الخلافات الزوجية.. مآسي اجتماعية مهلكة

 

شبكة النبأ: لا تخلو الحياة الزوجية من الخلافات والمشاكل والضغوط باختلاف انواعها وهو ما قد يسهم في تعكير تلك العلاقة المقدسة بين الرجل والمرأة ويؤثر بشكل سلبي على صحة وسلامة افراد العائلة دون استثناء، هذا بالإضافة الى الاضرار الاخرى التي قد تسببها هذه الخلافات على باقي افراد المجتمع، وهذا ما تؤكده العديد من الدراسات والابحاث التي يقوم بها العلماء بين الحين والاخر، وفي هذا الشأن ويؤكد الباحثون أن الزواج غير السعيد يصيب المرأة بأضرار صحية عديدة، فقد قال علماء أمريكيون إن النساء أكثر عرضة للضرر والأذى البدني بسبب ضغوط الزواج وأعباء العلاقات الزوجية وتوتراتها.

ووفقا لدراسة جديدة أعلنت عنها الجمعية الأميركية للأمراض النفسية والجسمية في شيكاغو، فإن النساء في منتصف العمر، وليس الرجال، أكثر عرضة للإصابة بالمشاكل الصحية المرتبطة بالتعاسة الزوجية، مثل ارتفاع ضغط الدم والدهون الزائدة حول البطن، وغيرها من العوامل التي تعزز مخاطر الأزمات القلبية والسكري.

ويقول الدكتور نيسا غولدبيرغ طبيب القلب ومدير برنامج صحة المرأة في جامعة نيويورك: إن العلاقة الزوجية السيئة لا تؤثر فقط على السعادة بل على صحة الأزواج أيضاً. وفي الدراسة تابع باحثون، من جامعة يوتاه 276 من الأزواج لمعرفة ما إذا كان الاكتئاب هو السبب الحقيقي وراء كون الزواج التعيس مضرا بالصحة.

ووجد الباحثون أن العلاقات الزوجية التعيسة مضرة بالصحة، على الأقل بالنسبة للمرأة، إذ أن النساء في الزواج غير السعيد أكثر عرضة من غيرهن للاكتئاب، وأكثر استعداداً للإصابة بمتلازمة الأيض وهي مجموعة من عوامل خطرة ترفع ضغط الدم، وتتسبب في تدني مستويات الكولسترول، والبدانة في البطن، وارتفاع نسبة السكر في الدم

تبين لعلماء النفس أن الزوجات في الزيجات المتوترة يصبحن أكثر عرضة لعوارض صحية خطيرة مثل أمراض القلب والجلطات الدماغية والسكري. وفي المقابل تبين للباحثين أن الرجال في نفس العلاقة يتمتعون بمناعة أكبر وهم أقل انكشافاً أمام عوارض صحيَّة مماثلة. ولكن كثرة الجدل والخلاف والغضب، قد يتحول إلى عوارض صحية بدنية ونفسية سيئة للجنسين.

مشاحنات السرير

الى جانب ذلك كشفت دراسة جديدة أن مشاحنات السرير تكلّف المتزوجين البريطانيين 90 دقيقة من النوم السلمي كل أسبوع وما يصل إلى 10 ليال كل عام، وتحدث غالبيتها بسبب الشخير. ووجدت الدراسة، التي نشرتها صحيفة "ديلي اكسبريس"، أن المتزوجين البريطانيين يتشاحنون في السرير ثلاث مرات في الأسبوع مما يجعلهم يفقدون ساعات طويلة من النوم الهادئ تجعلهم عرضة لمشاكل صحية.

وقالت إن أسباب مشاحنات السرير قد تكون بسيطة وتتعلق باحتكار أحد الطرفين للحاف، أو غير مألوفة مثل إصرار أحد الزوجين على تقاسم الفراش مع حيوانه الأليف. وأضافت الدراسة أن المتزوجين من مدن بيرمنغهام ومانشستر وغلاسكو هم الأكثر عرضة لمشاحنات السرير بين نظرائهم البريطانيين، تلاهم المتزوجون من مدن ليفربول ولندن وكارديف. بحسب يونايتد برس.

وأشارت إلى أن التململ احتل المرتبة الأولى على لائحة أكثر الممارسات العشر المسببة لمشاحنات السرير في أوساط المتزوجين البريطانيين، تلاه الشخير في المرتبة الثانية، ودرجة حرارة الجسم المختلفة في المرتبة الثالثة، واحتكار اللحاف في المرتبة الرابعة. وتلى ذلك عدم إطفاء ضوء غرفة النوم، ومشاهدة التلفزيون عند نوم الطرف الآخر، والاختلاف على موعد الذهاب إلى النوم، في حين جاء تقاسم السرير مع الحيوانات الأليفة في المرتبة العاشرة والأخيرة.

