شبكة النبأ: البحر العظيم، هو معنى
القاموس في العربية، والقمس هو الغوص، وقاموس البحر اي وسطه ومعظمه.
وقد اطلق الفيروز ابادي تسمية القاموس على معجمه القاموس المحيط كناية
عن اتساعه وشموله. ومن القرن الثامن الهجري والكلمة تستعمل بنفس معنى
كلمة معجم، حيث يتم إطلاقها على كل كتاب يجمع ويعرف مفردات اللغة ويتم
ترتيبه الفبائياً.
المحاكم العشرة للانسان، هي التي (يحكم فيها للإنسان أو يحكم فيها
عليه) والتي قررها الله سبحانه وتعالى (تكوينا او تشريعا) ليقضي فيها
عن (مسؤولية الإنسان في أفكاره وأعماله)، تلك هي تعبيرات الامام
الشيرازي الراحل في كتابه (ممارسة التغيير لانقاذ المسلمين) وقد حددها
(قدس سره) بعشرة محاكم..
والتكوين في علم الكلام، هو إخراج الشيء من العدم إلى الوجود..
والتشريع، هو سن القوانين.
والمسؤولية هي (صفةُ مَنْ يُسْأَلُ عن أَمْرٍ تقع عليه تبعَتُه).
وتطلق (قانونًا) على: الالتزام بإِصلاح الخطإِ الواقع على الغير طبقًا
لقانون.
والمسئوليّة الأخلاقيّة هي التزام الشّخص بما يصدر عنه قولاً أو
عملاً، لتتوسع الى المسئوليّة الجماعيّة ونعني بها التزام تتحمّله
الجماعة.
عكس المسؤولية هي (اللاَّ مسئوليَّة) ونعني بها (شعور المرء بأنه
غير ملزَم بعواقب أعماله).
المحاكم هي الهيئات القضائية التي تتولى الفصل في المنازعات، وهي
مكانُ انعقاد هيئة القضاء، والمجلس الذي يجري فيه النظر في الدعاوى بين
المتنازعين.
الله سبحانه وتعالى هو الإلَهُ الْمَعْبُودُ بحَقٍّ، وهو
الخَالِقُ،وهو علم على الذَّات العليَّة الواجبة الوجود، الجامعة لصفات
الألوهيّة، ولذا لا يجوز أن يتسمَّى به أحد، وسائر الأسماء قد يتسمَّى
بها غيرُه، وهو أوّل أسمائه سبحانه وأعظمها، ويذكر عادة مقرونًا بألفاظ
تدلّ على الإجلال مثل: الله تعالى، الله سبحانه وتعالى.
والمحاكم العشرة التي يذكرها الامام الشيرازي الراحل هي:
الأولى: محكمة النفس حيث أنها أول محكمة داخلية مصدقة أو مكذبة،
محسنة أو مقبحة لفكر الإنسان أو عمله... والنَّفْسُ هي الرُّوحُ، وهي
ذاتُ الشيء وعينُه.
الثانية: محكمة البدن حيث أن كثيراً من الأعمال والأفكار تعود
بالصحة أو المرض على البدن.
والبَدَن، ما سِوَى الرَّأْس والأطرافِ من الجسم.
الثالثة: محكمة التاريخ حيث يسجل في صفحات الكتب ونحوها خير الإنسان
أو شره... والتاريخ هو جملة الأَحوال والأحداث التي يمر بها كائن ما،
ويَصْدق على الفرد والمجتمع، كما يصدق على الظواهر الطبيعية
والإنسانية.
الرابعة: محكمة الاجتماع حيث أن الاجتماع المعاصر وكذلك الاجتماع
المستقبلي يقول أن الفرد الفلاني كان خيراً أو كان شريراً، فعل حسناً
أو فعل سيئاً... والاجتماع هو الجماعة الإنسانية في نُمُوَّها
وطَبِيعتِها وقوانينِها ونُظُمِها.
الخامسة: محكمة القضاة فيما إذا سيق الإنسان إليها حيث تؤيد جرمه
إذا كان مجرماً أو تصدّق براءته إذا كان بريئاً... والقَاضِي هو
القاطِعُ للأمور المُحكِمُ لها، وهو من يقضِي بين الناس بحكم الشرع.
والقَضَاءُ، (الحُكْمُ - الأداءُ)
السادسة: محكمة الآثار التي تبقى من خير الإنسان أو شره، حتى أنهما
يسريان إلى عقبه وقد قال سبحانه: (والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان
ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء) وقال سبحانه: (وليخش
الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافاً خافوا عليهم فليتقوا الله
وليقولوا قولاً سديداً)... والأثر، ما بقي من رسم الشيء.
