اقتصاد العراق... انتعاش محفوف بالازمات

 

شبكة النبأ: يسعى العراق بشكل جاد الى إنعاش الاقتصاد الوطني الذي عانى الكثير من المشاكل والأزمات، وذلك من خلال اعتماد خطط وبرامج جديدة يمكن ان تسهم بنمو الاقتصادي العراق الذي حقق تقدم ملموس ومهم في الفترة الأخيرة كما يقول بعض المتخصصين الذين أكدوا على ان التحديات السياسية والصراعات الحزبية و تدهور الوضع الأمني واتساع ملفات الفساد في العراق قد أثرت كثيرا على الاقتصاد الوطني واضر بالمواطن العراقي، الذي أصبح يعاني كثيرا خصوصا بعد تصاعد أعمال العنف التي تشهدها البلاد، وقبل عام كان عراقيون كثيرون متفائلين بأن تسهم ثروة البلاد النفطية في ازدهار طويل الأمد يفضي لرفع مستوى المعيشة وتضييق الفجوة في مستوى الرخاء بين العراق وجيرانه الأغنياء في الخليج خلال العقد المقبل.

غير أن تصاعد التوترات السياسية والطائفية دفع رجال الأعمال لتقليص خطط الاستثمار والاقتصاديين لخفض توقعات النمو. ولم يتبدد الأمل في أن تجني البلاد ثروة طائلة من صادرات النفط ولكن بلوغه يسير بخطى أبطأ وأصعب من المأمول. وقالت ناهدة الدايني عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار في مجلس النواب العراقي نال الوضع الامني من الاقتصاد والاستثمار والتعمير والخدمات العامة في العراق.

وقال المحلل ماجد الصوري من المنتدى الاقتصادي العراقي إن الأسعار تشهد تذبذبا حادا كما أن الدولة لا تحسن استثمار اموالها. ويعتقد ان أحد المشاكل الرئيسة هي استهلاك الفرد اذ ينبغي ان يكون محركا للاقتصاد ولكنه لا يزال بطيئا نسبيا رغم نمو الانتاج الاقتصادي وقد يكون السبب اتجاه العراقيين للادخار بدلا من الانفاق. ويحول العراقيون بعض مدخراتهم للخارج بحثا عن الأمان في دول مثل الاردن. وقال الصوري يفتقد العراقيون الحافز لمواصلة أنشطتهم الاجتماعية والاقتصادية اليومية بشكل طبيعي.

ويمتلك العراق أكبر احتياطيات نفط في العام وارتفع الانتاج بوتيرة سريعة خلال عقد منذ الغزو الامريكي في 2003 .وقال صندوق النقد الدولي ان ذلك ساهم في ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي للفرد لما يزيد عن أربعة امثاله إلى 6300 دولار في 2012. ويرجع النمو في جزء منه إلى تحسن الوضع الأمني نتيجة تصدي السلطات لتفجيرات قنابل وغيرها من أعمال عنف يرتكبها متشددون. وعزز التوسع الاقتصادي الآمال بأن يسهم تحسن مستوى المعيشة في تراجع العنف على نحو متبادل.

لكن تلك الآمال تبددت منذ بداية العام الحالي مع تجدد أعمال العنف إذ تستيقظ بغداد في معظم الايام على دوي الانفجارات واصوات سيارات الأسعاف والشرطة وازيز الطائرات الهليكوبتر. وانتقل تأثير ذلك إلى الانشطة التجارية اليومية إذ انتشرت نقاط التفتيش في ارجاء بغداد لتسبب ازدحاما مروريا يحاول سائقو السيارات تفاديه وتكون النتيجة اهدار وقت طويل. ومرة اخرى عاد العراقيون لتفادي مناطق التسوق المزدحمة المعرضة لهجمات بالقنابل ويبدو ذلك واضحا في شوارع حي الكرادة الراقي على نهر دجلة حيث توجد البنوك.

وقالت زينب زقوق (46 عاما) وهي تتفرج مع ابنتها على الملابس في سوق مفتوحة لا أحد هنا بسبب الوضع الامني. سنعود إلى منزلنا فورا لاننا نشعر بالقلق. هذا مكان حساس. ولم يكن سوء الوضع الامني في المناطق الحضرية ليؤثر كثيرا على الاقتصاد اذا افلت قطاع النفط من براثنه لكن المتشددين بدأوا يستهدفون الصناعة نظرا لدورها الاستراتيجي.

