النفط... اسعار برسم السياسة

 

شبكة النبأ: الاحداث السياسية المتقلبة وعدم الاستقرار الامني في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وباقي دول العالم الاخرى، اثرت وبشكل مباشر على اسعار النفط في الاسواق العالمية التي تشهد وبحسب بعض المراقبين ارتفاع ملحوظ في سعر هذا المصدر المهم والضروري الذي لا يمكن الاستغناء عنه، الامر الذي سينعكس سلبا على الدول غير المنتجة والتي تخشى من ارتفاع متزايد في اسعار النفط في حال توقف بعض الإمدادات النفطية اذا ما تطورت تلك الاحداث وتفاقمت، وفي هذا الشأن لم تجد الدول الآسيوية المستوردة للنفط التي تريد أن ترى مزيدا من الإمدادات في السوق حتى تنخفض تكاليف الوقود آذانا صاغية من الدول المنتجة الرئيسية خلال مؤتمر في سول.

وظهر انقسام واضح في مؤتمر وزراء الطاقة الآسيويين بين الدول المصدرة التي تتمتع بإيرادات قوية وبين الدول المستوردة التي تجد صعوبة في دفع تكاليف النفط والغاز. وجرى تداول خام برنت القياسي قرب 112 دولارا للبرميل بعد ارتفاعه فوق 117 دولارا للبرميل في أواخر الشهر الماضي بسبب توقف أغلب إنتاج النفط الليبي واحتمال توجيه ضربة عسكرية أمريكية إلى سوريا.

وقال ايسشو سوجاوارا وزير الدولة الياباني للاقتصاد والتجارة والصناعة أسعار النفط المرتفعة ستؤثر سلبا على الاقتصاد الآسيوي. هذا قد يؤدي إلى ركود النشاط الاقتصادي في آسيا. ولكي تستقر أسواق النفط العالمية نطلب من المنتجين توفير إمدادات كافية لتلبية الطلب. وقالت دول أعضاء في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) إن ارتفاع أسعار النفط يرجع إلى التوترات المتعلقة بأزمة سوريا وليس إلى أي نقص في المعروض.

ورفعت السعودية إنتاجها إلى مستويات قياسية للتخفيف من أثر أزمة الإمدادات الليبية. وقال وزير البترول والثروة المعدنية السعودي علي النعيمي ان سوق النفط العالمية تنعم بتوازن جيد بين العرض والطلب وان السعودية مستعدة لضخ الامدادات اللازمة لتلبية الطلب أيا كان حجمها. وسجل انتاج النفط السعودي مستويات قياسية مرتفعة في مع تعزيز المملكة انتاجها للمرة الثانية في عامين للتعويض عن تعطل امدادات من منتجين اخرين. وقال النعيمي ان مضاربات مرتبطة بالأحداث السياسية الدولية تقود اسعار النفط للارتفاع وليس أي نقص في المعروض.

وقال عبد الله البدري الأمين العام لمنظمة أوبك انتاجنا (في أوبك) الشهر الماضي كان تقريبا عند نفس مستوى الشهر السابق .. لم يتجاوز النقص 100 ألف برميل يوميا. ليس هناك أي تأثير من أي نوع لن نواجه أزمة. وأبلغ مصدر بصناعة النفط ان متوسط انتاج السعودية في اغسطس بلغ 10.19 مليون برميل يوميا.

من جهة اخرى أظهر مسح أن انتاج منظمة البلدان المصدرة للبترول (اوبك) انخفض في سبتمبر ايلول لأدنى مستوى في نحو عامين بسبب أعمال إنشاء بمنفذ التصدير العراقي الرئيسي رغم أن الانتاج القياسي السعودي حال دون مزيد من الانخفاض. وأظهر المسح الذي اعتمد على بيانات ملاحية ومصادر بشركات النفط واوبك وشركات استشارية أن امدادات المنظمة بلغت 30.07 مليون برميل يوميا في المتوسط انخفاضا من 30.32 مليون برميل يوميا في اغسطس اب.

والانتاج الليبي عند اقل من نصف مستواه في أوائل 2013 كما جاء انتاج نيجيريا اقل بكثير من طاقتها وهو ما يسلط الضوء على تاثر الامدادات من البلدين بالصراعات الداخلية. وفي سبتمبر ايلول غطت آثار الأعمال التي يشهدها مرفأ البصرة العراقي على زيادات طفيفة في الامدادات من نيجيريا وليبيا علاوة على الانتاج السعودي الذي بلغ نحو عشرة ملايين برميل يوميا. وانتاج أوبك في سبتمبر هو الأقل منذ اكتوبر تشرين الأول 2011 عندما بلغت الامدادات 29.81 مليون برميل يوميا مقارنة مع هدف الانتاج البالغ 30 مليون برميل يوميا. بحسب رويترز.

