السكري... داء يستفحل مع تطور الحياة!

 

 شبكة النبأ: يعتبر مرض السكري من أهم واخطر الأمراض الشائعة على المستوى العالمي, وبحسب بعض التقارير الطبية فقد بلغ عدد المصابين بداء السكري أكثر من 371 مليون شخص ويتوقع أن يبلغ 552 مليون شخص بحلول عام 2030، وداء السكري هو أحد عوامل الخطر المسببة لأمراض القلب والسكتة الدماغية والفشل الكلوي، وسوف ترتفع وفيات السكري للضعف أيضا في عام 2030 عما كانت عليه في عام2005 كما يقول بعض الخبراء. ومرض السكري هو مرض إستقلابي (أيضي) مزمن يتميز بزيادة مستوى السكر في الدم نتيجة لنقص نسبي أو كامل في الأنسولين في الدم أو لخلل في تأثير الأنسولين على الأنسجة , مما ينتج عنه مضاعفات مزمنة في أعضاء مختلفة من الجسم.

 وعلى الرغم من ذلك يواصل العلماء والأطباء بحوثهم ودراساتهم المتواصلة في سبيل الوصول الى نتائج ايجابية يمكن ان تسهم بأبعاد شبح هذا المرض المخيف، وفي ما يخص أخر تلك الدراسات والأبحاث العلمية فقد قال باحثون أميركيون إن زيادة السكر في الطعام الذي يستهلكه الإنسان، والذي لا يعدّ خطيراً حالياً على صحة الإنسان، يخلف في الواقع تأثيراً سلبياً كبيراً على كل الثدييات ويزيد خطر الوفاة والعقم. وقال المعد الرئيس للدراسة واين بوتس، من جامعة يوتا، إنه عند إعطاء فئران غذاء يحتوي على كمية سكر إضافية تقدر بـ25%، وهو ما يعادل 3 زجاجات صودا، تضاف يومياً إلى الغذاء الصحي عند البشر، فقد ارتفعت نسبة الوفيات عند الإناث مرتين، في حين أن ربع الذكور ما عادوا قادرين على الإنجاب.

وأوضح الباحثون أنه بالرغم من أن وزن الفئران لم يشهد اختلافاً كبيراً، ولم تصبح بدينة، إلا أنها كانت أقل إنجاباً، وأكثر عرضة للموت. وكانت دراسة نشرت مؤخراً أظهرت أن تناول ذرة سكر واحدة، تجهد القلب، وتحدث تغيرات في البروتينات الموجودة فيه، ما يتسبّب بضعف ضخ الدم، وبالتالي توقف القلب عن العمل. من جانب اخر حذرت مجلة الصيدليات الحديثة مرضى السكري من محاولة علاج مسامير القدم أو الثآليل التي تظهر على أقدامهم باستخدام الأشرطة اللاصقة أو الصبغات من تلقاء أنفسهم دون الرجوع لطبيب مختص، إذ يمكن أن يتسبب ذلك في تحول هذه الثآليل إلى جروح كبيرة في أقدامهم ما يعرضهم بعد ذلك لخطر البتر. وأوصت المجلة الألمانية مرضى السكري بفحص أقدامهم على نحو دقيق بصورة يومية باستخدام مرآة، وذلك كي يتسنى لهم اكتشاف الإصابة بالجروح في الوقت المناسب، ما يمكنهم من حماية أقدامهم من التعرض لخطر البتر.

وأضافت المجلة أنه ينبغي عليهم أيضا الاستغناء عن مقصات الأظافر أو غيرها من الأدوات الحادة واستبدالها بمبرد الأظافر للعناية بأظافر أقدامهم على نحو سليم. كما من الضروري أن يحرص مريض السكري على ارتداء حذاء مناسب لا يحتوي من الداخل على أية مواضع خياطة، ويجب ألا تنضغط أصابعه داخل الحذاء أو تشكل جدرانه الداخلية ضغطا على قدمه.

