القاعدة في سوريا... معارضة دموية ارهاب اعمى

 

شبكة النبأ: منذ بداية الحرب في سوريا قبل 30 شهرا، برزت القاعدة لتشكل احد اقوى اطراف القتال على الارض السورية مع التنظيمات الجهادية المسلحة خصوصا من المقاتلين الاجانب بدعم من بعض الدول الاقليمية والغربية.

إذ يرى بعض المحللين ان تنظيم القاعدة والجماعات المتحالفة ستشكل خطرا على المدى الطويل مع الظروف المواتية في الشرق الاوسط المضطرب قد تبعث أيضا الحياة في التنظيم من جديد، فقد تصبح القاعدة في سوريا بؤرة جديدة للإرهاب العالمي، فعلى الرغم من كل الجهود الحثيثة التي تبذلها الدول الداعمة لها من أجل خلق انسجام او توافق في الموقف والقرار لما يسمى بالمعارضة السورية تزاد الانقسامات والتقاطعات بصورة حادة، ليعكس عدم التجانس الذي تتسم به المعارضة المسلحة المزعومة، مدى الأجندة التي تهدف اليها الدول الداعمة الإقليمية والدولية المحرضة للمعارضة خاصة من المتطرفين، لتظهر حيث تظهر غاياتهم إلى أي مدى وصل الصراع المدمر.

حيث جذبت الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين مقاتلين من عدة دول اجنبية يحاربون الى جانب الفريقين في الصراع الذي اخذ منحى طائفيا بشكل متزايد، وانتهجت جماعات إسلامية لا تنتمي إلى فكر تنظيم القاعدة نهجا عمليا،  لكن التطورات الاخيرة تشير إلى أن لما يسمى بـ لواء التوحيد وغيره يرتبط بعلاقات مع المتشددين على الأرض أقوى من ارتباطه بالائتلاف السوري المدعوم من الغرب والخليج.

لكن في الزقت نفسه اشتد الاشتباكات بين ألوية الدولة الاسلامية في العراق والشام وجبهة النصرة من جانب ومقاتلين أكثر اعتدالا من المعارضة السورية لكنهم أقل فعالية من جانب اخر خاصة في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة على طول الحدود الشمالية والشرقية لسوريا.

وأضر هذا الاقتتال الداخلي بالحملة العسكرية لقوات المعارضة التي تحارب للاطاحة بالرئيس السوري بشار الاسد،  وأثار تنامي نفوذ المقاتلين الاسلاميين المتشددين وتشرذم قوات المعارضة قلق القوى الغربية من التدخل بشكل مباشر في الحرب الاهلية السورية.

ورغم ان بعض التوترات القائمة بين المقاتلين ترجع الى مواقف عقائدية متباينة الا ان معظم الاقتتال يدور في الاغلب حول السيطرة على الاراضي وعمليات التهريب ومكاسب الحرب الاخرى.

وتصاعدت في الاونة الاخيرة الاشتباكات بين جماعة ما يسمة بـ الدولة الاسلامية في العراق والشام وكتائب جبهة النصرة ضد قوات المعارضة أخرى خصوصا في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة بمحاذاة الحدود الشمالية والشرقية لسوريا.

وتعاني المعارضة من التشرذم والخصومات منذ بدء الانتفاضة على الرئيس السوري بشار الاسد قبل عامين ونصف العام. كما ظهرت توترات بين الجماعات الإسلامية ومن يؤيدون دولة علمانية بعد الاسد.

ويرى الكثير من المحللين ان توسع القاعدة في سوريا وتفشي الانقسامات في صفوف أعداء يفضح اجندة القوى الاقليمية والعالمية التي تغذي العنف والفوضى في هذا البلد المنهار، ومن ابرزهم السعودية التي تدعم منافسي القاعدة السلفيين في سوريا، كما يبدو ان السعودية تحاول تعزيز إسلاميين منافسين لتنظيم القاعدة المهيمن على جماعات المعارضة وقد ساعدت في ترتيب اندماج بين جماعات معارضة مسلحة حول دمشق تحت قيادة زعيم تدعمه المملكة.

وقالت مصادر بالمعارضة ومصادر دبلوماسية إن السعودية هي التي دفعت كتائب للمعارضة تنشط داخل دمشق وحولها لأن تعلن انضوائها تحت قيادة موحدة تضم 50 جماعة وبضعة آلاف من المقاتلين.

