لم يدر في خلد باقر أن يتحول عيد الاضحى الى مأساة وتتحول السعادة
الى حزن، في أول يوم من أيام عيد الاضحى والفرح يغرق عيون الاطفال وهم
يقبضون عيدياتهم من الاهل والاقارب أمسك محمد ذو الاربع سنوات بـ
(الالف دينار) وعصره بيده الصغيرة وهو يودع أباه بعينيه الخضراوان
وابتسامته الكبيرة وخرج مهرولاً الى (العيد) ليركب المراجيح ودولاب
الهوا ويمرح مع باقي اطفال المنطقة.
لم تمض دقائق حتى جاء محمد يحمله الجيران وهو يعصر بدل الالف دينار
احدى عينيه التي كانت تسيل بلون أحمر بدل الاخضر.... حضن باقر أبنه
بقوة وسأل الجيران عما حدث له وسط ذهول مفزع وصراخ محمد الهستيري: ان
صاحب الدكان اراد ان يجرب بضاعته من الالعاب النارية ليشتريها الاطفال
وصادف ان محمد كان في المكان الخطأ.. هرول أبو محمد حاضناً أبنه الى
المستشفى ماراً بصاحب الدكان: ليش هيج سويت بأبني؟؟ الا اتجيب هاي
السوالف الي كلها اذية؟
أجابه صاحب الدكان بعبارة ضل يرددها اكثر من مرة وكأنها عذره الوحيد
وتبريره لما جناه: يعني اشلون ما نشتغل؟ غير على باب الله.. على باب
الله نريد انعيش....
لم يكن الله (سبحانه وتعالى) ليرضا باي حال ان يكون بابه مفتوح على
مصراعيه لأي كسب مهما كان تأثيره على ارواح الناس فلا ضرر ولا ضرار كما
في الحديث المشهور واي ضرر أكثر من هذه الحوادث ومستشفياتنا تمتلأ في
كل عيد أو مناسبة بضحايا أبرياء جنى عليهم من يريد الكسب باي طريقة وان
كانت على حساب ارواح الناس وحياتهم وسعادتهم فمن المؤكد ان الله لا
يرضى بهكذا تجارة..
لكن يبقى السؤال المحير أين السلطات الحكومية المختصة من هذه
الظاهرة؟ الا يعلمون بأضرارها؟ ام لا يهتمون بمعاناتنا؟ ام لأننا من
المواطنين.. فـ طز..
لماذا لا تخضع هذه البضائع الى معايير التقييس والسيطرة النوعية؟
لماذا لا تضع لها وزارة التجارة ضوابط وقوانين تقنن استيراد ادوات
تعذيب الناس وقلب سعادتهم في ايام الاعياد من العاب نارية واسلحة
المعارك البلاستيكية التي لا يجد اطفالنا غيرها ليلعب بها تماشياً مع
أجواء العنف والتفجيرات والاغتيالات والاسلحة الكاتمة التي تملأ ايامنا
وأخبارنا واحاديثنا وحتى احلام اطفالنا...
وأخيراً أناشد من يتكلم باسم الله من مراجع وخطباء ورجال دين أن
يحرموا بيع هذه الالعاب ويقفوا ضدها وضد من يتاجر بها بكل قوة ويغلقوا
الباب الذي يدعي هؤلاء انه باب الله وهو في الحقيقة باب الشيطان.
ودمتم سالمين |