الطعام اليومي

في السياق ذاته أكدت الرابطة الألمانية لأطباء الباطنة أنه يمكن لمرضى السكري من النوع الثاني الذين يعانون من زيادة الوزن، إنقاص أوزانهم بشكل فعال من خلال تناول وجبتين فقط يوميا وليس ست وجبات صغيرة على مدار اليوم كما كان ينصحون به دائما، مستندة في ذلك إلى نتائج إحدى الدراسات الحديثة. وأوضحت الرابطة أنه خلال هذه الدراسة اتبعت مجموعة من مرضى السكري من النوع الثاني المعروف أيضاً باسم سكري البالغين نظام حمية غذائية تقل به السعرات الحرارية بمعدل 500 سعر حراري في اليوم على مدار 12 أسبوعا.

وبينت النتائج أن المرضى الذين تناولوا وجبتين فقط خلال اليوم وهما الإفطار والغداء، قد تسنى لهم إنقاص وزنهم بشكل أكبر ممن تناولوا الطعام على مدار اليوم في صورة ست وجبات صغيرة، على الرغم من أنهم كانوا يتبعون نفس نظام الحمية الغذائية بكل ما تحتويه من كمية السعرات الحرارية ومحتوى الدهون والبروتين والكربوهيدرات. وأشارت الرابطة إلى أن إيجابيات تناول مرضى السكري من النوع الثاني وجبتين فقط يوميا لم تقتصر على إنقاص الوزن ومؤشر كتلة الجسم فحسب، بل أسهمت أيضا في تقليل محتوى الدهون بالكبد لديهم، الأمر الذي يتمتع بأهمية كبيرة بالنسبة لمرضى السكري، لأن زيادة الدهون في خلايا الكبد تتسبب في تراجع حساسية الجسم تجاه الإنسولين أي قدرته على الاستجابه له وإنقاص معدلات السكر في الدم من خلاله ذلك الأمر الذي يعد إحدى السمات المميزة للسكري من النوع الثاني.

وأكدت الرابطة أنه تم تسجيل هذا التراجع في محتوى الدهون في الكبد لدى المرضى الذين تناولوا وجبتين يوميا فقط أكثر من غيرهم ممن تناولوا عدة وجبات صغيرة على مدار اليوم، لافتة إلى أن هذا التراجع كان مصحوبا أيضا بزيادة كبيرة في حساسية الجسم تجاه الإنسولين. وعلى مريض السكري قبل البدء بأي نظام غذائي سواء كان مبنيا على وجبتين أو ست وجبات، أن يقوم بمراجعة طبيبه والتشاور معه، إذ يقوم االطبيب بتقييم وضع المريض الصحي وتحديد الحمية التي تلائمه. أما اتباع مريض السكري لحميات بشكل عشوائي وعلى عاتقه فقد يؤدي إلى هبوط السكر بشكل خطير قد يكون قاتلا، أو ارتفاعه أيضا بشكل مؤذ.

على صعيد متصل توصلت دراسة أميركية إلى أن تناول السكريات المصنعة وسريعة الهضم يمكن أن تزيد الشهية وتحرض الجوع وتحفز مناطق الدماغ المسؤولة عن الرضى والشهية وطلب الطعام. ونُشرت هذه الدراسة في دورية التغذية الطبية، وبينت كيفية تأثير تناول الطعام على تنظيم كمية الدوبامين في مراكز المتعة في الدماغ، المتموضعة بجانب المراكز المرتبطة بالإدمان، مما يزيد من الشك بأن لبعض الأطعمة تأثير إدمان.

أعطي المشتركون بالدارسة والذين يعانون من السمنة أو زيادة الوزن نوعين من الحليب المطعم بالفواكه لهما نفس الطعم والحلاوة، لكن مع اختلاف واحد، هو أن أحدها يحتوي على سكريات سريعة الهضم والآخر على سكريات بطيئة الهضم، ثم قاموا بقياس سكر الدم والشعور بالجوع مع إجراء الرنين المغناطيسي الوظيفي لتحري فعالية الدماغ طيلة الفترة الممتدة لـ4 ساعات بعد تناول الحليب، وهذا ما ميز هذه الدراسة عن سابقاتها التي أجري فيها التصوير بعد تناول الطعام مباشرة.

