السجون... جزر تجمع عتاة الارض

 

شبكة النبأ: لايزال ملف السجون والسجناء من أهم واخطر الملفات في العديد من دول العالم،  خصوصا تلك التي تعاني من مشاكل أمنية واقتصادية متفاقمة أسهمت بزيادة إعداد السجناء كما يقول بعض المراقبين، الذين أكدوا على ان ملف إصلاح أوضاع السجون لايزال خارج اهتمام الكثير من الحكومات والدول، حيث لاتزال مساحة السجون من اكبر المشاكل واعقدها خصوصا مع ازدياد الأعداد في تلك السجون، وهو ما ساعد بارتفاع حالات انتهاك حقوق الإنسان التي تمارس بحق النزلاء وغياب الشروط الصحية وازدياد حالات الهروب وغيرها من الأمور الأخرى، وفي هذا الشأن أفاد تقرير لهيئة إتش. إم للتفتيش عن السجون أن سجنا بريطانيا تديره شركة (جي 4 إس) الأمنية لا يوفر الرعاية الصحية والنظافة الأساسية للسجناء ولم يحقق المعايير المطلوبة فيما يتعلق بأربعة مجالات قيمتها الهيئة. وكانت بريطانيا وضعت في يوليو تموز كل عقود الحكومة مع شركة (جي 4 إس) قيد المراجعة وتواجه الشركة تحقيقا محتملا.

وأوضح تقرير الهيئة أن السجناء في سجن (إتش.إم.بي اوكوود) الذي تديره شركة (جي 4 إس) منذ فتحه في إبريل نيسان عام 2012 لا يوفر النظافة والرعاية الصحية الأساسية للسجناء. وأضاف أن كثيرا من العاملين في السجن كسالى لدرجة التواطؤ وقال 14 في المئة من السجناء أنهم يعانون من مشاكل تتعلق بالمخدرات داخل السجن. وذكر التقرير أن الوضع في السجن غير ملائم فيما يتعلق بالأمن واحترام حقوق الانسان والأنشطة الهادفة والاقامة.

في السياق ذاته تطرح السجون الفرنسية المكتظة بالمعتقلين مشكلة مزمنة في فرنسا اذ تثير سجالا سياسيا احتدم مع اطلاق سراح ثلاثة مدانين بسبب ضيق الاماكن ما حمل المعارضة اليمينية على اتهام الحكومة الاشتراكية بالتراخي. فبوجود 68 الفا و569 سجينا في مراكز تتسع ل57 الفا و320 سجينا، سجل عدد المعتقلين في السجون الفرنسية رقما قياسيا جديدا.

ونظرا لعدم وجود أمكنة كافية أطلق القضاء سراح ثلاثة مدانين، اثنان منهم محكومان بالسجن ثلاثة اشهر مع النفاذ وتم توقيفهما الخميس في درو (وسط) لتنفيذ عقوبتهما. ويوم صدور القرار، كان احد عشر سجينا في هذه المؤسسة التي تتسع ل112 شخصا وتستقبل 143 ينامون على فرش مطروحة ارضا لعدم وجود اماكن لهم في الزنزانات. وفي نيسان/ابريل حكمت المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان على فرنسا بدفع 10 الاف يورو تعويضا لإساءة معنوية تسببت بها لسجين يدعى انزو كانالي بسبب ظروف اعتقاله "المهينة" في سجن نانسي القديم المغلق اليوم.

وعلق المرصد الدولي للسجون انذاك بقوله ان هذه الادانة التي تعاقب عليها فرنسا للمرة الاولى لاكتظاظ سجونها يفترض ان تحث الحكومة على الاسراع في اعداد سياسة جزائية حقيقية اقل لجوءا الى (عقوبة) السجن. وفي اواخر 2012 امر مجلس الدولة ايضا بإبادة الجرذان في سجن بوميت في مرسيليا (جنوب) ما جذب الانتباه الى ظروف الاعتقال المحزنة التي تترجم بعمليات انتحار منتظمة وراء القضبان.

