عبرت المملكة العربية السعودية عن إحتقان كبير وزعل غير مسبوق في
اليوم الذي تم إعلانها عضوا غير دائم في مجلس الأمن الدولي، وعبرت عن
رغبتها في رفض شغل المقعد المخصص لها بناءا على قرار من الملك عبدالله
بن عبد العزيز، وساقت العيد من الأسباب التي تراها ملائمة لتكون سببا
مؤكدا لرفض المنصب، وهو مايمثل إحتجاجا كاملا على سياسات مجلس الأمن
تجاه القضايا التي عملت المملكة عليها من سنوات ودفعت مئات مليارات
الدولارات في سبيل إنجاحها، كالثورة السورية ضد نظام الرئيس الأسد،
والملف النووي الإيراني.
فهي مقتنعة تماما بأن الأمريكيين يجرون خلف مصالحهم الحيوية
ولايبالون كثيرا بالحلفاء في حال وجدوا مصلحة ما في حليف جديد، أو عدو
يمكن سحبه الى دائرة التفاهم إثر خلاف عميق وقديم كحال الصراع بين
واشنطن وطهران طويل الأمد، فالتردد الأمريكي تجاه القضية السورية
والإكتفاء بالتصريحات الطنانة والرنانة من كبير البيت الأبيض السيد
حسين أوباما وتلويحه بإستخدام العنف لوقف الحرب الأهلية وإسقاط الأسد
لم تكن كافية، ولم تحدث تغييرا على الأرض.
بل وعلى العكس تماما من التوقعات الرائجة عن نجاح القوات المعارضة
وقرب وصولها الى قصر الرئيس صار العالم يشهد تقدما للجيش النظامي
وإنهيارا في صفوف المعارضة الثورية ونوعا من الصدام بين القوى المتطرفة
وبعض الفصائل الوطنية المنشقة عن النظام، ثم كانت الطامة الكبرى
بالتوافق الأمريكي الروسي والإهتمام غير المسبوق بالسلاح الكيمياوي
السوري دون غيره من قضايا الصراع المميت، بينما ينشغل وزيرا خارجية
البلدين الكبيرين (لافرورف وكيري) بترتيبات مؤتمر جنيف متجاهلين التقدم
الذي يحققه الأسد وضعف المعارضة وتشتتها والتحضير لإستقبال الوفد
الإيراني في المؤتمر كطرف فاعل ومؤثر..
في الجانب الآخر وبينما كان الممثل السعودي يستعد لإلقاء كلمة بلاده
في إجتماعات الهيئة الدولية في نيويورك فوجئ ومعه كل المراقبين بالرئيس
الإيراني المعتدل حسن روحاني يداعب وسائل الإعلام ويجتمع بزعماء العالم
ثم يهاتف أوباما ويتحدث إليه عن مستقبل العلاقة بين طهران وواشنطن وسبل
تطويرها وجعلا من المساحة المتاحة أكبر بكثير مما كان كل متفائل
يتوقعها لتكون متسعة لتشمل كل آفاق التعامل والتعاون في مجالات شتى،
وهو مالم يكن محتملا بعد سنوات طويلة من الصراع وخسارات جسيمة للبلدين،
وخلال عقود من الزمن كانت فيه المملكة وحليفاتها العربيات تشتري أنواع
الأسلحة والطائرات بعشرات مليارات الدولارات كان آخرها الصفقة العسكرية
التي أبرمتها الرياض مع واشنطن بقيمة 11 مليار دولار، هاهي اجتماعات
الوفود الأوربية مع المفاوضين الإيرانيين تجري في عواصم الغرب والشرق،
بل وتقدمت إيران في هذا بخطوات غير مسبوقة بعد أن أنتج خبراؤها خارطة
طريق لمراحل متعاقبة في سبيل حل الملف الأمني بين الغرب وإيران وماترتب
عليه من عقوبات.
إيران تبدو كحليف جديد لأمريكا التي قررت الانسحاب بإتجاه آسيا
وتجاهل حلفائها العرب خاصة وهي ضامنة لشيء واحد فقط يملكه العرب وهو
النفط الذي سيتدفق في جميع الأحوال، بينما تمتلك أمم الأرض عشرات
الأشياء والأسباب التي تدفع أمريكا للهاث خلفها، حتى لو اضطرت للإرتماء
في الأحضان..
http://annabaa.org/news/maqalat/writeres/hadijalomarei.htm |