وكان أكبر انخفاض في الامدادات في العراق حيث تراجعت إلى 2.7 مليون برميل يوميا من 3.1 مليون برميل يوميا في أغسطس اب بسبب هبوط الطاقة التصديرية نظرا لأعمال الانشاء بالميناء فضلا عن تسرب في خط انابيب تسبب في خفض الانتاج أيضا. وقالت مصادر عراقية ومن القطاع إن اثنين من المراسي في مرفأ البصرة النفطي أغلقا لجزء من سبتمبر ايلول وهو ما يقلص الطاقة التصديرية للبلاد. وبلغ انتاج ليبيا 560 الف برميل يوميا في المتوسط في 2013 وارتفع إلى 650 ألف برميل يوميا لكنه لا يزال اقل بكثير من معدل الانتاج في بداية العام البالغ 1.4 مليون برميل يوميا.

سعر عادل

في السياق ذاته قال وزير النفط الكويتي في تصريحات إن السعر المقبول والعادل لبرميل النفط حاليا بين 100 و110 دولارات مضيفا أن حجم إنتاج الكويت عضو منظمة أوبك 3.2 مليون برميل يوميا. وقال الوزير مصطفى الشمالي إن مؤسسة البترول الكويتية تخطط للوصول بالطاقة الإنتاجية إلى أربعة ملايين برميل يوميا. وقال عن خيارات الكويت في حالة غلق مضيق هرمز الحيوي لتجارة النفط مثل هذا الاحتمال أمر وارد وموضوع في الحسبان ودول الخليج بشكل كامل وليست الكويت بمفردها لديها خطط احترازية لمواجهة الأزمات. ونعمل على استثمار المخزون الاستراتيجي للنفط الخام في بعض المناطق القريبة من أسواق المستهلكين وذلك في أكثر من دولة وموقع حول العالم لتجنب المخاطر في حال اندلاع الأزمات.

وقال الشمالي إن تطوير الغاز والنفط الصخري في العالم يشكل تحديا لتجارة النفط الخام ولكن في الأمد البعيد وليس القصير أو المتوسط مشيرا إلى أن صادرات النفط الخام من منطقة الخليج الى الولايات المتحدة لم تتأثر حتى الآن وأن الأسواق أظهرت قدرة عجيبة في استيعاب النفط الخام من مختلف نواحي العالم. وأضاف أن مؤسسة البترول الكويتية قد تدخل في مجال النفط والغاز الصخري في حال وجود فرصة استثمارية جيدة تحقق العوائد المطلوبة.

الى جانب ذلك قالت صحيفة القبس الكويتية إن الكويت عضو منظمة أوبك جمدت خططا كانت تهدف لإنشاء خط أنابيب لتصدير النفط في حالات الطوارئ بعيدا عن مضيق هرمز بسبب صعوبات تتعلق بالكلفة المالية وعدم الاتفاق مع دول الجوار. وتخشى الكويت أن تعوق أية توترات في منطقة الخليج لاسيما بين الدول الغربية وإيران تصدير النفط عبر مضيق هرمز الذي يعد منفذها الوحيد حاليا. ويعتمد الاقتصاد الكويتي بشكل شبه مطلق على استخراج النفط وتصديره للخارج.

وكثيرا ما قال مسؤولون إيرانيون إن إيران ستغلق المضيق الذي تمر عبره 40 في المئة من صادرات النفط العالمية المحمولة بحرا- إذا تعرضت لهجوم عسكري بسبب برنامجها النووي المثير للجدل. ونسبت صحيفة القبس لمصادر نفطية وصفتها برفيعة المستوى القول إنه لطالما كانت مؤسسة البترول الكويتية تسعى إلى تنفيذ هذا المشروع لإيجاد معابر ومنافذ بديلة لتصدير النفط وقامت بعمل العديد من الدراسات بهذا الخصوص إلا أنها ارتأت تجميدها في الوقت الراهن لصعوبة تطبيقها على أرض الواقع وذلك لوجود العديد من الصعوبات والعوائق.

وأوضحت أن العوائق التي تواجه مد خط أنابيب لنقل النفط الكويتي عبر أراضي السعودية أو العراق طول المسافات والتكاليف الباهظة له واختلاف نوع النفوط مع دول الجوار إضافة إلى عدم الوصول إلى أي اتفاق مع الدول الخليجية المجاورة. ويشكل الوجود البحري الغربي الكثيف في الخليج عائقا كبيرا أمام أي محاولة لغلق المضيق ولكن كلا الجانبين يجريان مناورات في المنطقة لإظهار قدراتهما العسكرية. بحسب رويترز.