بعد تناول الوجبة الحاوية على السكريات سريعة الهضم، ارتفع سكر الدم بسرعة عند المشتركين، ولكنه انخفض بشكل مفاجئ بعد أربع ساعات، مما حرض لديهم الجوع وبين تصوير الدماغ زيادة فعالية في النواة المسؤولة عن السلوك الإدماني. النتيجة المهمة التي وصلت إليها هذه الدراسة أن عوامل أخرى غير الطعم والحلاوة يمكن أن تلعب دوراً في الرغبة بالطعام.

وينصح الباحثون بالتقليل من تناول الأطعمة الحاوية على سكريات سريعة الامتصاص وتؤدي لرفع سكر الدم بسرعة، مثل الخبز الأبيض والبطاطا، لأن ذلك يمكن أن يلعب دوراً في التخفيف من الجوع والحاجة الملحة للطعام عند الذين لديهم زيادة بالوزن. هذا ولا يزال موضوع الإدمان على الطعام متفاعلاً، وهناك الحاجة للمزيد من الدراسات السريرية لتحري ذلك ولمعرفة العلاقات الشخصية مع الطعام، مما يساعد على توجيه الأطباء حول الطريقة الأنسب لعلاج السمنة والوقاية منها.

دهون الكبد والمكسرات

من جانب اخر حذّرت الجمعية الألمانية لمرض السكري بالعاصمة برلين من إمكانية أن تتسبب دهون الكبد في مقاومة الجسم للأنسولين، الأمر الذي يتسبب في تراجع تأثيره على نسبة السكر بالدم, ومن ثمّ تحدث الإصابة بالسكري من النوع الثاني. وأوضح البروفيسور ميشائل رودن من مستشفى هانوش النمساوي بالعاصمة فيينا، أن دهون الكبد تُعد أحد العواقب الشائعة لزيادة الوزن، مشيراً إلى أن الدراسات الطبية أثبتت أن هذه الدهون تلعب دوراً محورياً في الإصابة بمتلازمة الأيض، التي تنتج عن زيادة الوزن بمنطقة البطن بشكل خاص وارتفاع نسبة الكوليسترول والسكر بالدم، وأيضاً نتيجة ارتفاع ضغط الدم.

وقد تؤدي هذه المتلازمة إلى الإصابة بتصلب الشرايين المبكر الناتج عن تكلس الأوعية الدموية أو الأزمات القلبية أو السكتات الدماغية. وأضاف الطبيب النمساوي أن دهون الكبد يُمكن أن تلحق أضراراً شديدةً بالكبد نفسه، يندرج من بينها مثلاً الإصابة بالتهاب الكبد، وقد تؤدي في مرحلة متقدمة من المرض إلى تكوّن ندبات على الكبد، وقد يصل الأمر في نهاية المطاف إلى الإصابة بتليّف الكبد المميت. وللوقاية من الإصابة بدهون الكبد وما ينتج عنها من عواقب وخيمة، أوصى الطبيب النمساوي باتباع نظام غذائي متوازن، والإكثار من ممارسة الأنشطة الحركية لتجنب زيادة الوزن.

من جهة اخرى أفادت دراسة أن الأشخاص الذين يتناولون المكسرات، ومنها الكاجو والجوز والفستق والبندق، أنحف ومؤشر كتلة الجسم لديهم أقل من الذين لا يتناولونها. وبينت الدراسة أن هؤلاء الأشخاص كان لديهم مستويات أعلى من الكوليسترول الجيد ومستويات أقل من البروتينات المرتبطة بالالتهابات وأمراض القلب، وكانوا أيضا أقل احتمالا بنسبة 5% لمكابدة أعراض متعلقة بالتمثيل الغذائي، وهي مجموعة من عوامل الخطر التي إذا ما اجتمعت يمكن أن تسبب سكتة دماغية والسكري واضطرابات قلبية.