الفيسبوك والجيل القديم

في السياق ذاته أظهرت دراسة حديثة أن الاستخدام المفرط لمواقع التواصل الاجتماعي مثل الـ "فيس بوك" يمكن أن يسبب الفوضى في العلاقات العاطفية، وأضافت أن الغيرة التي يسببها الفيس بوك تزيد من المخاطر للأزواج في جميع الأعمار، حيث أن الدراسة التي يقودها الدكتور "روسل كلايتون" من جامعة "ميسوري" في الولايات المتحدة شملت مستخدمي الفيس بوك الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و82 سنة، "كم من الوقت يقضون على الفيس بوك؟" و"كم مرة حدثت مشكلة مع شركائهم العاطفيين بسبب هذا الموقع.

وأظهرت الدراسة أن أكثر شخص في علاقة رومانسية يستخدم الفيس بوك على الأرجح يكون لمراقبة نشاط شركائهم على الموقع، والتي ممكن أن تؤدي إلى مشاعر الغيرة. وكشفت الدراسة أيضاً أن مستخدمي الفيس بوك بشكل مفرط لهم حظ أكبر للاتصال مع المستخدمين الآخرين بما فيهم شركائهم السابقين ومن الممكن أن يؤدي إلى الخيانة العاطفية أو الجسدية.

الى جانب ذلك قال علماء من أمريكا إن الأزواج القدامى يتجنبون الحديث عن مشاكلهم القديمة وذلك خلافا لما دأب عليه الأزواج الشبان الذين لا يدخرون وسعا في مناقشة مشاكلهم. وحسب الباحثين العاملين تحت إشراف سارة هولي بجامعة سان فرانسيسكو فإن الأزواج القدامى يفضلون الصمت إزاء القضايا الشائكة بينهم. غير أن الباحثين أكدوا في البيان الصادر عن الجامعة اليوم بشأن دراستهم أنهم لا يزالون يبحثون فيما إذا كان هذا التصرف يطيل العلاقة الزوجية أم لا.

جعل الباحثون 127 زوجا يتشاجرون بين الحين والآخر أمام عدسة الكاميرا وذلك على مدى 13 عاما. واختار الباحثون لتجربتهم أزواجا متوسطي العمر وآخرين في سن متقدمة عاشوا كأزواج فترة طويلة مع بعضهم البعض ثم حللوا تصرفات هؤلاء الأزواج التي سجلتها مقاطع فيديو مدتها 15 دقيقة. وجد الباحثون أن رغبة الأزواج الخاضعين للتجربة في الشجار تراجعت كلما تقدم سنهم واستنتج الباحثون من ذلك أن كبار السن يفضلون التركيز في حديثهم على ذكرياتهم الطيبة مع بعضهم البعض.

ورجح الباحثون أن يكون السبب وراء ذلك أن هؤلاء الأزواج يفضلون استغلال ما تبقى لهم من سنوات من عمرهم على الوجه الأكمل في حين أن تجنب صغار الأزواج الذين لم تتوطد علاقتهم بعد الدخول في خلاف قد يضر علاقتهم. غير أن الباحثين أكدوا في دراستهم التي سينشرونها في مجلة "جورنال اوف ماريدج اند فاملي" المعنية بدراسات الزواج والأسرة أن دراستهم لم تشمل هذه الشريحة من الأزواج.

إنجاب الاطفال

من جهة اخرى يبدو أن إنجاب الأطفال يزيد حالات الشجار بين المتزوجين في بريطانيا بنسبة 40%، ويجعل الآباء والأمهات الذين يزرقون بأول طفل يتعاركون كل يوم. ووجدت دراسة جديدة نشرتها صحيفة ديلي ميل، أن معظم شكاوى المتزوجين تنحصر في مجالي الإرهاق والتعب بعد الولادة، واعترف 33% منهم بأن تبديل حفاضات الأطفال هو أكبر سبب للشجار.

وقالت الدراسة إن الإنجاب يجعل الآباء والأمهات الجدد مشغولين جداً ليتشاجروا حول مسائل أخرى، ويتعاركون نحو 4 مرات في الأسبوع، أي ما يصل إلى 187 مرة في السنة الأولى من الأبوة وبزيادة مقدارها 40% عن معدل الشجارات قبل أن يُرزقوا بمواليدهم الجدد. وأضافت أن 60% من الآباء والأمهات الجدد في بريطانيا اعترفوا بأن شجاراتهم اليومية غالباً ما تقع لأسباب سخيفة ناجمة عن الإجهاد والإرهاق، وأنهم ينامون 4 ساعات و 20 دقيقة فقط ليلاً، أي نصف مدة النوم التي يوصي بها الخبراء في مجال الصحة.

