لمــــــاذا، لمـــاذا؟

كاظم العبودي

 

استخدمت الاداة الاستفهامية (لماذا) ايام النظام البائد، في الاعلان عن ضرورة تلقيح الاطفال ضد الشلل، خلال الاعلان يظهر مواطنين (اطفال وشباب ونساء) بمظاهر تدعوا للشفقة والرحمة، ويتكرر مع كل لقطعة تظهر فيها حالة من حالات العوق الجسدي صوت حزين مع مد وتكرارا (لمــــاذا لمــاذا)، طريقة الاعلان كانت تسيء لشريحة ذوي الاحتياجات الخاصة والمعاقين، وارسىت فكرة مفادها بان المعاقين هم بهذه الحالة من المأساة ومن يفقد اطرافه سوف يكون حالة كهؤلاء، ولم يسأل بنفس الاداة (لماذا) يهمل المعاق؟ ولماذا نوفر الاسباب لعوقه (حروب وحصار)؟، لكن ذلك مقصود لأنه رمى بالأئمة على العائلة بعدم تلقيح الاطفال ولم يشر الى اخفاق المؤسسات الحكومية بالتلقيح والتأهيل ومن ثم الدعم واخرجهم بصورة غليظة خادشة للمشاعر، ولم يقف الوضع عند هذا الحد بل اخذ المجتمع هذه الكلمة وركبها على شريحة ذوي الاحتياجات الخاصة بذات النغمة، فما ان يرى الاطفال وفي بعض الاحيان المواطنين الكبار مواطنا معاق حتى صاحوا لمــاذا لمــاذا لمــاذا فيما جعل البعض الاخر منهم الموضوع نكته يتندرون بها في مجالسهم.

وبذلك استطاع النظام ان يستهزئ بشريحة كبيرة ومهمة في المجتمع العراقي بطريقة بهلوانيه مستخدما الشعب وجهله بهذه الشريحة كان هو سبا بزيادتها وتهميشها، دون اي وازع من ضمير، هذا ابسط شيء ارتكبه النظام السابق بحق هذه الشريحة، ولا يحتاج احد الى التعريف بسياسات النظام التي ازادت من اعداد هذه الشريحة ومن ثم تركتهم ركام وفريسة لمجتمع درب على العنف.

وهذا ليس بغريب على سياسة دكتاتورية لكن الغريب هو استمرار تهميش و تجاهل وغمط حقوق المعاق من قبل السياسة العراقية الجديدة في بلد اطلق عليه اسم العراق الجديد، عشر اعوام مضت وهذه الشريحة تعيش بلا قانون ولا انظمة تنظم حياتها وتحفظ كرامتها، مما جعلها فريسة لمجتمع سادت فيه الفوضى واتصف بالعنف والقوة والقسوة، مما عقد عليها مهمة المنافسة في كسب الرزق والدراسة وممارسة حياتها الطبيعية، والادهى ان قانون ذوي الاحتياجات الخاصة والمعاقين في قبة البرلمان منذ عام ونصف لكنه لم يقر بسبب المزايدات السياسية والحسابات الحزبية الضيقة، ربما لان هذه الشريحة ليست بالمهمة بنظرهم، او انها لا تستحق ان تنظم حياتها بقانون ومن يستحق هم حكام هذا البلد ومسؤوليه، لذلك نجدهم يسارعون بتشريع القوانين التي تصب بمصالحهم وتدر عليهم ارباح وفوائد من رواتب ومنافع اجتماعية وإفادات وغيرها، وهذا يدلل على ان العراق تحكمه سياسة الفائدة والغنيمة والمصلحة ولا وجود للسياسة الحقيقة التي هدفها المجتمع وخدمة الوطن والمواطن ولو كانت كذلك لشرعت قانون للشرائح الضعيفة بدنيا مثل "النساء والاطفال وذوي الاحتياجات الخاصة والمعاقين" ووفرت لهم سبل العيش بكرامة من خلال توفير فرص العمل ودور سكن ودعمهم بغية اكمال دراستهم وتنمية مواهبهم، لكن السياسة التي تحكم البلد هي سياسة هزيلة يتحكم بها اشخاص وليست مؤسسات تؤثر فيهم الضغوطات والتدخلات والمصالح الشخصية والحزبية من هذا لا تجد للسياسة العراقية شكل واولويات عمل معينة لهذا لا يؤمل منها أنصاف شريحة ذوي الاحتياجات الخاصة والمعاقين مالم تغير اسلوب عملها جذرياً لكننا نكرر سؤال عله يجد ضميرا حيا او جواب يشفي الغليل مفاده لماذا هذا التهميش لشريحة ذوي الاحتياجات الخاصة والمعاقين؟.

http://annabaa.org/news/maqalat/writeres/Kazimalabodi.htm

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 15/تشرين الاول/2013 - 9/ذو الحجة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م