وبسبب عوامل من بينها الأزمة الأمنية خفض الاقتصاديون تدريجيا تقديرات النمو المستقبلي في العراق. ففي ابريل نيسان 2012 توقع صندوق النقد الدولي نمو الناتج المحلي الإجمالي 13.5 في المئة في 2013 و11 بالمئة في 2014 لكنه يتوقع الآن نموا بنسبة تسعة بالمئة و 8.4 بالمئة للعامين.

ويتجاوز مثل هذا النمو معدل زيادة السكان ما يعني ان النفط سيسهم في تنامي ثروة البلاد في السنوات المقبلة إذا ما توفر حد أدنى من الامن يسمح باستمرار عمل البنية التحتية الأساسية معظم الوقت. وتتيح صادرات النفط وضعا خارجيا مريحا يقي عملتها من التعرض لضغوط شديدة. ويقدر صندوق النقد الدولي أن احتياطيات العراق من النقد الاجنبي عند نحو 70 مليار دولار تكفي لتغطية واردات عشرة أشهر بفارق كبير عن دول مثل مصر وتونس إذ تكفي الاحتياطيات واردات فترة لاتزيد عن ثلاثة إلى أربعة أشهر.

وحتى اذا استمر تدهور الوضع الامني قد يتفادى العراق أزمات في ميزان المدفوعات وميزانية الدولة مثلما يحدث في غيرها من الدول التي تشهد اضطرابات سياسية ولكنها تفتقر إلى الموارد الطبيعية. غير أن العنف قد يضر بالعراق على المدى الطويل إذ يحول دون توزيع اكثر عدالة للثروة. وفي ظل انشغال الحكومة بالتحديات الامنية والخلافات السياسات تعجز عن تحسين التعليم والمساكن والبنية التحتية وهي سياسات ضرورية لتقليص البطالة والفقر. وقال صندوق النقد الدولي في تقرير "يتناقض الاتجاه الايجابي لانتاج النفط والصادرات مع ضعف الإدارة الاقتصادية بسبب تعثر العملية السياسية وتدهور الأمن."

وتضع تقديرات غير رسمية نسبة البطالة عند 11 بالمئة في عام 2011 لكن صندوق النقد يقول ان النسبة الفعلية أعلى كثيرا لاسيما بين الشبان. ويقل سن نحو 40 بالمئة من السكان عن 15 عاما وقد يفضي عجزهم عن العثور على فرص عمل في السنوات المقبلة إلى تفاقم التوترات السياسية. بحسب رويترز.

وفي جنوب بغداد يشكو سائق السيارة الأجرة أحمد أبو الحسين (44 عاما) من صعوبة في توفير قوت يومه نتيجة ازدحام المرور بسببب نقاط التفتيش. وقال إن الرحلة التي تكلف الراكب بين ستة وسبعة دولارات قد تستغرق أكثر من ساعة. ومضى قائلا أحيانا لا أحصل حتى على قيمة البنزين الذي استهلكه. ولكنها الوسيلة الوحيدة لأعول اسرتي.

اقتصاد ينمو و لكن

في السياق ذاته ارتبطت التنمية في العراق تاريخياً بقدرته على بيع النفط وإنتاجه وبأسعار النفط العالمية، لكن تدابير تحقيق النمو الاقتصادي المرتبطة بالنفط قد تخفي بعض المصاعب الاقتصادية التي تواجه العراقيين العاديين. ففي عام 1980، بعد أن أدت الأزمة النفطية في منتصف سبعينيات القرن الماضي إلى ارتفاع أسعار النفط، كان نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في العراق أعلى من أي بلد آخر في المنطقة (باستثناء إسرائيل ودول الخليج) حيث بلغ 3,453 دولاراً، وفقاً لبيانات البنك الدولي. لكن هذا الرقم انخفض بشدة في التسعينيات، خلال الحرب بين إيران والعراق وسنوات العقوبات، ليصل إلى 455 دولاراً في عام 1997، وهو أدنى مستوياته. وبعد ارتفاع طفيف في عام 2000، تراجع مرة أخرى، إلى 742 دولاراً في عام 2000. وبحلول عام 2011، عاد إلى 3,501 دولاراً، رغم أن هذه الأرقام ليست معدلة لمراعاة معدلات التضخم.

