في اليوم العالمي لللاعنف

دعوة لنشر السلام بين أبناء شعبنا

زاهر الزبيدي

 

في اليوم الثاني من تشرين الأول من كل عام يحتفي العالم بمولد المهاتما غاندي زعيم حركة إستقلال الهند ورائد فلسفة وإستراتيجية اللاعنف، وهو الذي قاد مسيرة الاستقلال حتى تحررت بلاده من ربقة الإحتلال الإنكليزي.. كانت مسيرة أطرها اللاعنف، وإحتفاءاً من المنظومة الأممية بتلك السلمية العالية ؛ تم تحديد هذا اليوم يوماً عالمياً للاعنف تشيع فيه المنظمة ثقافة اللاعنف بين الأمم وتشحن رؤيتها لعالم خال من العنف وقريباً من تحقيق السلم العالمي من خلال التعليم وتوعية الشعوب بأهمية فلسفة اللاعنف وأهمية قبول الآخرين ممن يشاركونا الأرض سكنا، ومن خلال نبذ كل الثقافات التي تدعو الى العنف وإستبدالها بثقافة السلام والتسامح والتفاهم على طرق وئام تام يشيع على الإنسانية سكينة وأمان.. يقول غاندي : "إن اللاعنف هو أقوى قوة في متناول البشرية. فهو أعتى من أعتى سلاح من أسلحة الدمار تم التوصل إليه من خلال إبداع الإنسان".

كم نحن بحاجة في العراق الى إشاعة تلك الثقافة ! وكم نحن بحاجة لإستبدال كل تقنيات التطويع العنيفة بثقافة جديدة تفتح أمام شعبنا مساحة المستقبل الحيّ.. حيّ لا تكتنفه ثقافات القتل والإبادة والتهجير والإخفاء القسري.. نعم لقد مورس في وطننا أنواع العنف بشتى صوره البغيضة ولم ينبنا منها إلا مزيداً من الموت والتخلف جاعلين العالم يركض نحو مجد الشعوب أمامنا ونحن كل يوم نركس عن مواصلة مسيرة المستقبل.. لايوجد بلد في العالم كله بمثل مقدرات بلدنا وإمكاناته المادية والبشرية ؛ من هو بحاجة أكثر منه اليوم الى إشاعة الثقافة التي من خلالها نعقد فوهات بنادقها وكواتمنا ونعصم العراقيون من القتل الممنهج الذي ينتابهم كل يوم.

إن إشاعة ثقافة اللاعنف بحاجة الى عمل دؤوب وتوعية مستمرة ودراسة مستفيضة فتنوعنا العرقي والطائفي أصبح اليوم يشكل قمة المشكلة التي من خلالها تنتاب بعضنا حالة من العنف في ترويج الأفكار أو المساعدة على تنفيذها. ولسنا بقادرين على إيجاد الأرضية المناسبة للتفاهم بين الطوائف والأقليات والقوميات بدلاً من ثقافة الصدام المسلح القاتل.. انها ثقافة رفض الآخر بشتى الطرق ومحاولة لبث الطائفية التي لم نستطع إمتصاص نقمتها حتى اليوم بحكمة وروية وتجنب مضاعفاتها التي تطال كل أبناء شعبنا يومياً.

إن نشر ثقافة اللاعنف بحاجة الى دراسة مستفيضة لكل المناهج التعليمية وكل الإصدارات الدينية والسياسية ومراقبة ما يطرق يومياً من خطب تبث الحقد في نفوس أبناء شعبنا محاولة لدفعهم لهاوية لا يعلم خافيتها منها إلا الله.. فإستباق السقوط في تلك الهاوية أم لا بد منه إذا ما أردنا أن نبني مستقبل وطننا.. وطن يعيش الجميع فيه بأمن وسلام.

الكثير من أمم العالم المتحضر كأوربا وبعضا من دول شرق آسيا وبعض دول أمريكا شعرت أن تلك الثقافة العنف لا تولد إلا عنفاً أكبر يتزايد ليدفع بكل الخطط التنموية الى خسائر فادحة يحيل إقتصاداتها الى ركام فجعلت من ثقافة السلام ستراتيجية المستقبل وقاتلت من أجل تلك الثقافة وكانت النتائج اليوم في بلادهم وهم ينعمون بأمانه.. أما نحن في بلاد المسلمين فالقتال بيننا هو الثقافة الوحيدة ونقتل حتى تختلط دمائنا.. لتغطي وجه المستقبل.. أحدنا يكّفر الآخر وأخر يجرم الأخر وواحد يتهم الآخر والنتيجة كلنا مجرمون وكلنا كفار.. ولا نستحق المستقبل.. فنُباد ونقتل أو نهجر.. أي ثقافة تلك في بلاد دين السلام ونبي السلام.

ما أحوجنا لثقافة بناء المستقبل؟ ثقافة محبة ننبذ بها عنفنا على وطننا وشعبنا وطن السلام... حفظ الله وطن السلام.

[email protected]

http://annabaa.org/news/maqalat/writeres/Zahiralzubaidy.htm

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 3/تشرين الاول/2013 - 26/ذو القعدة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م