بوتفليقة... تشبث بالسلطة حتى الرمق الاخير

متابعة: محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: يتشبث الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بكرسي الحكم على الرغم من شيخوخته الطاعنة وصحته المتردية، بشكل اثار الكثير من الانتقادات والاتهامات المتعاقبة باستئثاره بالسلطة التي قبض على زمام قيادتها منذ اكثر من عقدين.

فالرئيس الجزائري لا ينفك عن تأمين ديمومة بقائه رئيسا للبلاد على الرغم من حجم التحديات التي تعصف بالدولة، سيما انه تمكن بنجاح اجهاض محاولات اسقاطه او تغيير نظام الحكم التي جاءت متأثرة برياح الربيع العربي التي ضربت المنطقة.

وبادر الرئيس الجزائري الهرم مؤخرا الى تعيين مسؤولين جددا على راس مديريتين في المخابرات الجزائرية، شملت مديريتا الامن الداخلي والخارجي في اجراء استباقي لأي محاولة انقلاب وشيكة.

وقالت صحف جزائرية انه تم انهاء مهام الجنرال عثمان طرطاق المدعو بشير مدير الامن الداخلي والجنرال رشيد لعلالي المدعو عطافي مدير الامن الخارجي في دائرة الاستعلام والامن، وهي التسمية الرسمية للمخابرات الجزائرية.

وقالت الخبر نسبة الى "مصادر مطلعة" انه "يرتقب أن تتم عملية تسليم واستلام المهام بين الجنرال عثمان طرطا وخليفته في مديرية الأمن الداخلي الجنرال عبد الحميد بن داود، المدعو علي، الذي كان يشغل منصب مدير التعاون الدولي (في نفس الجهاز) وبين مدير الأمن الخارجي الجنرال عطافي، مع الجنرال محمد بوزيت المدعو يوسف الذي كان يشغل منصب المفتش العام في دائرة الاستعلام والامن".

وعادة ما يلقب ضباط المخابرات باسماء غير اسمائهم الحقيقية، وهو تقليد موروث من حرب استقلال الجزائر (1954-1962) لتفادي تعرف سلطات الاحتلال الفرنسي عليهم ما قد يعرض عائلاتهم للانتقام، فمثلال الرئيس عبد العزيز بوتفليقة كان اسمه الحركي "عبد القادر".

وبحسب صحيفة الوطن فان التغيير طال ايضا قائد الدرك الوطني الجنرال احمد بوسطيلة الذي احيل على التقاعد مثله مثل مسؤولي المخابرات وتم تعويضه بنائبه الجنرال محمد مناد.

واشارت الصحف الى ان كل المسؤولين السابقين متقدمون في السن ويعانون من المرض.

وبالنسبة لصحيفة النهار فان مديريتا الأمن الداخلي والأمن الخارجي يعدان بمثابة "عصب جهاز المخابرات الجزائرية" وهما مكلفان بمكافحة التجسس والارهاب بالاضافة لحماية السفارات.

وكان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي يعاني من المرض اثر اصابته بجلطة دماغية قبل خمسة اشهر، اجرى تغييرا حكوميا كبيرا شمل وزارات الداخلية والخارجية والدفاع.

كما ان وسائل الاعلام تحدثت عن قرارات تخص جهاز المخابرات "وتقلص" من صلاحياته، الا انه لم يتم اعلان ذلك بشكل رسمي كما لم يتم اعلان التغييرات التي تحدثت عنها الصحف الاحد.

وتقول كل التحليلات التي تنشر في الصحف الجزائرية ان التغيير "المفاجئ" الذي اجراه بوتفليقة في هرم الجيش والحكومة ليس له سوى تفسير واحد هو ان بوتفليقة عازم على الترشح لولاية رابعة في الانتخابات الرئاسية المقررة في 2014، رغم انه لم يعلن ذلك رسميا.

واشارت تسريبات عن مسودة الدستور الجديد الى امكانية تمديد ولايته الثالثة والقفز على الانتخابات الرئاسية المقررة في نيسان/ابريل 2014 .