وأظهرت الدراسة أن 54% من الآباء والأمهات الجدد اعترفوا أيضاً بأن "التعب" هو أفضل كلمة تصف سنتهم الأولى مع أطفالهم الرضع، وتسبب الشجار بينهم، و 33% تبديل الحفاضات، و 24% إطعام الأطفال في الليل. وأشارت إلى أن واحداً من كل خمسة من الآباء والأمهات اعترف بأنه لا يحصل على ما يكفي من الاهتمام من شريك أو شريكة الحياة بعد ولادة طفلهما، فيما أقرّ 40% منهم بأن انجاب الأطفال هو أكبر تجربة لتعلم الدروس في حياتهم.

الزواج السعيد

على صعيد متصل أوضحت دراسة أميركية حديثة، امتدت على مدى 20 عاما، قامت بمتابعة أشخاص متزوجين، أن الصحة الجسدية للزوجين مرتبطة بجودة الحياة الزوجية ومقدار التفاهم أو الخلاف بينهما. الدراسة نشرت في دورية "الزواج والعائلة" وتعد الأطول تاريخيا، حيث تابعت 1681 شخصا متزوجاً لمدة 20 عاما، وفيها قام الباحثون بقياس جودة الحياة الزوجية بطريقتين مختلفتين، الأولى على أساس السعادة والرضى، والثانية على أساس الخلافات والمشاكل الزوجية، مثل الشجار حول الأمور المادية أو حول أهل الزوج أو الزوجة، وطلب من المشتركين أن يقيّموا صحتهم بمقياس من 1 إلى 4.

الدراسة أبانت أن الأزواج الذين يكثر الشجار والمجادلة بينهم يشكون من مشاكل صحية أكثر، إذ يُعتبر الشجار عامل خطر على الصحة، وهذا يتماشى مع نتائج دراسات سابقة. وقدمت هذه الدراسة دليلا قوياً على وجود علاقة بين الزواج السعيد والصحة الجيدة، إذ تبين أن الأزواج السعداء يتمتعون بصحة جيدة، ومعدل إصابتهم بالأمراض بشكل عام أقل من الباقين، إذ إن الأزواج المتفاهمين يدعمون بعضهم بعضاً في الأزمات، مما يخفف من الآثار السلبية للمشاكل، كما أنهم أكثر ميلا لممارسة نشاطات وعادات صحية. وينصح الباحثون بضرورة استشارة أخصائيين اجتماعيين وخبراء لمساعدة الأزواج غير المتفاهمين وكثيري الشجار على التخفيف من ذلك للتقليل من آثاره السلبية على الصحة.

في السياق ذاته أظهرت دراسة حديثة أن المتزوجين أكثر استعدادا لمقاومة السرطان والنجاة منه بينما المنفصلون أو المطلقون أقل قدرة على مقاومته. باحثون أمريكيون من جامعة انديانا قاموا بتحليل البيانات التي جمعت من 3.8 مليون شخص شخصت اصابتهم بالسرطان بين عامي 1973 و 2004. وقد وجدوا أن المتزوجين منهم فرصتهم أفضل في تجاوز فترة السنوات الخمس تبلغ 63 في المائة مقارنة مع نسبة 45 في المائة في حالة المنفصلين أو المطلقين حسبما ذكرت دورية السرطان.

وقال فريق الباحثين إن وطأة الانفصال ربما تؤثر على معدلات البقاء على قيد الحياة. وكانت دراسات سابقة قد بحثت في تأثير الزواج على النتائج الصحية. وقد وجد الكثيرون تأثيرا مفيدا للزواج وأشار الخبراء الى ان الحب والدعم الذي يقدمه شريك أو شريكة الحياة، ضروري لمقاومة المرض. ودرس الباحثون معدلات البقاء على قيد الحياة بعد 5 و10 سنوات بالنسبة للمرضى المتزوجين، الأرامل والمطلقات وكذلك الذين كانوا يمرون بفترة الانفصال عن الحياة الزوجية في وقت التشخيص. ووجد أنه بعد المتزوجين مباشرة يأتي المرضى الذين لم يسبق لهم الزواج من قبل، يليهم المطلقات ثم الأرامل.

وتقول الباحثة الدكتورة جوين سبرين: المرضى الذين يمرون بمرحلة الانفصال عن الزواج في وقت التشخيص يمكن أن يكونوا أكثر عرضة للتدهور. ويمضي قائلا: تحديد العلاقة بين التوتر الناتج عن العلاقات بين الزوجين في وقت التشخيص قد يؤدي إلى التدخل المبكر مما يمنح المريض فرصة أفضل لتحقيق الشفاء.

