القاعدة في المغرب العربي... صفقات تنعش الإرهاب

 

شبكة النبأ: تعيش منطقة المغرب العربي حالة من عدم الاستقرار الأمني الذي يلقي بظلاله على المجالات كافة، وذلك نتيجة لتزايد الحركة التنظيمات الإرهابية المسلحة وأبرزها تنظيم القاعدة في بشكل كبير جدا خلال الآونة الأخيرة، وهذا الامر يشير الى أن تكون هناك صفقات وأجندات تهدف إعادة ترتيب الأوضاع بالمجال السياسي في بلدان تلك المنطقة، مما ينذر ببواعث خطر نشوب اضطرابات أمنية خطيرة، كما تبين ذلك من خلال الأحداث والتوترات الامنية والسياسية الاخيرة، والممتثلة بعلميات خطف الرهائن وعملية اقتحام سجن في ليبيا وفرار عدد من المحبوسين المرتبطين بالتنظيمات الإرهابية، فضلا عن التحديات التي تفرضها التوترات الأمنية التي تعرفها دول المتجاورة مثل تونس والجزائر.

ويرى الكثير من المحللين بأن ما يسمى بالربيع العربي فتح بابا جديدا لتهديدات إرهابية جديدة، حيث انها فتحت مناطق جديدة لتنظيم القاعدة كي يحاول اعادة بناء نفسه من جديد، وخاصة المناطق الحدودية بين ثلاثة دولة عربية في منطقة المغرب العربي، إذ ترتبط تونس بحدود برية طولها حوالى 500 كلم مع ليبيا وحوالى 1000 كلم مع الجزائر، ف منذ الاطاحة مطلع 2011 بنظام زين العابدين بن علي، انتشر على طول هذه الحدود تهريب السلع المختلفة والمخدرات والاسلحة.

حيث أكدت الجزائر وتونس على ضرورة توسيع مثل هذا التنسيق ليشمل ليبيا وبقية دول المنطقة المغاربية ككل من خلال وضع استراتيجيات تسمح بمواجهة كارثة الإرهاب العابر للحدود، وتأتي هذه الخطوة بعد سلسلة من الهجمات التي تعرضت لها منطقة جبل الشعانبي في تونس، والتي قام بها مسلحون مرتبطون بتنظيم القاعدة، وذلك بالقرب من الحدود مع الجزائر.

فيما يتوقع بعض الخبراء بشؤون الإرهاب، إن سجون الجزائر وتونس وليبيا باتت من أهداف الجماعات الإرهابية في إطار مخطط لإعادة إحياء النشاط الإرهابي في المنطقة بعد الضربات القوية التي تلقتها مختلف الجماعات المسلحة على يد الجيشين الجزائري والتونسي.

ويرى هؤلاء الخبراء أن نجاح عملية اقتحام سجن في ليبيا وفرار عدد من المحبوسين، شجع القيادات الإرهابية لمختلف الجماعات المسلحة على تكرار السيناريو في الجزائر وتونس، استعدادا لتنفيذ عمليات إرهابية ضد مصالح غربية، خاصة الأمريكية والفرنسية والجزائرية.

في حين يرى خبراء آخرون أن تقلص دائرة تحرك الجماعات الإرهابية في المنطقة بسبب مقتل اغلب القيادات وضعف عملية التجنيد، دفع إلى التفكير في تنظيم عمليات اقتحام السجون للاستفادة من العناصر الإرهابية المحبوسة في تنفيذ عمليات إرهابية يكون وقعها كبير إعلاميا يعيد للجماعات المسلحة نوعا من القوة المزعومة.

حيث اصبح ليبيا مرتع التنظيمات الإرهابية إذ يتحرك مختار بلمختار، زعيم أمير كتيبة الملثمين سابقا، حاليا في صحراء ليبيا رفقة زعيم التنظيم الإرهابي أنصار الدين، إياد أغ غالي، ويتواجد بلمختار حسب مصادر في مهمة لاقتناء أسلحة وتجنيد عناصر إرهابية، أو التخطيط لاعتداءات إرهابية في الجزائر وتونس، خاصة وأنه تربطه علاقات متينة مع الجماعات المسلحة الليبية.