وتنبغي الإشارة إلى أن العراق هو ثاني أكبر منتج للنفط الخام الآن ويمتلك خامس أكبر احتياطي مؤكد من النفط الخام في العالم. وفي الوقت الذي يتوقع فيه وصول معدل النمو السنوي إلى 9.4 بالمائة حتى عام 2016، يعتبر الاقتصاد العراقي الأسرع نمواً في المنطقة، وفقاً للحكومة. وقد جلب ارتفاع أسعار النفط إيرادات تبلغ 94 مليار دولار في عام 2012، ومن المتوقع أن ترتفع إلى أكثر من 100 مليار دولار في عام 2013، وفقاً لمجلة المسح الاقتصادي للشرق الأوسط. ويتوقع صندوق النقد الدولي أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي في العراق بنسبة 9 بالمائة في عام 2013.

ونتيجة لزيادة قدرة العراق على بيع النفط بعد رفع العقوبات، توسع القطاع العام، وزادت رواتب العاملين فيه بشكل كبير، مما أدى إلى ظهور طبقة وسطى قوية. وقال الموظف الحكومي سعد الشمري "قبل عام 2003، كان حزب البعث في كل مكان. وكان من الصعب العمل في مثل هذه البيئة. كنت أخشى أن يكتبوا تقارير ضدي، كما كانوا يفعلون طوال الوقت، إذا حاولنا أن ننتقد عملهم لأي سبب من الأسباب. كنت أخشى أن أذهب إلى العمل ذات مرة ولا أعود إلى داري. وأضاف أنه اضطر في ذلك الوقت إلى العمل لساعات إضافية كسائق سيارة أجرة لدفع الفواتير. والآن راتبي يكفيني أنا وأسرتي، ولا أشعر بأي خوف في الوزارة. لقد تغيرت حياتي للأفضل لدي المزيد من المال ولدي سيارة جديدة.

وكان معدل النمو الاقتصادي السنوي في الآونة الأخيرة في العراق ("الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي" المعدل لمراعاة التضخم) أكثر تواضعاً من نمو الناتج المحلي الإجمالي الإسمي، وإن كان لا يزال جيداً. وقد تراجع الاقتصاد بنسبة 28.3 بالمائة في عام 2003، وفقاً لنشرة بيزنس مونيتور انترناشونال، لكنه انتعش بنسبة 39.6 بالمائة في العام التالي. وخلال الفترة من 2005 إلى 2011، نما الاقتصاد بمعدل 6.5 بالمائة سنوياً، حتى خلال أسوأ سنوات العنف.

مع ذلك، يصف بسام يوسف، أستاذ الاقتصاد في جامعة ولاية إنديانا، النمو الاقتصادي في العراق في العقد الماضي بأنه "ضعيف" نظراً لضعف نقطة انطلاقه فهو اقتصاد أصيب بالركود بسبب العقوبات وحكومة تجارتها مقيدة، وغير قادرة على إنفاق أي أموال محلياً والتدفق المفاجئ للنقد عندما تمكن من استئناف صادرات النفط. وأضاف أن "ما كنا نعتقد أن العراق قادر على فعله بهذه الأموال المفاجئة قبل 10 سنوات يختلف تماماً عن ما حدث بالفعل".

وأفاد اقتصاديون وعمال إغاثة أن جزءاً كبيراً من الثروة المكتشفة حديثاً لم يصل إلى المواطنين البسطاء، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى اعتماد الاقتصاد العراقي على النفط، والفساد الحكومي، وعدم القدرة على تنفيذ الميزانيات والفشل في تطوير القطاع الخاص. وعلى الرغم من أن الناتج المحلي الإجمالي آخذ في الصعود، إلا أن المواطن العراقي العادي لا يشعر بذلك لأن القدرة على إنفاق هذه الأموال مقيدة، كما أوضح يوسف. وفي عام 2012، صنفت منظمة الشفافية الدولية الفساد في القطاع العام العراقي على أنه من بين أعلى المعدلات في العالم، حيث جاء في المرتبة 169 من أصل 176 دولة في مؤشر مدركات الفساد.