وقضية اطلاق سراح وزيرة العدل كريستيان اي توبيرا لثلاثة من مرتكبي الجنح اثارت "دهشة" وزير الداخلية مانويل فالز و"سخط" المعارضة من توبيرا التي تعد احد أهدافها المميزة في الحكومة. فقد اتهم النائب اليميني من حزب الاتحاد من اجل حركة شعبية اريك سيوتي وزيرة العدل ب"تعريض ميثاقنا الجمهوري للخطر" جراء سياستها الخطرة واللامسؤولة. كذلك اتهمت رشيدة داتي وزيرة العدل السابقة في عهد الرئيس السابق نيكولا ساركوزي توبيرا بانها قررت بطريقة عقائدية عدم بناء مزيد من الاماكن في السجون. اما توبيرا فقد رفضت الجدل الصيفي الذي يغذيه اليمين.

وذكرت توبيرا بان النيابة العامة قررت في هذه القضية تأجيل تنفيذ ثلاث عقوبات بالسجن ثلاثة اشهر وشهرين، مشيرة الى ان الامر يتعلق في هذه الحالة بتطبيق القانون الصادر في 2009 والمتعلق بالسجون. وتساءلت أتذكرون من كان في الحكم في 2009؟ في اشارة الى الرئيس نيكولا ساركوزي. لكن هل ينتهي السجال عند هذا الحد؟ ليس بالتأكيد. بحسب فرانس برس.

وفي ردها على الانتقادات الموجهة اليها هاجمت توبيرا بشدة تساهل اليمين موضحة انه في الحالة الراهنة هناك ستة معتقلين من اصل نحو 850 حالة تمت دراستها تقرر الافراج عنهم نتيجة ذلك الخطأ الذي لم يصحح الا في العام 2012 في ظل حكومة يمينية ايضا. وسخر العضو في المعارضة برونو بيشيزا مسؤول الامن في الاتحاد من اجل حركة شعبية بقوله ان كل الاشرار سيعلمون ان فرنسا بلد رائع لا يوجد فيه اي فرصة للذهاب الى السجن او البقاء فيه، وذلك سيكون له تأثير مأساوي على مواطنينا الذين سيكون لديهم اسباب حقيقية للخوف.

اما الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة الوفية لتكتيكها، فهاجمت الحزب الاشتراكي والاتحاد من اجل حركة شعبية على حد سواء، منددة ب خفتهما المفرطة وعدم مهنيتهما بخصوص تنفيذ عقوبات محكومين مع انها مسالة "مركزية" في نظرها. وتطالب الجبهة الوطنية بانشاء 40 الف مكان في السجون.

بين الهروب وتهديد

في السياق ذاته قال متحدث باسم الشرطة الاندونيسية ان نحو 200 سجين تمكنوا من الفرار من سجن تفرض عليه اجراءات امن مشددة في مدينة ميدان رابع أكبر مدينة في اندونيسيا بعد ان تحولت احتجاجات على نقص المياه والكهرباء الى اعمال عنف. وذكر المتحدث باسم الشرطة بوي رافلي عمار ان من بين 200 سجين فروا.

وقالت صحيفة جاكرتا بوست انه يعتقد ان الخمسة عشر سجينا ارهابيا لهم صلة بتوني توجار الذي يقضي عقوبة سجن مدتها 20 عاما في سجن آخر لادانته بتفجير كنائس في سومطرة عام 2000 .وقال مسؤول شرطة آخر ان السجناء فروا بعد اندلاع حريق في السجن تسبب في مقتل سجينين واثنين من مسؤولي السجن.وقالت الصحيفة نقلا عن وزير العدل ان السجن كان به 2500 سجين.

عبى صعيد متصل حذرت نقابة أمنية غير حكومية من أن السجون التونسية وحراسها يواجهون تهديدات ارهابية ودعت إلى اصدار قانون طوارئ خاص بالسجون. وقالت ألفة العياري الكاتبة العامة لـ"النقابة العامة لموظفي السجون والاصلاح" في مؤتمر صحافي جاءنا (مؤخرا) إشعار من الأنتربول بأن السجون التونسية وأعوانها (حراسها) مستهدفون من الارهابيين.

وطالبت العياري السلطات بإقامة حزام أمني حول سجن المرناقية (أكبر سجن في تونس) الذي يقبع داخله موقوفون ينتمون الى جماعة انصار الشريعة بتونس التي صنفتها الحكومة مؤخرا تنظيما ارهابيا. وأضافت أن الشرطة ضبطت في الايام الماضية سيارة داخلها متفجرات وأسلحة متطورة قرب سجن المرناقية الذي يقع جنوب غرب العاصمة تونس.