على صعيد متصل أكدت العديد من الدراسات العلمية أن العناق قد يكون أحياناً أفضل من الدواء عندما يشعر المرء بتوعك أو يمر بحالة توتر نفسي، وذلك لأن الجلد يحتوى على عدد كبير من الألياف العصبية التى تنشط عند العناق أو لمس الجسد بشكل خفيف حيث تقوم بنقل معلومات عن ذلك إلى الدماغ مما يخلق شعوراً بالبهجة.

وقد توصلت دراسة أمريكية حديثة إلى أن العناق بين الأزواج يحمي الأزواج من الأمراض القلبية، وذلك لأنه يرفع مستويات هرمون "الأوكسيتوسين" المعروف بـ"هرمون الارتباط" التي يقلل من ارتفاع ضغط الدم، وبالتالي يقلل من مخاطر التعرض لأمراض القلب. وأشار باحثون من جامعة نورث كارولينا، إلى أن معدلات "الأوكسيتوسين" ارتفعت لدى الرجال والنساء بعد عملية العناق، كما سجل ارتفاع كبير للهرمون لدى الأزواج المحبّين، مقارنة بالأزواج الآخرين، كما ظهر أيضاً انخفاض في معدلات هرمون "الكورتيزول" لدى النساء بعد العناقن، إضافة إلى تدني ضغط الدم لديهن.

وأعلنت كارين جروين التي قادت الدراسة، أن دعم الزوج أو الزوجة الكبير يرتبط بزيادة هرمون "الأوكسيتوسين" لدى الزوجة أو الزوج، ومع ذلك فإن أهمية هذا الهرمون تكمن في تأثيراته الجيدة الكبيرة على القلب والأوعية الدموية لدى النساء، وخلصت الدراسة إلى أن العناق هو الشيء الجميل الذي يحمي القلب ويسعد البشر.

وتوصلت دراسة أمريكية إلى أن الزواج السعيد يخفض ضغط الدم لدي الرجال والنساء في حين ان الزواج التعيس يرفع ضغط الزوجين، واكتشفت جوليان هولت لنستاد من جامعة بريجهام يونج أن ضغط الدم المسجل خلال 24 ساعة لدي الرجال والنساء السعداء في زواجهم كان أقل بأربع درجات منه عند العازبين.

وشملت الدراسة مراقبة ضغط دم 204 أشخاص متزوجين و99 شخصاً من العازبين علي مدي 24 ساعة، وكشفت الدراسة أن المتزوجين التعساء يعانون من ارتفاع ضغط الدم أكثر من المتزوجين والعزاب السعداء، لكن الدراسة أظهرت ان وجود أصدقاء داعمين لا يحسن وضع ضغط الدم لدي العزاب أو المتزوجين التعساء.

وقالت هولت لنستاد: "يبدو ان ثمة فوائد صحية للزواج، لكن لا يكفي أن تكون متزوجاً حتي تكون بصحة جيدة.. ما يحمي الصحة هو أن يكون الزواج سعيداً"، واكتشف الباحثون أن ضغط دم المتزوجين وبخاصة السعداء منهم ينخفض خلال وقت النوم أكثر منه عند العزاب. كما توصلت دراسة حديثة إلى أن الزواج له فوائد كثيرة تنعكس على الصحة العقلية والجسدية للزوجين، وأضاف أن نسبة الانتحار بين المتزوجين أقل منها بين غير المتزوجين، ومن الفوائد التي تعود على المتزوجين أيضا أن متوسط إقامة المتزوجين في المستشفيات يقل كثيراً، بينما يرتفع معدل شفائهم.

وتبين للباحثين أيضاً أن الجهاز المناعي لدي المتزوجين أقوى أداءً، وفيما يتعلق بالصحة النفسية، وجد البحث أن المتزوجين أقل عرضة للاكتئاب والتوتر والقلق، وقد جاءت دراسة نيوزيلندية تنفي الفكرة العربية السائدة عن الزواج بأنه من أسباب النكد والضغط النفسي، وأوضحت كيت سكوت عالمة النفس في جامعة اوتاجا النيوزيلندية، أن الزواج مفيد للصحة لأن العلاقة الزوجية تساهم في خفض احتمال الإصابة بالاكتئاب والضغط النفسي، وأكدت سكوت أن العلاقة الزوجية تضفي الكثير من المنافع على الصحة النفسية لدى الرجال والنساء على حدً سواء وأن الألم والضغط الناجمين عن نهاية الزواج تجعل الأفراد أكثر عرضة للاضطرابات النفسية، وتزيد حالات الانفصال والطلاق وموت الشريك من احتمال الإصابة بمشاكل نفسية مثل الاكتئاب لدى الرجال، والاستخدام المفرط للكحول والأدوية لدى النساء.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 1/أيلول/2013 - 24/شوال/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م