وقال سوديبتو موخرجي، الذي يقود فريق الانتعاش الاقتصادي والتخفيف من حدة الفقر في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق، أن النمو الاقتصادي الكلي لم يترجم إلى تحسينات متناسبة في رفاه الشعب. وكان العراق يعتمد دائماً على الواردات، والقطاعات الزراعية والصناعية الصغيرة بالفعل التي أصيبت بالركود تحت وطأة الضغط الأمريكي لتحرير الواردات، مما جلب طوفاناً من السلع الأرخص ثمناً. كما فشل قطاع النفط في خلق العديد من فرص العمل. فقد مثل هذا القطاع نحو نصف الناتج المحلي الإجمالي العراقي في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، لكنه وظف أقل من واحد بالمائة من العمال الناشطين اقتصادياً.

وبعد قفزة هائلة في معدلات البطالة في الفترة من 1990 إلى 2004، وفقاً للإحصاءات الحكومية، انخفض معدل البطالة من 28.1 بالمائة في عام 2003 إلى 11.7 بالمائة في عام 2007، ثم ارتفع مرة أخرى إلى 15.3 بالمائة في عام 2008. ويبلغ معدل البطالة اليوم 8 بالمائة، وفقاً لمسح شبكة معرفة العراق (IKN)، الذي يستند إلى أضيق تعريف للبطالة الأشخاص الذين لم يشغلوا أي عمل على الإطلاق خلال الأيام السبعة التي سبقت المقابلة وكانوا متاحين للعمل ويبحثون بنشاط عن وظيفة هذا الأسبوع، و11 بالمائة باستخدام تعريف أكثر شمولية الأشخاص الذين لا يعملون بشكل "مثمر" أو "مفيد"، ولا يسعون بنشاط للحصول على عمل، لكنهم سيفعلون ذلك إذا تحسنت الظروف في سوق العمل. أما الإحصاءات الحكومية، التي تستخدم تعريفاً أوسع، فهي الأعلى. ويعاني النساء والشباب والأشخاص الذين يعيشون في المناطق الريفية من معدلات بطالة أعلى من المتوسط.

وقد وجد الاستطلاع الذي أجراه المعهد الديمقراطي الوطني في أواخر العام الماضي أن أكثر من نصف العراقيين - 55 بالمائة - ذكروا البطالة باعتبارها واحدة من أهم مصدرين للقلق ينبغي على الحكومة التصدي لهما. أما بالنسبة لأولئك الذين لديهم وظائف ومعظمهم في القطاع العام فإن تقاضي رواتب أكبر لا يعني بالضرورة المزيد من القوة الشرائية بسبب ارتفاع معدلات التضخم. فقد تجاوز تضخم الأسعار الاستهلاكية الـ 50 بالمائة في أوج التضخم خلال العقد الماضي، قدرته بعض المصادر بما يصل إلى 76.5 بالمائة في عام 2006. ولكن اعتباراً من أول يناير 2013، انخفض هذا المعدل إلى 2.2 بالمائة، وفقاً للبنك المركزي العراقي.

يشكو مصطفى أحمد، وهو أب لطفلين من بغداد، من أن كل شيء أصبح أغلى الآن كنت أشتري الشطيرة بـ 500 دينار عراقي، أما الآن فهي تكلف 5,000 دينار. وكنت أملأ السيارة بالبنزين مقابل 6,000 دينار، أما الآن فأدفع 30,000 دينار للقيام بذلك. مع ذلك، فإن الصورة قد تحسنت بشكل كبير منذ انقضاء السنوات التي قضاها العراق تحت وطأة العقوبات. ومن بين جميع الأهداف الإنمائية للألفية، حقق العراق أكبر قدر من التقدم في الهدف الأول، بل وحقق بالفعل الهدف المتمثل في خفض نسبة السكان الذين يعيشون في فقر مدقع إلى النصف بحلول عام 2015. فقد انخفضت نسبة السكان الذين يعيشون على أقل من 2.50 دولار أمريكي معدلة لتعادل القوة الشرائية من 28 بالمائة في 1990 إلى 13.9 بالمائة في عام 2007، ثم إلى 11.5 في عام 2011.

