المالكي في أمريكا.. مشوار حاسم أم تدارك متأخر؟

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: بعد عامين من انسحاب القوات الأمريكية من العراق، لا يزال الوضع الامني في العراق هشا، مع ان التوقعات وتصريحات القادة العراقيين كانت تؤكد على حصول تقدم في الملف الامني، ولكن ما حدث بعد الانسحاب خاصة في العام الجاري وفي الشهور القليلة الماضية، حدثت صعوبات امنية خطيرة تعرض خلالها مئات الابرياء الى هجمات ارهابية متواصلة. أما على صعيد العلاقات العراقية الامريكية، فقد شابها نوع من الفتور منذ رحيل الجيش الأمريكي من العراق نهاية العام 2011، جعلت القادة العراقيين يشعرون الحكومة بخطر خسارة الدعم الأمريكي، حيث اعرب رئيس الحكومة العراقية نور المالكي عن مخاوف العراق من أن تنظيم القاعدة الإرهابي يحاول توسيع نفوذه في العراق، واستغلال حالة الفتور التي حدثت بين الجانبين الأمريكي والعراقي، فضلا عن الخلاقات الشرسة بين السياسيين العراقيين لتعزيز مصالحهم ونشر الدمار الذي قد يؤدي الى الإطاحة بالحياة السياسية ونواحي الحياة كافة، إلا أن رئيس الوزراء العراقي تدارك هذا الامر بعد ما اكد رغبته في تعزيز العلاقات مع امريكا في معظم المجالات، وأهمها العسكرية والأمنية، وايجاد سبل تعزيز التعاون الاستراتيجي الاميركي-العراقي في مواجهة التحديات التي تشهدها المنطقة خاصة فيما يتعلق بالازمة السورية التي باتت محور الصراع في منطقة الشرق الأوسط، فضلا عن آثار ما يسمى بالربيع العربي الذي فتح ابواب الارهاب الذي صار تنشر كالهشيم بالنار في اسخن منطق في العالم امنيا وسياسيا، ويرى بعض المحللين ان المالكي يسعى من خلال زيارته لواشنطن في هذا التوقيت تحديدا الى كسب دعم الولايات المتحدة لمكافحة الارهاب، الى جانب طموحات أخرى قد تتجسد بالانتخابات العراقية في العام المقبل،  وهذه أول زيارة يقوم بها المالكي لواشنطن منذ عامين ويسعى خلالها للحصول على طائرات أباتشي الهجومية وإمدادات عسكرية أخرى لمواجهة الجماعات المتشددة مثل تنظيم القاعدة بالعراق في وقت يمتد فيه العنف إلى بلاده عبر الحدود من سوريا المجاورة.

لكن المالكي يواجه انتقادات واسعة في العراق وواشنطن بسبب صراعه الداخلي مع الساسة في العراق، وسياسته الخارجية وخاصة فيما يتعلق بالقضية السورية وعلاقاته مع ايران، ويشعر كثير من الأمريكيين بالانزعاج لاستمرار العنف بالعراق وتقاربه مع إيران بعد إنفاق مليارات الدولارات وفقد آلاف الأرواح في الحرب هناك، كما حث المشرعون الامريكيون اوباما على الضغط على المالكي لوضع استراتيجية لتحقيق الاستقرار في العراق.

ويرى البعض ان ملف الارهاب سيكون من الملفات الساخنة التي تفرضها الساحة للمناقشات والتي هي جزء من مبدأ التعاون المشترك في مكافحة الارهاب الذي اصبح افة عالمية تضرب مصالح الجميع وتنتشر كالنار في الهشيم في مختلف دول المنطقة والتي ستتحول الى ظاهرة كونية خطيرة على كل الامن والاستقرار الدولي والاقليمي، لذا يسعى المالكي لعقد اتفاق بين بغداد وواشنطن في كل المجالات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية.

من جهته حث الرئيس الأمريكي باراك اوباما رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي على بناء نظام ديمقراطي شاملا بشكل اكبر في بلاده وقال ان الولايات المتحدة ستتعاون مع العراق مع محاولته للتصدي لتمرد القاعدة.

ولم يشر اوباما في تصريحات ادلى بها في المكتب البيضاوي بالبيت الابيض وقد وقف المالكي بجواره الى تزويد العراقيين بطائرات هليكوبتر امريكية الصنع من طراز اباتشي، وقال بيان اصدرته الحكومتان ان الجانبين اتفقا على حاجة القوات العراقية الماسة لمعدات اضافية للقيام بعمليات في المناطق النائية التي توجد بها معسكرات المتشددين، ولكنه لم يشر بشكل محدد الى مساعدات عسكرية.

وقال اوباما" اجرينا مناقشات كثيرة عن الطريقة التي يمكن ان نتعاون بها للتصدي لهذا التنظيم الارهابي الذي لا يعمل في العراق فحسب وانما يشكل ايضا تهديدا للمنطقة بأكملها وللولايات المتحدة". بحسب رويترز.