واكد الامين العام الجديد لحزب جبهة التحرير الوطني عمار سعداني انه سيدعم بوتفليقة "اذا اراد التمديد او الترشح لولاية رابعة". وقال سعداني "يتعين على حزب جبهة التحرير الوطني ان يؤدي دورا نشطا في الموعد السياسي المقبل (...) ويكون قاطرة للتشكيلات السياسية الاخرى التي تقاسمه نفس الافكار لدعم رئيس الجمهورية"، بحسب صحيفة صوت الاحرار المقربة من الحزب.

وينتمي الرئيس بوتفليقة الى حزب جبهة التحرير الوطني كما انه يرأسه فخريا، الا انه لم يسبق ان حضر احد اجتماعاته او حتى مؤتمراته.

وبدا الحديث بصوت خافت عن امكانية تمديد الرئيس بوتفليقة لولايته قبل ان يخرج الى العلن من خلال تسريبات نقلتها الصحف حول مشروع تعديل الدستور.

ونقلت صحيفة الخبر الواسعة الانتشار ان التعديل الدستوري المرتقب يتضمن نقطتين "الاولى وهي الاهم تمديد ولاية الرئيس الحالي بعامين والثانية استحداث منصب نائب رئيس الجمهورية".

وذهب الدبلوماسي والوزير الاسبق عبد العزيز رحابي في تصريح الى انه "لن يكون هناك انتخابات في 2014". وقال "لن تكون هناك انتخابات في 2014 لان الرئيس غير قادر على تنشيط حملة انتخابية كما ان هذه هي الطريقة الاريح بالنسبة لمجموعة الرئيس". بحسب فرانس برس.

واوضح رحابي الذي كان وزيرا للاتصال في اول حكومة لبوتفليقة (1999) ان الغاء الانتخابات الرئاسية له هدفان "الاول ان لا يقوم الرئيس بحملة انتخابية لان ظروفه الصحية لا تسمح بذلك والثاني ان تتمكن زمرة الرئيس من كسب الوقت لحل مشاكلها مع العدالة"

وبالنسبة للوزير الاسبق فان ملفات الفساد الاكبر تمس المحروقات والاشغال العمومية وقطاع الري والمياه "وهي تدخل في اطار ما سمي بمشاريع الرئيس".

كما تجري تحقيقات في قطاع الاشغال العمومية الذي سيره الى غاية اخر تعديل حكومي قبل ثلاثة اسابيع عمار غول وزير النقل حاليا ورئيس حزب تجمع امل الجزائر اول من اعلن دعم ترشح بوتفليقة لولاية رابعة وهو على سرير المرض في مستشفى فال دوغراس بباريس.

واعلن رئيس الوزراء عبد المالك سلال ان لجنة الخبراء القانونيين الذين كلفهم بوتفليقة في بداية نيسان/ابريل باعداد مسودة لتعديل الدستور قد انهت عملها وسلمت تقريرها لرئيس الجمهورية.

ولم يصدر اي تصريح رسمي بخصوص محتوى التعديل ولا كيفية تمريره، إما بالمصادقة عليه في البرلمان او بالاستفناء الشعبي. واكد سلال ان ذلك من صلاحيات الرئيس وهو من يقرر الطريقة التي يراها مناسبة.

وعدل بوتفليقة الدستور مرتين، الاولى في 2002 من اجل جعل اللغة الامازيغية لغة وطنية والثانية في 2008 بالغاء تحديد الولايات الرئاسية باثنتين ليتمكن من الترشح لولاية ثالثة في 2009 تنتهي في 2014 . وفي كلتا الحالتين لم يدع الى استفتاء شعبي ولكنه اكتفى بتصويت البرلمان بغرفيته (المجلس الشعبي الوطني ومجلس الامة) دون نقاش.

واعتبر رئيس حزب حركة مجتمع السلم اكبر حزب اسلامي معارض عبد الرزاق مقري انه "من غير المعقول تصور ان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة سيمدد ولايته الرئاسية"

اما رئيس حزب التجمع من اجل الثقافة الديمقراطية(علماني) محسن بلعباس فجدد مطالبته بعزل الرئيس بسبب مرضه، وهو ما سبق ان طالبت به عدة احزاب وشخصيات في المعارضة منذ اصابة بوتفليقة بجلطة دماغية في 27 نيسان/لبريل ما استدعى نقله الى فرنسا للعلاج لمدة ثلاثة اشهر.

