لماذا التهاون في حماية النفط؟

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: يحتل العراق الآن بحسب الجهات المعنية، ثاني اكبر مصدِّر للنفط بعد السعودية، وقد حقق الانتاج النفطي في العراق مؤخرا، تصاعدا ملحوظا، بعد أن كان مخنوقا بقرارات دولية نتيجة حروب وازمات تسبب بها النظام السابق، وبعد ارقام التصدير القياسية التي حققها العراق في مجال تصدير النفط، لوحظ في الآونة الاخيرة، وتحديدا في الاشهر التي مضت من العام الحالي، تدني مستويات التصدير لاسباب عديدة، الامر الذي قد يحرم العراقيين مجددا، من الامال العريضة التي بنوها على تصدير ثرواتهم، ومضاعفة مواردهم وتحسين اوضاعهم المعاشية والترفيهية، بعد عقود الحرمان التي عانوا منها، والتي جعلتهم يتعاملون مع الحرمان وكأنه واقع ابدي لا سبيل للخلاص منه.

وعندما نحاول معرفة الاسباب التي تقف وراء هبوط التصدير، فإن البنية المتهالكة لشبكات الانابيب ستقف في المقدمة، اذا لم تسبقها حالة او ظاهرة خطيرة، باتت تشكل التهديد الرئيس لتحسين عمليات تصدير النفط العراقي، ممثلة بالارهاب الذي أخذ يتفاقم بوتيرة متصاعدة في الشهور القليلة الماضية، فقد اشارت تقارير اعلامية بثتها وكالات متعددة دولية ومحلية، الى تعرض الخطوط الناقلة للنفط لهجمات عديدة، الحقت بها اضرارا فادحة ادت الى تعطيل تصدير النفط خصوص في شمال البلاد، كما حدث في التفجير الذي حصل في كركوك، اذ اشارت التقارير الى توقف صادرات النفط العراقي عبر ميناء جيهان التركي لتعرض الانبوب الرئيس الناقل الى عمل تخريبي حسبما افادت مصادر رسمية، وقد اكد مصدر في شركة نفط الشمال أن "الانبوب الرئيسي الناقل للنفط الى ميناء جيهان التركي، تعرض الى تفجير ادى الى توقف تصدير النفط "، ووقع الانفجار جراء انفجار قنبلة، ولم يكن هذا العمل الذي يطال شبكة انابيت تصدير النفط هو الوحيد من نوعه، بل كثيرا ما تعرضت الشبكة الناقلة الى مثل هذه الاعمال، ولكنها تفاقمت بصورة ملحوظة في الآونة الاخيرة، لدرجة انها قد تكون سببا في عدم امكانية وصول مستوى التصدير لهذا العام الى ما تم تصديره في العام الماضي، الامر الذي يثير مخاوف عديدة تشير الى احتمال بقاء الاقتصاد العراقي ضعيفا مترهلا، خاصة ان المعنيين متخوفون اصلا من اعتماد النفط كمصدر وحيد للايرادات المالية التي تتشكل منها ميزانية العراق.

وهنا يتساءل كثيرون لماذا هذا التهاون في التصدي لمثل هذه الاعمال، ولماذا لم يتم اتخاذ التدابير الامنية اللازمة لحماية المنشآت النفطية عموما، لاسيما الخطوط الناقلة، كونها تشكل الشرايين الاساسية التي تدعم واردات البلد، لقد بات واضحا أن الجهات المعنية بحماية خطوط النفط لم تتخذ الخطوات الاحترازية اللازمة لتحقيق الهدف الامني لهذه الخطوط، والذي يعني بالنتيجة، حماية للاقتصاد العراقي برمته، بسبب الاعتماد شبه الكلي على موارد التصدير النفطي، لمواصلة العيش الطبيعي للعراقيين، فيما يتعلق بالميزانية التشغيلية، والاستيراد والتخصيصات التي تدعم استمراية انجاز المشاريع الخدمية وما شابه.

إن الاهتمام بحماية الخطوط الناقلة، بات امرا في غاية الاهمية، لاسباب كثيرة، اهمها ان العراق لاول مرة في تاريخه، صار بلدا يتنافس مع اكبر الدول النفطية من حيث التصدير، خاصة الدول الاعضاء في منظمة الاوبك، وهذا يعني مضاعفة الموارد المطلوبة لتدعيم البنى التي تتعلق بتأمين حاضر ومستقبل الشعب العراقي، ولذلك لا يعد هذا الهدف (مقارعة التخريب) مطلبا امنيا يتعلق بالاجهزة الامنية او خطط الحكومة فحسب، إنما هو هدف اقتصادي، وهدف شعبي يضمن مصادر العيش الكريم لملايين المواطنين العراقيين.

لذا فإن الجهات المعنية الامنية وغيرها (وزارة النفط)، مطالبة بمنع التهديدات التي تطول البنية الاساسية للصناعة النفطية، وينبغي على المؤسسة التشريعية ومن يهمه الامر، وضع المقصرين في هذا الجانب تحت طائلة المحاسبة، من اجل الحد من الهدر المتواصل للثروات النفطية، وهي مصدر العيش الوحيد للعراقيين جميعا.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 31/آب/2013 - 23/شوال/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م