أطفال الحروب.. ضحايا لوحشية الكبار

 

شبكة النبأ: يعاني أطفال العالم مآسي كبرى بسبب الصراعات المسلحة التي بات فيها الطفل الحطَب الذي تقود منه الحروب الأهلية، حيث يستغل الاطفال في الحروب والصراعات الوحشية اسوء استغلال من خلال تجنيدهم، وسلب ابسط حقوقهم في الحياة، بحرمهم من التعلم، وإجبارهم على العمالة، فضلا عن ممارسة العنف الجنسية والجسدية ضدهم، فمثلا في سوريا يشكل الاطفال اهدافا لقناصة ويستخدمون دروعا بشرية في الحرب في سوريا وذلك في تقرير اضاف مالي الى لائحتها السوداء للدول التي تستغل الاطفال في الحروب.

بينما في مصر يستغل الأطفال لأغراض سياسية في المظاهرات، وعلى النقيض من دول أخرى

انخفضت الانتهاكات الخطيرة بحق الاطفال في الصومال إلى النصف في مؤشر ايجابي على هذا الصعيد، لكن مع كل النداءات والاستغاثات المرفوعة من المنظمات الدولية ذات الطابع الانساني والاهتمام الدولي الكبير بمحاربة هذه الظاهرة، الا انها مازالت الطابع الغالب للكثير من الدول التي تنشب فيها الحروب الاهلية وتسيطر عليها الحركات المتشددة والصراعات الداخلية.

تجنيد اطفال

في سياق متصل قال مسؤولون امريكيون إن الولايات المتحدة تحركت لمنع المساعدات العسكرية عن خمس دول بينها سوريا والسودان بسبب تجنيد الاطفال في الصراعات المسلحة، وذكرت وزارة الخارجية الامريكية أن العقوبات تشمل أيضا جمهورية افريقيا الوسطى ورواندا وميانمار، وقالت ليندا توماس جرينفيلد مساعدة وزير الخارجية الامريكي للشؤون الافريقية "هدفنا هو العمل مع الدول المدرجة لضمان وقف أي ضلوع في تجنيد الاطفال"، ومع ذلك قال مسؤول آخر في وزارة الخارجية طالبا عدم نشر اسمه إن انه تم اعفاء ثلاث دول اخرى معروف عن جيوشها تجنيد الاطفال وهي تشاد وجنوب السودان واليمن. بحسب رويترز.

واضاف المسؤول ان هناك اعفاءات جزئية لجمهورية الكونجو الديمقراطية والصومال موضحا ان الإدارة الأمريكية رأت ان هذه الاستثناءات "ستصب في مصلحة الولايات المتحدة الوطنية"، ويتعين على وزارة الخارجية الامريكية بموجب القانون اقتفاء اثر الدول التي تجند حكوماتها اطفالا وذلك ضمن تقريرها السنوي حول تهريب البشر. وهذه الدول العشر التي تشملها قرارات أشير إليها جميعا في احدث تقارير وزارة الخارجية الامريكية في هذا الصدد والذي نشر في يونيو حزيران، ويمكن أن تحرم هذه الدول من بعض أنواع الاعتمادات المالية الامريكية المخصصة للمساعدات العسكرية ما لم يمنحها البيت الابيض إعفاء.

من جهته انتقد الرئيس الرواندي بول كاغامي الجمعة في كيغالي العقوبات الاميركية التي قال انها "ظالمة" يستفيد منها "اعداء" البلاد باسم مكافحة تجنيد الاطفال، واعلنت الولايات المتحدة الخميس انها فرضت عقوبات على رواندا بسبب تجنيد الاطفال في حركة ام23 في جمهورية الكونغو الديمقراطية المحسوبة على كيغالي.

في حين اتهمت الامم المتحدة مجموعات اسلامية ومتمردي الطوارق وميليشيات موالية للحكومة في مالي بتجنيد اطفال في شمال البلاد، وذلك في تقريرها السنوي حول الاطفال والنزاعات المسلحة، وتظهر مالي للمرة الاولى في هذا التقرير عن العام 2012 الذي يضع "لائحة بالممارسات الشائنة" التي يرتكبها مسؤولون بحق الاطفال.

وتتضمن هذه اللائحة 55 جيشا ومجموعة مسلحة من 14 بلدا بينها 11 مجموعة جديدة تعمل في مالي وفي جمهورية افريقيا الوسطى وفي جمهورية الكونغو الديموقراطية وفي سوريا، واشار التقرير الى ان "وضع الاطفال في سوريا تدهور في كل المجالات"،  وقالت ليلى زروقي الممثلة الخاصة للامم المتحدة من اجل الاطفال والنزاعات المسلحة ليلى زروقي ان "الاف الاطفال" قتلوا وتعرضوا للتعذيب واستعملوا دروعا بشرية من قبل الجيش السوري او تم تجنيدهم في المعارضة.