فيما بعض المراقبين يتّضح أنّ الجزائر هي وسط ثلاث جبهات ساخنة أمنيا، فمن الناحية الشرقية تعمل هذه القوات، على التصدّي للتهريب والإرهاب بجبل الشعانبي بتونس، من جهّة ليبيا تحدّي مواجهة تدفق الأسلحة وانتعاش نشاط المهرّبين والإرهاب، من الناحية الجنوبية أزمة أمنية في شمال مالي وخطر تسلّل الإرهابيين، من الناحية الشرقية تهريب للوقود وتهديد من النظام المغربي، الذي يتساهل مع مهربي الكيف وعناصر التوحيدو الجهاد. وأمام هذه التحدّيات الأمنية، سطّرت مختلف الأجهزة الأمنية استراتيجيات جديدة و كيّفت سياساتها السابقة، ما يعني اقتطاع ميزانيات معتبرة للتصدي للإرهاب والتهريب عبر البوابات الحدودية الثلاث للوطن، اللّذين استلزما تعزيز التعداد البشري و نقل التزّود بعتاد إضافي.

وكانت تونس قررت اعتبار حدودها البرية مع الجزائر وليبيا مناطق عسكرية يحظر التنقل فيها إلا برخصة أمنية مسبقة، وهو نفس الإجراء الذي اتخذته الجزائر على حدودها البرية مع ليبيا عام 2011 ومع مالي عام 2012 لمنع تهريب الأسلحة، لكن الإجراء يواجه صعوبات تجعل تنفيذه شبه مستحيل، فيما لم تستبعد مصالح الأمن الجزائرية تدخلا عسكريا في هذه المناطق شبيها بما وقع في شمال مالي.

ووصف خبراء عسكريون قرار الحكومة التونسية إقامة مناطق عسكرية عازلة على طول الحدود البرية مع الجزائر وليبيا بالقرار الذي لا يستند للواقع ويصعب تنفيذه في الظروف الحالية، وذهب بعض الخبراء إلى اعتبار القرار مجرد إعلان للرأي العام لامتصاص الغضب الشعبي التونسي من التدهور الأمني في الأشهر الماضية، حيث لا تتوفر أية عوامل تمكن القوات المسلحة وأجهزة الأمن التونسية من تنفيذ مثل هذا الإجراء، بسبب نقص التجهيزات التقنية والوسائل البشرية التي تسمح بمراقبة حدود برية تمتد على طول أكثر من ألفي كيلومتر، وجزء كبير منها يقع في مناطق جبلية يسهل التسلل منها وتستحيل مراقبتها.

وجاء قرار الجهات الأمنية والسياسية التونسية بعد تدهور أمني تأكد أنه يرتبط بتنقل متسللين عبر الحدود البرية بين تونس وكل من الجزائر وليبيا، وجاء حسب مصادر موثوقة بعد أن أكدت التحقيقات التونسية وعمليات فحص القنابل المكتشفة في جبل الشعانبي، وساهم فيها خبراء جزائريون، أنها صنعت بنفس التقنية المتبعة في شمال مالي من قبل متخصصي المتفجرات في تنظيم القاعدة ببلاد المغرب.

وعليه تفرض المعطيات آنفة الذكر تحديات أمنية جمة على تلك الدول العربية المتجاورة تتطلب استراتجيات أمنية رصينة، لكن يرى بعض الخبراء انه على الرغم من  تحسين التعاون في مكافحة الإرهاب القاعدي وانحدار مستوى هجماته، الا ان تنظيم القاعدة يبقى قادرا على التكيف مع مثل هكذا ظروف وانه مازال يمثل تهديدا مستمرا وخطيرا على العالم أجمع.

تدخل عسكري غربي

في سياق متصل توقع مصدر أمني جزائري تدخلا عسكريا غربيا في جنوب ليبيا وتونس لمنع تشكل قادة للجهاديين تهدد أمن المنطقة، ونقلت صحيفة (الخبر) الجزائرية عن المصدر الذي لم تكشف عن اسمه قوله إن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة "منح الضوء الأخضر للجيش وأجهزة الأمن المختلفة بالتعامل مع أي تهديد أمني على الحدود بصورة خاطفة تزامنا مع وجود عدة دول غربية تراقب الأوضاع الأمنية المضطربة في مثلث الإرهاب الجديد الواقع بين أربع دول هي تونس، ليبيا، النيجر والجزائر والذي تشكّل بعد التدخل العسكري الفرنسي في شمال مالي"، وأوضح المصدر أن التهديدات الأمنية التي تشكلت في جنوب غرب ليبيا وبعض المناطق في تونس وشمال النيجر قرب الحدود الشرقية والجنوبية الشرقية للجزائر، كانت موضوع اللقاء الأخير بين بوتفليقة وقائد أركان الجيش الجزائري الفريق قايد صالح.