وقالت الأستاذة كارول أونيل، من جامعة ولاية لويزيانا، إن إحدى النتائج الأكثر إثارة للانتباه هي أن آكلي المكسرات كانت أوزان أجسامهم أقل وكذلك مؤشر كتلة الجسم ومحيط الخصر مقارنة بغيرهم من الذين لا يتناولونها. وكان متوسط الوزن ومؤشر كتلة الجسم ومحيط الخصر لديهم على التوالي هو 1.901 كيلو غرام و0.9 كيلو غرام و0.376 كيلو غرام أقل من غيرهم. وأشارت صحيفة ديلي تلغراف إلى أن فريق الدراسة تفحص بيانات لأكثر من 13 ألف رجل وامرأة ممن يتناولون المكسرات وفق تصنيف لهم بأنهم كانوا يتناولون أكثر من ربع أوقية يوميا.

وكان هؤلاء الأشخاص أقل احتمالا بنسبة 5% للإصابة بعارض يتعلق بالتمثيل الغذائي، وكان لديهم أيضا تفش أقل من عوامل الخطر الأربعة المتعلقة بعارض التمثيل الغذائي: بدانة البطن (الكرش) وضغط الدم المرتفع ومستويات سكر الدم العالية ومستويات منخفضة من كوليسترول ليبوبروتين العالي الكثافة. ويشار إلى أن تناول المكسرات كان مرتبطا أيضا بمدخول أكبر من الحبوب الكاملة الحبوب التي تحتوي على كل مكونات الحبة كالنخالة والجنين والفاكهة ومستويات أقل من الكحول والسكر المضاف. ونصحت الدكتورة أونيل بضرورة أن تكون المكسرات جزءا لا يتجزأ من الوجبة الغذائية الصحية، وأن يشجع عليها خبراء الصحة واختصاصيو النظم الغذائية.

عقار يطيل العمر

الى جانب ذلك اشارت بحوث علمية الى أن عقار ميتفورمين المستخدم لعلاج مرض السكري عند البالغين له خاصية مقاومة الشيخوخة ويطيل عمر الفئران المختبرية. ويعتقد العلماء أن العقار قد يقلد التأثيرات الناتجة عن تحديد كمية السعرات الحرارية المتناولة. ويعتقد ان هذه الحمية، التي تعتمد على تناول وجبات قليلة السعرات، تساعد في ضمان شيخوخة صحية. ولم تتضح التأثيرات المحتملة لهذا الاكتشاف على الانسان، حسبما قال الباحثون في مقال نشروه في دورية (Nature Communications).

وقال الباحث رافائيل دي كابو من المعهد الوطني للشيخوخة في بالتيمور بولاية ماريلاند الامريكية إن تحديد كمية السعرات الحرارية التي تتناولها الحيوانات المختبرية يطيل من عمر هذه الحيوانات. ويحاول الفريق الذي يقوده دي كابو التوصل الى سبل، ومنها العقاقير، تحاكي هذه التأثيرات. ويذكر ان عقار ميتفورمين هو احد اوسع العقاقير استخداما لعلاج مرض السكري من الفئة الثانية او سكري البالغين الذي يصيب المرضى الذين تتعدى اعمارهم الاربعين، كما يستخدم في علاج ما تسمى بالمتلازمة التمثيلية التي هي عبارة عن خليط من السكري وارتفاع ضغط الدم والسمنة. بحسب بي بي سي.

