التدخين السلبي .. موت مؤجل ومرتع اعتى الإمراض

 

شبكة النبأ: التدخين السلبي وبحسب بعض المصادر هو استنشاق الدخان المنبعث من منتجات التبغ التي يستخدمها البعض، ويُطلق عليه الدخان غير المباشر أو دخان التبغ البيئي ويحدث ذلك عند التعرض لدخان التبغ الذي ينفذ إلى أية بيئة. ويعتبر الدخان غير المباشر من الملوثات الداخلية التي تشيع بداخل المنزل، وهو ما يجعل التدخين السلبي بمثابة الخطر الحقيقي على الصحة بالنسبة لهؤلاء الأشخاص الذين يدخنون والذين لا يدخنون. ويكون الأطفال هم الأكثر تضرراً جراء ذلك الدخان غير المباشر. ويحتوي دخان التبغ وفقاً لبعض المعلومات على حوالي 7000 مادة كيميائية مكونة من جزيئات وغازات، معروف أن أكثر من 50 منها تسبب السرطان. وتم تأكيد حقيقة أن الدخان غير المباشر يعد سبباً للإصابة بسرطان الرئة لدى الإنسان.

وتتسبب مركبات مثل الأمونيا والكبريت والفورمالديهايد في تهييج الأعين والأنف والحلق والرئتين. وتتميز تلك المركبات بكونها ضارة بشكل خاص للأشخاص المصابين بمشكلات تنفسية مثل التهاب الشعب الهوائية أو الربو. وأفادت دراسات بحثية أن التعرض للدخان غير المباشر من الممكن أن يتسبب إما في إثارة أو تفاقم الأعراض.

وأثبتت الدراسات العلمية ايضا أن الحوامل المدخنات أو المتعرضات للتدخين السلبي معرضات للإجهاض وللولادة المؤثرة ولموت المواليد في الأشهر الأولى من الولادة، فأثار أول أكسيد الكربون والنيكوتين لا يقتصر على دم الأم فقط، بل يمتد إلى دم الجنين مما يعرقل عملية نقل الأكسجين من الدم إلى أنسجة الجنين.

ويودي التدخين بحياة ما يقرب من 6 ملايين شخص سنوياً، منهم أكثر من 000 600 شخص من غير المدخنين الذين يموتون بسبب استنشاق الدخان بشكل غير مباشر، وإن لم نتخذ التدابير اللازمة فسيزهق هذا الوباء أرواح أكثر من 8 ملايين شخص سنوياً حتى عام 2030 م، والجدير بالذكر أنّ دخان التبغ المنتشر في الأماكن المغلقة يستنشقه كل الأشخاص الموجودين في تلك الأماكن، سواء كانوا من المدخنين أو من غيرهم، ممّا يعرّضهم جميعاً لآثاره الضارة وتشير التقديرات إلى أنّ نحو700 مليون طفل، أي ما يعادل نصف أطفال العالم تقريباً، يستنشقون هواءً ملوّثاً بدخان التبغ، والملاحظ أيضاً، فيما يخص أكثر من 40% من الأطفال، أنّ أحد الوالدين على الأقلّ يمارس التدخين، وفي عام 2004، شكّل الأطفال 31% من مجموع الوفيات المبكّرة الناجمة عن دخان التبغ غير المباشر. وقد ذكرت دراسة سويدية أن مستويات النيكوتين في أجسام أبناء المدخنين تكون أعلى من المستويات العادية حتى لو قام آباؤهم بالتدخين في حجرة منفصلة أو خارج المنزل. واكتشفت الدراسة أن المدخنين الذين يدخنون في وجود أبنائهم يرفعون مستويات النيكوتين لدى هؤلاء الأبناء إلى 15 ضعفاً للمستويات الطبيعية.

وورد في تقارير العلمية أن دخان التبغ غير المباشر يتسبّب في إصابة البالغين بأمراض قلبية وعائية وأمراض تنفسية خطيرة، بما في ذلك مرض القلب التاجي وسرطان الرئة، كما يتسبّب ذلك الدخان في إصابة الرضّع بمتلازمة موت الرضيع الفجائي، وفي إصابة الحوامل بضرر يؤدي إلى انخفاض وزن أطفالهن عند الميلاد.

وفي هذا الشأن خلصت دراسة أسترالية الى ان تدخين الرجال خلال فترة حمل زوجاتهم يزيد من احتمال إصابة الطفل بسرطان الدم الليمفاوي الحاد بنسبة 15%، وجاء في نشرة أصدرها فريق العلماء برئاسة إليزابيث ميللي من معهد تيليثون للبحوث الصحية للأطفال ان الحيوانات المنوية التي تضم حمضاً نووياً تالفاً بسبب التبغ قادرة على ان تخصب بويضة، تؤدي الى مرض الجنين.