إقامة قاعدة عسكرية أمريكية

على الصعيد نفسه نفى الناطق الرسمي بإسم وزارة الدفاع التونسية العميد توفيق الرحموني الأنباء التي ترددت في وقت سابق حول موافقة تونس على إقامة قاعدة عسكرية أمريكية في أقصى الجنوب التونسي، ووصف الرحموني، خلال مؤتمر صحفي تلك الأنباء بأنها "شائعات وتفاهات عارية عن الصحة " على حد قوله، وأوضح أن القرار الرئاسي المتعلق بإقامة منطقة حدودية عازلة في الجنوب التونسي، جاء "على إثر تنامي التهديدات الأمنية، ولا علاقة له بإقامة أي قاعدة عسكرية اجنبية في أي منطقة من التراب التونسي".

وكانت أنباء ترددت في وقت سابق على موقع التواصل الإجتماعي (فيسبوك) مفادها ان السلطات التونسية وافقت على إقامة قاعدة عسكرية أمريكية بمنطقة "رمادة" في أقصى الجنوب التونسي غير بعيد عن المثلث الحدودي التونسي-الليبي-الجزائري.

وربطت تلك الأنباء بين هذه الموافقة المزعومة وإعلان وزارة الدفاع التونسية في التاسع والعشرين من الشهر الماضي عن قرار نص على تحويل مناطقها الجنوبية المحاذية لحدودها مع ليبيا والجزائر "منطقة عازلة"، ووصف وزير الدفاع التونسي رشيد الصباغ القرار المذكور بـ "الإجراء الإستثنائي الذي يهدف إلى التصدي لعمليات التهريب، وخاصة منها السلاح"، التي تطورت بشكل لافت منذ الإطاحة بنظام الرئيس التونسي السابق بن علي في 14 يناير 2011، وأضاف وزير الدفاع التونسي أن العمل بهذا القرار سيتواصل لمدة سنة، على أن يتم تمديده عند الإقتضاء، حيث تتولى بموجب ذلك السلطة العسكرية القيادة العملياتية في هذه المنطقة مع التنسيق مع الشرطة والحرس الوطني (الدرك).

تحالف إرهابي واسع

من جهتها كشف تقرير نشرته صحيفة "الصباح التونسية"، أن زعيم ما يعرف بكتيبة "الموقعون بالدماء" المرتبطة بالتنظيم العالمي للقاعدة، الذي أعلن مؤخرا انشقاقه عن فرع التنظيم في شمال إفريقيا الذي يقوده الإرهابي الجزائري عبد المالك درودكال يتواجد حاليا في ليبيا، برفقة زعيم تنظيم أنصار الشريعة التونسي سيف الله أبو الحسين  المدعو أبو العياض، وهو المطلوب لدى قضاء بلاده بتهمة التورط في أعمال إرهابية، وأكد التقرير أن بلمختار وأبو العياض يتواجدان في ضيافة القيادي السابق لما يعرف بالجماعة الجهادية المقاتلة عبد الحكيم بلحاج الذي تولي قيادة "مجلس ثوار طرابلس" وهو الفصيل الذي شارك في الحرب التي أطاحت بحكم العقيد معمر القذافي عام 2011، وتربطه بأبي عياض التونسي علاقة قوية تعود إلى  سنوات الحرب التي قضوها في أفغانستان ضد الاتحاد السوفياتي.

أما عن الهدف من هذا اللقاء، فقد أكدت الصحيفة التونسية أنه يهدف إلى شن هجمات مسلحة تستهدف كلا من تونس والجزائر، في إطار التنسيق المشترك بين الجماعات المسلحة الناشطة في طرفي الحدود بين البلدين، حيث يشن الجيش التونسي حملة عسكرية ضد المسلحين المتحصنين في منطقة جبل الشعانبي غرب تونس، في حين يرابط الآلاف من عناصر الجيش الجزائري على الحدود من أجل منع هؤلاء الإرهابيين من التسلل عبر الحدود، وكذلك منعا لوصول المدد البشري واللوجستي من حلفائهم الجزائريين.