واشارت بحوث اجريت سابقا الى ان عقار ميتفورمين بامكانه اطالة عمر الكائنات البسيطة كالديدان، ولكن البحوث التي اجريت على الذباب وبعض اللبائن عادت بنتائج متضاربة. وقام العلماء في البحث الاخير باعطاء جرعتين مختلفتين من ميتفورمين لفئران ذكرية في منتصف اعمارها، ووجدوا ان الجرع القليلة تطيل اعمار الفئران بمعدل 5 بالمئة كما تؤخر اصابة هذه الفئران بامراض الشيخوخة. اما الجرعات المرتفعة فتؤدي الى التسمم وتقصر من اعمار الفئران. وقال دي كابو إنه يتطلب اجراء المزيد من البحوث للتأكد من ان لميتفورمين نفس التأثير على البشر. واضاف ان افضل نصيحة يستطيع ان يقدمها في الوقت الراهن لكبار السن تتلخص في تناول الغذاء الصحي وممارسة الرياضة.

علاجات اخرى

في السياق ذاته تمكن باحثون من اختراع تقنية جديدة اطلقوا عليها اسم الإسفنجة الذكية والتي ستمثل ثورة في طريق علاج مرض السكر. و الاسفنجة الذكية يمكنها تقديم العقاقير المعالجة لداء السكري بصورة أسرع وأيسر للمريض. وتمتلك خواص التمدد والانكماش وفقاً لمستوى السكر في الدم لتطلق كميات الأنسولين اللازمة التي يحتاجها المريض في حال هبوط مستوى السكر في الدم. ومع استخدام هذه التقنية الجديدة لا داعي لحقن الأنسولين قبل وبعد الطعام ومتابعة مستويات سكر الدم بشكل دائم.

وعكف الباحثون على تطوير الاسفنجة الكروية الشكل من مادة الشيتوزان ، لتصبح بمثابة الغلاف الخارجي لخزان دقيق يحتوي على كميات وفيرة من الأنسولين تمرر على جسد المريض بيسر وتعطي مفعولها بسرعة. وأوضح الدكتور تشن هيو الأستاذ المساعد في برنامج الهندسة الطبية بجامعة نورث كارولينا الأميركية والمشرف على تطوير الأبحاث، أن الهدف من الأسفنجة الذكية هو محاكاة دور خلايا بيتا المنتجة للأنسولين في الجسم السليم والتحكم في استقرار مستواه في الدم.

وذكر الاتحاد الدولي للسكري أن عدد المصابين بالمرض يقدر حاليا عند مستوى 371 مليون شخص من 366 مليون شخص قبل عام ويتوقع أن يبلغ 552 مليون شخص بحلول عام 2030. ويسكن ثلاثة أرباع المصابين بالسكري في بدان العالم الثالث وتحتل الكويت اعلى معدل في إصابات السكري بسبب السمنة وارتفاع ضغط الدم بحسب إحصائية منظمة الصحة العالمية.

على صعيد متصل انتجت ادارة الغذاء والدواء في امريكا دواء جديد، تم ترخيصه من الخدمات الطبية الوطنية "إن اتش اس" في بريطانيا لعلاج السكري. يدعى هذا الدواء ليكساسيناتيد (Lixisenatide) ولا حاجة للمريض أكثر من حقنة واحدة يوميا، وهو رخيص وتبلغ تكلفة الحقنة الواحدة ما يقارب 1.9 جنيه استرليني ويتوقع الخبراء أن يتم توفير ما يقارب 70 مليون جنيه استرليني خلال 5 سنوات من استعماله.

