منطقة اليورو... تعافي اقتصادي حذر

 

شبكة النبأ: مؤشرات اقتصادية جيدة تشهدها منطقة اليورو ثاني أكبر قوة اقتصادية في العالم والتي بدأت تتعافى من أطول ركود اقتصادي أمر قد يسهم بمعالجة الكثير من المشاكل الاقتصادية، التي تعرضت لها الدول الأوربية بسبب الأزمة المالية العالمية كما يقول بعض المراقبين، محذرين في الوقت ذاته من الإفراط في التفاؤل بشأن هذا التعافي وذلك لعدة أسباب أهمها ارتفاع نسبة البطالة فى عدة دول أوروبية يضاف إليها الصراعات السياسية التي قد تعيق برامج وخطط الإصلاح في العديد من دول الاتحاد الأوروبي. وفي هذا الشأن قال لوك كاوين عضو مجلس ادارة البنك المركزي الاوروبي لصحيفة دو ستاندارد البلجيكية ان منطقة اليورو ربما تكون خرجت من الركود ولكن النمو الاقتصادي مازال منخفضا وهناك حاجة لمزيد من الإصلاحات لضمان حدوث انتعاش بشكل كامل.

وخرجت منطقة اليورو من ركود استمر عاما ونصف في الربع الثاني مع وصول النمو الى 0.3 في المئة. وقال كاوين محافظ البنك المركزي البلجيكي للصحيفة ان من الواضح ان النمو كان افضل من المتوقع وبالطبع في دول مثل المانيا وفرنسا. واضاف "لكن علينا ان نضع هذه الارقام في اطارها. ربما تكون هذه ظاهرة مؤقتة. كان هناك شتاء طويل في الربع الاول ادى بشكل منطقي الى تعزيز اقتصادي لمرة واحدة في الربع الثاني.

وبلجيكا احدى الدول القليلة في منطقة اليورو التي اصبح اقتصادها اقوى مما كان عليه قبل الازمة. وقال كاوين ان هذا يعود الى حد ما لنظام مقايسة الاجور في بلجيكا والذي ادى الى بقاء القوة الشرائية على حالها. وقال "لكن علينا الان ان نقنع بذلك. كل الدول الاخرى مشغولة بالاصلاحات الهيكلية الاساسية ماعدا بلجيكا. اذا لم نقم بالاصلاح او كان اداؤنا غير كاف بشكل كبير فاننا نغامر بالتخلف عن الركب.

الى جانب ذلك استأنف مسؤولو منطقة اليورو نشاطهم بعد العطلة الصيفية في اجواء هادئة حتى ان كان سيتعين عليهم الانكباب سريعا جدا على ملفات حساسة وضعت جانبا حتى الانتخابات الالمانية. وفي اول اجتماع لهم منذ الصيف، سيكون على وزراء مالية دول منطقة اليورو جس نبض دول الاتحاد النقدي خصوصا مع إجراءات مساعدة جديدة ستكون ضرورية للعديد من هذه الدول في طليعتها اليونان.

وكما كان متوقعا وافق الوزراء على منح جمهورية قبرص قسطا جديدا بقيمة 1,5 مليار يورو من عشرة ملايين تم التعهد بمنحها لها. وقال الوزراء في بيان ان هذا المبلغ سيدفع في نهاية ايلول/سبتمبر بعد ان اعطت الالية الاوروبية للاستقرار، صندوق دعم منطقة اليورو، الضوء الاخضر لذلك. وكان مسؤول اوروبي ان كل المؤشرات ايجابية معتمدا في ذلك على راي ترويكا المانحين لقبرص الاتحاد الاوروبي والبنك المركزي الاوروبي وصندوق النقد الدولي.

