هذا هو شعار "اليوم العالمي للطفلة" لهذا العام 2013، والذي يصادف
الحادي عشر من تشرين الأول من كل عام، الذي حُدد تأريخه ليُعّرف
المجتمع الدولي والإنسانية بأهمية تعليم البنات من خلال الإعتراف
بحقوقهن الكاملة في ان تحظى بتعليم كامل وعلى كافة المستويات، ووضع
مؤشرات على المناطق التي تُستهدف فيها الفتيات بشتى أنواع التعسف
الجنسي والأخلاقي وحرمان التعليم والتعليم الأسري والعنف الجسدي، وما
يقود إليه ضعف التعلم، الذي قد يكون من عادات بعض الشعوب، من ضعف كبير
في شخصية الفتاة التي ينتظر منها أن تكون يوماً ما أماً تُلقى على
عاتقها مسؤوليات عائلية كبيرة في مجال الأسرة ومسؤولية وظيفية أكبر في
حقل العمل.
لقد جعلت الأمم المتحدة من " إستيفاء حق تعليم البنات إلزامياً
وواجباً أخلاقياً كبيراً، وأثبتت أدلة دامغة على أن تعليم الفتيات،
وخاصة في المرحلة الثانوية، هو قوة تحويلية قوية للمجتمعات والفتيات
أنفسهم: هو العامل الإيجابي الدائم لكل نتائج التنمية المنشودة، من
التخفيضات في معدلات الوفيات والخصوبة، إلى الحد من الفقر والنمو
العادل، وتغير القواعد والمعايير الاجتماعية والديمقراطية ".
في العراق.. تتزايد المخاوف الأسرية من أن تكمل البنات تعليمهن
الثانوي لأسباب عدة أهمها: أن يكون ذلك عرفاً سائداً لأسر كثيرة في عدم
إكمال البنات لتعليمهن أكثر من المرحلة الإبتدائية، أي لفك طلاسم
الحروف فقط، دون التزود ببقية المعارف المهمة في الحياة والتي أصبحت من
ضرورات الحياة الأساسية بعد تطور المجتمعات، لذلك فأن الكثير من بناتنا
في المدراس عندما ينتقلن الى المرحلة الثانوية يفتقدن للكثير من
صديقاتهن على المقاعد الدراسية فتلكم الصديقات يتم إعدادهن ليصبحن ربات
أسر على الرغم من كل الشغف الذي في قلوبهن لتلك المقاعد والرفقة
الجميلة.
ومن الأسباب الأخرى ذات الأهمية الكبرى اليوم هو الخوف من أن يطال
أجسادهن البريئة العنف الإرهابي المستمر في المدينة والذي يستهدف كل
شيء ويعطل أغلب مفردات المستقبل أمام فتياتنا، فعلى الرغم من أن
الكثيرين يكتنفهم الخوف الشديد على بناتهم وهم يرسلوهن الى المدارس إلا
أنهم يتحملون هذا الخوف على مضض في سبيل إستيفائهن لحق التعليم
كاملاً.. وعلى الرغم من وجود أسر تعارض تعليم البنات لأكثر من الدراسة
الإبتدائية ؛ إلا إن هناك أسر كثيرة أخرى تجاهد في سبيل أن تحظى بناتها
بأقصى درجات التعلم وقد تصل الى التعليم العالي.
كما يعتبر الفقر من أهم عوامل توقف تعليم البنات لمرحلة معينة
وتوفير الموارد المحدودة لتعليم الذكور من أبناء الأسر على إعتقاد،
خاطيء طبعاً، بأن البنت مصيرها سيؤول لرجل، الزوج، وهو كفيل بإعالتها
وكأن الحياة عبارة عن إعالة كمأكل ومشرب وملبس دون النظر في رؤية أخرى
الى أن تكون ربة الأسرة تلك على مستو جيد من التعلم للشد من عزيمة
بناتها بعد حين وتورثهن حب العلم كرسالة إنسانية وسماوية في ذات
الوقت.. فنحن نعيش في بلد دينه الرسمي الإسلام ولدينا تعاليم كثيرة
تشجع على العلم والتعلم " من المهد الى اللحد" إلا إن أغلب تعاليم تلك
الرسالة الشريفة لم تمض في عضد تلك الأسر التي تصرّ على أن تعليم
البنات له حد يتوقف وتتوقف معه مسيرتهن في عالم النور.