ويعمل هذا الدواء عن طريق تحريض الجسم على إفراز مادة تدعى الببتيد شبيه الغلوكاكون وهي مادة تفرز بشكل طبيعي وترتفع مستوياتها بالحالة العادية خلال دقائق من تناول الطعام وهي تحفز إطلاق الانسولين من خلايا البنكرياس المسؤولة عن إنتاجه. ويذكر أن الداء السكري له نوعان، أولهما: النمط الأول أو الشبابي وسببه تخرب الخلايا المسؤولة عن إنتاج الأنسولين في البنكرياس وعلاجه يكون بإعطاء الانسولين فقط، أما النمط الثاني فيدعى بالسكري الكهلي وسببه زيادة مقاومة النسج للأنسولين وتعتبر السمنة ونقص النشاط الجسدي من أكثر عوامل الخطر المسببة لهذا النمط ويمكن علاجه بتغيير العادات الغذائية ونمط الحياة وتخفيف الوزن وممارسة الرياضة وإن لم تنجح هذا الوسائل بضبط سكر الدم، يمكن تناول خافضات السكر الفموية، هذا ويمكن أن تتغير أنظمة علاج السكري بنوعيه مع ظهور هذا الدواء الجديد.

نتائج مبشرة

من جانب اخر قال باحثون ان دراسة في مرحلة مبكرة اظهرت ان مصلا تجريبيا قد يكون قادرا على ترويض اجزاء من الجهاز المناعي تتصرف بفوضوية في المصابين بمرض السكري من النوع الاول ما يبعث الامل في اسلوب جديد لتأخير او منع المرض المرتبط بالمناعة الذاتية. وعلى مدى اكثر من اربعة عقود يجرب العلماء طرقا مختلفة لعلاج الجهاز المناعي لمنع تدمير الخلايا المنتجة للانسولين والذي يتسبب في الاصابة بالسكري من النوع الاول. ويؤثر المرض على ما يصل الى ثلاثة ملايين اميركي.

وتسببت محاولات سابقة في قمع اجزاء مرغوبة من النظام المناعي ما ترك الافراد في وضع ضعيف امام الاصابة بالعدوى والسرطان. وتحاول فرق عدة الان تجربة اساليب اكثر تحديدا في اهدافها سعيا لتأخير السكري من النوع الاول او تحقيق الشفاء منه. ويكون على المصابين بهذا النوع من السكري الان مراقبة مستوى السكر في الدم وتعاطي الانسولين مرات عدة في اليوم. ويحمل العلاج بالانسولين مخاطر، اذ يمكن ان يسبب غيبوبة او الموت في اي وقت ويمكن ان يؤدي الى مرض القلب وتلف الاعصاب والعمى والفشل الكلوي مع مرور الوقت.

وقال ريتشارد اينسل كبير المسؤولين العلميين في مؤسسة بحوث السكري لدى صغار السن ما يريد المرء عمله فعلا هو ترويض او تنظيم الجوانب المعينة من الجهاز المناعي التي تصاب بانحراف وعدم المساس بباقي الجهاز المناعي. وفي احدث جهد في هذا المجال نشر في مجلة ساينس للطب المتعدد اختبر فريقان من المركز الطبي بجامعة ليدن في هولندا ومن جامعة ستانفورد في كاليفورنيا مصلا انتج بالهندسة الوراثية لاغلاق خلايا الجهاز المناعي التي تسبب الضرر فقط في حين يترك باقي الجهاز المناعي سليما.

وقال لورانس ستينمان البروفسور في جامعة ستانفورد وهو أحد كبار واضعي الدراسة والمشارك في تأسيس شركة تولريون حديثا بغرض تسويق المصل الفكرة هنا هي اغلاق الخلايا المناعية المارقة فقط التي تهاجم البنكرياس وتقتل خلايا بيتا التي تفرز الانسولين. وشملت الدراسة 80 فردا شخّصت حالاتهم كمصابين بالسكري من النوع الاول ويحصلون على جرعات من الانسولين. وصممت الدراسة لاختبار مدى سلامة المصل المعروف باسم تي.او.ال-3021. ويتألف المصل المعروف باسم مصل الحمض النووي الديوكسي من قطعة دائرية صغيرة من الحمض النووي تسمى البلازميد انتجت بالهندسة الوراثية لاضعاف رد الفعل المناعي على الانسولين والحفاظ على خلايا بيتا المنتجة للانسولين.

