انتخابات العراق... الكتل الكبيرة وسرقة أصوات المواطنين

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: قد يكون الخطأ الفردي مبررا أحيانا، لاسباب معينة، منها محدودية أضراره على الاخرين، إذ غالبا ما يعود الضرر على مرتكب الخطأ، ولكن عندما يتعلق الامر بفعل جماعي، ويكون الفعل ذا حساسية عالية، بسبب تعلقه بمصائر ملايين من الناس، أو مصير شعب كامل، هنا لا يمكن تبرير الخطأ، أو تمريره أو السكوت عنه، لان اضراره سوف تتعدى القائمين به، وتلحق مخاطر جسيمة بالجميع!، من هنا لا يجوز الصمت على مرتكبي الخطأ الذي يتعلق بمصائر الناس، ومن باب اولى ان يكون الاعتراض حاسما وكبيرا، كلما تعلق الخطأ بالسياسة والحكم وادارة شؤون الدولة، لأن الخلل في هذه الحالة سوف يطال الجميع ولا يستثني احدا.

هذه المقدمة تقودنا الى السرقة التي تتعرض لها اصوات المواطنين، من لدن الكتل السياسية الكبيرة في الانتخابات النيابية أو سواها، وهذه القضية التي تحاول ان تتجاهلها الكتل المعنية، تشكل خطرا جسيما على تأسيس الدولة القوية، وعلى المنهج الديمقراطي الذي يحمي المؤسسات المستقلة، لأن مرحلة التأسيس من الخطورة بمكان، لدرجة انها تفوق المراحل اللاحقة للبناء، فما يتم تأسيسه على قواعد صحيحة، سوف يكون بناؤه صحيحا والعكس يصح، لذلك لا يمكن السكوت على خطأ جسيم كهذا الذي ترتكبه الكتل الكبيرة، لاسيما انه يتعلق ببناء الدولة القادرة على حماية حقوق وحريات الشعب العراقي الذي عانى القهر والحرمان والويلات، من القمع والظلم والطغيان الذي مورس عليه من النظام السياسي السابق، بل من جميع أنظمة الحكم التي تعاقبت على ادارة شؤون العراقيين بفشل يتلوه الفشل!.

إن البحث في الاخطاء الجسيمة التي لا تزال ترتكبها الكتل الكبيرة، سيكشف لنا كثيرا من التجاوزات التي تقوم بها، والتي تشكل انتهاكا وتجاوزا على حقوق المواطنين وحرياتهم، ولعل المشكلة الاساسية تتعلق بقانون الانتخابات الذي تم كتابته و وضع بنوده وضوابطه ومن ثم القيام بتمريره، من لدن الكتل نفسها التي وضعت القانون بما يتفق مع مصالحها، ويحمي مناصبها وامتيازاتها، وإلا ما معنى ان يقفز الى البرلمان نائب لم يحصل على نصف ما يتطلبه من أصوات كي يصعد الى البرلمان؟، بل تشير كثير من المصادر الى حالات من هذا النوع حصل فيها بعض النواب على اعداد قليلة جدا من أصوات المواطنين، حتى ان احدهم صعد للمجلس، ولم يحصل إلا على (17) صوتا فقط لا غير!، وقد تم رفعه الى مجلس النواب بموجب قانون الانتخابات المجحف، الذي يحاول بمثل هذه الخروقات، التجاوز على حقوق المواطنين وسرقة أصواتهم، بتشريعات تضعها الكتل الكبيرة نفسها.

وربما لا يوجد احد من اعضاء هذه الكتل يفكر بأن العملية التي تجري الان، تتعلق بتأسيس منهج ديمقراطي لدولة مؤسسات ينبغي أن تكون السلطات فيها مستقلة ومنفصلة عن بعضها، ومؤسساتها مستقلة ومحمية بقوة القانون، أما ان يتم الاحتيال بطرق عديدة تؤدي الى سرقة اصوات المواطنين من لدن الكتل الكبيرة، فإن هذا الامر مرفوض جملة وتفصيلا، خاصة انه يتعلق بمصير شعب، وبدولة تحاول ان تبني نظاما سياسيا متوازنا ومعاصرا.

بطبيعة الحال هناك شواهد واثباتات على الخروقات والثغرات التي يتخللها نظام الانتخابات، وأهمها ان التمثيل الحقيقي للمواطن او الناخب لا يتحقق بصورة عادلة وصحيحة، عبر صناديق الاقتراع، الامر الذي يعرض حرية المواطنين الى الخطر، والضياع، من خلال التلاعب بهذه النتائج، وفق تشريعات عرجاء، لا تخدم ارادة المواطنين وقناعاتهم واختياراتهم، بل تخدم الوجوه السياسية للكتل الكبيرة وهيمنتها على مؤسسات وسلطات الدولة، ومن ثم البقاء في السلطة والمناصب بعيدا عن ارادة وتصويت المواطنين، تُرى هل هذه هي الطريقة التي تتم فيها بناء دولة قوية ونظام دستوري قوي يمثل المواطنين بعدالة؟. الاجابة عن هذا السؤال تتعلق بالكتل الكبيرة، خاصة انها تتصدى للعملية السياسية منذ أكثر من عشر سنوات!.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 5/تشرين الاول/2013 - 28/ذو القعدة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م