وتساءلت لو تم استعمال هذه الاسلحة في مهاجمة السجن، كيف سيتصرف الحراس العزل؟. وذكرت ان وزارة العدل التي تشرف على السجون في البلاد، ألغت بعد الاطاحة مطلع 2011 بالرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، القانون عدد 4 الذي يجيز لحراس السجون استعمال الرصاص لمنع هجمات أو عمليات فرار جماعي من السجن.

وتابعت ان 49 سجينا فروا في الثاني من ايلول/سبتمبر من سجن قابس (جنوب) بعدما اعتدوا بالعنف الشديد على حراسه العزل. وأضافت ألفة العياري ان حراس سجون تلقوا تهديدات بـ"تصفيتهم واحدا واحدا" من متشددين وأن حارس سجن تعرض مؤخرا الى محاولة قتل في ولاية أريانة (شمال شرق). وقالت ان جهاز الاستعلامات أحبط عديد العمليات التي كانت تستهدف السجون والحراس وأن وزارة العدل لم تتخذ أي إجراء لتأمين السجون وأعوانها (حراسها).

وأكد الحبيب السبوعي المدير العام للسجون والإصلاح بوزارة العدل وجود تهديدات إرهابية تستهدف السجون التونسية خلال سنة 2013. ولفت الى ان جماعة انصار الشريعة بتونس وجهت دعوات لتحرير قيادييها المسجونين. وأضاف هناك تنسيق يومي مع وزارات العدل والدفاع والداخلية لاتخاذ الاحتياطات الضرورية لتامين السجون. وقال نتمنى مع البنية التحتية غير المتطورة للسجون، أن نتمكن من تأمينها. بحسب فرانس برس.

وفي وقت سابق أعلن الحبيب السبوعي المدير العام للسجون والاصلاح بوزارة العدل ان السجون التونسية تعاني من الاكتظاظ وأن بعضها يؤوي ثلاثة أضعاف العدد المسموح به من النزلاء. وفي تموز/يوليو الماضي اعلن وزير العدل نذير بن عمو ان السجون التونسية تعد أكثر من 23 ألف نزيل بينهم نحو 12 ألفا موقوفون على ذمة القضاء الذي لم يصدر بعد احكاما بشأنهم. وبعد الاطاحة بنظام بن علي، هرب أكثر من 11 ألف سجين من أصل 31 ألفا كانت تعدهم وقتئذ سجون البلاد بحسب احصائيات وزارة العدل.

تخفف الأحكام

من جانب اخر كشفت الإدارة الأمريكية عن تغييرات رئيسية في نظام العدالة الجنائية، أسقط بموجبها الحد الأدنى الإجباري للأحكام في فئة معينة من قضايا المخدرات. وقال المدعي العام الأمريكي إيريك هولدر في خطاب، إن النصوص الخاصة بالحد الأدني من الأحكام لن تطبق على مرتكبي جرائم المخدرات غير المرتبطين بالعصابات أو التكتلات الإجرامية الكبيرة.

وحسب التقديرات، فإن في الولايات المتحدة عددا أكبر من السجناء مقارنة بدول العالم الأخرى رغم انخفاض معدلات الجريمة لإدنى مستوى خلال 40 عاما. ويقول المنتقدون إن الأقليات أكثر تضررا من الأحكام المشددة في قضايا المخدرات. وقال هولدر نحتاج إلى ضمان استخدام الحبس للعقاب والردع وإعادة التأهيل وليس لمجرد الإدانة والإيداع والنسيان ( إيداع المذنبين السجن ثم نسيانهم).

ووفقا للإصلاحات التي أدخلت على نظام العدالة الجنائية، فإن هولدر سوف يوجه المدعين الأمريكيين الذين يعدون عريضة الاتهامات في نوع معين من جرائم المخدرات إلى حذف أي ذكر لكمية المواد غير القانونية المعنية بها القضية، بهدف تجنب اللجوء إلى حكم أدني إجباري. وسوف يطبق التعديل فقط على مرتكبي الجرائم الذين اقترفوا جرائمهم بدون عنف ولم يتهموا سابقا أو لم تكن لهم علاقات مع العصابات أو التكتلات الإجرامية الكبيرة.