ويستهدف المصل بروتينا في الدم يسبق ظهور الانسولين ويسمى بروانسولين. وقال ستينمان انها سلسلة معقدة من عمليات القص والقطع في الحمض النووي تسلب القدرة على حفز الجهاز المناعي". واضاف "يتسبب هذا فعليا في اغلاق. وبعد 12 اسبوعا من تناول جرعات تعطى مرة كل اسبوع اظهر المرضى الذين حصلوا على المصل اشارات على ان الجرعات ساعدت في الحفاظ على بعض خلايا بيتا المتبقية في البنكرياس من دون التسبب في اعراض جانبية خطيرة.

وساعد المصل ايضا في خفض عدد الخلايا المناعية القاتلة المعروفة باسم الخلايا تي. وكانت لدى المرضى الذين حصلوا على المصل مستويات اعلى من ببتيدات سي وهي اثر لانتاج الانسولين في الدم يشير الى وجود المزيد من خلايا بيتا العاملة. وسلم ستينمان بأن المصل ما زال بعيدا عن الاستخدام التجاري لكن الدراسة مبشرة بما يكفي لاجراء دراسة اكبر. ورخصت جامعة ستانفورد بحقوق المصل لشركة تولريون ومقرها كاليفورنيا والتي تصمم دراسة اطول تشمل ما يصل الى 200 مريض لاختبار ما اذا كان المصل يمكنه ابطاء او وقف تقدم المرض في المرضى الصغار قبل ان يلحق بهم ضرر اكبر يتجاوز امكانية التعامل معه. بحسب رويترز.

وقال اينسل ان العمل واحد من جهود عدة تهدف الى تطوير مصل للسكري من النوع الاول. ويمكن لمثل هذا المصل ان يساعد المرضى على الحفاظ على ما تبقى لديهم من خلايا بيتا ومنحهم سيطرة افضل على مرضهم وربما منحهم المقدرة على الاستغناء عن الانسولين. والامل ان يمكن في نهاية الامر تطوير مصل فعال يعطى للافراد ذوي الاستعداد الوراثي لظهور المرض. وتقول منظمة الصحة العالمية ان حوالى عشرة في المئة من 350 مليون مريض بالسكري في العالم مصابون بالنوع الاول. واغلب المرضى مصابون بالنوع الثاني المرتبط بالسمنة وقلة اداء التمارين الرياضية.

دقيقتَيْن فقط

على صعيد متصل وجدت دراسة نيوزيلندية حديثة أن المشي بمعدل دقيقتين كل نصف ساعة من الجلوس خلال العمل، من شأنه أن يقلل خطر الإصابة بالسكري، مما يدل على أن أي نشاط جسدي مهما كان ضئيلاً قد يلعب دوراً في حماية صحة الجسم ووقايته من المرض. وأجرى الدراسة باحثون في جامعة أوتاجو في نيوزلندا، وتبيّن لهم أن أخذ فرصة للمشي كل نصف ساعة في العمل قد يخفِّض خطر إصابة ملايين العاملين في المكاتب بالسكري، لافتين إلى أن المشي لأقل من دقيقتين كل نصف ساعة أثناء العمل كان أكثر فعالية من المشي لمدة 30 دقيقة قبل بدء العمل.

وقسّم الباحثون الاختبار لثلاثة أجزاء، طلبوا فيه من 70 شخصاً سليماً الجلوس مدة تسع ساعات، وقاسوا مستوى السكر في الدم عندهم ومستويات الأنسولين بعد ساعة وأربع ساعات وسبع ساعات، بعد أن تناولوا قبل كل قياس مشروبا بديلا عن الوجبة الغذائية. ويظهر هذا الاختبار للأطباء مدى امتصاص الجسم للسكر من الطعام. ويعد ارتفاع السكر في الدم ومستوى الأنسولين مؤشراً على إمكانية الإصابة بالنوع الثاني من السكري، وعامل خطر رئيساً لأمراض القلب والسكتات الدماغية.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 31/آب/2013 - 23/شوال/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م