اين نحن من اقتصاد المعرفة؟

اعداد: حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: لا زالت الكثير من دول العالم، ومنها العراق تعتمد على الاقتصاد الريعي في استثماراتها وفي انفاقها العام، متجاهلة الاقتصاد الجديد والذي بات يعرف باقتصاد المعرفة، او انها لاتملك التخطيط السليم للاستفادة منه، اعتقادا منها ان اقتصاداتها يمكن ان تستمر طويلا..

الا ان حقائق الامور وماتكشفه الارقام المتبدلة تعكس وجهة نظر اخرى، وهي ان لاغنى للدول النامية ومنها الدول العربية والعراق، من اعتماد وتطوير اقتصاد المعرفة لديها، وجعله مواز لاقتصاداتها الريعية التي تعتمد على سلع اصبحت تقليدية، كالزراعة والنفط.

لتوضيح مفهوم الاقتصاد المعرفي نورد مثالاً لشركة «أبل» ذات الصيت التقني المتميز، والتي تعد أكبر شركة من حيث القيمة السوقية في التاريخ الصناعي الحديث، حيث تجاوزت قيمة أسهمها 623 مليار دولار خلال أغسطس لعام 2012 في سوق المال الأميركية (وول ستريت)، متخطية بذلك كبرى شركات العالم في مجالات النفط والغاز والسيارات والعقارات.

في العام 1998نشر الاتحاد العالمي لتقنية وخدمة المعلومات تقريراً بعنوان (الكوكب الرقمي, اقتصا د المعلومات العالمي) قدمت فيه نظرة واسعة للمستويات الحالية لانفاق المستهلكين في مجال تقنية وخدمات المعلومات ومن بعض نتائج الدراسة مايلي:‏

- كانت تقنية وخدمات المعلومات مسؤولة عن 1.8بليون دولار أمريكي في عام 1997‏

- كان نمو الانفاق في تقنية وخدمات المعلومات عام 1997أكبر بنسبة 40% عنه في عام 1992‏.

- ينمو الانفاق في مجال تقنية وخدمات المعلومات هو المسرع والمحفز والمضاعف الأساسي لعدد كبير من المقاييس الاقتصادية والاجتماعية بما فيها نمو الشركات والوظائف.‏

- أضيف مامعدله 7200شركة في مجال تقنية وخدمات المعلومات في الولايات المتحدة في كل سنة من السنوات الخمسة الماضية.‏

- تم إضافة 380000وظيفة في مجال الخدمات والبرمجيات في الولايات المتحدة خلال الخمس سنوات الماضية.‏

وتقدر الامم المتحدة حجم اقتصادات المعرفة في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 7% وتنمو هذه النسبة بمعدل 10% سنويا، وإلى جانب ذلك فإن 50% من ناحية الإنتاجية في الاتحاد الأوروبي هو نتيجة مباشرة لاستخدام وإنتاج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وهناك العديد من المصطلحات للتعبير عن اقتصاد المعرفة، منها «مجتمع المعلومات» و«الاقتصاد الرقمي» و«شبكة الاقتصاد الجديد» و«ثورة المعلومات».

وكشفت دراسة أميركية أن معدل تغيير الوظائف للخريجين منذ التخرج حتى سن 38 سنة بلغت من 10 إلى 14 وظيفة، أي بمعدل تغيير الوظيفة كل سنة إلى سنتين، وهو ما يعني الحاجة إلى تأهيل طلبة قابلين للتعلم على المدى الطويل.

يقدر الاقتصاديون ان اكثر من 50 % من الناتج المحلي الاجمالي في الدول المتقدمة مبني على المعرفة فقد ازدادت الصناعات المبنية على المعلومات في معظم الدول المتقدمة إلى مجمل الصناعة بشكل ملحوظ بين عام 1970-1994 ويتبين ذلك من زيادتها في صادرات تلك الدول حيث ترواحت هذه الزيادات لتصل إلى 36 % في اليابان و37 في الولايات المتحدة و 43 % في ايرلندا و 32 % في المملكة المتحدة. ويزداد استثمار الدول في المعرفة من خلال الصرف على التعليم والتدريب حيث اصبح الاستثمار في المعلومات احد عوامل الانتاج فهو يزيد في الانتاجية كما يزيد في فرص العمل.، حيث بلغ حجم السوق العالمية للخدمات المعلوماتية عام 2000 حوالي تريليون دولار.‏

ويقدر مركز thourpury centre ان من بين 54 مهنة تم تسجيلها كأكثر المهن نمواً في (الولايات المتحدة) حتى عام (2005) هناك (46) مهنة تتطلب طلاقة تقنية والتي تعني أكثر من مجرد ثقافة تقنية انها تعني ان يتعامل الفرد مع التقنية باريحية لا تقل عنها عند قراءة صحيفة.‏

ماهو اقتصاد المعرفة؟

عرفته لجنة (OCED) بانه الاقتصاد المبني أساسا على إنتاج ونشر واستخدام المعرفة والمحرك الأساسي لعملية النمو وخلق الثروة وفرص التوظيف عبر كافة الصناعات.

