جوجل... ثورة تكنولوجية تثير مشكلات قانونية

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: أحدثت الثورة التكنولوجية التي اجتاحت العالم في السنوات القليلة الماضية، تغيرات جذرية في نواحي الحياة كافة، حيث أصبح التطور المضطرد سمة من سمات عالمنا المعاصر، ولعل المحرك العالمي جوجل صار اكسير هذه الثورة الهائلة في المعرفة المعلوماتية، فقد استقطب جوجل مليارات المستخدمين وهذا ما يكسب المليارات المالية، كما نجح في صناعة معايير جديدة في ميدان الابتكارات الالكترونية وخدمتها من خلال الدخول في صناعة الاجهزة الالكترونية.

لكن في الوقت نفسه سبب اكبر محرك بحث في العالم العديد من المشكلات منها ما يتعلق  بالقضايا القانونية كما هو حال مع بعض الدول الأوربية التي تتهم جوجل باختراق سياسة الخصوصية وذلك بسبب جمع بيانات المستخدمين، ونتيجة لهذا يمكن ان تواجه جوجل غرامات تصل الى عدة ملايين من اليورو إجمالا، وهذا الامر يثير الشك بأن عملاق الانترنت الامريكي قد تكون له أجندة تجسسية، كما واجه جوجل عددا من المشاكل الأخرى كان أبرزها أصدار هيئة التجارة الفيدرالية في الولايات المتحدة الأمريكية FTC، أمرا أوليا بتغريم عملاق محركات البحث، شركة غوغل، مبلغا قيمته 22.5 مليون دولار، كتسوية بعد دخولها غير الشرعي لاستخلاص بعض المعلومات عن نشاط مستخدمي محرك البحث الخاص بشركة أبل.

وفي الاطار ذاته كشف عملاق المعلوماتية الاميركي جوجل عن ازدياد في الطلبات الرسمية لسحب محتويات منشورة في خدماته خلال المدة القليلة الماضية، ومما يؤكد تلك الشكوك مساعي شركة الانترنت الاميركية العملاقة "غوغل" لتنفيذ عدة مشاريع لتطوير شبكات انترنت "وا ي فاي" (لاسلكية) في دول ناشئة ولا سيما في افريقيا واسيا، وفي الشأن ذاته خلصت دراسة إلى أن هناك "تمييزا كبيرا" فيما يخص طبيعة نتائج أبحاث غوغل وذلك بناء على عرق الأسماء المبحوث عنها، خصوصا بعدما انتشرت المواقع العنصرية عبر الإنترنت كالهشيم في النار بالفترة الأخيرة، إذ تذخر الإنترنت بآلاف المواقع العنصرية التي تثير نزعة عنصرية بين أبناء المجتمع الواحد بطابع مليء بالكراهية، وبالتالي أصبح تأثيرها الاجتماعي ذو عواقب وغيمة على المجتمعات كافة، بحيث أصبح مرتعا خصبا للتغرير بالشباب وغرس العنصرية والكراهية بواسطة براثن التطرف، ومن ابرز المواقع الاجتماعية التي تحتضن هذه الظاهرة هو موقع يوتيوب الذي قام بإحداث طفرة في عالم الإنترنت.

وعلى صعيد اقتصادي تكنولوجي تواجه شركة غوغل تحد يقضي بالاستفادة من النفاذ إلى الانترنت الذي باتت تتيحه الاجهزة المحمولة، شأنها في ذلك شأن أغلبية مجموعات الانترنت، فالاعلانات على الهواتف الذكية والاجهزة اللوحية هي أقل كلفة وانتشارا، على الرغم من الانتشار الوةاسع لهذه الاجهزة، فيما يستعد عملاق الانترنت غوغل للبدء بإنتاج ساعة تفاعلية، فكما بيدو بأن غوغل وأندرويد يسحبان البساط تدريجيا من آبل و سامسونغ بفضل الابتكار السريع والانتاج الكبير من الأجهزة الأقل كلفة، مما سيرفع من حدة الصراع بين الشركات المتنافسة اقتصاديا وتكنولوجيا.

سياسة الخصوصية

في سياق متصل قادت فرنسا واسبانيا جهدا على مستوى اوروبا لحمل شركة الانترنت الامريكية العملاقة جوجل على تغيير سياساتها بشأن جمع بيانات المستخدمين، ويكتسب التوقيت حساسية بالنسبة لجوجل وسط الانباء عن ان وكالة الامن القومي الامريكية جمعت سرا بموجب برنامج بريزم للمراقبة بيانات مستخدمين من تسع شركات امريكية منها جوجل لتعقب تحركات الناس واتصالاتهم، وقالت وكالة حماية البيانات في فرنسا (سي.ان.اي.ال) ان جوجل انتهكت القانون الفرنسي وامهلتها ثلاثة اشهر لتغيير سياسات الخصوصية لديها والا تعرضت لغرامة تصل الى 150 الف يورو (200 الف دولار).

