المجتمعات تتغير وتتحول وتتأثر بالمعطيات والمؤثرات الخارجية بصورة
متباينة ونسبية ولكنها حتمية ودائمية سلباً او ايجاباً فتتكامل او
تتسافل حسب الظروف الموضوعية التي تؤثر فيها وحسب مستوى الثقافة
والتحضر والبيئة حسب الدراسات السسيولوجيا الحديثة فتظهر فيها ظواهر
وتختفي اخرى تبعاً لثقافة الافراد والمجموع.
واليوم نحن نعيش في العراق نوعاً من الانفتاح غير المسبوق على
مختلف الاشكال والالوان والانواع من ثقافات وظواهر وتكنلوجيا اتصالات
والعراقي بصورة عامة والشباب خاصة يتميز ببحثه المتواصل عن كل جديد
وتلقفه لأخر ما يعرض من معروضات تقنية او عادات غريبة او ظواهر جديدة
ويتكيف معها بسرعة فائقة وربما تكون هذه الخاصية حالة ايجابية في
المجتمعات فوجود هذه الليونة في تقبل كل ما هو جديد يجعل من المجتمع في
نوع من التطور والتقدم المستمر والتفاعل السريع مع المتغيرات الايجابية
في الحالة الانسانية بشكلها العام والواسع.
ولكن الغريب ان اغلب مجتمعاتنا تمتص الظواهر السلبية كالاسفنجة أو
تميل الى استخدام الجانب السلبي في النوع الذي وجد لاستخدام ايجابي مثل
استخدام الموبايل على سبيل المثال الذي بات سبباً رئيسياً في كثرة
حالات الفساد والخيانات الزوجية وحالات الطلاق التي وصلت الى مستوى
خطير يهدد الاف العوائل بالانهيار وهذا ينتج جيوش من الاطفال والشباب
المحرومين من الجو الاسري الصحي والسليم وبالتالي وجود جيل مصاب بأمراض
وبائية معدية.
ومن الظواهر التي انتشرت بشكل واسع بين الشباب هي مقاهي (النركيلة)
وما يرافقها من عادات منحرفة قد تصل الى استخدام المخدرات والاحاديث
السطحية وتبادل الفديوات الاباحية وغيرها والتي ولدها الفراغ وعدم
استثمار الوقت بصورة صحيحة، وظواهر الانغماس في تشجيع الفرق الرياضية
الى حد العداء والتباغض والتشاحن والاقتتال الوهمي والانقسام بين مشجع
لفريق واخر، وغيرها من الظواهر اللامتناهية التي تنتشر في مجتمعاتنا
الشبابية كالنار في الهشيم.
ان ما يؤلم ان نرى شبابنا ينزلق بصورة سريعة في انحرافات عديدة
دونما ان نوجد الحل الناجع لاستيعابهم من قبل مؤسسات الدولة او وضع خطط
مستقبلية تستثمر طاقاتهم وتوظف قدراتهم ورغم وجود هذه المؤسسات ووجود
الدعم المادي لها الا انها ليست بمستوى التحدي ولم تنجح في استقطاب
الشباب وتحولت الى مؤسسات بيروقراطية حالها حال باقي مؤسسات الدولة
فيها الرتابة والروتين وانعدام الابداع في عملها وفعلها وخططها رغم
انها تتعامل مع شريحة في قمة الطاقة ومساحة الابداع والقصور الاخر هو
في الجانب الروحي الذي تتحمله المؤسسة الدينية المتصدية فلا نجد مشاريع
او خطط تسير عليها وفق خطوات مدروسة لإيجاد البديل الاخلاقي والعقائدي
الناجح وتبيان الظواهر المنحرفة والعمل على مواجهتها وفق تفعيل فريضة
الامر بالمعروف والنهي عن المنكر التي يبدوانها اندثرت او كادت..، لا
بل اني سمعت من احد المراجع اننا يجب ان نواجه المنكر قبل حدوثه وننهى
عنه ونوجد المعروف قبل وقوعه ونأمر به فهل تقوم مؤسساتنا الدينية بمثل
هذا العمل ؟ واقعنا ينفي ذلك الا بالقليل.
والمقصر الثالث هو منظمات المجتمع المدني بكل اصنافها وانواعها
والتي لم تعطي هذه الشريحة ما تستحق ولا تسعى الى اداء رسالتها
الحقيقية بما يتناسب والشعارات والاهداف والمسوغات التي وجدت من اجلها
وان وجدت فتراها مؤسسات مؤدلجة غايتها كسب الشباب لأغراض معينة اما ذات
الشاب وثقافته وسلوكه فهي بعيدة كل البعد عن خططها وبرامجها.
ان العالم المتحضر لم يتقدم الا بوضع الخطط للمستقبل وخامة المستقبل
هم الشباب فمن لا يضع الخطط لمستقبله يكون جزء من خطط الاخرين، والشباب
ان لم يستثمروا بصورة صحيحة في بناء الوطن سيصبحون عاملا في تهديمه.
ودمتم سالمين
http://annabaa.org/news/maqalat/writeres/alifahim.htm |