ومن شأن تشكيل جيش الإسلام بالضواحي الشرقية لدمشق تحت قيادة زهران علوش زعيم جماعة لواء الإسلام أن يقوي شوكة السلفيين الجهاديين الموالين للرياض في مواجهة جماعة الدولة الإسلامية في العراق والشام وهي فرع للقاعدة انتزع في الأسابيع الأخيرة السيطرة على أراض من جماعات إسلامية أخرى في مناطق بشمال وشرق سوريا، وهو يوضح مدى التنافس لتحقيق غايات مشبوهة.

ويأتي تأسيس جيش الإسلام عقب الإعلان المشترك الذي أصدرته الاسبوع الماضي جماعات أغلبها في شمال شرق البلاد وتضم أيضا جماعة لواء الإسلام اتفقت على القتال من أجل تطبيق الشريعة ورفضت سلطة المعارضة في الخارج المتمثلة في الائتلاف الوطني السوري المدعوم من الغرب والسعودية.

والجدير بالملاحظة أن ما يسمى جماعة الدولة الإسلامية في العراق والشام لم تنضم إلى هذا الاتفاق، وتجنب زهران علوش الذي أسس لواء الإسلام مع والده عبد الله رجل الدين السلفي السوري المقيم بالسعودية إعلان معارضته شخصيا للقاعدة أو للائتلاف الوطني السوري. لكنه انتقد الفشل في توحيد صفوف المعارضة المسلحة في معرض تفسيره لتشكيل الجيش الإسلامي.

ولا يعلق المسؤولون السعوديون على الأنشطة السعودية في سوريا حيث تدعم المملكة التي تنافس للحصول على النفوذ بالمنطقة.

لكن مصادر بالمعارضة ومصادر دبلوماسية أبلغت رويترز أن السعودية التي تمول معارضين للاسد وتزودهم بالسلاح وغيره من الإمدادات وراء تشكيل ما يسمى بـ جيش الإسلام، وأبلغ قائد وحدة إسلامية للمعارضة في الجانب المقابل من دمشق لقاعدة عمليات الجيش في الشرق رويترز أن شخصيات سعودية كانت على اتصال مع جماعات سلفية مختلفة في الأسابيع الاخيرة عارضة دعمها مقابل تكوين جبهة موحدة لمنع حلفاء القاعدة من توسيع وجودهم حول العاصمة وهو وجود رصد بالفعل.، وقال القائد الذي يعمل تحت اسم ابو مصعب "شخصيات قبلية سعودية أجرت اتصالات نيابة عن المخابرات السعودية. وهذا تدليل على ان السعودية ضالع بقوة في الصراع الحربية السورية.

وقال دبلوماسي غربي يتابع الصراع عن قرب "يزداد شعور السعودية بعدم الارتياح لانضمام مزيد من المقاتلين المعارضين إلى صفوف القاعدة. المكاسب الأخيرة للدولة الإسلامية في العراق والشام أحرجت السعوديين ويبدو أن الهدف من التحالف الجديد هو منع القاعدة من كسب نفوذ."

واضاف أن الاستراتيجية السعودية ذات شقين: دعم الإسلاميين الأقل تطرفا في الائتلاف الوطني السوري في الخارج واستمالة الكتائب السلفية في الداخل بالمال والسلاح.

وقال دبلوماسي آخر مقيم في الشرق الأوسط "لاحظنا في الأسابيع القليلة الماضية أن كل جماعة كبيرة كثفت جهودها لتوسيع نطاق نفوذها. ما كان لمثل هذا التحالف أن يقام دون مباركة السعودية.

ويبدو أن جيش الإسلام يرغب في تجنب قتال القاعدة في الوقت الحالي. فبعدما قال رجل يدعى سعيد جمعة وصف بأنه نقيب في جيش الإسلام لتلفزيون معارض إن صراعا مفتوحا قد ينشأ مع الدولة الإسلامية في العراق والشام إذا واصلت ما وصفه بهذه سببت بنشر الفوضى خطيرة.

وقال المعلق السياسي حازم الأمين إنه إذا كان هدف الرياض هو إحباط أعدائها في القاعدة من خلال حشد الإسلاميين السوريين المحليين كما فعلت واشنطن مع مجالس الصحوة في العراق فقد تكون حساباتها خاطئة. مضيفا أن السلفيين السوريين خلافا للمقاتلين العراقيين يتبنون على نحو متزايد آراء متشددة قريبة من فكر القاعدة.

وكتب في صحيفة الحياة "في سوريا يبدو الأمر مختلفا". وأضاف "النسيج الاجتماعي أقل انسجاما من أن ينتج صحوات. السلفية السورية الجديدة ... في جوهرها جهادية وسائرة نحو التكفير على نحو ما أصاب قريناتها في الدول والمجتمعات المجاورة".