وباستثناء ذلك لا يتوقع ان يصدر اي اعلان هام آخر عن الاجتماع بالنظر الى قرب الانتخابات في المانيا حيث تكون الملفات المرتبطة بادارة الازمات حساسة سياسيا لكون المانيا هي اكبر مساهم في خطط الانقاذ المختلفة لدول منطقة اليورو منذ اربع سنوات. ومع ذلك فان هناك العديد من الملفات الساخنة. وسينكب الوزراء خصوصا على ملف سلوفينيا التي تعاني صعوبات بسبب قطاعها المصرفي الذي يرزح تحت عبء الديون الهالكة بقيمة سبعة مليارات يورو، بحسب صندوق النقد الدولي.

واضطرت سلطات هذا البلد مؤخرا الى ان تتدخل لانقاذ مصرفين خاصين صغيرين من خلال منحهما ضمانات حكومية ما اثار تكهنات خصوصا في الصحف الالمانية حول حاجة سلوفينيا لمساعدة مالية. لكن وزير المالية الالماني فولفغانغ شويبله اعتبر ان سلوفينيا يمكنها تفادي خطة مساعدة وقال اذا احترمت التزاماتها يمكنها الاستغناء عن خطة انقاذ. وهو ما اكده نظيره السلوفيني يوروس كوفير الذي قال لدينا المال في حساباتنا، ونحن بالتالي قادرون على الخروج من الازمة بمفردنا. ومن المواضيع الاخرى المطروحة على اجندة الوزراء انهاء برنامجي المساعدة لايرلندا والبرتغال.

وقبل العودة الى الاسواق تامل ايرلندا في الافادة من الاجراءات المصاحبة. ويمكن ان يترجم ذلك الى خط ائتمان بعدة مليارات يورو او باللجوء الى برنامج شراء سندات من البنك المركزي الاوروبي الذي لم يتم استخدامه ابدا حتى الان. وبالنسبة للبرتغال التي تشهد نهوضا هشا وتوترا سياسيا فان الافاق قاتمة ومن الصعب توقع عودة هذا البلد بالكامل الى الاسواق اعتبارا من منتصف 2014.

وتحت الضغط طلبت لشبونة من دائنيها تخفيف العبء عليها من خلال مراجعة هدف تقليص العجز في 2014. ورد رئيس مجلس وزراء مالية دول منطقة اليورو يروين ديسلبلوم من المهم جدا ان يلتزم هذا البلد بالقرارات المتخذة في اطار البرنامج وهذا يشمل هدف تقليص العجز. وشدد "سواء كان الهدف اكبر او اقل فالمهم ان يفهم العالم الخارجي ان البرتغال ستحترم تعهداتها". بحسب فرانس برس.

وسيحاول الوزراء التقدم ايضا في انجاز ركيزة اخرى للاتحاد المصرفي وهي آلية "التسوية" لتقرير مصير البنوك التي تعاني صعوبات في منطقة اليورو. وهذا المشروع يثير حفيظة المانيا التي تعتبر انه بوضعه الحالي غير متلائم مع المعاهدات الاوروبية. وفي الجوهر فان برلين لا تؤيد صندوق تسوية مشترك ما سيجبر البنوك الالمانية على تمويل حالات افلاس او خطط انقاذ لبلدان اخرى.

سلطات جديدة

على صعيد متصل منح المشرعون الأوروبيون سلطات جديدة للبنك المركزي الأوروبي للإشراف على ما يصل إلى ستة آلاف بنك في منطقة اليورو وهي الخطوة الأولى نحو الوحدة المصرفية في المنطقة. ووافق المشرعون في اقتراع على السماح للبنك المركزي الأوروبي بتولي دور الإشراف المصرفي الجديد بدءا من عام 2014 أي بعد نحو عام من إعلان حكومات الاتحاد الأوروبي دعمها للخطة.

ويعد إنشاء إطار موحد لبنوك منطقة اليورو وآليات لتصفية المؤسسات المتعثرة وحماية أموال المودعين أحد أهم المشروعات الطموح والصعبة للاتحاد الأوروبي. وكان البرلمان الأوروبي هدد بتأجيل الموافقة على السلطات الجديدة إذا لم يوافق البنك المركزي على إطلاعه على تفاصيل عملية صنع القرار. لكن تمت تسوية هذه المسألة وأكد البنك المركزي الأوروبي على التوصل إلى اتفاق بين رئيس البرلمان مارتن شولتز ورئيس البنك ماريو دراغي.