وقال محسن بلعباس في تصريح صحفي" ما زلنا نطالب بتفعيل المادة 88 من الدستور لان الرئيس مريض منذ 2005 ولا يستطيع ان يقوم بمهامه حتى البروتوكولية منها ولا يحضر في المحافل الدولية كما لا يعقد مجلس الوزراء".

وبالمقابل لا تعارض اغلب الاحزاب ترشح الرئيس بوتفليقة لولاية رابعة "اذا سمحت ظروفه الصحية" بحسب مقري. كما ان دستور 2008 الساري المفعول اليوم لا يحدد عدد الولايات الرئاسية ويعطي الحق لبوتفليقة للترشح كما شاء.

وقبل سبعة اشهر من الانتخابات الرئاسية المقررة في نيسان/ابريل 2014 لم يعلن بوتفليقة صراحة موقفه منها اما بالترشح واما بعدمه، كما ان اغلب المرشحين للترشح مازالوا صامتين ما عدا رئيس الحكومة الاسبق احمد بن بيتور الذي اعلن ترشحه قبل قرابة سنة.

ومنذ 1995 تاريخ اجراء اول انتخابت تعددية في الجزائر لم يتم تاجيل اي موعد انتخابي، واذا الغى بوتفليقة انتخابات 2014 فسيعد ذلك "توقيفا للمسار الانتخابي" بحسب رحابي.

العنف الاجتماعي والارهاب

في سياق متصل حذر رئيس الحكومة الجزائرية الاسبق والمرشح للانتخابات الرئاسية في 2014 احمد بن بيتور من "انهيار" الدولة الجزائرية وبروز "العنف الاجتماعي والارهاب"، وذلك في رد فعله على التغييرات التي قام بها الرئيس غبد العزيز بوتفليقة في الحكومة والجيش.

وجاء في تصريح مكتوب للصحافة "لقد علمنا بآخر القرارات المتخذة من طرف السلطة(...) واود التذكير بانه توقعنا انحراف الدولة الجزائرية نحو العجز والضعف بين عامـي 2001 و2010 .. ثم الانزلاق نحو التميع والانهيار بين عامي 2011 و2020، اذا استمرت البلاد في وضعية +اللاحكم+ مع الاحتمال القوي لبروز العنف الاجتماعي وعنف الارهاب في ان واحد"

وشغل بن بيتور الحاصل على دكتوراه في الاقتصاد من جامعة مونتريال، منصب رئيس الحكومة ثمانية اشهر فقط من كانون الاول/ديسمبر 1999 الى آب/اغسطس 2000 قبل ان يقدم استقالته اثر خلافات مع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.

واضاف المرشح الابرز للانتخابات الرئاسية المقررة في نيسان/ابريل 2014 "يبدو واضحا اليوم ان الدولة الجزائرية تنطبق عليها تماما المعايير العلمية للدولة العاجزة الفاشلـــــة التي تنحرف في انزلاق خطير نحو الدولة المميعـة ..المتجهة نحو التفتيت".

وجدد بن بيتور دعوته الى انتخابات رئاسية "مفتوحة" من اجل "تغيير سلمي لكل نظام الحكم" وعدم الاكتفاء بتغيير الاشخاص. وتساءل "هل التغييرات المتخذة مؤخرا بخصوص هياكل المؤسسة العسكرية تصب في هذا الاتجاه؟" واجاب "جيشنا يجب ان يكون شريكا قويا مع المجتمع للذهاب معا نحو التقدم والعصرنة وحماية المؤسسات الدستورية. فمهمته في هذه المرحلة الدقيقة لا ينبغي ابدا ان تكرس لإنتاج الماضي وإبقاء الحال على ما هو عليه. ولكن يجب ان تكرس للقضاء على +عسكرة+ الاذهان" .

ورفض احمد بن بيتور تاسيس حزب او الترشح تحت مظلة اي حزب وفضل الاعتماد على "المجتمع المدني"، من اجل "تغيير النظام بهدوء" للانتقال الى "جمهورية جديدة".

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 30/أيلول/2013 - 23/ذو القعدة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م