وابلغت وكالة حماية البيانات في اسبانيا (ايه.اي.بي.دي) جوجل انها ستغرم ما بين 40 الف يورو الى 300 الف يورو عن كل انتهاك من خمس انتهاكات للقانون منها عدم الوضوح بشأن ما تفعله بالبيانات وانها ربما تعالج كمية "غير متناسبة" من البيانات وتبقي عليها لفترة "غير محددة وغير مبررة"، وقالت الوكالة الفرنسية التي تقود تحقيق اوروبا منذ بدأت جوجل سياسة الخصوصية المجمعة في مارس اذار 2012 ان بريطانيا والمانيا وايطاليا وهولندا ستتخذ اجراءات مشابهة ضد صاحبة اكبر محرك بحث في العالم. بحسب رويترز.

ويمكن ان تواجه جوجل غرامات تصل الى عدة ملايين من اليورو إجمالا، وجمعت جوجل العام الماضي 60 سياسة خصوصية لديها في سياسة واحدة وبدأت ضم البيانات التي تجمعها عن المستخدمين الافراد على خدماتها ومنها يوتيوب وجي ميل وشبكة جوجل بلس للتواصل الاجتماعي، ولم تعط للمستخدمين خيارا للخروج، ويعتبر خبراء قانون وصانعو سياسات ان تصرف (سي.ان.اي.ال) اختبار لقدرة اوروبا على التأثير على سلوك شركات الانترنت الدولية.

التمييز عنصري

على صعيد ذو صلة قالت لاتنيا سويني وهي أستاذة في جامعة هارفارد إن نتائج أسماء الأشخاص السود يرجح أن تقترن بإعلانات مرتبطة بعالم الجريمة، وأضافت الدراسة أن أبحاث غوغل تظهر أن "المجتمع يتصرف بانحياز عرقي واضح".

لكن غوغل تقول إنها "لا تمارس أي تمييز عرقي" في حق السود، وقالت غوغل في بيان تلقت بي بي سي نسخة منه "عندنا سياسة تقوم على مناهضة العنصرية والعنف مفادها أننا لا ينبغي أن نسمح بنشر إعلانات تحرض ضد منظمات أو أشخاص أو مجموعات من الناس"، وأضافت قائلة "المعلنون هم الذين يقررون الكلمات الاستدلالية التي يستخدمونها خلال عمليات البحث عند وضع إعلاناتهم".

وحللت الدراسة نوع الإعلانات التي ظهرت في غوغل عند البحث عن بعض الأسماء،

وترى الدراسة البحثية التي أجرتها البروفيسورة سويني أن أسماء الأشخاص السود أكثر احتمالا بنسبة 25 في المئة أن تقترن بروابط متعلقة بسجلات عن النشاطات الإجرامية، وذهبت الدراسة إلى أن البحث عن أسماء مثل ليروي وكريم وكيشا (مرتبطة بالسود) في الإنترنت عادة ما تقترن بعبارة "معتقل" مع رابط بشأن البحث عن السجل الإجرامي، في حين أن البحث عن أسماء مثل براد ولوك وكاتي (مرتبطة بالبيض) لا تعطي النتائج ذاتها، وخلصت البروفيسورة سويني إلى أن ثمة "تمييزا بشأن الإعلانات المصاحبة لعمليات البحث"، مضيفة أن نتائج البحث توحي بأن ما يحدث لا يخضع للصدفة في الغالب الأعم، ولم تعلق غوغل بعد على هذه الدراسة.

تطوير الانترنت لاسلكيا في الدول الناشئة

في حين تنفذ شركة الانترنت الاميركية العملاقة "غوغل" عدة مشاريع لتطوير شبكات انترنت "وا ي فاي" (لاسلكية) في دول ناشئة ولا سيما في افريقيا واسيا على ما ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال"، ودخول الشركة الى اسواق كهذه سيسمح بربط مليار شخص اضافي بشبكة الانترنت لا بل اكثر على ما اوضحت الصحيفة التي تعنى بالاخبار الاقتصادية. بحسب فرانس برس.

وتجري شركة غوغل ومقرها في موانتن فيو في كاليفورنيا، محادثات مع حكومات عدة من بينها جنوب افريقيا وكينيا لانشاء شبكات "واي فاي" في مناطق نائية حتى، ويبدو انها بدأت مع هذين البلدين بحسب الصحيفة، مناقشة تغيير الانظمة من اجل استخدام موجات كانت مكرسة حتى الان للتلفزيون، ومن اجل تنفيذ هذه المشاريع، تعتمد غوغل كذلك عل شراكات مع مؤسسات محلية على ما اوضحت "وول ستريت جورنال" مشددة على ان عملاق الانترنت العالمي يسعى الى اقامة بيئة في هذه الدول تربط بين استخدام معالجات صغيرة جديدة وبين الهواتف الذكية باسعار زهيدة تعمل بنظام التشغيل "اندرويد" الذي تطوره.