من جهة أخرى سجّلت دول الاتحاد الأوروبي فائضاً في الحساب الجاري الخارجي، بلغ 35.9 بليون يورو في الربع الثاني من العام الجاري، مقارنة بفائض بلغت قيمته 5.9 بليون يورو في الفترة عينها من العام 2012. وذكر تقرير لمركز الإحصاءات الأوروبي "يوروستات"، أن "التقديرات الأولية للربع الثاني من العام الجاري، أظهرت أن فائض الحساب الجاري الخارجي في دول الاتحاد الأوروبي، بلغ 35.9 بليون يورو". وأشار المركز إلى أن "الميزان التجاري للسلع سجّل في الربع الثاني من العام فائضاً قدره 19.9 بليون يورو، بعد أن كان سجل عجزاً بـ10.6 بليون يورو في الفترة عينها من العام 2012". أما الميزان التجاري للخدمات، فسجل عجزاً بقيمة 5.7 بليون يورو، مقارنة بعجز بلغ 9.1 بليون يورو في الربع الثاني من العام الماضي.

أزمة اليونان

حذر وزير الخارجية اليونانى إيفانجيلوس فنزيلوس، من أن الشعب اليونانى لا يستطيع أن يعانى من المزيد من الاستقطاعات باسم التقشف، وذلك وسط حديث بأن أثينا قد تحتاج حزمة إنقاذ أخرى لتمويل مالياتها. وتتلقى اليونان منذ عام 2010 قروضا دولية بقيمة 250 مليار يورو (350 مليار دولار)، لكن الاقتصاد لا يزال بعيدا عن الإصلاح. وبعد ستة أعوام من الركود، اقترب معدل البطالة من مستوى 30%، وبلغ مستوى الدين العام 160% من الناتج المحلى الإجمالى.

وقال فنزيلوس فى مقابلة مع وكالة الأنباء الإيطالية أنسا لا نستطيع التفكير بشأن استقطاعات جديدة فى الأجور ومكافآت التقاعد، ومن 2010 إلى 2012، يتراجع الدخل اليوناني بأكثر من 35%، وهو أمر فريد وغير مقبول فى أوقات السلم. وتقول اليونان إنها إذا طلبت برنامج إنقاذ جديدا العام القادم، فسيكون حزمة أصغر كثيرا تبلغ حوالي 10 مليارات يورو.

وتشير بروكسل إلى أن أثينا قد تكون فى حاجة إلى المزيد من المساعدة فى ظل كفاحها لإصلاح اقتصادها مع تشديد رئيس مجموعة اليورو يروين ديسلبلوم على أن ذلك لا يعنى بالضرورة ضخ المزيد من الأموال وإنما يمكن أن يكون فى شكل خفض أسعار الفائدة أو تخفيف شروط الحصول على أموال من الصناديق الهيكلية. وشدد فنزيلوس على أن اليونان بذلت أربعة أخماس الجهد لتعزيز مالياتها، مشيرا إلى أنها ستحقق فائضا أوليا بحلول العام القادم مع استبعاد تكاليف سداد الدين. كما أنه من المتوقع أن يتحسن الاقتصاد العام القادم.

ودعا إلى تقديم المزيد من المساعدة من جانب الشركاء الأوروبيين، وقال لا نستطيع أن نقبل أن يكون لدينا حكومات تتمتع بسلطات اتخاذ القرار ودول أخرى مضطرة للإذعان من أجل تجنب الإفلاس أو الكوارث بالنسبة للاقتصاد والبنوك. وأضاف"نحن فى حاجة إلى أشكال جديدة من التضامن وأشكال جديدة من إعادة التوزيع داخل منطقة اليورو. وتعتزم الحكومة تعليق عمل 25 ألف من موظفى القطاع العام هذا العام والاستغناء عن 15 ألفا بنهاية عام 2014".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 18/أيلول/2013 - 11/ذو القعدة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م