في إستذكار للمنظمة الأممية لضحايا الإختفاء القسري ؛ أعتبر يوم 30
آب من كل عام يوماً عالمياً لضحايا هذا الإختفاء حيث تحث فيه المنظمة
على إعتماد الأساليب القانونية الحديثة في الإحتجاز ودفع الحكومات الى
معالجة ظاهرة الإختفاء القسري والبحث عنهم بصورة مستمرة أملاً في
العثور عليهم ليمارسوا حياتهم بصورة طبيعية بعيداً عن ماتخلفه تلك
الظاهرة البشعة من عواقب مؤلمة وخيمة على الأسر التي أبتليت بإختفاء
معيلها أو أحد أفرادها قسراً وحتى يومنا هذا.
لقد أشارت المنظمة الى " كَثر استُخدم الاختفاء القسري كاستراتيجية
لبث الرعب داخل المجتمع. فالشعور بانعدام الأمن الذي يتولد عن هذه
الممارسة لا يقتصر على أقارب المختفي، بل يصيب أيضا مجموعاتهم السكانية
المحلية ومجتمعهم ككل حتى أصبح الاختفاء القسري مشكلة عالمية ولم يعد
حكرا على منطقة بعينها من العالم. فبعدما كانت هذه الظاهرة في وقت مضى
نتاج دكتاتوريات عسكرية أساسا، يمكن اليوم أن يحدث الاختفاء القسري في
ظروف معقدة لنزاع داخلي، أو يُستخدم بالأخص كوسيلة للضغط السياسي على
الخصوم ".
في العراق، أعداد كبيرة جداً من أبناء شعبنا كانوا قد اختفوا أو
فقدوا في الحروب التي جرت رحاها على الحدود العراقية الشرقية والجنوبية
حيث قدر عدد المفقودون في الحرب العراقية الإيرانية بـ 54 ألف عراقي لم
يعرف مصيرهم حتى اليوم، لازلنا حتى يومنا هذا نتبادل رفاتهم مع الجانب
الإيراني، ثم لدينا حرب الخليج حيث فقد 5000 عراقي، وبعد ذلك بدأت
مرحلة إكتشاف المقابر الجماعية التي قدر عدد ضحاياها دولياً بـ 400 ألف
شهيد لازالت مقابرهم تنبش حتى يومنا هذا لنرى المئات من الجثث لكافة
الأجناس والأعراق وقد دفنوا بطرق بشعة في 157 مقبرة اكتشفت حتى الآن.
وبعد 2003 بدأت ظاهر الإختفاء القسري الدائمي للآلاف من أبناء
شعبنا ممن غيبتهم المجاميع الإرهابية ولم يعرف لهم مصير حتى يومنا هذا
ولازالوا يمثلون مشكلة كبيرة لعوائل كثيرة ابتليت بتلك المأساة، حينها
قام مجلس الوزراء تشكيل لجنة عليا لتقصي مصير المفقودين في نيسان 2011
يترأسها مدير مكتب القائد العام للقوات المسلحة وعضوية مجلس القضاء
الأعلى ووزارات حقوق الأنسان والعدل والداخلية والأمن الوطني وجهاز
المخابرات الوطني على أمل أن تنهي تلك اللجنة أعملها خلال 30 يوماً.
لقد سجلت وزارة حقوق الإنسان العراقية مايقارب 14 ألف مفقود لم يعثر
منهم سوى على سبعة أشخاص حسب تصريحات سابقة أطلقها السيد أركان كامل،
ممثل الوزارة لدى اللجنة العليا لتقصي مصير المفقودين، إن «وزارة حقوق
الإنسان سجلت 14 ألفا و25 حالة فقدان لأشخاص في العراق منذ عام 2003
حتى الآن». وأوضح أنه «لم يعثر إلا على 7 أشخاص من بين هؤلاء، وذلك في
الطب العدلي»، خلال الأعوام الماضية.
لازلنا نعاني من ضعف إجراءاتنا الحكومية في تفكيك مسببات الإختفاء
القسري وتحجيم آثارها المؤلمة على ذويي المفقودين وبحاجة الى وقفة جادة
في هذا السياق لنحسم الكثير من الحالات التي عرضت أمام تلك اللجنة فبعد
هذا الإعلان انتشرت الإعلانات في الصحف المحلية عن حالات الفقدان منذ
2003 وبأسباب عدة، ولم تتوفر إحصائيات ألكترونية واضحة عن عدد
المفقودون.
واليوم.. أما آن الأوان أن نمسح الدمعة من على خد أرملة صابرة أو
يتيم يتألم من الفقدان ونعرفّهم بمكان رمي آلاف الجثث التي اقتنصتها يد
الطائفية يوماً.. فقط ليعرف كل منا أين ذهب أحبته وفي أي ظلام ليل تجوب
أرواحهم بحثاً عن ملاذ.. فقط لتسكن تلك الأرواح ولتهدأ.. فأحلامنا بهم
مؤلمة جداً وهم ينادوننا من خلف جدران منازلنا وأنينهم وحشرجتهم التي
يقطّعها الخوف تقّطع قلوبنا.. نرى صورهم وهم خائفون ملتصقةً على
وسائدنا القديمة ورائحتهم تأبى أن تغادرنا أو نحن لا نريد ذلك قطعاً..
فهم بيننا نشعر بهم لأنهم يلامسوا بأنينهم غيرة كل شريف ذكر الله يوماً
وسجد له.. أن يكشف عن مخادعهم الأخيرة والتراب الذي توسدته أجسادهم
الغريبة في الوطن.. أعاد الله كل أسير وشافى قلوب الصابرين من أهله.
zzubaidi@gmail.com
http://annabaa.org/news/maqalat/writeres/Zahiralzubaidy.htm |