وتتزامن هذه الأخبار مع تقارير إعلامية جزائرية أن مختار بلمختار أمير كتيبة "الموقّعون بالدماء" سابقا يتحرّك حاليا في صحراء ليبيا، التي لجأ إليها من أجل تجيند عناصر جدد في جماعته، بالإضافة إلى الحصول على أسلحة التي تتوفر بكثرة فيها بعد سقوط نظام العقيد معمر القذافي، حيث سيطرت ميليشيات مسلحة على مخازن كبيرة تحتوي على أسلحة من مختلف الأنواع والأحجام، كانت من أهم الأسباب التي فجرت منطقة الساحل والصحراء في العامين الأخيرين.

ميزانية ضخمة للتّصدي للإرهاب والتهريب عبر الحدود

من جهتها سخّرت السلطات الجزائية ميزانية مالية ضخمة، لفائدة مختلف أجهزة الأمن المرابطة على طول الحدود الشرقية والجنوبية والغربية، لمواجهة التحدّيات التي تفرضها التوترات الأمنية التي تعرفها دول الجوار، والتي شكّلت محور اجتماعات متكرّرة لرئيس الجمهورية منذ عودته من باريس، آخرها اجتماع جمعه بالفريق قايد صالح بإقامة نقاهته. بجولة سريعة على التحّديات، التي تواجه قوات مختلف أجهزة الأمن عبر الحدود من جيش، درك وشرطة، وتواجه قوات الجيش الجزائري منذ 2012 تزامنا مع الإطاحة بالرئيس المالي السابق، تحدّي كبير خصوصا عبر الحدود الجنوبية، أين تنتشر مالي يقلّ عن 480 وحدة عسكرية على طول الشريط الحدودي الجنوبي، على غرار القوات المشتركة مع جهاز الدرك، الذي ينتشر 25 ألف عنصر تابع له على امتداد الشريط الحدودي الشرقي، الجنوبي والغربي، علما أنّ القيادة العامة للدرك الوطني.

وتبعا للمستجدات الأمنية في الأسابيع الأخيرة قرّرت تعزيز تعدادها البشري المرابط عبر الحدود بـ 2000 عنصر لمراقبة الحدود التونسية، فضلا على نشر وحدات عسكرية وأخرى تابعة لسلاح الدرك، متخصّصة في مكافحة الإرهاب عبر الحدود الشرقية والجنوبية على الخصوص، ويتطلب هذا التحرك العسكري والأمني النوعي، الذي تقوده وزارة الدفاع الوطني ميزانية مالية، تستجيب للمتطلبات، وحظيت الوزارة بميزانية هامة ضمن قانون المالية الجاري نظرا للتحدّيات التي تواجهها مختلف أجهزتها مع اشتعال جبهات تونس، ليبيا، مالي وحتّى المغرب وجبهة مستقصدة من المخزن عبر البوابة الحدودية مع العيون المحتلة بالصحراء الغربية، وخصّت الحكومة وزارة الدفاع بغلاف مالي قدّر بـ825.860.800.000دج. قوّات حرس الحدود، التابعة لجهاز الشرطة هي الأخرى، انخرطت ضمن إستراتيجية كبرى للسلطات في مواجّهة الخطرالقادم من الحدود، أين تقرّر تعزيز تعدادها البشري بـ 1000 عنصر إي ضافي لتغطية الحدود الشرقية مع تونس فقط، فضلا على تكييف لانتشار وحدات المراقبة عبر المنافذ و المعابر الحدودية الثلاث، إضافة إلى استحداث وحدات شرطة قضائية متنقلة، وكغيرها، حظيت المديرية العامة للأمن الوطني بميزانية مدروسة بدّقة، تماشيا مع التطورات الأمنية بدول الجوار، التي فرضت على الجزائر تحرك أمني مكيّف لتأمين الحدود، و باسم قانون المالية لسنة 2013 كان نصيب المديرية ميزانية هامة مقتطعة من ميزانية وزارة الداخلية و الجماعات المحلية المقدّرة إجمالا بـ 566.450.318.000دج. ليس الإرهاب و التهريب بمختلف أشكاله التحدّيين الوحيدين المفروضين على الجزائر، حيث لا تزال تعتبر الهجرة السرّية تحدّيا امنيا كبيرا في فضل الفصول الجديدة التي طرأت على مخطّطات القاعدة والمهرّبين في استغلال المهاجرين غير الشرعيين، و لأجل ذلك رصدت السلطات ميزانية 100 مليون دولار للتكفل بالأفارقة إلى غاية 2014، تخصّص لتغطية ميزانية وحدات أمن متخصصة في الهجرة السرّية بالولايات الحدودية، إيواء المهاجرين و من ثمّ ترحيلهم لبلدانهم الأصلية.

