظامية (وزارة الداخلية).

وقال الشيخ سلمان إن الاستجواب تركز على كلمة قالها في افتتاح المعرض. وأضاف ان استدعاء الامين العام لجمعية سياسية كبرى حصلت على اصوات اكثر من 60 في المئة من الناخبين في الانتخابات البرلمانية الاخيرة هو انتهاك واضح للعمل السياسي والحريات. ووصف هذا الاجراء بانه غير مقبول على الاطلاق ولا معنى له. وذكرت جمعية الوفاق بموقعها على الانترنت ان انباء استجواب الشيخ سلمان اثارت بعض الاحتجاجات. وأظهرت صورة على الموقع مسيرة شاركت فيها حشود صغيرة رفعت ملصقات للامين العام لجمعية الوفاق كتب عليها "نفديك..لن نخذلك."

وقالت سميرة رجب وهي ايضا المتحدثة الرسمية باسم الحكومة إن المعرض عرض فيه نماذج هيكلية ومجسمات ولوحات تشكيلية تنسب من خلالها إلى الشرطة انتهاجا لممارسات لا انسانية وانتهاك حقوق الانسان بشكل ممنهج. وأضافت قام أمين عام الوفاق وآخرون من اعضاء الجمعية بالقاء كلمات تحريضية في افتتاح تلك الفعالية (المعرض) تضمنت ذات المفهوم مما تشكل جميعها اهانة للشرطة باختلاق أمور ومظاهر باطلة ومكذوبة."

وقالت جمعية الوفاق ان استجواب سلمان يأتي في اطار حملة الابتزاز السياسي والانتقام من المعارضة السلمية التي تطالب بالديمقراطية وترفض الاستبداد. واستدعت البحرين في الاونة الاخيرة عددا من النشطاء السياسيين والحقوقيين للاستجواب بخصوص تصريحات تقول انها تحرض على العنف. والقي القبض على نائب زعيم جمعية الوفاق خليل المرزوق في سبتمبر ايلول ويحاكم بتهمة التحريض على الارهاب. وافرج عنه لحين انعقاد الجلسة القادمة. بحسب رويترز.

وبعد اعتقال المرزوق علقت جمعية الوفاق مشاركتها في محادثات الحوار الوطني مع الحكومة والتي تهدف إلى انهاء احتجاجات الشيعة. وبدأت المحادثات في فبراير شباط لكنها لم تنجح في انهاء الازمة السياسية بسبب الاختلاف الكبير بين الجانبين بشأن مطلب المعارضة الرئيسي بوجود حكومة منتخبة. وتريد جمعية الوفاق ملكية دستورية وحكومة مختارة من داخل برلمان منتخب ديمقراطيا.

البحرين تدافع

على صعيد متصل دافعت البحرين عن استخدامها للغاز المسيل للدموع بعد ان انتقدت جماعات حقوقية عزم المملكة شراء 1.6 مليون قنبلة غاز. واتهمت جماعات حقوقية محلية ودولية السلطات بالإفراط في استخدام الغاز المسيل للدموع واطلاق قنابل الغاز بشكل مباشر على المحتجين او على سيارات ومنازل حيث يمكن ان تتسبب في حدوث اصابات جسيمة. وقال مكتب المتحدث باسم الحكومة إن الغاز المسيل للدموع ليس مميتا ويتم استخدامه بشكل مناسب من قبل الشرطة وبموجب القانون والالتزام التام بالمعايير المقبولة دوليا والمعتمدة في مدونة قواعد السلوك لدى شرطة البحرين. وجاء بيان الحكومة ردا على سؤال بخصوص وثيقة مسربة نشرتها منظمة بحرين ووتش الحقوقية لمناقصة لتزويد وزارة الداخلية بقنابل غاز مسل للدموع وقنابل صوت. وتحظر حكومة الولايات المتحدة تصدير الغاز المسيل للدموع للبحرين. وجاء في البيان ان قوات الشرطة البحرينية تستخدم القوة بشكل اقل من المسموح به قانونا.

ولم يتطرق البيان بشكل محدد لقضية مناقصة الغاز المسيل للدموع لكنه شدد على ان ما يقوم به المحتجون من اضرام للنيران في اطارات السيارات واستخدام القنابل الحارقة هو اخطر بكثير من استخدام السلطات للغاز المسيل للدموع. وقال البيان ان اكثر من 2300 شرطي اصيبوا بجروح وقتل تسعة اخرون منذ بدء الاحتجاجات قبل عامين ونصف العام. وخلص تحقيق دولي اجري في نوفمبر تشرين الثاني 2011 إلى ان 35 شخصا قتلوا خلال الانتفاضة معظمهم من المحتجين ولكن بينهم خمسة من افراد الامن. وتقول المعارضة ان عدد القتلى اكثر من 80 شخصا.

وحثت منظمة هيومن رايتس فيرست ومقرها الولايات المتحدة واشنطن على الاعتراض على شحنة الغاز المسيل للدموع المقررة للبحرين. وتقول منظمة بحرين ووتش ان الوثيقة المسربة جاءت في شكل مناقصة اصدرتها ادارة المشتريات بوزارة الداخلية. وتطلب الوثيقة من شركات التسليح تزويد الوزارة بقنابل غاز مسيل للدموع وقنابل صوت. بحسب رويترز.

وفي مارس اذار 2012 قالت المفوضية السامية لحقوق الانسان التابعة للامم المتحدة ان استخدام الغاز المسيل للدموع ادى إلى مقتل عدد من المحتجين والمارة في البحرين. وفي اغسطس اب 2012 قالت منظمة اطباء من اجل حقوق الانسان ومقرها الولايات المتحدة والمعنية بالطواقم الطبية العاملة في مناطق الازمات ان حكومة البحرين استخدمت الغاز المسيل للدموع بصورة عشوائية مما الحق اصابات جسيمة ببعض المدنيين. وتنفي البحرين هذا الاتهام.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 6/تشرين الثاني/2013 - 2/محرم الحرام/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م