في سياق متصل رفضت وحدات لمقاتلي المعارضة السورية العمل تحت لواء الائتلاف الوطني المعارض مما يقوض جهود السياسيين السوريين في الخارج الذين يدعمهم الغرب لتشكيل قوة عسكرية معتدلة للمعارضة، ووقعت 13 جماعة من بينها ثلاث جماعات على الاقل كانت تعتبر في السابق جزءا من الجيش الحر -وهو الجناح العسكري لائتلاف المعارضة- على بيان يدعو إلى اعادة تنظيم المعارضة في اطار إسلامي وتحت قيادة جماعات تقاتل داخل سوريا.

ومن بين الموقعين جماعات متشددة مثل جبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة وكتائب أحرار الشام وكذلك جماعات إسلامية أكثر اعتدالا مثل لواء التوحيد ولواء الإسلام.

ويرى البعض قد ينهار جهد العثور على شريك يقول الغرب وحلفاؤه انهم قد يدعموه بالأسلحة اذا تمسك الموقعون على البيان بموقفهم. وكانت بعض الجماعات تراجعت في السابق عن بيانات مع قوى متشددة.

وكتب المحلل آرون لوند على مدونة (سيريا كومنت) "إذا ثبت أن البيان يمثل بدقة الجماعات المذكورة وأنها لن تنقسم على الفور مرة أخرى فسيكون اتفاقا كبيرا جدا"، وأضاف "إنه يمثل تمرد قطاع كبير من التيار الرئيسي للجيش الحر على قيادته السياسية ويربط علنا هذه الفصائل بقوى إسلامية أكثر تشددا."

وبغض النظر عن الخلفيات الايديولوجية يرفض عدد كبير من جماعات المعارضة داخل سوريا الائتلاف الوطني السوري المعارض ويتشككون فيه، والائتلاف هو مظلة تجمع جماعات المعارضة في الخارج ويتهمه منتقدوه بالافتقار إلى الشفافية في أمور التمويل وفي عملياته السياسية ويقولون انه فقد الاحساس بنبض الشارع داخل سوريا حيث قتل أكثر من مئة الف شخص ودمرت مناطق شاسعة من البلاد من جراء القتال والقصف.

من جهة أخرى قال مسؤول كبير بوزارة الخارجية الامريكية ان مقاتلين معتدلين بالمعارضة السورية يخوضون أعنف قتال لهم حتى الان ضد مقاتلين مرتبطين بالقاعدة على الحدود الشمالية والشرقية لسوريا.

وفي اشارة الي معارك بين جماعة "الدولة الاسلامية في العراق والشام" المنضوية تحت مظلة القاعدة وبين الجيش الحر بقياة اللواء سليم إدريس وهي جماعة اكثر اعتدالا للمقاتلين الساعين للاطاحة بالرئيس السوري بشار الاسد قال المسؤول الامريكي "هناك قتال حقيقي يدور بين الجانبين"، واضاف المسؤول ان الجيش الحر -الذي يتلقى دعما امريكيا لا يتضمن اسلحة فتاكة- يجلب تعزيزات وان وزارة الخارجية الامريكية تدرس ما هي الخطوات الاضافية التي يمكن ان تتخذها لمساعدة الجيش الحر لكنه لم يقدم اي تفاصيل، وقال المسؤول انه اثناء محادثاتهما عبر الجربا عن خيبة أمل المعارضة السورية للقرار الامريكي عدم توجيه ضربات عسكرية الي سوريا.

على صعيد ذو صلة قال ناشطون معارضون إن سبعة مسلحين ينتمون لجماعة اسلامية متشددة مرتبطة بالقاعدة قتلوا في اشتباكات ضد ميليشيا كردية سورية مع تزايد العنف بين العرب والاكراد في سوريا، وقالت مصادر بالمعارضة ان القتال الذي وقع في بلدة أطمة على الحدود التركية -وهي طريق هروب رئيسي للاجئين الفارين من الحرب الاهلية- يظهر كيف ان المنطقة اصبحت ساحة قتال لعدة جماعات مسلحة تتنافس على السيطرة على الارض.

فيما قال المرصد السوري لحقوق الانسان ان قائدا ليبيا وأكثر من عشرة مقاتلين من الدولة الاسلامية في العراق والشام المرتبطة بالقاعدة قتلوا خلال اشتباكات مع فصائل منافسة من قوات المعارضة في شمال سوريا في أحدث واقعة للاقتتال بين ألوية المعارصة المختلفة، وذكر المرصد ان ستة مقاتلين محليين قتلوا أيضا في المعركة التي دارت في حزانو الى الغرب من مدينة حلب بالقرب من الحدود التركية.