وساهمت تهديدات إيران بغلق مضيق هرمز في زيادة الضغوط على أسعار النفط أوائل عام 2012. ولم تهدد أي دولة أخرى بغلق المضيق الذي يربط بين إيران وسلطنة عمان غير أن قادة عسكريين إيرانيين يقولون إن وجودهم يساعد على ضمان المرور الآمن لملايين البراميل النفطية يوميا إلى خارج الخليج.

نيجيريا تخسر

من جانب اخر خسرت نيجيريا اول دولة منتجة للنفط في افريقيا، 1,2 مليار دولار (900 مليون يورو) من الايرادات النفطية الشهرية بسبب السرقات بحسب بيان صادر عن الرئاسة. وقال كينغسلي كوكو المستشار الخاص للرئيس النيجيري غودلاك جوناثان لمنطقة دلتا النيجر في بيان ان الخسائر استنادا الى متوسط سعر برميل النفط ب121 دولارا خلال الفترة الممتدة بين شهري كانون الثاني/يناير واذار/مارس بلغت 1,2 مليار دولار شهريا.

وفي هذه المنطقة النفطية الواقعة في جنوب البلاد تشكل سرقة النفط مشكلة كبيرة اذ يسحب النفط مباشرة من الانابيب ثم يعاد بيعه لاحقا في السوق السوداء. وبسبب اعمال السرقة هذه تراجعت مبيعات النفط ب17% خلال الربع الاول من 2013 الى 400 الف برميل يوميا بحسب ارقام رسمية. وسرقة النفط تشكل مشكلة كبيرة في نيجيريا حيث يقدر انها تمثل ربحا فائتا من ستة مليارات دولار سنويا. وتنتج نيجيريا مليوني برميل نفط يوميا. بحسب فرانس برس.

والاضرار التي تلحق بالبنى التحتية النيجيرية تبرر جزئيا تراجع مبيعات منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) ونيجيريا عضو فيها حسب ما ذكرت الوكالة الدولية للطاقة. وتؤدي هذه العمليات الى انفجارات وحرائق ما يفاقم حجم التلوث في مجاري المياه. واعلنت مجموعة شل النفطية انها اضطرت في تموز/يوليو الى اقفال احد انابيب النفط الرئيسية لديها للمرة الثانية في اقل من شهر بعد ان حددت مكان التسرب في الانبوب الذي تعرض للتخريب مرارا جراء عمليات سرقة النفط. واقفال انبوب ترانس نيجر سيؤدي الى خفض الانتاج بحوالى 150 الف برميل من النفط يوميا.

احتياطيات هائلة

الى جانب ذلك أظهرت دراسة جديدة أن احتياطيات النفط المحكم القابلة للاستخراج خارج أمريكا الشمالية قد تعادل مثلي الاحتياطيات الموجودة في تلك القارة أو أكثر وأن أفضل 23 فرصة للاستكشاف تتفوق على الفرص الأمريكية في بعض الحالات من الناحية الجيولوجية. غير أن الدراسة التي أجرتها شركة آي.اتش.اس قالت إن استغلال هذه الاحتياطيات ربما يسير بخطى أبطأ مما في الولايات المتحدة لعدة أسباب من بينها السياسات الحكومية واللوائح التنظيمية والافتقار للمعدات الخاصة والعمالة الماهرة وصعوبة الوصول للمناطق التي توجد بها الاحتياطيات.

كما ابرزت دراسات اخرى توصلت لتوقعات مماثلة مثل هذه العوائق واحتمال تكبد تكلفة أعلى. وذكرت صحيفة فايننشال تايمز ان دراسة آي.اتش.اس تقدر متوسط تكلفة البئر خارج امريكا الشمالية بثمانية ملايين دولار مقارنة مع 5.6 مليون دولار في امريكا الشمالية. وتتراوح التكلفة بين 6.5 مليون دولار في استراليا إلى اكثر من 13 مليونا في اجزاء من شبه الجزيرة العربية. وخلصت الدراسة إلى أن أكثر من نصف الاحتياطيات العالمية القابلة للاستخراج تقنيا خارج امريكا الشمالية يتركز في 23 منطقة من إجمالي 148 منطقة للنفط المحكم. ويقدر اجمالي الاحتياطيات في تلك المناطق عند 300 مليار برميل منها 175 مليار برميل في أهم 23 منطقة. بحسب رويترز.

وتقدر الاحتياطيات القابلة للاستخراج بكميات تجارية في امريكا الشمالية عند 43 مليار برميل.