التخطيط لاعتداءات في تونس والجزائر

على الصعيد نفسه يتزايد نفوذ بلمتخار المدعو «الأعور» جنوب ليبيا، التي تعد أهم المناطق التي يتزوّد منها الإرهابيون في الجزائر وتونس وشمال مالي بالسلاح، وكان مختار بلمختار، حسب مصالح الأمن المتبعة لتحركاته الميدانية، قد نقل قبل أشهر عددا كبيرا من مقاتليه إلى جنوب ليبيا، بعد الضربات التي تعرضت لها جماعته في شمال مالي، وبدأ في تحقيق مكاسب ميدانية في مناطق بجنوب ليبيا، حيث التحق به عدد من المتطوعين من مختلف الجنسيات.

وتشير بعض المصادر إلى أنه أنشأ معسكرا سريا متنقلا للتدريب في جنوب ليبيا، وأعلن مؤخرا عن حل كتيبة الموقعون بالدماء والاندماج مع حركة التوحيد والجهاد في تنظيم جديد اسمه «المرابطون»، وهدد بشن هجمات واسعة النطاق لإثبات الوجود وأخذ البساط من التنظيم الذي يتزعمه عبد المالك درودكال. وأخذت مصالح الأمن الجزائرية والتونسية احتياطات أمنية جديدة ورفعت من درجات اليقظة والمراقبة، من خلال نشر عدد كبير من وحدات الجيش وعناصر الأمن، وكذا تكثيف الطلعات الجوية على كامل الشريط الحدودي، في إطار التنسيق بين البلدين. وكان عبد المالك درودكال أمير فرع القاعدة في الصحراء طلب من جماعة أنصار الشريعة في ليبيا، وهي أقوى فصيل سلفي جهادي في ليبيا، طرد جماعة بلمختار وأبناء الجنوب من أجل العدالة الإسلامية من جنوب ليبيا، من أجل توحيد صف "المجاهدين" في الجزائر.

وأكدت مصادر أمنية موثوقة أن درودكال أرسل موفدا شخصيا إلى ليبيا قبل أربعة أشهر، وحمّله رسالة منه إلى أمراء حركة أنصار الشريعة، وقد تضمنت الرسالة طلبا صريحا من الجماعات المقربة من القاعدة في ليبيا لطرد جماعة بلمختار مختار والتوحيد الجهاد وأبناء الصحراء من أجل العدالة من المناطق، التي يتواجدون فيها في جنوب غرب ليبيا لإلزامهم بمواصلة المعركة ضد العدو الصليبي في شمال مالي ويقصد فرنسا.

منطقة عسكرية عازلة

من جهته قرر الرئيس التونسي المنصف المرزوقي جعل الحدود الجنوبية لبلاده مع الجزائر (غرب) وليبيا (شرق) منطقة عسكرية "عازلة" لسنة كاملة، بحسب ما اعلن وزير الدفاع رشيد الصباغ، وأعلن الوزير اثر اجتماع مع المرزوقي ان الاخير اتخذ هذا القرار "الاستثنائي الذي يقتضيه الوضع" بهدف تجنب "كثير من العمليات التي تهدد أمن البلاد" و"لمقاومة (عمليات) التهريب التي تكثفت (...) وإدخال السلاح (...) وخاصة عمليات الإرهاب في جبال الشعانبي وسمامة" بولاية القصرين (وسط غرب) على الحدود مع الجزائر، حيث يواصل الجيش عملية عسكرية للقضاء على مسلحين مرتبطين بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي، وأضاف الوزير ان القرار سيبقى ساري المفعول سنة كاملة وانه قابل للتمديد أو التقليص "حسب الظروف" وأنه بالامكان اتخاذ قرار مماثل في مناطق أخرى، واوضح أنه ليس بإمكان "من له تجارة وعمل قانوني" والسياح دخول المنطقة "العازلة" في الجنوب التونسي إلا بموجب تصريح من الوالي، وفي سياق متصل قال الوزير "من السابق لاوانه الحديث الان عن عودة عناصر الجيش الوطني إلى ثكناتها نظرا للظرف (الأمني والسياسي) الدقيق الذي تمر به البلاد". بحسب فرانس برس.