وتمنع هذه النصوص، التي وضعت في إطار الحرب الأمريكية على المخدرات في الثمانينات، حرية القضاة في إصدار إحكام في جرائم مخدرات معينة حسب تقديرهم الشخصي. وتشير إحصاءات مكتب السجون الفيدرالي الأمريكي إلى أن حوالي 47 في المئة من نزلاء السجون الأمريكيين مسجونون في جرائم مخدرات.

وقال هولدر دائرة الفقر والجريمة والحبس المفرغة توقع بالكثير جدا من الأمريكيين وتضعف المجتمع. وأضاف غير أن الكثير من جوانب نظام العدالة الجنائية لدينا قد يفاقم فعليا المشكلة بدلا من تخفيف حدتها. وعبر هولدر أيضا عن مساندته لجهود نواب الكونغرس للسماح للقضاة باستخدام مزيد من المرونة فيما يتعلق بأحكام الحد الأدنى الإجبارية. وأشار إلى أن تشريعا بهذا المعني سوف يوفر في نهاية المطاف لبلادنا مليارات الدولارات ويجعلنا آمنين.

على صعيد متصل قال أعضاء في الكونجرس الأمريكي من الحزب الديمقراطي يطالبون بإغلاق معتقل خليج جوانتانامو إن تكلفة السجن الحربي ارتفعت ارتفاعا هائلا ووصلت هذا العام إلى 2.7 مليون دولار للسجين الواحد. وأضافوا أن هذه التكلفة باهظة للغاية خاصة في ضوء عجز الميزانية الامريكية. وقالت السناتور دايان فينستاين خلال جلسة للجنة القضائية في مجلس الشيوخ بشأن جوانتانامو هذا إهدار هائل للمال.

ويوصف معتقل جوانتانامو بأنه أكثر السجون تكلفة في العالم وقال الرئيس الأمريكي باراك أوباما في مايو أيار إن التكلفة التي كانت تقدر آنذاك بنحو 900 ألف دولار للسجين هي واحدة من أسباب عدة تبرر إغلاقه. وأدلى النائب آدم سميث كبير أعضاء الحزب الديمقراطي في لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب بشهادته أثناء الجلسة.

وقال إن التكلفة الحالية لتشغيل المعتقل ارتفعت إلى 454 مليون دولار خلال العام المالي الذي انتهى يوم 30 سبتمبر أيلول وذلك وفقا لأرقام وزارة الدفاع الأمريكية أي نحو 2.7 مليون دولار للسجين الواحد. ويوجد في جوانتانامو 166 معتقلا. وأضاف سميث أن المبلغ الاجمالي لتشغيل جوانتانامو منذ فتحه في عام 2002 بلغ 4.7 مليار دولار.

وفي المقابل يقول محللون إن السجون شديدة الحراسة في الولايات المتحدة لم تنفق سوى ما بين 60 و70 ألف دولار على السجناء كحد أقصى. ويقول المطالبون بإغلاق معتقل جوانتانامو أيضا إن احتجاز أشخاص لسنوات دون توجيه اتهامات لهم وصمة في جبين الولايات المتحدة. ويضيف هؤلاء أن جوانتانامو خطر على الأمن القومي أيضا لأنه أداة لتجنيد المتشددين. وقال السناتور ريتشارد ديربن خلال الجلسة خلص قادة الأمن القومي والدفاع لدينا إلى أن خطر إبقاء جوانتانامو مفتوحا يفوق بكثير خطر إغلاقه لأن المنشأة لازالت تضر بتحالفاتنا وتمثل أداة لتجنيد الإرهابيين. بحسب رويترز.

وتولى أوباما الرئاسة في عام 2009 وتعهد بإغلاق معتقل جوانتانامو في غضون عام. وفي مواجهة معارضة شرسة في الكونجرس لم يتمكن الرئيس الأمريكي حتى الان من تحقيق ذلك حتى بعد ان خلصت السلطات الى ان 86 من المعتقلين في جوانتانامو لا يمثلون خطرا على الولايات المتحدة ويمكن الافراج عنهم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 21/تشرين الاول/2013 - 16/ذو الحجة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م