منطقة اليورو.. انتعاش قصير المدى!

 

شبكة النبأ: أظهرت بعض المؤشرات الاقتصادية أن الثقة في اقتصاد منطقة اليورو قفزت إلى أعلى مستوى خلال عامين وسط مؤشرات على أن تكتل العملة الموحدة المتداعي جراء الأزمة المالية يسير على طريق التعافي. وبحسب بعض التقارير فمن المتوقع أن يستقر اقتصاد منطقة اليورو ويتعافى بوتيرة معتدلة يمكن ان تسهم بمعالجة بعض المشاكل الاقتصادية التي سببتها الأزمة العالمية، ومنطقة اليورو هو الاسم الذي يطلق على دول الاتحاد الأوروبي المنظمة إلى العملة الموحدة اليورو والتي تعتبر ثاني أكبر قوة اقتصادية في العالم بعد الولايات المتحدة، ودخلت منطقة اليورو مرحلة الركود لأول مرة بتاريخها في نوفمبر 2008، وذلك بعد معاناة طويلة وانهيار مؤسسات كثيرة بسبب الأزمة المالية.

وفي هذا الشأن فقد قالت المفوضية الاوروبية ان ثقة المستهلكين في منطقة اليورو سجلت تحسنا فاق التوقعات في أغسطس اب لتقفز إلي أعلى مستوى في عامين. واضافت المفوضية ان هناك بوادر مشجعة علي ان المنطقة بدأت في الانتعاش. وارتفع مؤشر ثقة المستهلك في الدول السبع عشرة التي تستخدم اليورو إلي -15.6 نقطة في أغسطس من -17.4 نقطة في يوليو تموز متفوقا على توقعات السوق التي كانت تشير الي انه سيرتفع إلي -16.50 نقطة. وهذه هي أفضل قراءة للمؤشر منذ اغسطس 2011 عندما بلغت -16.5 نقطة.

ويأتي التحسن في ثقة المستهلكين في اعقاب بيانات مشجعة بشان نشاط الشركات في منطقة اليورو في أغسطس والتي اظهرت تعافيا بوتيرة اسرع من المتوقع مما يزيد التوقعات بأن الربع الثالث من العام سيشهد مزيدا من التحسن. وخرجت منطقة اليورو رسميا من فترة الانكماش في الربع الثاني من العام وسجلت ارتفاعا لاجمالي الناتج الداخلي ب0,3% بحسب ما اعلن المكتب الاوروبي للاحصاء يوروستات. وهذه النتائج افضل مما كان متوقعا لان المحللين كانوا يراهنون اصلا على ارتفاع لاجمالي الناتج الداخلي ب0,2% من الفترة الممتدة بين نيسان/ابريل وحزيران/يونيو بعد فترة انكماش استمرت لعام ونصف عام هي الاطول في تاريخ منطقة اليورو.

وهذا النبأ السار مرتبط بارقام النمو في كل من المانيا وفرنسا، واظهر الاقتصاد الالماني اداء حسنا في الربع الثاني من العام مع ارتفاع كبير نسبته 0,7% لاجمالي الناتج الداخلي. وساهم الاستهلاك وخصوصا الاستثمارات في تحسن النشاط ما يجعل من اول اقتصاد اوروبي المحرك لمنطقة اليورو.

كما خرجت فرنسا من فترة الانكماش خلال الربع الثاني من العام مع تحسن النشاط ب0,5%، وهي نسبة اكبر مما كان متوقعا رأى فيها وزير الاقتصاد بيار موسكوفيسي "بوادر مشجعة لنهوض" اقتصادي لكن سوق العمل تراجعت اكثر. واعلن المعهد الوطني للاحصاءات والدراسات الاقتصادية في اول تقدير ان اجمالي الناتج الداخلي تحسن ب0,5% في الربع الثاني بعد تراجع لفصلين متعاقبين (-0,2% في نهاية 2012 ومطلع 2013) ما اغرق البلاد في الانكماش.

وهذا افضل تحسن منذ الربع الاول من عام 2011 بحسب المعهد. لكن الخروج من فترة الانكماش لا يعني تحسن سوق العمل فقد اعلن المعهد تراجعا ملحوظا في الوظائف (-27800 وظيفة) خلال الفترة نفسها. كما خرجت البرتغال من فترة الانكماش في الربع الثاني من العام مع ارتفاع نسبته 1,1 من اجمالي الناتج الداخلي للمرة الاولى منذ اكثر من عامين. بحسب فرانس برس.

من جهته اعلن المفوض الاوروبي المكلف الشؤون الاقتصادية اولي رين ان النهوض بات في متناول اليد لكن فقط اذا حافظنا على كل الجبهات على معالجتنا للازمة (عبر) الحفاظ على وتيرة الإصلاحات الاقتصادية واستعادة السيطرة على حجم الديون العامة والخاصة وبناء ركائز اتحاد اقتصادي ومالي حقيقي. واضاف اننا نرحب بهذه الارقام الايجابية نوعا ما لكن ليس هناك اي مجال للتساهل داعيا الى الاستمرار في الاصلاحات البنيوية للخروج من الازمة.