وفي مالي، نددت الامم المتحدة ب"الاستغلال والتجنيد المكثف" لمئات الاطفال خصوصا الصبيان ما بين 12 و15 عاما من قبل الحركة الوطنية لتحرير ازواد وحركة التوحيد والجهاد في غرب افريقيا وانصار الدين والقاعدة في بلاد المغرب الاسلامي، واوضح التقرير ان ذخائر غير منفجرة قتلت 24 طفلا بين اذار/مارس واب/اغسطس 2012 في شمال مالي وان الجيش المالي شن "عمليات انتقامية اتنية ضد اطفال من اصل عربي واو طوارق". بحسب فرانس برس.

واحصى التقرير ايضا 211 حالة من الجرائم الجنسية (اغتصاب، استعباد جنسي ، زواج بالاكراه" ارتكبت بحق فتيات من قبل الحركة الوطنية لتحرير ازواد وحركة التوحيد والجهاد في غرب افريقيا و انصار الدين والقاعدة في بلاد المغرب الاسلامي، واخيرا، "في شباط/فبراير 2013 بقي 86% من التلاميذ في شمال مالي بدون تعليم" بسبب الاضرار التي طالت المدارس.

عمالة الأطفال

من جهة أخرى قال صندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) إن اللاجئين السوريين في لبنان يعتمدون بشكل متزايد على عمل الأطفال لكسب المال لأسر تكافح حاليا لتدبير احتياجاتها الأساسية، وقالت ماريا كاليفيس مديرة يونيسيف في الشرق الأوسط وشمال افريقيا "الأسر فقيرة ومعدمة بعد عامين ونصف من الحرب ... ولمواصلة العيش هنا فهناك نفقات كثيرة ينبغي سدادها والنتيجة هي ضرورة أن يعمل الأطفال"، وأضافت "يضطر كثير من هؤلاء الأطفال للحصول على أجر لمساعدة آبائهم في توفير الغذاء لهم"، وقالت كاليفيس إن من بين نحو 400 ألف طفل لاجئ مسجلين التحق الربع فقط بمدارس عامة وهو ما يترك لمنظمات الاغاثة سد الفجوة. بحسب رويترز.

ويعيش كثير ممن هم في سن الدراسة في مخيمات غير رسمية دون وجود فصول دراسية دائمة، ولا يسمح لبنان لمنظمات المساعدات بإقامة مخيمات رسمية للاجئين فيما يرجع جزئيا إلى الاحجام عن جعل أزمة اللاجئين أكثر وضوحا.

واللبنانيون قلقون أيضا بسبب تجربتهم مع مخيمات اللاجئين الفلسطينيين التي اخترقها النشطاء المسلحون خلال الحرب الأهلية اللبنانية في الفترة من 1975 حتى 1990، وقالت كاليفيس إن كثيرا من النساء والأطفال يعملون في المزارع وتعتقد يونيسيف أن أطفالا سوريين ربما يعملون أيضا في مصانع لكنها ما زالت تحقق في ذلك، واضافت ان عمل الأطفال كباعة جائلين يبيعون أغذية أو لعب أطفال أو زهورا أصبح مشهدا مألوفا في بيروت، وقالت إنهم يكسبون عادة ما بين 2.5 وخمسة دولارات في اليوم.

وقالت إن المنظمة وشركاءها يحاولون زيادة الوعي بين الأسر بشأن خطر تعرضهم للاستغلال والانتهاكات في حين تتفاوض مع أصحاب الأعمال لاعفاء الأطفال من العمل بعد الظهر لمواصلة دراساتهم، وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من مليوني شخص فروا من سوريا بسبب الحرب الأهلية نصفهم أطفال، ويأتي التعليم والصحة العامة على رأس أولويات يونيسيف حاليا. وجرى تدبير نصف التمويل اللازم للمشروعات في هذين القطاعين حتى الآن هذا العام وتحتاج إلى نحو 80 مليون دولار قبل نهاية 2013.

من جهة أخرى صرح الامين العام للامم المتحدة بان كي مون في التقرير ان الحرب الدائرة منذ 26 شهرا في سوريا تلقي بعبء "غير مقبول وغير محتمل" على الاطفال الذين قتل منهم الالاف حتى الان، واكد مكتب الممثلة الخاصة للامم المتحدة المعنية بالاطفال في النزاعات المسلحة ليلى زروقي انه تلقى "تقارير تم التحقق منها بان اطفالا سوريين قتلوا او اصيبوا في عمليات قصف عشوائية او اصيبوا برصاص قناص او استخدموا دروعا بشرية او سقطوا ضحايا تكتيكات ترهيبية".