وقد شملت الدراسة قرابة 300 طفلاً يعانون هذا المرض وجهت لهم أسئلة حول تدخين الأبوين، كما تمت مقارنة هؤلاء الأطفال بـ 800 طفل في السن ذاتها غير مصابين بالمرض. ونتج عن البحث بشأن عادات التدخين لدى أولياء أمور الأطفال المصابين بسرطان الدم الليمفاوي الحاد، ان الآباء الذين يدخنون 20 سيجارة على الأقل يومياً خلال فترة حمل زوجاتهم يعرضون أطفالهم في المستقبل الى الإصابة بهذا المرض بنسبة أكبر تصل الى 44%.

وتعقيباً على نتائج الدراسة الأسترالية قالت الأستاذة في جامعة كاليفورنيا باتريشا بافلر انها تشير بوضوح الى العلاقة الوطيدة بين التبغ وإصابة الأطفال بالسرطان، وهو الأمر الي لم يكن يحظى باهتمام واسع في الأوساط العلمية حتى وقت قريب. علماً بأن سرطان الدم الليمفاوي الحاد يعد من أكثر انواع السرطان انتشاراً بين الأطفال، إلا ان حالات الإصابة به لا تزال نادرة بحيث يصاب به 3 – 5 أطفال من بين 100 ألف طفل.

الى جانب ذلك حذّر اختصاصي أمراض الرئة الألماني هارالد مور من أنّ تدخين المرأة خلال الحمل قد يتسبب في ارتفاع خطر إصابة أحفادها بالربو، وليس أطفالها فقط. ويستند عضو المؤسسة الألمانية لعلاج أمراض الرئة في مدينة هانوفر في ذلك إلى نتائج إحدى التجارب الحيوانية الحديثة، حيث توّصل الباحثون إلى إمكانية مواجهة الأحفاد لهذا الخطر، وإن لم يتعرضوا لدخان التبغ بشكل مباشر.

ويعتقد العلماء بأنّ السبب يرجع إلى أن تدخين الحامل لمادة التبغ يتسبب في تغيرات جينية في التركيب الوراثي لديها، وينتقل هذا التغيّر إلى الأجيال اللاحقة من أبنائها وأحفادها أيضاً. وأشار البروفيسور الألماني مور إلى أنه كان من المعلوم سابقاً أنّ خطر الإصابة بالربو يزداد لدى الأطفال الذين يُعيشون مع آباء مدخنين، أكثر من غيرهم ممَن لا يعيشون في المحيط نفسه.

على صعيد متصل أطلق الاتحاد الدّولي لمكافحة التّدخين، حملةً جديدةً تستهدف الأطفال حول العالم، تحت شعار "أطفال بلا تدخين"، لمواجهه الحملات الشّرسة الّتي تشنّها شركات التّبغ العالميَّة، لخلق جيل جديد من المدخّنين. ويشير الاتحاد إلى أنّ انتشار تدخين الأطفال لمنتجات التّبغ، هو خطوة بالغة الخطورة، ويسهم في وفاة عشرات الملايين من النّاس في جميع أنحاء العالم. ومن المقرّر أن تتوجّه تلك الحملة إلى طلاب المدارس العامّة والثانويّات، والّذين يعدّون، وفقاً للدّراسات، الفئة المستهدفة من شركات التّبغ.

ويقول الاتحاد إنَّ اعتماد السّياسات الدّوليّة لمكافحة التبغ تسهم في إنقاذ ملايين الأرواح، وهناك تجارب لدول عديدة في العالم، من بينها نيويورك، قامت بتطبيق كلّ السّياسات لمكافحة التبغ، فأدّى ذلك إلى انخفاض معدّل التّدخين بين البالغين بنسبة الثّلث تقريباً، وبين طلاب المدارس الثّانويّة، وساعد في زيادة متوسّط العمر المتوقّع عند الولادة. ويحذّر الاتّحاد الدّولي لمكافحة التّبغ، من التوسّع الاقتصاديّ بين البلاد على حساب الصحَّة العامّة للأفراد، ويطالب الحكومات ذات السّيادة بحماية الصحَّة العامَّة من خلال قوانين مكافحة التّبغ.

أكثر عدوانية

في السياق ذاته أظهر بحث جديد أن الرضع والأطفال الصغار الذين يتعرضون للتدخين السلبي يمكن أن تتولد لديهم ميول عدوانية عند البلوغ. وقال القائمون على البحث من جامعة مونتريال بكندا إن البحث أظهر أن التدخين السلبي يسبب دماراً دائماً لمخ الأطفال دون سن العاشرة، حتى وإن استنشقوا دخان سجائر من حولهم لفترات قصيرة، .

وهو ما يحدث تغييرات سلبية في سلوكياتهم. وأشار الباحثون إلى أن الأطفال الذين يتعرضون للتدخين السلبي تزداد لديهم فرص تنمية صفات سلوكية منحرفة. وأوضحوا أن التعرض لدخان السجائر في مرحلة الطفولة المبكرة بشكل خاص، يمثل خطورة كبيرة لأنها المرحلة التي يكون فيها مخ الطفل في مرحلة النمو.