قنبلة موقوتة

من جانب أخر أفادت أرقام نشرها المكتب الأوروبي للإحصاءات يوروستات ، إلى أن نسبة البطالة في منطقة اليورو بقيت عند مستواها القياسي الذي بلغ 12.1 في المائة، على الرغم من تراجع عدد العاطلين عن العمل بشكل طفيف. ونقلت الفرنسية، عن يوروستات أن 19 مليونا و231 ألف شخص كانوا عاطلين عن العمل في منطقة اليورو في تموز (يوليو)، أي أقل 15 ألفاً عن العدد المسجل في حزيران (يونيو) وهو الشهر الذي شهد انخفاضا قدره 35 ألفا في عدد العاطلين عن العمل.

وتمثل تلك الملايين التى تعاني البطالة في منطقة اليورو وغالبيتهم من الشباب، قنبلة موقوته تسعى المنطقة لإيجاد حلول عاجلة لها، لكن عدد العاطلين عن العمل يبقى بالأرقام المطلقة أكبر من العدد الذي سجل في نيسان (أبريل)، وخصوصا أن منطقة اليورو تضم مليون عاطل عن العمل إضافيا عما كان قبل عام وتحديداً في تموز (يوليو) من العام الماضي.

ويرجع الانخفاض الطفيف في عدد العاطلين عن العمل إلى الشباب الذين تقل أعمارهم عن 25 عاما، وقد تراجع عددهم بمقدار 16 ألفا مقارنة بحزيران (يونيو)، مع أن نسبة البطالة ارتفعت من 23.9 في المائة إلى 24 في المائة، وفي مجمل الاتحاد الأوروبي بقيت نسبة البطالة مستقرة على 11 في المائة، وقد طالت 26 ألفا و654 مليون شخص، أي بتراجع 33 ألفا عما كانت عليه في الشهر الذي سبقه بفضل انخفاض عدد الشباب العاطلين عن العمل 38 ألفا عما كانوا في حزيران (يونيو).

وأشارت جنيفر ماكياون من مجموعة كابيتال إيكونوميكس إلى أن التحسن يبدو دليلا إضافيا على انتعاش معتدل في منطقة اليورو، لكن أرقام البطالة تؤكد أن ذلك لا يحيي سوق العمل حتى الآن، أما مارتن فان فلييه من مجموعة "إي إن جي" فكان أكثر تفاؤلا ووجد في عدم ارتفاع معدل البطالة أمراً مشجعاً.

الإصلاحات في اليونان

في السياق ذاته قال جورج أسموسن عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي في مقابلة صحفية إن اليونان يمكنها تحقيق فائض أولي في الميزانية هذا العام ونمو في 2014 إذا التزمت بالإصلاحات الاقتصادية لكن عودتها إلى سوق السندات سيشكل تحديا. وزار أسموسن أثينا للقاء عدد من كبار مسؤولي الحكومة من أجل الوقوف على الوضع الاقتصادي. وألقت تكهنات بحزمة إنقاذ مالي جديدة لليونان بظلالها على الزيارة بعد تصريحات أدلى بها وزير المالية الألماني فولفجانج شيوبله.

وقال أسموسن لصحيفة تو فيما اليونانية يمكن تحقيق معدل نمو منخفض لكن إيجابي العام القادم ولكن يتعين المضي قدما في الإصلاحات. ونقلت الصحيفة عن أسموسن قوله أتفهم الوضع السياسي الصعب والأغلبية الصغيرة في البرلمان لكن يجب ألا يجري هدم ما تحقق مع هذا العناء السياسي حتى الآن. ما هو الحل البديل الذي يمكن التعويل عليه؟" وتلقت اليونان التي تمر بعامها السادس من الركود حزمتي إنقاذ منذ عام 2010 بقيمة 240 مليار يورو في صورة قروض من البنك المركزي الأوروبي والاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي.

وتواجه أثينا فجوة في التمويل تقدر بحوالي 11 مليار يورو في 2014-2015 بعد انتهاء برنامج الانقاذ الحالي في النصف الأول من العام القادم وتعهد شركاؤها في منطقة اليورو بتقديم دعم إضافي حتى يتسنى لها العودة إلى الأسواق من جديد. وقال أسموسن لا شك أن مستوى الدين سيرتفع في الأعوام المقبلة وسيشكل الدخول الكامل إلى الأسواق تحديا. لكنه أضاف أن التكهن بتقديم حزمة إنقاذ ثالثة أمر سابق لأوانه. وقال للصحيفة الحديث المتكرر عن خفض الديون لا يجدي نفعا. فهو يصرف أنظار جميع أصحاب المصالح عما بنبغي فعله في إطار برنامج التكيف الحالي. يجب علينا إنجاح هذا البرنامج.

على صعيد متصل صرحت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل بان اليونان ما كان يجب ان تنضم الى منطقة اليورو، محملة خصومها السياسيين مسؤولية السماح بحدوث ذلك. وحملت ميركل خصومها في يسار الوسط مسؤولية السماح بانضمام اليونان، معتبرة ان قرار حكومة الحزب الاشتراكي الديموقراطي هذا ساهم في إضعاف الاقتصاد الأوروبي. وقالت ميركل ان الازمة ظهرت قبل سنوات عبر أخطاء أساسية في اليورو، مثلا اليونان ما كان يجب ان تقبل في منطقة اليورو. وأضافت ان سلفها المستشار غيرهارد شرودر وافق في 2001 على انضمام اليونان الى منطقة اليورو، معتبرة انه قرار تبين انه خاطىء من اساسه.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 1/أيلول/2013 - 24/شوال/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م