لماذا يرتدي المسؤول بدلةً زرقاء؟

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: في السنوات الاخيرة، لاحظ العراقيون ارتداء بعض المسؤولين، البدلة الزرقاء، أو بدلة العمل، وهي ترمز بوضوح الى انتماء من يرتديها الى الطبقة العاملة، كما انها تدل على ان الشخص الذي يرتديها (اذا كان مسؤولا)، يرغب بالنزول من علياء منصبه، أو برجه العاجي كما يسميه البعض، ليكون في الشارع وساحات العمل، يكد ويتعب مع الطبقة العاملة التي تعمل من اجل البناء العمراني والتجميلي للبلد.

في الحقيقة مظهر جميل ان يرتدي مسؤول كبير، بدرجة وزير او أعلى أو أقل، كما فعل بعض المحافظين وسواهم، فهذه البدلة تعطي انطباعا جيدا على ان المسؤول يحاول ان يخدم الناس بالفعل وليس بالقول، ويحاول ان يترك غرفته المكيفة، وطاولته اللامعة النظيفة الفخمة، وينزل الى ساحة العمل ليشارك بنفسه الآخرين من العمال او اولئك الذين يقومون بحملات العمل الطوعي، ولا يخفى على احد ذلك الاثر النفسي الكبير الذي يتركه ارتداء المسؤول للبدلة الزرقاء في نفوس الناس، لاسيما البسطاء منهم والعمال.

ليس هناك ضررا في ارتداء البدلة الزرقاء إلا عندما يتم اللجوء الى هذا العمل بقصد الخداع!!، وهو قد يكون كذلك لاسباب أهمها، أن من يرتديها يريد أن يكسب اصوات الناخبين لا اكثر، بمعنى قد يرتدي المسؤول بدلة زرقاء ولكن للمظهر فقط، أي عندما نبحث وندقق في اعمال المسؤول وافعاله، قد لا نجد ما يشير الى انه يختلف عن المسؤول الذي يدير شؤون الناس من وراء الطاولة الفخمة، لذلك فإن ارتداء هذه البدلة لا يكفي، وهو ليس دليلا على افضلية هذا المسؤول عن ذاك، بل ربما نجد مسؤولا لا يغادر مكتبه، او يتابع الاعمال والمشاريع بالبدلة الرسمية، لكنه في الوقت نفسه يؤدي عملا جيدا من خلال خبراته وقدراته الادارية.

إن البدلة الزقاء هنا لا يمكن أن تكون هي المعيار الدقيق لافضلية هذا المسؤول على غيره، بل قد يكون مفعولها عكسيا، عندما تستخدم لخداع المواطنين من اجل كسب اصواتهم، او لتكوين سمعة جيدة لدى الناخبين، لهذا يبقى العمل القائم على الارض والمتحقق في الواقع، من هذا المسؤول او ذاك، هو المعيار الاول للأفضلية، وبهذا سيكون تأثير هذه البدلة شكليا لا أكثر.

إنها يمكن ان تصب في الصالح العام والخاص (على من يرتديها)، عندما تقترن الاقوال بالافعال، بمعنى اذا كان من يرتديها يعمل ما يقول وينفذ ما يعد به الناس، فإنه في حقيقة الامر لا يحتاج حتى هذه البدلة، لانه في كل الاحوال يؤدي عمله بالطريقة الصحيحة والمطلوبة، ولكن هذا لا يعني منع ارتداء هذه البدلة، او استهجانها، بالعكس شيء جميل ان يرتدي المسؤول (الخدمي) خاصة، هذه البدلة، ولكنها سوف تتضاعف من مسؤولياته، وسوف تضعه تحت مجهر المراقبة والتقييم اكثر من غيره بكثير، لأن الناس تحاول ان تعرف بدقة، هل أن هذا المسؤول الذي يرتدي البدلة الزرقاء، قم بارتدائها من اجل السمعة والشهرة وكسب الاصوات، أم من اجل تقديم الخدمات التي تفرضها عليه مسؤوليته، ومنصبه والاجور التي يتقاضاها شهريا مقابل خدمة المواطنين؟.

وعندما نطرح التساؤل التالي، لماذا راجت ظاهرة او حالة ارتداء البدلة الزرقاء بين المسؤولين؟ فإننا نحتاج الى اجابات ليست بالاقوال، وانما بالافعال، بمعنى ينبغي ان يثبت لنا صاحب هذه البدلة بأعماله التي نراها، بأنه يقدم الخدمات التي يحتاجها الناس فعلا، وانه لا يرتدي هذه البدلة من اجل الشهرة وكسب السمعة الجيدة فقط، ومثالنا الايجابي عن هذه الظاهرة هو محافظ ميسان الذي استطاع ان يعطي لهذه البدلة معناها، ومدلولها الحقيقي القائم على الارض، فيما لم يستطع مسؤولون آخرون حاولوا ارتداء هذه البدلة، من تحقيق شروط ارتدائها، بمعنى هناك بعض المسؤولين ربما لم يكونوا موفقين في ارتداء البدلة الزرقاء، لانهم لم يقدموا للناس ما يثبت أنهم منتمون للعمال وللشعب قلبا وقالبا!.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 20/تشرين الاول/2013 - 15/ذو الحجة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م