شراء تطبيق ويز لتحديد المواقع

الى ذلك كشف عملاق الانترنت الأميركي "غوغل" عن شراء تطبيق "ويز" لتحديد المواقع الذي يتخذ مصمموه في إسرائيل مقرا لهم، ولم يكشف عن قيمة هذه الصفقة، لكن وسائل الإعلام الإسرائيلية تكلمت عن سعر تخطى المليار دولار، وقد صمم "ويز" سنة 2008 في إسرائيل، وهو تطبيق خاص بالأجهزة المحمولة وممول من الإعلانات يضفي طابعا اجتماعيا على عملية تحديد المواقع الجغرافية. فهو يوصي بالمسارات، اخذا في الاعتبار بيانات عن حوادث السير والزحمات والأشغال العامة يقدمها نحو 50 مليون مستخدم، وكتبت المجموعة الاميركية على مدونتها "يسعدنا تحسين خدمة +غوغل مابس+ بفضل بعض الوظائف من +ويز+، وتحسين التطبيق بفضل قدرات البحث في +غوغل+"، وهي أوضحت أن "الفريق العامل على +وايز+ سيبقى حاليا في إسرائيل ويعمل على حدة". بحسب فرانس برس.

وكشف القيمون على هذا التطبيق في رسالة نشرت على موقعه الإلكتروني أن "+غوغل+ ستمنحنا الاستقلالية والموارد اللازمة لتحقيق النجاح ... ولن يتغير شيء في الواقع هنا"، وكانت وسائل الاعلام قد ذكرت في ما مضى أن هذا التطبيق أثار أيضا اهتمام كل من مجموعة "آبل" وموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك".

الأجهزة المحمولة والتقنيات الرقمية

على صعيد آخر أعلن عملاق الانترنت "غوغل" تعديل منصة الاعلانات "آدووردس" بغية الاستفادة بشكل أفضل من ازدهار الاجهزة المحمولة المربوطة بشبكة الانترنت، وذكرت المجموعة في إحدى مدوناتها انها "خطوة أولى تسمح للمستخدمين بإدارة حملاتهم الإعلانية بشكل أبسط وأذكى"، ومن شأن الأدوات الجديدة ان تسمح بنشر إعلانات مختلفة باختلاف الاجهزة المستخدمة، في إطار الحملة عينها، وستقدم هذه التعديلات على سبيل اختياري، ابتداء من الاسابيع المقبلة، ثم ستعمم في منتصف السنة. بحسب فرانس برس.

من جهتها أعلنت مجموعة "ياهو!" الأميركية أنها أبرمت اتفاقا مع منافستها "غوغل" يخولها استخدام بعض الخدمات الاعلانية التي تقدمها هذه الأخيرة، وأوضحت في رسالة على مدونتها الرسمية "وقعنا مؤخرا اتفاقا عالميا وغير حصري مع +غوغل+ يسمح لنا بنشر اعلانات على مواقع خاصة ب +ياهو!+ باستخدام (المنصتين الاعلانيتين) +غوغل آدسنس+ و+آدموب+"، وأشارت "ياهو!" إلى أن الاتفاق يشمل الاعلانات "السياقية"، أي أن المجموعة تستند الى نشاط مستخدم الانترنت على الشبكة كي تقدم إليه اعلانات تدخل في سياق اهتماماته، وأضافت "نتطلع إلى العمل مع جميع شركائنا في مجال الاعلانات السياقية كي نحرص على توفير الاعلانات المناسبة للمستخدم المناسب وفي الوقت المناسب".

الى ذلك يطور عملاق الانترنت الاميركي "غوغل" جهازا للعب و"ساعة ذكية" يعملان بنظامه التشغيلي "اندرويد"، على ما ذكرت صحيفة "ذي وول ستريت جورنال"، ونقلت الصحيفة الاقتصادية اليومية عن مصادر مجهولة قولها ان المجموعة تستعد ايضا لاطلاق نسخة جديدة من جهاز "نكسوس كيو" اللاسلكي الذي يعمل بنظام "اندرويد" ويسمح للمستخدم بمشاهدة افلام وسماع الموسيقى عبر اجهزة التلفزيون او مكبرات للصوت، وعرضت "غوغل" جهاز "نكسوس كيو" السنة الماضية، لكنها لم تطرحه للبيع. بحسب فرانس برس.

وبينما تعمل "غوغل" على اصدار جهاز للالعاب الالكترونية وساعة متعددة الوظائف، تسري شائعات حول اطلاق "آبل" جيل جديد من جهاز "آبل تي في" وساعة ذكية، الى ذلك، عرضت "مايكروسوفت" و"سوني" اخيرا جهازي اللعب "اكس بوكس وان" و"بلايستايشن 4" اللذين يفترض طرحهما في الاسواق بحلول نهاية السنة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 4/تشرين الثاني/2013 - 30/ذو الحجة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م