أما المجموعة الاقتصادية لآسيا والمحيط الهادي فعرفته بانه " الاقتصاد المبني أساسا على إنتاج المعرفة ونشرها واستخدامها كمحرك أساسي للتطور وتحصيل الثروات والعمالة عبر القطاعات الاقتصادية كافة".

أما في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي 2003 فكان تعريفه هو (نشر المعرفة وإنتاجها وتوظيفها بكفاية في جميع مجالات النشاط المجتمعي، الاقتصاد والمجتمع المدني والسياسية والحياة الخاصة وصولا لترفيه حياة الناس أي إقامة التنمية الإنسانية ويتطلب ذلك بناء القدرات البشرية الممكنة والتوزيع الناجح للقدرات البشرية.

يستند الاقتصاد المعرفي على أربع ركائز أساسية هي:

(1) الابتكار الذي يستند إلى البحث والتطوير.

(2) البنية التحتية المبنية على تقنيات المعلومات والاتصالات، والتي تسهل تجهيز المعلومات والمعارف ونشرها وتبادلها وتكييفها مع الاحتياجات المحلية.

(3) الحاكمية التي تقوم على أسس اقتصادية قوية تستطيع توفير كل الأطر القانونية والسياسية التي تهدف إلى زيادة الإنتاجية والنمو.

(4) التعليم وهو العامل الأهم والأساسي في الإنتاجية والتنافسية الاقتصادية.

ومن خصائص اقتصاد المعرفة:‏

العولمة - التكيف الموسع لرغبات الزبائن‏ - نقص الكوادر والمهارات‏ - التركيز على خدمة المستهلك‏ - التجارة الالكترونية ‏ - الحاجة للتعلم مدى الحياة:- المؤسسة في واحد.

اما خصائص قوة العمل في اقتصاد المعرفة المتعلقة بالموظفين فهي:‏

- القدرة على التقاط المعلومات وتحويلها إلى معرفة قابلة للاستخدام.‏

- القدرة على التكيف والتعلم بسرعة وامتلاك المهارات اللازمة لذلك.‏

- اتقان التعامل مع تقنية المعلومات وتطبيقاتها في مجال العمل.‏

- القدرة على التعاون والعمل ضمن فريق واتقان مهارات الاتصال.

- اتقان أكثر من لغة حتى يمكن التعامل في بيئة عالمية.‏

- اتقان العمل خارج حدود الزمان والمكان والقدرة على إدارة العمل سواء كان ذلك في بيئات عمل تقليدية أو افتراضية.‏

- القدرة على تحديد الحاجات والرغبات الفريدة الخاصة بالمستهلكين الافراد أو المؤسسات والهيئات.‏

- القدرة على التحرك بسرعة والتغير بسرعة والأحساس بضرورة الاستعجال في متابعة التغيرات وتلبية حاجات المستهلكين.‏

وحتى تتمكن الدول من التحول من اقتصاد رأس المال والعمل إلى اقتصاد المعرفة، فإن هذا يتطلب منها أن تولي النظام التعليمي العناية الكافية وذلك من خلال ما يلي:

- يجب أن يكون النظام التعليمي مرناً حتى تتمكن الدولة من تطبيق إستراتيجية التحول إلى اقتصاد المعرفة.

- أن يتم تطوير سياسات التعليم للتأكد من أن جميع الطلبة لديهم القدرة على التعامل مع تكنولوجيا المعرفة والاتصالات، وهم صغار السن، وأن تكون أدبيات المعلومات والمعرفة ومهارات الحاسوب جزءاً من اهتمام الدولة.

- أن يتم تأهيل المعلمين دون استثناء بصورة إجبارية على مهارات الحاسوب، وأن تزودهم بجميع التجهيزات اللازمة لتطوير قدراتهم ومهاراتهم في مجال تكنولوجيا المعرفة والاتصالات.

- توفير فرص الاستثمار في مجال التدريب في حقل المعرفة وتكنولوجيا الاتصالات، لزيادة عدد العاملين القادرين على المشاركة في الصناعات التي تعتمد على المعرفة.

- توفير فرص التدريب للعاملين القدامى في جميع القطاعات العامة والخاصة على مهارات الحاسوب والإنترنت، بحيث تصبح قادرة على التعامل مع اقتصاد المعرفة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 7/تشرين الاول/2013 - 1/ذو الحجة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م