الهدف هنا يجب أن يركز للتوعية بأهمية تعليم البنات تعليماً
متكاملاً لا يستثني شيء وإطلاعاً واسعاً على كل الثقافات بما فيهم
ثقافة الحياة الأسرية والجنسية وأن تكون الأم التي حُرمت يوماً من
التعليم هي مفتاح باب النور هذا لبناتها.. ففي لقاء لي مع إحدى مديرات
المدارس الثانوية اشتكت تلك السيدة الفاضلة من أن الكثير من البنات
لديها لا يعرفن شيئاً عن الدورة الشهرية حيث تفاجئ أغلب البنات بتلك
الحالة وتربكهن في حين أن الأسرة، الأم، عليها أن تكون النبراس لتعليم
أبسط الأمور الحياتية للبنت لكي تكون دائماً على علم وإطلاع بما يكتنف
أجسادهن من تغيرات هرمونية وفايسلوجية قد يتأخر تدريسها في المدارس،
ومن هذا نرى أن الأسرة المثقفة غالباً ما تنتج بنات متعلمات على قدر من
العلم ومستقرات نفسياً.
تقول المنظمة الدولية في صفحتها عن هذا اليوم:" وادراكا لضرورة وجود
منظورات خلاقة وجديدة للدفع قدما بتعليم الفتاة، سيتطرق اليوم الدولي
للطفلة لعام 2013 لمسألة التكنولوجيا الجديدة، فضلا عن الابتكار في
الشراكات والسياسات واستخدام الموارد وتعبئة المجتمع المحلي، وأهم من
ذلك كله هو إشراك الشباب أنفسهم"، وسيتضمن توجيهات وإشارات ترسلها
الأمم المتحدة للمجتمعات كحكومات ومنظمات مجتمع مدني تستهدف تقديم
الدعم للفتيات أهمها: تحسين الوسائل العامة والخاصة من وسائل النقل
للبنات للوصول الى المدرسة من الطرق
* التعاون بين النظم المدرسية والقطاع المصرفي لتسهيل تسليم
المرتبات الآمنة والمريحة للمدرسات وتسليم منح دراسية للفتيات
* تقديم دورات تكنولوجيا تستهدف الفتيات في المدارس والجامعات
وبرامج التعليم المهني
* برامج الإرشاد من الشركات لمساعدة الفتيات في الحصول على مهارات
العمل والقيادة اللازمة وتسهيل انتقالهم من المدرسة إلى العمل
* مراجعة المناهج الدراسية لدمج رسائل إيجابية بشأن القواعد
المتعلقة بالعنف بين الجنسين، وزواج الأطفال، والصحة الجنسية
والإنجابية، وأدوار الذكور والإناث الأسرية
* نشر التكنولوجيا المتنقلة للتعليم والتعلم للوصول إلى الفتيات،
وخاصة في المناطق النائية.
علينا أن نستلم تلك الإشارات بدلالاتها الإنسانية الكبيرة وأن نعمل،
إذا كنا لم نفعل ذلك سابقاً، في تحويلها الى تشريعات وأنظمة تكفل
لبناتنا التعليم التكنولوجي وتضمن لهن الحق بتعليم كامل وأن تسهم
منظمات المجتمع المدني في تصويب وجهات نظر الأسر التي تعارض تعليم
البنات وأن نُحسن إضافة التشريعات الضرورية بما يتناسب وما تسير عليه
سفينة مستقبلهن في خضم بحر متلاطم لا قرار له.. حفظ الله بناتنا في
يومهن الجميل وحفظ الله العراق.
zzubaidi@gmail.com
http://annabaa.org/news/maqalat/writeres/Zahiralzubaidy.htm |