وتوجد بعض المناطق الهامة التي صنفتها الدراسة في أماكن معروفة في الارجنتين وشمال افريقيا وغرب سيبيريا والبعض الآخر في أماكن أقل شهرة في اوروبا والشرق الأوسط واسيا واستراليا.

تجارة منتجات النفط

في السياق ذاته فالمصافي الجديدة الحديثة وكبرى الشركات التجارية في تحويل أنظارها إلى الناقلات القادرة على قطع مسافات طويلة والمرافئ ذات سعة التخزين الكبيرة في مراكز رئيسية في وقت تغير فيه المصافي والتجار نهجا قائما منذ عشرات السنين في إطار كفاحها للفوز بأسواق جديدة. وتستفيد أحدث المصافي في آسيا والشرق الأوسط والولايات المتحدة من انخفاض تكلفة المواد الأولية والطاقة والضرائب وقلة اللوائح.

ويسمح لها ذلك بالتنافس مع المصافي المحلية في أوروبا وأمريكا اللاتينية وافريقيا على بيع منتجات مثل البنزين والديزل وزيت الغاز ووقود الطائرات. وتتطلع شركات التكرير إلى زيادة المبيعات ومن ثم تستخدم ناقلات المسافات الطويلة التي تبلغ حمولتها 75 ألف طن بما يعادل مثلي حمولة الناقلات التقليدية للمنتجات البترولية.

ومن أبرز المصافي التي تصدر منتجاتها مصفاة جامناجار التابعة لشركة ريليانس انداستريز الهندية والتي تبلغ طاقتها الإنتاجية 660 ألف برميل يوميا ومصفاة الجبيل الجديدة في السعودية التي تبلغ طاقتها 400 ألف برميل يوميا وهي مشروع مشترك مع توتال. وقال داريو سكافاردي المدير العام لمجموعة ساراس الإيطالية المستقلة للتكرير خلال مؤتمر النفط والمال في لندن جميع المحركات (التجارية) تتغير.

وتستهدف بعض المصافي الكبرى على ساحل خليج المكسيك في الولايات المتحدة أيضا الأسواق العالمية في الوقت الذي تزيد فيه إنتاج البنزين والديزل بفضل وفرة النفط الصخري المحلي الخفيف منخفض الكبريت. ومن بين هذه المصافي مصفاة موتيفا التي تبلغ طاقتها الإنتاجية 600 ألف برميل يوميا في بورت آرثر والمملوكة لشركتي رويال داتش شل وأرامكو السعودية.

وبدأت شركات من بينها شل وتوتال وفيتول أيضا في استخدام المزيد من سفن المسافات الطويلة خلال الأشهر الماضية لنقل الديزل من ساحل خليج المكسيك في الولايات المتحدة إلى أوروبا وهو خط تجاري يزداد ازدحاما. وقال توني فاونتين رئيس قسم التكرير والتسويق في ريليانس التحول في (نوعية) السفن المستخدمة حاليا كان كبيرا. حاليا نستخدم سفنا يعادل حجمها مثلي حجم السفن التي كانت تستخدم قبل 20 عاما ويمكن أن توفر ما بين ثلاثة وأربعة دولارات في تكلفة شحن البرميل.

ويؤثر تدفق المنتجات النفطية من الأسواق العالمية بشكل كبير على قطاع التكرير في أوروبا حيث أغلق عدد كبير من المصافي في الأعوام الماضية بسبب تراجع الطلب وارتفاع التكاليف. وتستثمر شركات التكرير والشركات التجارية أيضا في المرافئ ذات طاقة التخزين الكبيرة في مراكز تجارية رئيسية لضمان استمرار تدفق الإمدادات في حال تعطل حركة الملاحة البحرية. ومن المتوقع أن تزيد طاقة التكرير العالمية بنحو عشرة بالمئة على مدى السنوات الخمس المقبلة إلى 106.7 مليون برميل يوميا وتفوق الطلب المتوقع أن يصل إلى نحو 95 مليون برميل يوميا. بحسب رويترز.

وقال روب نيجست الرئيس التنفيذي لشركة فيتول تانك ترمينال التابعة لمجموعة فيتول النفطية تتأثر المصافي الأوروبية سلبا بالاستثمارات الكبيرة في الهند ومنطقة الخليج. وقال ايرناوت بوت المدير التجاري لشركة فيتول تانك ترمينال المهم هنا هو وجود مرافئ قادرة على استقبال السفن الكبيرة. وستنتج هذه المصافي كميات ضخمة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 10/تشرين الاول/2013 - 4/ذو الحجة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م