من جهة اخرى أعلنت جماعة "انصار الشريعة بتونس" التي صنفتها الحكومة التونسية "تنظيما ارهابيا" واصدرت مذكرة جلب دولية بحق زعيمها سيف الله بن حسين (48 عاما) المكنى بـ"أبو عياض" ان ردها على الحكومة "سيتأخر"، وأوردت في بيان نشرته على صفحتها الرسمية في فيسبوك "كشر طغمة الشر عن أنيابهم (..) وصنفوا أنصار الشريعة الغراء في قائمة الإرهاب المزعوم" قائلة ان "الرد على ما رميت به (الجماعة) سوف يتأخر نظرا للمشاورات والدراسات التي تجري بشأن كل ما يجد ويحدث من ردود أفعال لجميع الأطراف"، وأعلن علي العريض رئيس الحكومة والقيادي في حركة النهضة الاسلامية تصنيف الجماعة "تنظيما ارهابيا" واتهمها باغتيال المعارضين شكري بلعيد في 6 شباط/فبراير الماضي ومحمد البراهمي في 25 تموز/يوليو الماضي والتخطيط لاعمال "ارهابية"،  واعلن وزير الداخلية لطفي بن جدو (مستقل) في مؤتمر صحافي ان تصنيف الجماعة تنظيما ارهابيا "يترتب عنه بالضرورة حظر اي نشاط لها وتجريم اي انتماء اليها"، وقال الوزير ان التصنيف جاء بناء على "أدلة" و"اعترافات" منتمين الى الجماعة اعتقلتهم اجهزة الامن، ولفتت الجماعة في بيانها الى ما اسمته "زيف ادعاءات وزارة الداخلية وكذبها".

مدير "أف بي آي" يصنف الجزائر ضمن أكثر الدول التي تشهد نشاطات القاعدة

حاول مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي "أف بي آي" روبرت ميلر، تبرير اعتماد الاستخبارات الأمريكية التجسس على المكالمات الهاتفية، والنشاطات على الشبكات الاجتماعية للمواطنين الأمريكيين من خلال التخويف من التهديدات التي تهدد أمن الولايات المتحدة من نشاطات الجماعات الإرهابية لاسيما تنظيم القاعدة في العديد من الدول العربية.

ولكن المثير للانتباه، هو إدراجه الجزائر ضمن الدول التي تعرف نشاطات إرهابية، مع كل من مصر، ليبيا، تونس، سوريا ومالي، حيث اعتبر "ميلر" في حوار مع قناة "سي أن أن" أن التهديدات التي يتعرض لها أمن بلاده من الإراهاب الذي يأتي من هذه الدول يبرر استنجاد وكالة الأمن القومي على التجسس الرقمي الذي يستهدف المكالمات الهاتفية والتعاملات الإلكترونية عبر شبكة الإنترنت.

لم يبرر مدير "أف بي آي"، سبب إدراجه الجزائر ضمن دول ما يعرف بالربيع العربي، التي تشهد وضعا أمنيا خاصا، بعد الاضطرابات التي تسبب فيها الصراع بين مختلف الأطراف، ففي سوريا تتواصل الحرب منذ ما يزيد عن السنتين والنصف، وفي تونس تحصل اضطرابات في مناطقها الغربية إثر تحصن جماعات إرهابية في منطقة جبل الشعانبي، أما مصر فقد بدأت فيها أزمة سياسية بعد الانقلاب على الرئيس السابق محمد مرسي والذي بدأت تدفع تكاليفه الأمنية من خلال هجمات حصلت في العديد من المناطق، فيما تمثل الحالة الليبية والمالية الأكثر تهديدا للأمن الإقليمي وحتى العالمي، بعد إسقاط نظام القذافي في ليبيا الذي نتجت عنه فوضى كبيرة، حيث انتشرت الأسلحة على نطاق واسع، مما أدى إلى استقواء الميليشيات التي فرضت سيطرتها على مناطق واسعة من البلاد، فيما تعتبر الأزمة في مالي امتدادا للتوتر في ليبيا، حيث اعتمدت الجماعات المسلحة على السلاح الليبي في فرض نفوذها على الأقاليم الشمالية.