كما قال نشطاء في المعارضة السورية ان جماعة معارضة مرتبطة بتنظيم القاعدة اجتاحت بلدة سورية قرب الحدود مع تركيا بعد اندلاع قتال مع وحدات من الجيش الحر المدعوم من دول عربية وغربية، وهذا أعنف قتال منذ تزايد التوتر في وقت سابق هذا العام بين الجماعتين المعارضتين اللتين تقاتلان للإطاحة بالرئيس بشار الأسد.

وقد يشكل القتال معضلة للحكومة التركية التي كانت تسمح لمقاتلين إسلاميين متشددين بدخول سوريا عبر أراضيها لكنها لا تريد أن ترى وجودا قويا للقاعدة بالقرب من حدودها.

الجهاديين الأجانب

من جانبه قال كبير قضاة مكافحة الإرهاب في فرنسا إن الهجوم بالغاز السام الذي وقع بضاحية تسيطر عليها المعارضة السورية في دمشق الشهر الماضي يلهم المتشددين الأجانب بالذهاب والقتال للثأر محذرا من عواقب أمنية في المدى البعيد.

وقال مارك تريفيديتش أكبر قضاة التحقيق المسؤولين عن مكافحة الإرهاب في فرنسا إن مثل تلك الصور دفعت أناسا للانضمام لما يعتبرونه جهادا، وقال على هامش مؤتمر بشأن الارهاب في باريس "إنه عامل محفز، وردا على سؤال بشأن أثر هجوم أغسطس آب قال "هذا زاد" أعداد الطامحين للجهاد.

وتقدر وزارة الداخلية الفرنسية أن نحو 120 فرنسيا موجودون في سوريا بينما يحاول 50 آخرون الذهاب، وقال تريفيديتش إن وجود مقاتلين فرنسيين في سوريا يشكل تهديدا في المدى البعيد لفرنسا عندما يعودون بعدما تدربوا وقاتلوا إلى جانب متشددين متمرسين، وأضاف "إذا كانوا غير قادرين على إقامة دولة إسلامية في سوريا فسوف يعودون وقد خاب أملهم."

على صعيد متصل قال رجل من عرب اسرائيل ان ابنه قتل وهو يحارب مع مقاتلي المعارضة السورية وهو أول مواطن من عرب اسرائيل يقتل في الحرب الاهلية الجارية في سوريا منذ عامين ونصف العام، وقال زكي اغبارية وهو من قرية مشيرفة في الجليل ان ابنه مؤيد متزوج وعمره 28 عاما وانه سافر الى سوريا عبر تركيا الشهر الماضي دون ان يخطر أسرته. وذكر انه سافر مع رجلين من قرية قريبة من قرى عرب اسرائيل.

وفي الاطار ذاته قالت جماعة إسلامية معارضة إن سجينا سابقا في القاعدة البحرية الأمريكية في خليج جوانتانامو لقي مصرعه اثناء قتاله في صفوف قوات المعارضة المناهضة للحكومة في سوريا ونشرت الجماعة شريط فيديو لجنازته على موقع يوتيوب.

ويقول محللون إن محمد العلمي المولود في المغرب الذي اطلق سراحه في عام 2006 هو أول معتقل سابق في جوانتانامو يقتل بمعركة في الحرب السورية، ونشرت الفيديو حركة شام الإسلام وهي من الكتائب الإسلامية التي تحارب الرئيس السوري بشار الأسد. ويظهر الفيديو الذي يحمل تاريخ الخامس من أغسطس آب جنازة خلالها يشيد زعيم من قوات المعارضة بالعلمي لتحمله سجن الأمريكيين في جوانتانامو لمدة خمس سنوات دون أن يتغير.

الى ذلك قالت الشرطة البريطانية ان الرجلين اللذين اعتقلا بميناء دوفر في جنوب البلاد يشتبه بأنهما ضالعان في الارهاب في سوريا، واعتقلت الشرطة الرجلين وهما بريطانيان يبلغان من العمر 22 عاما و29 عاما لدى وصولهما على عبارة قادمين من كاليه، وتم اعتقالهما بموجب قانون مكافحة الارهاب، وأضافت الشرطة انها ضبطت أيضا كمية من الذخيرة لكنها لم تقدم تفاصيل، وقالت في بيان "الاعتقال يتصل بأعمال ارهابية يشتبه بارتكابها في سوريا".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 6/تشرين الاول/2013 - 29/ذو القعدة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م