فبعد انتهاء فترة الحصار الاقتصادي عام 2003 وزيادة الأجور والرواتب في عام 2007 طرأ تحسن ملحوظ في المستوى المعيشي للأسر العراقية حسبما ذكر الجهاز المركزي للإحصاء، في توضيحه للإحصاءات. وأضاف أن مستويات الدخول في القطاع الحكومي الذي تشكل نسبة مساهمته 45 بالمائة من إجمالي الدخل العائلي قد ارتفع، وأدى ذلك الى انخفاض نسبة السكان الذين يقل دخلهم اليومي عن دولار واحد في اليوم بشكل كبير عما كانت عليه عام 1990. بحسب شبكة الأنباء الإنسانية إيرين.

مع ذلك، فإن البنك الدولي يرى أن خط الفقر الوطني 76,896 دينار عراقي في الشهر هو مقياس مفيد أكثر بكثير من الرفاه الاقتصادي. وبهذا المقياس، كان 23 بالمائة من السكان يعيشون في فقر في عام 2007، وفقاً لدراسة استقصائية أجرتها الحكومة والبنك الدولي. وعلى الرغم من انخفاض معدلات البطالة بشكل كبير، إلا أن معدلات الفقر ظلت مرتفعة بعناد منذ عام 2004.

الهند والجزائر

من جانب اخر سعى رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي خلال زيارته الى نيودلهي الى تحفيز الاستثمارات الهندية في العراق حيث تستمر اعمال العنف، والذي يمثل مصدرا اساسيا للطاقة الى الهند. وقال المالكي انه ثمة "فرصا كبيرة" للشركات الهندية لاعادة بناء البنية التحتية للعراق خصوصا من خلال اعادة بناء الموانئ والطرق والمنازل وسكك الحديد والمدارس والمستشفيات والاستثمار في منشآت انتاج النفط.

واشار المالكي الى وجود امكانات كبيرة للاستثمار في العراق، وذلك خلال زيارته الى نيودلهي وبومباي. ولا يزال العراق يجهد لاصلاح بنيته التحتية المدمرة منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في العام 2003 وادى الى اسقاط نظام صدام حسين ثم تبعته موجات اعمال عنف طائفية في البلاد. وهذه الزيارة الاولى على مستوى رؤساء الوزراء في البلدين منذ العام 1975 حين زارت رئيسة الوزراء الهندية انذاك انديرا غاندي العراق.

واحتل العراق المرتبة الثانية على قائمة اكبر مزودي الهند بالنفط بعد السعودية، منتزعا هذه المرتبة من ايران التي تخضع لعقوبات دولية. وقلصت الهند اعتمادها على النفط الايراني بعد سلسلة العقوبات الاميركية والاوروبية على صادرات الجمهورية الاسلامية. وتتسم العلاقة بين العراق والهند تاريخيا بالطابع الودي.

لكن عندما سعت الصين الى توقيع عقود للبنية التحتية في العراق وقامت باستثمارات كبيرة في انتاج النفط العراقي، اعتبر مسؤولون عراقيون ان الهند كانت غائبة بشكل ملحوظ عن المشهد. ويؤكد العراق انه قد يحتاج ما يصل الى الف مليار دولار خلال العقد المقبل لاعادة بناء بنيتها التحتية. بحسب فرانس برس.

واقر رئيس الهيئة الوطنية العراقية للإستثمار سامي رؤوق تقي الاعرجي بوجود تحديات امنية كبيرة في البلاد، الا انه اكد التزام بغداد في حماية العمال الاجانب. وبلغت قيمة الصادرات الهندية الى العراق 1,3 مليار دولار في العام 2012، بزيادة واضحة عن الـ740 مليون دولار التي بلغتها هذه الصادرات في العام 2011، وفق مسؤول حكومي هندي. اما الصادرات العراقية الى الهند والتي تتركز بجزئها الاكبر على المنتجات النفطية، فقد فاقت 20 مليار دولار في العام المنصرم مقابل 9 مليار دولار في العام 2011.

من جهة اخر اعلنت الحكومة الجزائرية انها الغت منذ سنة 2010 ديونها المستحقة لدى العراق واليمن والمقدرة باكثر من 500 مليون دولار، وذلك بعد اعلان الغاء 900 مليون دولار من ديون 14 دولة افريقية. واكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الجزائرية عمار بلاني لوكالة الانباء الجزائرية ان الحكومة الجزائرية قامت منذ 2010 بالغاء ديون عضوين في جامعة الدول العربية وهما العراق واليمن بقيمة تفوق 500 مليون دولار.