وفحص القائمون على الدراسة بيانات تتعلق بـ 2055 طفلاً منذ فترة ميلادهم وحتى بلوغهم عشر سنوات، وتضمنت هذه البيانات تقارير من الأبوين عن تعرض الأطفال للتدخين السلبي ومن المعلمين في المدرسة بشأن سلوك الأطفال داخل الفصل. ووجد الباحثون أن التقارير الخاصة بالأطفال الذين تعرضوا للتدخين السلبي، حتى لفترة مؤقتة، أظهرت أنهم أصبحوا أكثر عدوانية مع نهاية الصف الرابع الابتدائي.

سن المراهقة

الى جانب ذلك ذكرت دراسة أسترالية أن التدخين السلبي يضر بصحة المراهقات أكثر من المراهقين، وذلك في دراسة حديثة تؤكد دراسات سابقة أشارت إلى الأضرار الناجمة عن استنشاق غير المدخنين دخان السجائر. وذكرت الدراسة التي نشرت في دورية "علم الغدد والأيض السريري" أن باحثين أستراليين وجدوا أنه لدى تعريض المراهقات للتدخين السلبي في المنزل تنخفض لديهن معدلات البروتينات الدهنية المرتفعة الكثافة (الكولسترول الجيد) التي تساهم في تخفيض خطر الإصابة بمرض القلب.

وقام الباحثون من جامعة أستراليا الغربية بدراسة على ألف مراهق ولدوا بين عامي 1989 و1992 في بيرت بأستراليا، حيث جمعوا معلومات حول تعرض المشاركين بالدراسة للتدخين في منازلهم بين الأسبوع 18 من الحمل بهم وحتى عمر 17 عاما، فلاحظوا أن 47% منهم كانوا معرضين للتدخين السلبي. وبعد ذلك أجرى الباحثون فحوص دم على المشاركين في الدراسة بهدف قياس معدلات الكولسترول.

وقال الباحث الأساسي في الدراسة من جامعة أستراليا الغربية، شي لي ها، إن الدراسة تظهر ارتفاع خطر انخفاض معدلات البروتينات الدهنية المرتفعة الكثافة لدى المراهقات في سن 17 من العمر، واللواتي تربين في منازل تعرضن فيها للتدخين السلبي. وأضاف أن التدخين السلبي لم يكن له الأثر عينه في المراهقين من فئة السن نفسها، مما يعني أن التدخين السلبي مضر أكثر بالمراهقات. بحسب يونايتد برس.

وأكد الباحث أن هذا الاستنتاج خطير، باعتبار أن الأمراض القلبية الوعائية هي أحد أسباب الوفاة الرئيسية لدى النساء في الغرب. وخلال السنوات الماضية سنّت كثير من الدول قوانين تمنع التدخين في الأماكن العامة، بعد أن أظهرت الدراسات المخاطر الصحية التي يتعرض لها غير المدخنين بسبب التدخين السلبي.

من جهة اخرى وبعد ان زاد عدد المدخنين صغار السن والمراهقين بنسبة كبيرة جدا فى العالم، يقول الباحثون أن المشى لمدة 20 دقيقة يوميا، قد يساعد المراهقين فى الإقلاع عن التدخين، حيث يميل المراهقون للإقلاع الجماعى عن التدخين إذا اشتركوا فى برامج الإقلاع أو برامج اللياقة وزيادة الأيام التى يمارسون فيها التمارين لمدة 30 دقيقة على الأقل.

شملت دراسة 233 مراهقا من مدارس ثانوية، وكان جميع المشاركين يدخنون يوميا ويمارسون العديد من النشاطات غير الصحية كعدم النشاط الجسدي المرتبط بشكل كبير مع التدخين. وكان معدل تدخين الأشخاص نصف علبة فى أيام الأسبوع وعلبة كاملة فى نهاية الأسبوع. وقال الباحثون إن هذه الدراسة تضيف دليلا على أن ممارسة التمارين قد تساعد المراهقين الذين يحاولون الإقلاع عن التدخين، وأن المراهقين الذين يمارسون المشى البطيء لمدة 20 دقيقة يوميا يكونون أكثر احتمالا لمقاومة العودة إلى التدخين مقارنة بأقرانهم.

وأظهر تقرير سابق على المشاركين نفسهم والذى قام بتحليل 3 أنواع من البرامج والتي هدفت إلى المساعدة فى التوقف عن التدخين، وأظهرت الدراسة أن أكثر الطرق فعالية لمساعدة المراهقين فى الإقلاع عن التدخين هى التداخل المكثف للإقلاع عن التدخين المتزامن مع برامج اللياقة.

وتم إخضاع عدد من المراهقين لبرامج الإقلاع عن التدخين المكثفة مع برامج اللياقة بينما خضع عدد آخر من المشاركين لبرامج الإقلاع عن التدخين أو الاستماع لمحاضرات قصيرة لمكافحة التدخين. وأظهرت النتائج أن المراهقين الذين زادت أعداد الأيام التى مارسوا فيها التمارين لمدة لا تقل عن 20 دقيقة كانوا أكثر قدرة لتقليل أعداد السجائر التى يدخنونها عادة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 1/أيلول/2013 - 24/شوال/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م