وقدمت زروقي التقرير الذي افاد ان فتيانا في العاشرة وما فوق استخدموا من طرف مجموعات مسلحة للعمل كمقاتلين وحمالين، واكد التقرير تزايد المعلومات عن قيام الجيش السوري الحر بتجنيد فتيان ولا سيما بين 15 و17 عاما من العمر.

استخدام الأطفال لأغراض سياسية

على الصعيد نفسه أعربت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" عن قلقها البالغ من الأثر الذي قد يتركه العنف الدائر في مصر على الأطفال مشددة على أن الأطفال لا يجب استخدامهم لأغراض سياسية، وقال فيليب داومال، ممثل المنظمة في مصر في بيان إن الاطفال لا يجب أن يتعرضوا أو يشهدوا أحداث العنف لما لهذه الأفعال من آثار جسمانية ونفسية مدمرة طويلة الأمد على الأطفال، وكانت مسيرات مؤيدة للرئيس المعزول محمد مرسي، خرجت تحت شعار "أطفال ضد الإنقلاب" وشارك فيها عدد من الأطفال لا يتعدى عمرهم العاشرة وهم يرتدون الأكفان البيضاء، رافعين لافتات "شهيد تحت الطلب".

في السياق نفسه، استنكر المجلس القومي للطفولة والأمومة في مصر ما وصفه باستمرار مسلسل استغلال الأطفال من قبل جماعة الإخوان المسلمين خلال المظاهرات المطالبة بعودة الرئيس المعزول محمد مرسي.

وأوضح المجلس في بيان أنه تم التقدم ببلاغ رسمي للنائب العام لاتخاذ اللازم نحو الخروج "الجبري" للأطفال من منطقة رابعة العدوية، حيث تفاقمت هذه الظاهرة تهدد منظومة حقوق الطفل في مصر، ويضاعف من أعداد الأطفال المعرضين للمخاطر الصحية، والأمنية والأخلاقية وهو ما يجرمه قانون الطفل.

وقال المجلس في بيانه إنه سبق أن أصدر أربعة بيانات من قبل 30 يونيو/حزيران الذي شهد مسيرات معارضة حاشدة أطاح الجيش المصري بمرسي حذر فيها من استغلال الأطفال.

الى ذلك قالت الامم المتحدة إن عدد الاطفال الذين قتلوا او اصيبوا بعاهات او تعرضوا لاعتداءات جنسية أو تم تجنيدهم للقتال في الصومال هبط بأكثر من النصف في الاشهر الثلاثة الاولى من 2013 مع انحسار القتال بين حركة الشباب الإسلامية المتشددة وقوات الحكومة.

وفي تقرير إلى مجلس الامن الدولي عن الصومال قال الامين العام للامم المتحدة بان جي مون إنه حدث 552 "إنتهاكا خطيرا" متنوعا بحق الاطفال في الفترة من يناير كانون الثاني حتى نهاية مارس اذار إنخفاضا من 1288 إنتهاكا في الفترة نفسها من 2012.

وقال التقرير إن حوالي ثلثي الانتهاكات ارتكبها مقاتلو حركة الشباب -الذين اعلنوا الانتساب لتنظيم القاعدة في فبراير شباط من العام الماضي- في حين ألقى بالمسؤولية في باقي الانتهاكات على قوات الامن الوطنية الصومالية.

وقال بان في التقرير "الاتجاه النزولي للقتل والاصابة بعاهات والتجنيد يعزى الى تراجع القتال المباشر بين مقاتلي الشباب وقوات الحكومة في حين ان معدل حوادث خطف الاشخاص يبقى مرتفعا بشكل يبعث على القلق"، واضاف قائلا "القوات الصومالية وميليشيا متحالفة معها هما الجناة الرئيسيون في اعمال القتل في حين ارتكب مقاتلو الشباب معظم اعمال الخطف والتجنيد والعنف الجنسي (بحق الاطفال) والهجمات على المدارس". بحسب رويترز.

وقالت الامم المتحدة إن 37 طفلا قتلوا واصيب 63 آخرون بعاهات وتم تجنيد 219 طفلا للقتال وتعرض 19 طفلا لانتهاكات جنسية و205 أطفال للخطف في حين وقعت سبعة هجمات على مدارس وهجوم واحد على مستشفى، وقال بان "المدنيون مازالوا يتحملون وطأة القتال المستمر في الصومال".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 3/تشرين الثاني/2013 - 29/ذو الحجة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م