أما الجزائر التي أدرجها ضمن هذه الدول التي تعيش اضطرابات، فلا يوجد بينها أي مجال للمقارنة، حيث تعيش استقرارا أمنيا واضحا، وتسيطر الدولة بقواتها العسكرية والأمنية على كل المناطق، فالتقارير الأمنية المتعلقة، صنفته الأهدأ منذ سنوات عديدة، حيث انحصرت العمليات الإرهابية التي كانت تعرف تصعيدا خلال الشهر الفضيل، في إطار ـ عمليات القربان، في عملية الداموس بتيبازة التي خلفت مقتل 4 جنود، تم استهدافهم بلغم، واعتداء بسكرة الذي خلف مقتل ثلاثة دركيين في عملية نفذت بتفجير قنبلة عن بعد أيضا، بالإضافة إلى الاعتداء الإرهابي الذي أودى بروح مراسل "البلاد" من خنشلة الفقيد أمين تومي بداية الشهر الفضيل.

فيما شهدت جهود مكافحتها تقدما كبيرا، حيث قضت قوات الجيش الوطني الشعبي في عملية نوعية على أربعة عناصر من المادة الرمادية لتنظيم "القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي"، ضمنهم المكلّف بالتنسيق بين المناطق الأمير بورياح رابح الشهير بـ "عياض أبي عبد الرحمن"، كما قضت على إرهابيين اثنين وأوقفت 8 آخرين بمنطقة عرق شاش جنوب غرب رقان بأدرار، بالموازاة مع تفكيك شبكات دعم وإسناد بالشرق والجنوب كانت تحضّر لتنفيذ عمليات ضد مراكز حساسة، وتحاول إدارة الرئيس باراك أوباما، ومختلف الأجهزة الأمنية في الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة تضخيم كل الأحداث الأمنية الحاصلة في العالم، لتجنب الانتقادات التي تعرضت لها بعد اكتشاف فضيحة التجسس على خصوصية المواطنين الأمريكيين، وحتى في دول أخرى من أجل الإيحاء أن التوتر الأمني الحاصل في العالم يبرر القيام بهذه الاجراءات.

الى ذلك حذرت مصالح الأمن الجزائرية من هجمات إرهابية محتملة يتم التحضير لها ضد منشأة حيوية في المنطقة، بعد اكتشاف مخطط إرهابي لتنظيم عملية فرار سجناء إرهابيين من المؤسسات العقابية في الجزائر، بعد التي شهدتها السجون الليبية وذلك على طريقة ما جرى في سجن "ابو غريب" العراقي.

في سياق متصل أطلقت وحدات من القوات الخاصة للجيش الجزائري حملة واسعة بحثا عن مسلحين حاولوا تفجير أحد السجون بمدينة ورقلة جنوبي البلاد لتسهيل فرار أعضاء في حركة التوحيد والجهاد في غرب افريقيا يخضعون للتحقيق، فيما رفعت ادارة السجون درجة التأهب تحسبا لمخططات تهريب سجناء امنيين.

وأفادت صحيفة «الخبر» الجزائرية في عددها الصادر امس الاثنين بأن وحدات من القوات الخاصة للجيش شنت عملية تفتيش وتمشيط واسعة النطاق لمنطقة شطاطة قرب مدينة ورقلة، بحثا عن عناصر إرهابية تسللت إلى المنطقة انطلاقا من جنوب شرق ليبيا، في محاولة تفجير الجدار الخارجي لسجن ورقلة، في إطار مخطط لتسهيل فرار أعضاء من حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا يخضعون للتحقيق.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 11/أيلول/2013 - 4/ذو القعدة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م