عزاء واحد بـخمسين عزاء

زاهر الزبيدي

 

فجأة أصبح العزاء الواحد لدينا يعادل 50 عزاءاً كما حدث في العزاء الكارثي الذي حدث في مدينة الصدر بتأريخ 21-9 حينما فجر إنتحاري نفسه في سرادق العزاء هذا مع إنفجار سيارة مفخخة يقودها إنتحاري أيضاً محولاً إياه الى حجيم ألتهم شهداء وجرحى قارب شهداءه الخمسين شهيداً في بعض الإحصاءات التي أعلنتها الـ BBC على موقعها، لقد كانت الإصابات كبيرة لكون الإنفجار قد وقع في أخر يوم للعزاء والذي طالماً يجمع الكثير من المعزين.

ليس غريباً مطلقاً على العراقيين أن يموتوا حتى في عزائهم ليتحول العزاء الواحد الى عدد من العزاءات وتنتشر السرادق في محيط السرادق المستهدف الأول حتى ليخيل اليك وأنت تدخل تلك المناطق وقد تحولت الى بؤرة من الموت الحزن يقطعها صراخ الثكالى من النساء والأيتام ممن أبتلاهم الله بتلك المصيبة.. نسأله أن يخفف وطأتها عليهم.

نحن أمام جرائم إبادة جماعية ترتكب بحق العراقيين، وليس عزاء تلك المدينة المنكوبة بآخرها فقد كانت لدينا صور وأمثلة شتى عن تلك الإبادة التي يتعرض لها شعب العراق منذ عشرات السنين فالمقابر الجماعية الكبيرة والحروب الطاحنة التي لازلنا حتى يومنا هذا نتبادل رفات جنودنا ممن سقطوا شهداء لنزوات القادة حينها، واليوم نكابد تلك التفجيرات الإنتحارية الكبيرة التي نستدل من حجم خسائرها وقوة التخطيط لها ؛ على مقدار التمويل الذي خصص لإتمامها موقعة تلك الخسائر بأبناء شعبنا ومحاولة، قد تكون ناجحة في ظل غياب الإجراءات الأمنية المحكمة، لهزِّ جسد الطائفية التي يعتقد الجميع أنه اليوم في غيبوبة قد يصحو منها في أي لحظة وما تلك التفجيرات إلا إنعاش لذلك الجسد البغيض وإحياءاً قذراً لذكراها القابعة في نفوسنا.

نحن اليوم أمام سد قد يتصدع وعلينا أن نعمل بجد كبير لرأب الصدع فيه وقبل أن يتهدم السد الذي تحميه بعض الفتاوى المعتدلة ؛ فالطوفان قادم لا محالة إذا عملنا خلاف ذلك.. طوفاً لا يبقي ولا يذر وسيأتي على الأخضر واليابس وتبوء بعدها كل محاولاتنا بالفشل لنفقد السيطرة على كل شيء. إن العمل اليوم حتمي في تدعيم هذا السد الذي يقف مهزوزاً أمام ما تخلفه تلك التفجيرات من هشاشة في بنيانه وزيادة في الفجوة بين الحكومة والشعب.. فالحكومة حتى اللحظة لم تتخذ إجراءات موثوقة في تجنب حدوث تلك التفجيرات التي لم يسلم منها أحد وسوف لن ينجو منها أحد مستقبلاً.

لاشك بأن تلك التفجيرات بدأت تلقي بضلالها على المشهد اليومي فقد تزايدت حالات الإغتيال بالكواتم أو بدون كواتم بين الطوائف لدرجة أن الجميع يخجل من الحديث عنها بعد إستقرار شهدته الأشهر السابقة إلا إن ظلالها المأساوية اليوم نراها ماثلة أمام أعيننا في بعض الشوارع والأزقة.. وهي تطول الأبرياء أيضاً فالإبرياء هم من يموتون في هذا الوطن مجرمون يقتلون الأبرياء من الطائفتين الأكبر في الوطن تعصب أعينهم الطائفية وشدة الألم الذي يعتصر قلوب ممن يذهب اقربائهم ضحية تلك التفجيرات وهي التي ترفع من مستوى الحقد الأعمى في النفوس وتعمي البصيرة وتدمي القلوب وعلى أحد ما أن يبطل مفعول هذا الحقد والبغض الأعمى ويصفي نفوس تكابد الحزن كل يوم فمن عزاء الى عزاء تتنقل دبابير الموت السود لدينا ولو قدر لنا أن نقف حداداً على أرواح شهداءنا لوقفنا العمر كله.. لامعين إلا الله.. حفظ الله العراق وشعبه.

zzubaidi@gmail.com

http://annabaa.org/news/maqalat/writeres/Zahiralzubaidy.htm

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 23/أيلول/2013 - 16/ذو القعدة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م