السابعة: محكمة الزمان حيث تعكس على الإنسان خيره وشره، وقد تقدمت
منا بعض القصص في هذا الشأن ومنها قصتا المرحوم الشيخ عبد الزهراء
الكعبي رحمه الله مع الأبوين اللذين أساء إليهما أولادهما. كما ذكرنا
في بعض كتبنا ما نقل من قصة الكوز الذي أخرج في حفريات الآثار القديمة
في مصر فلما سلط عليه إبرة (الكرامافون) أخذ يعكس صوت صانع الكوز الذي
بقي محفوظاً في ذراته وطياته... والزمان هو مدَّة الدُّنيا كلّها،
ويقال له الدّهر.
الثامنة: محكمة المحيط الطبيعي كخراب سامراء أو أهرام مصر أو ما إلى
ذلك وفي الحديث: (إنه حق على الله سبحانه وتعالى أن يعرض كل مكان عصى
الله فيه للشمس حتى تطهره بأشعتها) كناية عن خراب ذلك المكان.
وهي البيئة التي يعيش فيها الانسان، وقد ذكر الامام الراحل (قدس
سره) في موضع اخر من الكتاب، ستة محيطات هي: (النفس والجسد والبيت
والمحيط الاجتماعي والطبيعي والصناعي) التي يعتقد ان من الضروري أن
(يلاحظ الممارسون للتغيير صحة المحيطات الستة التي يزاولها الإنسان،
لإن كل محيط لبنة في صرح الإستقامة العامة أو الإنحراف العام،
فالمواظبة على سلامة النفس عن الأخلاق السيئة، وعلى صحة الجسد عن
الأمراض والعاهات، وعلى استقامة البيت العائلي عن الزيغ، وعلى تناسب
المحيط الاجتماعي في الأخذ والعطاء وتوفّر السلع والخدمات في مختلف
الجوانب الاقتصادية والسياسية والفكرية والثقافية والتربوية وغيرها.
وعلى نظافة المحيط الطبيعي سلباً واتجاهه إلى الإنتاج إيجاباً فلا
يكون المحيط الطبيعي ملوثاً أو قاحلاً، ولا يكون راكداً أو جامداً،
وعلى توفر الصناعة حسب الإمكان في مختلف جوانب الإحتياج لأن الصناعة
توجب التقدم.
التاسعة: محكمة القبر قال سبحانه: (ثم أماته فاقبره) حيث أن الإنسان
يحاسب في القبر على كل أعماله ومعتقداته والقبر - كما في الحديث الشريف
- أما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران... والقَبْرُ هو
المكان الذي يُدفَنُ فيه الميِّتُ.
العاشرة: محكمة القيامة بما يتلوها من الجنة والنار قال سبحانه:
(وأن ليس للإنسان إلا ما سعى، وأن سعيه سوف يرى، ثم يجزاه الجزاء
الأوفى) وهذه المحكمة أصعب المحاكم حيث أن الحاكم هو الله سبحانه
وتعالى الذي يرى كل شيء ويسمـــع كل صوت ويعلم حتى ما في ضمير الإنسان
فإنه عالم بــــذات الصدور. وقد قـــال سبحانه وتعالى: (ويحذركم الله
نفسه) وقد ورد في بعض التفاسير: أن آخر آية نزلت على رسول الله (صلى
الله عليه وآله) هي قوله تعالى: (واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله)
فالآية أما بصدد القبر أو بصدد القيامة فعلى الإنسان أن يخاف هاتين
المحكمتين اللتين تنعقدان بعد خروج الروح عن جسده.
والقِيَامَةُ، هي القِوَامَةُ... ويومُ القيامة: يومُ بَعْثِ
الخلائق للحساب، وهي الإنبعاث من الموت، اي قيامة الاموات.
المحاكم العشرة تلك يجب ان يضعها ممارسوا التغيير (نصب أعينهم
ويعملوا بحضور منها فإن الإنسان إذا عرف مسؤوليته الخطيرة لا بد وأن
يلاحظ ويحاسب بدقة كل حركاته وسكناته، سواء كانت في ممارسته الفردية أو
الاجتماعية أو غيرهما. وفي حديث مأثور: أن الإمام السجاد (عليه السلام)
كان يسير على ناقة له فالتاثت به ناقته، فرفع العصا ليضربها، لكنه أمسك
يده ولم يضرب الناقة، فلما سئل عن سبب ذلك؟
قال: خوف القصاص. |