واتخذ ستة من اعضاء مجلس الشيوخ الامريكي النافذين خطا متشددا ضد المالكي قائلين ان سوء ادارته للسياسة في العراق ساهم في تصاعد العنف الذي قتل فيه سبعة الاف مدني هذا العام، واشار البيان الامريكي العراقي المشترك الى تشديد العراقيين على رغبة في شراء عتاد امريكي واكد الالتزام بضمان الانصياع الصارم للقوانين والاجراءات الامريكية بشأن استخدام مثل هذه المعدات، وقال المالكي من خلال مترجم انه واباما اجريا محادثات بشأن كيفية مواجهة الارهاب وانه يريد تعزيز الديمقراطية في العراق.

واضاف"نريد ايضا ان تكون لدينا الية الديمقراطية مثل الانتخابات ونريد اجراء الانتخابات في موعدها والحكومة ملتزمة بفعل ذلك، "لابد وان تكون الديمقراطية قوية وسنعززها لانها هي وحدها التي ستتيح لنا مكافحة الارهاب"، واتفق الزعيمان ايضا على الحاجة للتوصل لحل سلمي للحرب الاهلية في سوريا ولطموحات ايران النووية.

في الوقت نفسه اجتمع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي مع وزير الدفاع الامريكي تشاك هاجل ورئيس هيئة الاركان المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي قبل القاء كلمة في المعهد الامريكي للسلام.

ومتحدثا امام حوالي 200 شخص اشار المالكي الي تجدد هجمات القاعدة في العراق وأكد على اهمية العلاقات بين الولايات المتحدة والعراق والمعاناة التي نتجت عن العنف في اعقاب حرب 2003 التي أطاحت بصدام حسين، وقال المالكي "كنا شركاء وسالت دماؤنا معا في قتال الارهاب... هذا سمح لنا بأن ننتصر على الارهاب في العراق"، واضاف ان المشكلة عادت اليوم.

والقى المالكي باللوم في تجدد هجمات القاعدة في العراق على الاضطرابات في المنطقة التي نتجت عن ثورات الربيع العربي التي قال انها لم تتمكن من ان "تملأ الفراغ بشكل صحيح"، وقال "بقي هناك فراغ واستطاعت القاعدة والتنظيمات الارهابية ان تستغل هذا الفراغ وان تنزل في الميدان مرة أخرى مستفيدة من التفكك الذي حصل في بنية الدولة... لذلك نرى الواقع الذي نحن فيه والذي تسبب في عودة الارهاب مستفيدا من الفراغات التي حصلت".

ويختلف مسؤولون امريكيون كثيرون مع رأي المالكي بشان اسباب العنف في العراق وراقبوا في توجس تحركات ادارته لتوثيق الروابط مع ايران في تجاهل لدعوة من واشنطن لاعطاء الاقليتين السنية والكردية دورا أكبر في الحكومة التي يقودها الشيعة.

وفي اجابته على اسئلة قال المالكي ان كل شيء فعله منذ تولى منصبه جاء وفقا للدستور العراقي وان القيادة العراقية لها رؤية مشتركة للمستقبل بصرف النظر عما إذا كانوا سنة أو شيعة أو اكرادا.

وقال "نحن نتحدث مع الامريكيين ونقول لهم اننا نحتاج للاستفادة من خبرتهم ومن معلومات الاستخبارات ومن التدريب"، وأبلغ المتحدث باسم البيت الابيض جاي كارني الصحفيين انه يتوقع ان يناقش اوباما مع المالكي اثناء اجتماعهما حاجات العراق العسكرية، واضاف انه "لا شك" أن اوباما سيعبر عن مخاوفه بشان العنف في العراق و"الحاجة لاتخاذ خطوات.. خطوات سلمية.. لتقليل ذلك العنف".

وسئل كاني هل سيسعى اوباما للتغلب على المعارضة في الكونجرس لتقديم مساعدات عسكرية للعراق فأجاب قائلا "نعتقد ان استمرار المساعدات (للعراق) ضروري وان وقف تلك المساعدات سيتعارض مع مصالحنا"، وارسل اعضاء بارزون بالكونجرس الامريكي رسالة الي اوباما تعبر عن موقف متشدد من المالكي وتلقي باللوم على تصرفات حكومته في تصاعد العنف.

في الإطار ذاته دعا رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في اليوم الثاني من زيارته الى واشنطن المجتمع الدولي لشن "حرب عالمية ثالثة" ضد "فيروس" تنظيم القاعدة الذي تزايدت وتيرة هجماته في العراق في الاونة الأخيرة.

وقال رئيس الوزراء العراقي في كلمة امام منظمة "انستيتيوت اوف بيس" للابحاث "نريد حربا عالمية ضد الارهاب"، واصفا تنظيم القاعدة وفروعه بـ"الفيروس" الذي ينفخ "هواء فاسدا" في كل المنطقة، واضاف ان العالم "شهد حربين عالميتين، نريد حربا عالمية ثالثة ضد اولئك الذين يقتلون شعبنا ويريدون سفك الدماء"، مقترحا ان تستضيف بلاده مؤتمرا دوليا لمكافحة الارهاب، من جهتهم وجه أعضاء بالكونجرس الأمريكي انتقادا حادا للحكومة العراقية بعد اجتماعهم مع رئيس وزراء نوري المالكي وقالوا إنهم مستعدون لتلبية مطلبه بتقديم مساعدات عسكرية إذا أجرت بغداد تغييرات جوهرية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 5/تشرين الثاني/2013 - 1/محرم الحرام/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م