المــــوت العائلــــي!

زاهر الزبيدي

 

لم يكن غريباً علينا أن تموت عوائل بأكملها.. نساءها، رجالها وأطفالها.. فالموت لدينا عائلي أيضاً.. كما في علب المشروبات الغازية الكبيرة أو أواني الآيس كريم ! ففي حادثتين متقاربتين في التوقيت وبذات نوعية تنفيذ "الموت العائلي" الذي يمثل أحد أهم نتاجات الشلل الأمني ووهمه الكبير ؛ في اللطيفية كانت عائلتان قد أبيديتا بمقتل 18 فرداً منهما وجرح لآخرون واليوم تتوالى الأخبار عن العثور على 14 جثة لأسرتين في ناحية اليوسفية جنوبي بغداد كانوا قد خطفوا في فترة سابقة، كما أشارت الى ذلك بعض وسائل الإعلام تبعها مقتل عائلة في حي القادسية في مدينة الموصل مكونة من أب وأم وأربعة أطفال.

لا أعتقد أن شخصاً واحداً هو من قام بتلك الجرائم التي لم يعد بقواميس الإنسانية وصفاً لم نستخدمه لوصف مأساتها، إنها مجاميع قتل مدربة تتجول في تلك المناطق بحرية ولها القابلية على المناورة والإختفاء السريع وسط حواضنها، كما أن لها القدرة على الإنقضاض على الأسر لإبادتها مُنشِرة بذلك فوضى ورعب كبيرين لا شك بأنهما ستلقيان بضلالهما على حياة أبناء شعبنا سكنة تلك المناطق دافعة بهم الى الهجرة القسرية منها لتحولهما الى كانتون إرهابي كما حدث في السابق حينما كان يطلق عليها بمثلث الموت.. فكم مثلث موت سوف نساهم بصنعه في وطننا أو حتى أن يكون هو وطن الموت.

نحن تجبرنا الإشاعة التي تسري بين أسرنا كما تسري النار في الهشيم وتشع في نفوسنا الخوف الذي ما عاد يفارق صدورنا على فلذات أكبادنا حتى نبدأ نفكر بتفاصيل تلك الجرائم ونصنع لها شريط خيال كأحد أفلام الرعب.. كيف يباغتنا المجرمون، في الليل أو في وضح النهار، وكيف يبدأوا بقتلنا ومن يقتلون أولاً؟ رب الأسرة أم الأطفال أم تلك التي تنام الجنة تحت أقدامها أم الصبايا الصغيرات أم العجائز أو أن نقتل بغتة ودون أن نعرف ونحن تحت أغطية نومنا تنهش رصاصات الحقد أجسادنا فلا نصحو بعدها ابدا.. فتخنقنا العبرة حتى نخلد الى وسائدنا على أثر دمعة بؤس وحلم حزين.

حتى اللحظة كان الإستنكار هو هّم الشخصيات السياسية في الوطن وكأن الموضوع لايعنيهم بشيء بإستثناء ما تقدمت به النائبة حنان الفتلاوي، من خلال بيان صدر عن مكتبها الإعلامي، تطلب فيه من رئيس الوزراء القيام بعملية أمنية في ناحية اللطيفية ثأراً لدماء الشهداء من العوائل البريئة المسالمة.

وعلى الرغم من أن الإستنكار لا يمثل في تلك الحالات حتى أضعف الإيمان ؛ فكيف السبيل لدرء الخطر المقيت هذا عن أسرنا؟ ونجنب أهلنا مكابدة هذا الحزن الكبير؟ ونجنب وطننا الدخول في حملات الثأر والقتل وما يتبعها من طائفية مؤلمة لا ينوب الموت منها إلا الأبرياء ممن لا حول لهم ولا قوة.

 الإجراء الحكومي الأمني في هذا المجال يجب أن يتطور ليدخل الى داخل الأزقة والمحلات السكنية وأن تنشر قواتنا الأمنية التقنيات الحديثة في تلك الأزقة وتديم دورياتها المستمرة بين شوارعها.. نحن أمام أعتى الهجمات الإرهابية التي تطال بتنوعها اليومي كل شيء في الوطن وعلى المجابهة أن تستمر بذات عنف العدو الإرهابي، كما أن لتفعيل الجهد الإستخباري وتشجيع ستراتيجية الأمن الشعبي أثر في الحد منها.. حفظ الله شهدائنا مِن مَن طالهم الموت العائلي.. حفظ الله وطن الإبرياء.

[email protected]

http://annabaa.org/news/maqalat/writeres/Zahiralzubaidy.htm

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 16/أيلول/2013 - 9/ذو القعدة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م