كعكة القمر وكعكة العراق.. أيهما أكبر؟

زاهر الزبيدي

 

كعك القمر، نوع من الحلويات الصينية التي تؤكل عادة خلال مهرجان منتصف الخريف الذي يصادف 19 أيلول من كل عام في واحدة من أهم مهرجانات الصين الشعبية وهو مخصص لعبادة القمر ومراقبته، كعكة الصغيرة بقطر 10سم وسمك 5سم، في خطوة من الرئيس الصيني شي جيم بينغ لمكافحة الفساد في بلده ؛ منع المسؤولين من استخدام المال العام لشراء "كعك القمر" كهدايا لا تدخل في إطار مهامهم الرسمية حيث قال الرئيس "مهرجان منتصف الخريف واليوم الوطني يقتربان ويجب أن نمنع بكل حسم استخدام المال العام لشراء الهدايا والطعام والشراب والرحلات وكل أوجه التبذير".

إنها خطوة واحدة لكعكة بقطر 10 سم في بلد المليار ونصف المليار نسمة، مُنِع شراءها من قبل المسؤولين في الحكومة والحزب من أموال الدولة، ويعلم الله كم سيوفر عدم الشراء هذا من مبالغ وإضافة الى المبالغ ماذا سيوفر هذا القرار من تقارب كبير بينها وبين شعبها..

وفي العراق كم كعكة كبيرة لدينا تؤكل اليوم من أموال الدولة العراقية؟ بل كم مائدة من موائدنا المتخمة بالدسم تنصب اليوم على حساب موازنة الفقراء والمساكين؟ وكم هي المبالغ التي تخصص في أبواب النثرية أو أبواب أخرى لم تكن موجودة في الموازنات السابقة أبدعنا اليوم في فتحها على مصراعيها لتلتقف مبالغ بالمليارات من تلك التي تخصص لمؤسساتنا، ساهمت المزايدات الإنتخابية اليوم في كشفها ولولا ذلك لماذا تطرق اليها أحد أو أثارها.. لقد أصبحت الحملة الإعلامية والتقاذف بالتهم اليوم أحد أهم طرق كشف الفساد ويبدو أن الجميع متساوٍّ به ولا فضل لأحد عن أخر فيها.

موازناتنا بحاجة الى وقفة جادة لتشذيب الأبواب التي تطاولت عليها أيادي الفساد وإجتثاثها ومحاولة توفير ما يمكن توفيره لبناء البلد بدلاً من إتخام بطوننا بما لايغني عن شعبنا شيء ولنحاول بذلك تقريب المسافة ونردم جزءاً من الفجوة التي أحدثها الفساد المعلن يومياً مع فقراء الوطن ممن يحلمون اليوم بالخروج ضدنا في مظاهرات قد تتحول يوماً، حينما تترسب آلام الفقر وقسوة المحرومية في قلوبهم، الى إعتصامات وعصيان مدني كبير هو أهم أهداف أعداء العملية السياسية ولنكون بذلك قد أعطينا مسوغاً لأبناء شعبنا من الفقراء في أن يثوروا علينا في ظل محاولاتنا الخجولة لتقليل وقع الفساد على قلوبهم.

انها كعكة القمر العراقية الكبيرة والتي علينا أن نحافظ عليها، أو ما تبقى منها، فأجيال بعدنا ستأتي تبحث في تلك السجلات المخجلة لصرفيات مؤسساتنا وكيف تمت خيانة الأمانة الكبرى في الحفاظ على ثرواتنا وثروات تلك الأجيال في أصلابنا.. رحم الله أجيالنا.. رحم الله الوطن.

[email protected]

http://annabaa.org/news/maqalat/writeres/Zahiralzubaidy.htm

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 21/أيلول/2013 - 14/ذو القعدة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م