واضاف المتحدث تاتي هذه المبادرة لدعم الشعوب العربية خاصة منها التي توجد في وضعية تحتاج تضامنا فوريا في مجال اعادة البناء والتنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكانت الحكومة الجزائرية أعلنت عن الغاء ديون 14 دولة افريقية تقدر ب 902 مليون دولار بمناسبة الذكرى الخمسين لانشاء منظمة الوحدة الافريقية في 1963 التي اصبحت حاليا الاتحاد الافريقي.

وذكر بيان لوزارة الخارجية ان الدول المعنية هي "البنين وبوركينا فاسو والكونغو واثيوبيا وغينيا وغينيا بيساو وموريتانيا ومالي وموزمبيق والنيجر وساو تومي وبرانسيبي والسنغال والسيشل وتانزانيا". وكان صندوق النقد الدولي صنف الجزائر ضمن البلدان الأقل مديونية في منطقة الشرق الأوسط و شمال إفريقيا لسنة 2012 باقل من اربعة مليارات دولار ، كما ساهمت الجزائر بخمسة مليارات دولار في القرض الذي طرحه صندوق النقد الدولي للاكتتاب في السنة نفسها.

3 أصفار

في السياق ذاته قالت اللجنة المالية النيابية في العراق إن البنك المركزي، ووفقا للمخاطبات الرسمية، سيبدأ العام الحالي بإجراءات حذف ثلاثة أصفار من العملة المحلية، مؤكدة ان ذلك سيقود إلى تطوير التعاملات النقدية والاقتصادية الدولية، في تطور جديد على صعيد العملة العراقية التي عانت موجات كبيرة من التضخم وتراجع أسعار الصرف. ونقلت شبكة الإعلام العراقي الرسمية عن عضو اللجنة المالية، عبد الحسين الياسري، قوله إنه من المفترض البدء بالاستعدادات اللازمة لحذف ثلاثة أصفار من العملة المحلية، مضيفا أن العملة المحلية ستخفض من أربعة مليارات وحدة إلى مليار وحدة، الأمر الذي سيجعل هناك انسيابية في عملية نقل العملة. بحسب CNN.

وبين الياسري أن اللجنة المالية تدعم اجراء تغييرات على العملة المحلية نظرا للأهمية الاقتصادية للبلاد. ويقول البنك المركزي إن حذف الاصفار يأتي ضمن خطة لتطوير سياسته النقدية وإصلاح إدارة العملة . وكان البنك المركزي العراقي قد اشار إلى أنه يخطط لحذف الأصفار من ‏الدينار العراقي لتسهيل المعاملات المالية التي تتم من خلال النقد في معظم الأحيان. ومن بين ‏الصعوبات التي يواجهها العراق اذا ما أراد الإقدام على حذف الأصفار من الدينار هو سحب حوالي ‏‏30 تريليون دينار متداولة في السوق العراقية حاليا، ثم التخلص منها ‏واستبدالها بعملة جديدة.

على صعيد متصل أعلن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، أن النظام المصرفي الحالي في بلاده لا يستطيع تلبية كل احتياجات البلاد. وقال المالكي إن النظام المصرفي السليم هو أحد العوامل، التي تنجح عملية البناء والإعمار، وإننا لا نستطيع أن ندعي أننا بلغنا نظاماً مصرفياً طموحاً، لكننا قطعنا شوطاً مهماً في هذا المجال، من خلال الثقة التي نحرزها مع المصارف العالمية، التي تعتبر خطوة مهمة في التقدم بعجلة الإعمار والاستثمار.

وأضاف إن العراقيين لا يزالون يعانون من نقص كبير بالخدمات، والجهود تتركز الآن على الإعمار والبناء والسعي إلى تعدد مصادر دخل الفرد العراقي. وأشار المالكي إلى أن العراق يسعى لإيجاد نافذة مالية لدعم القطاع الخاص، بعد خروجه من العقوبات الدولية ضمن أحكام الفصل السابع. ورأى المالكي أن بلاده وبعد خروجها من طائلة الفصل السابع، أصبحت قادرة على الانفتاح على مختلف المجالات ومنها العمل المصرفي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 4/أيلول/2013 - 27/شوال/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م